إدارة الأمل
( 2 من 3 )
" لا يمكن لإنسان أن يعود إلى الماضي من أجل عمل بداية جديدة ، و لكن يمكننا جميعا أن نبدأ الآن و نصنع نهاية مختلفة ".
إذا اتفقنا على أن مايحدث في مصر الآن هو ثورة مدنية حقيقية ، ثورة بمعناها العام أي رفض الماضي و التطلع إلى تغييرات جذرية في الحياة العامة و شمولها لكافة طبقات و شرائح المجتمع ، و لو اتفقنا أن هدفنا هو بناء مجتمع جديد متحضر و حر ، فسنكون في مواجهة السؤال المنطقي التالي : " ماهو المسار الذي نتحرك عليه من الحاضر الوليد إلى المستقبل المأمول؟" . كي نبحر بحثا عن ذلك الطريق المهجور ، علينا أن نتأكد بداية أنه لم يعد ممكنا ولا مقبولآ أن نجمد الشعب المصري ولا حركته في ثلاجة كبرى كما فعل النظام السابق ، و أنه إن لم نقد الأحداث في المسار الذي نرتضيه ، فسوف تقودنا الأحداث إلى النهايات التي لن ترضينا . و لنتذكر دائما أنه لا يمكن لإنسان أن يعود إلى الماضي من أجل عمل بداية جديدة ، و لكن يمكننا جميعا أن نبدأ الآن و نصنع نهاية مختلفة.
. عندما لا يكون السكون ممكنا يصبح الصمت جريمة كبرى ،و يصبح التفكير فريضة قومية ووطنية و "فرض عين" على الجميع . قبل أن نشرع في الحديث عما يجب عمله ، علينا أن نتوقف عند نقطتين في غاية الأهمية .
أولهما أن لدينا ثورة حقيقية و لكنها ثورة بلا رأس ، ثورة بلا قيادة فكرية أو سياسية ميدانية ، هذه الثورة ذات طبيعة خاصة غير مسبوقة ، ثورة الشبكات الإجتماعية على الإنترنت . هذه الشبكات بطبيعتها شبكات أفقية يتساوى فيها الجميع بلا قيادة ، في المقابل لدينا العديد من القيادات الوهمية و لكن بلا ثورة . هذه القيادات الوهمية تحاول أن تسرق الثورة و على رأسها الإخوان المسلمون .علينا أن نتفهم مشكلة القيادة تلك و أن نتعامل معها بشكل واقعي ، أما محاولة إنكار أزمة القيادة أو الإلتفاف حولها بادعاء قيادات وهمية ،أو محاولات الفبركة و ارتجال القيادات فسوف يقودنا ذلك إلى ضياع الثورة ذاتها . إن المساهمة في الثورة قد تصنع بطولة و لكنها لا تصنع قيادة . علينا أن نتذكر أن المحيط هو مجموعة من قطرات المياه ،و لكن تلك القطرات متشابهة ولا تستطيع إحداها أن تعبر عن المحيط أو تمثله .
ثانيهما أنه قبل أن نبحث عما يجب عمله ، علينا أن نحدد مالا يجب عمله ، إن إختلاط المسارات السلبية و الإيجابية يمكن أن تجعل المحصلة النهائية صفرآ أو حتى سلبية القيمة . هناك مجموعة من المظاهر السلبية تتجمع الآن في مصر لتصبح إعصارا يمكن أن يطيح بكل نتائج الثورة الشعبية ، هذا إذا لم نلتفت إليها و نعالجها فورآ .أخطر هذه الظواهر السلبية هي :
1- الفراغ الأمني المستمر منذ شهر حتى الآن بلا جهد حقيقي للتغلب عليه .
2- التوقف عن العمل و الإنتاج بدلآ من الإنطلاق فيه.
3- الفوضى و التظاهرات العشوائية و المطالب الفئوية .
4- محاولة القفز على الثورة و استحلابها للحصول على مكاسب شخصية .
5- الإنتقام و تسوية الحسابات .
