في ظل مؤشرات بارتفاع أسعار 20 سلعة استراتيجية
اقتصاديون يحذرون من أزمة غذائية تتهدد مصر خلال الأشهر المقبلة
الخميس 09 صفر 1432هـ - 13 يناير 2011م

*

القاهرة - دار الإعلام العربية

توقع خبراء اقتصاديون أن تشهد مصر مزيداً من الركود الاقتصادي في العام 2011 في ظل الارتفاع الذي تشهده أسعار عدد كبير من السلع الاستراتيجية بمستويات تتراوح بين 30 و55%، حيث سجل المؤشر العام زيادة في الأسعار بلغت 16% مقارنة بأسعار العام الماضي، وأشار الخبراء إلى أن هذا الوضع قد يقود إلى حدوث أزمة غذائية خلال الأشهر المقبلة.

ورصد تقرير اقتصادي حديث صادر عن غرفة الشرقية التجارية ارتفاع أسعار 20 سلعة استراتيجية بمستويات تتراوح ما بين 30% و55% حتى يناير/ كانون الثاني 2011.
مؤشر السلع

وأضاف التقرير أن مؤشر السلع الغذائية ارتفع بحدود 24% مسجلاً أعلى ارتفاع له مقارنة بباقي المؤشرات الأخرى، حيث شهدت الشهور الثلاثة الأخيرة من عام 2010 بدءاً من شهر رمضان طفرات سعرية هائلة لبعض السلع، مثل السكر الذي ارتفع بنسبة 39% من 4.5 إلى 6.25 جنيه للكيلو، والأرز الذي ارتفع بنسبة 31% من 2.25 إلى 3.25 جنيه للكيلو السائب، والطماطم بنسبة 50%، واللحوم الحمراء بنسبة 33%، والدواجن الحية ارتفعت بنسبة 23%، والزيت 8.5%، واللبن 11%، والحبوب بنسبة 21%، كما ارتفع مؤشر مواد البناء بحدود 17% نتيجة لارتفاع أسعار حديد التسليح.

وبعيداً عما رصده التقرير، فقد شهدت سوق الورق ارتفاعاً يمثل 20%، وخاصة أن حجم الإنتاج المحلي لا يتعدى 40% من الاستهلاك ويتم استيراد الباقي، حيث شهدت الأسواق العالمية ارتفاعات تقدر بزيادة 350 دولاراً في سعر الطن الواحد.

وتوقع عدد من الخبراء أيضاً أن تشهد سوق السيارات ارتفاعاً يصل إلى ما بين 3% و5% عن العام السابق، كما ارتفعت أسعار هدايا أعياد الميلاد بمعدل 15% عن العام الماضي.

وقد خيم شبح الأزمة الغذائية وارتفاع الأسعار ليس على توقعات الخبراء فقط، بل قام المطرب الشعبي المصري شعبان عبد الرحيم بتسجيل أغنية جديدة عن ارتفاع أسعار السكر بعدما وصول سعر الكيلو خلال فترات سابقة إلى 9 جنيهات.
أزمة عالمية

وأرجع د. رشاد عبده، عضو لجنة السياسات بالحزب الوطني الحاكم في مصر، الأزمة إلى أسباب عالمية، مشيراً إلى أن منظمة "الفاو" وجميع وكالات الأنباء العالمية تتحدث عن ارتفاع في أسعار الغذاء في العالم وتضاؤل حجم الإنتاج العالمي نتيجة التغيرات المناخية.

وأضاف أن هناك مناطق مثل أستراليا والصين تعرضتا لفيضانات وكذلك تعرضت الهند وباكستان لأمطار كثيفة؛ مما أدى إلى تفاقم أزمة القمح عالمياً، بالإضافة إلى أن هناك مناطق أخرى بها تصحر، كل ذلك أثر على الوارد في المواد الغذائية في العالم، فضلاً عن الظروف السياسية الحرجة في العديد من الدول والتي انعكست بشكل مباشر على السياسية الغذائية في العالم.

وأكد رشاد أنه أصبح من الأهمية تطبيق سياسات زراعية جديدة ودعم الفلاحين للوصول إلى الاكتفاء الذاتي، حتى لا تتعرض الموازنة العامة للخلل نتيجة زيادة الدعم وكذا التلاعب في الأسواق العالمية للإضرار بالدول النامية، فمثلاً مصر أصبحت أكبر دولة مستوردة للفول المدمس، ولكن بعض الشركات العالمية قامت بتخزينه ورفع أسعاره؛ مما أدى إلى ارتفاع أسعاره محلياً.
سياسات حكومية "خاطئة"

ويرى د. شريف قاسم، الخبير الاقتصادي، أن الأزمة الغذائية التي تشهدها مصر حالياً وراءها سياسات حكومية "خاطئة"؛ منها سياسة البنك المركزي التي لا تراعي آثار التضخم، واتخذت قراراً بخفض الفائدة للمواطنين وأصبحت الفائدة البنكية تتراوح ما بين 5.5% إلى 6.5%، وتصوروا أنهم يحاربون الكساد وهذا أدى إلى هروب المودعين.

وأرجع ارتفاع الأسعار في مصر إلى أسباب هيكلية، حيث أصبح حجم الإنتاج المعروض من السلع والخدمات في السوق أقل من حجم الطلب، لافتاً في الوقت ذاته إلى أن هيكل السوق المصرية وانتشار الممارسات الاحتكارية أديا إلى ارتفاع الخدمات حتى ولو كانت غير محتكرة.

وطالب قاسم بحماية السوق المحلية من أيدي العابثين بمقدرات الشعب واعتماد آليات السوق الحرة، فإذا حدث انخفاض في الأسعار عالمياً يجب أن يتم ضبط الأسواق محلياً، وأن يكون هناك دور قوي للدولة بضبط المخالفين.
بورصات السلع العالمية

ويرى د. عبدالله شحاتة، أستاذ الاقتصاد بجامعة القاهرة، أن بورصات السلع العالمية أصبحت تتحكم وتتلاعب بالأسعار العالمية، مشيراً إلى أن العام الماضي لم يكن عاماً سعيداً على المواطن المصري، حيث شهد حالة من الركود الاقتصادي أثرت على مستويات الدخول المصرية في ظل ارتفاع السلع الغذائية بمتوسط 30%، متوقعاً زيادة في أسعار بعض المنتجات كالدقيق بنسبة 25% وتذبذب أسعار السكر حتى شهر فبراير/ شباط القادم.

وقال إن الأزمة التي واجهها المصريون العام الماضي ومستمرة إلى العام الحالي، أدت إلى تغيير المصريين لعادتهم الغذائية والتنازل عن كثير من المواد الغذائية الأساسية؛ مما قد يتسبب في حدوث مزيد من الاحتقان والغضب الشعبي الذي قد ينفجر مثلما حدث بالجزائر وتونس، مطالباً الدولة بتغيير سياستها الغذائية لتحقيق الاكتفاء الذاتي وعدم الارتباطات ببورصة السلع العالمية التي تتغير بجنون في كل لحظة.