بعض تلك الظواهر مثل الفراغ الأمني غاية في الخطورة ، خاصة لو كان ذلك الفراغ تحت سمع و بصر القوات المسلحة ،و هي الأداة النهائية التي يعتمد عليها أي مجتمع في حفظ الأمن ، بمعنى أن اهتزاز الأمن مع وجود القوات المسلحة في الشوارع يعني أن الأمن المفقود لن يعود أبدآ . هناك ظواهر أخرى أشبه بالكوميديا مثل بعض المطالب الفئوية ، فهل من المعقول أنه في ظل ثورة قامت لمنع توريث الحكم في مصر ، يطالب البعض بتعيين أبنائهم في نفس أعمالهم ، كنوع جديد من التوريث الوظيفي !، أكثر من ذلك فسيظل المطالبون هم أيضا في نفس الأعمال مسببين تضخما وظيفيا توريثيا هو الأكثر فسادا مما ثار أبنائنا ضده !.
أتمنى ألا نتوقف طويلآ عند هذه النقاط رغم أهميتها ، و لكن علينا أن نضعها بين أيدي السلطة القائمة الآن في مصر ، آملين أن تتغلب على ترددها و أن تضع سلامة الوطن فوق أي اعتبار آخر . لنذهب الآن إلى المقترحات الخاصة ببناء المستقبل .
1- يجب حسم مشكلة السيادة ، وهذا يمكن أن يتحقق بنقل المجلس الأعلى للقوات المسلحة صلاحياته إلى "مجلس رئاسة" مشكل من 5 أعضاء بقيادة شخصية مدنية ، على أن يكون أحدهم ضابط يتم إختياره بواسطة المجلس العلى للقوات المسلحة ، و يتم تشكيل المجلس من شخصيات لديها قبول عام بالتشاور مع كافة القوى السياسية الفاعلة ، و يمكن أن يتشكل من أمثال عمرو موسى ، محمد البرادعي ، أحمد زويل ، أحمد كمال أبو المجد ..... الخ ، على أن ينضم إليهم شخصية عامة مسيحية . بحيث لا يحق لأعضاء " مجلس الرئاسة" المؤقت الترشح في أي إنتخابات قادمة بما في ذلك الإنتخابات الرئاسية .
2- مد الفترة الإنتقالية لتكون 12 أو 18 شهرآ ، بحيث يكون هناك متسع من الوقت لإجراءات تأسيسة واسعة تشمل مختلف جوانب الحياة في مصر ، كما يمكن تكوين أحزاب سياسية جديدة تقوم عليها الحياة الحزبية في الجمهورية الثانية الوليدة .
3- تشكيل جمعية تأسيسية قومية لوضع دستور جديد ، و يمكن في هذا المجال البناء على دستور 1954 الذي لم ير النور .
4- تشكيل حكومة إنتقالية قوية تشمل كل الطيف السياسي المصري ، و تكون مسؤولة أمام مجلس الرئاسة . مع مراعة أن تحتوى الوزارة على أكبر عدد ممكن من الكفاءات الشابة بهدف تهيئتها لقيادة البلاد لاحقا .
5- أن يتولى المجلس الأعلى للقضاء تنظيم السلطة القضائية و ممارسة صلاحياتها،و محاسبة كل المفسدين و المتجاوزين قانونيا .
6- حرية إنشاء الأحزاب بلا قيود ، مع حظر تام لتشكيل الأحزاب الدينية أو الجهوية أو الطائفية .
7- إعادة بناء الأجهزة الأمنية على أسس جديدة ، مسترشدين بالجهود التي بذلت لإعادة بناء القوات المسلحة بعد هزيمة 1967 . على أن تتولى القوات المسلحة مسؤولية تأمين البلاد حتى إعادة بناء الأجهزة الأمنية الأخرى .
8- سرعة تفعيل الإقتصاد المصري بمعاونة كافة الهيئات الدولية و الدول الصديقة .
.............................
يشرفني ان أرحب بالجميع معتذرا عن الرد حتى الإنتهاء من عرض الموضوع سريعا .