مرحباً

ابتلي الناس في زماننا هذا بالعديد من الامراض الفكرية وبمن يحبون ان يطلقو على انفسهم لقب مصلحين اجتماعيين، ولعلهم صدقوا تصفيق وتهريج الجمهور لهم فظنوا انهم ممن نال القدح المعلى واستمسك بالعروى الوثقى.

تجد هؤلاء يظنون ان وظيفة الاصلاح تقتصر على الكتابة في منتدى او جريدة الدولة الرسمية من مقالات مليئة بالزخارف والمحسنات الكلامية واللفظية والدعوات الطوبائية والتنظيرات التي عفى عليها الزمن ووضعت في متاحف مع بطاقات تعريفية. تجد هؤلاء اذا مروا بحي للبسطاء سدوا انوفهم وتأففوا من رائحتهم وبساطتهم وغباءهم وبؤسهم المعاشي والمعرفي وراحو يمطرونهم بالنصائح والارشادات او تحذلقو بالنظريات والوسائل الاصلاحية الطوبائية ثم ناموا مرتاحين بعد ان ادوا واجبهم الانساني والوطني والاجتماعي، دمتم مأجورين.

إن الاصلاح الاجتماعي لم يحركه احد من الطوبائيين ممن يعزف على لحن الوسطية والمثالية والشعارات التي تسيل لها دموع الصبية والسفهاء وتذوب بحبها الكواعب الحسان، ان الاصلاح يحركه من ينشط حقيقة على الساحة ويتفاعل مع الجمهور ويقف على الجهة المقابلة من اراءهم فيدفعهم بهذا نحو التوسط.

حركة الانبياء

كان محمد يسفه الهة الكفار ويشتمها، ولو انه كان مثل اصحابنا الطوبائيين يردد: الهتكم جيدة ولكن الهي افضل، او اعبدو الحجارة ولاترموني بها، لكان مات مثل اصحابنا ولم يحرز اي تقدم، فمحمد كان رجل عملي ومن يريد ان يدفع الناس باتجاه جديد لابد ان يتطرف في دعوته ولابد ان يكرر ويعيد المبدأ مراراً وتكراراً حتى يعتاده الناس وينجذو اليه.

وقف يسوع ذات يوم يعلم طلابه، فاذا به يقول ان الناس قد امروكم بكذا وكذا اما انا فاقول لكم ضد ذلك تماماً، فالاصلاح واخراج الناس من قوقعتهم الذهنية والتنويم الاجتماعي الذي يحكمهم ويشكل بديهياتهم لايمكن ان يكون بالتوسط، انه يحتاج تطرف مقابل حتى يتحرك الفكر وينتقل الى مستوى اعلى.

مثلث هيجل

قد يصح ان نقول ان حركة الاصلاح العملي وليس الطوبائي تجد لها اساساً فلسفياً فيما يعرف بمثلث هيجل (الموضوع، نفي الموضوع، نفي النفي)، فالفكر يتحرك وفق قواعد ونواميس يفلح من يدركها ويخيب في مثاليته من ينكرها ويتجاوزها، فمن يريد ان يحرك الفكر لابد ان يخلق الرأس الثاني من مثلث هيجل، انه يخلق نفي الموضوع، انه يعمد الى النظرية ويهاجم فيها جوانباً منها ويضيف اليها جوانباً اخرى، فيحرك الفكر الى مرحلة نفي النفي، حينما نرى الاسلام نجد انه نوع من التراكب ما بين معتقات ما قبل الاسلام ومعتقدات الاسلام، وحينما ننظر الى المسيحية نجد انها تراكب من العهد القديم والجديد، اننا حينما ننظر الى كل جانب منها على حدة نرى انها تناقض النظرية ككل فنتعجب من ذلك ونستغرب وما تعجبنا الا لاننا نسينا ان وحدة هذا الدين هي في الحقيقة وحدة صراع اضداد.

ملخص القول من يريد ان يغير الفكر الذي يحكم الناس فان التوسط والمثاليات لاتنفعه على الاطلاق، بل لابد له من ان يقف في الجانب المقابل، ويحرك الناس ويعيدهم الى الوسطية والاعتدال. وقد تأتى لي مؤخراً تجريب هذه الطريقة في احد المنتديات ونجحت فيها الى حد بعيد.

وقفة ضد الفاشيين

ابتلينا بقوم من الفاشيين يحاولون ان يفرضو اراءهم على الناس، قال قائل منهم: ان مشكلة العرب هي الاقليات، وكأن هؤلاء الاقليات ليسو بشراً او لايحق لهم ان يختارو او يقررو مصيرهم، بل لابد لذوي العرق النبيل ان يأكلو من الصحن ويتركو الفتات للمساكين والمسحوقين كي يقتاتو عليها.

لم يكن لهؤلاء الاقليات من صوت، فكان لابد لها من صوت، وانا الصوت الحقيقي لمن لا صوت له (ولا البس ساعة روليكس مثل جيفارا)، ان الانسان اذا لم يجد من يردعه وينبهه الى اخطاءه فانه يستمر في طغيانه الذي يظنه صلاحاً ورقياً.

كلنا في حقيقة الامر متعصبين وطاغين، الا ان البعض منا مراقبين جداً بحيث يستحيل عليهم الطغيان، في القرآن حكمة بهذا المعنى "ان الانسان ليطغى، ان رآه استغنى" فمن لايجد من يردعه فانه يستمر في طغيانه ويتجبره، كان لابد من ان يردع هؤلاء ويروا ان الاقليات لها صوت ولها حق، وان من يدين يدان.

كان اول موقف معي، هو حينما شمخ احدهم بانفه ووجه اصابعه قائلاً: محتلين، مارقين، قتلة...الخ، ونسي هذا الرجل ان تاريخه لايقل سواداً وظلاماً عن تاريخ البقية، انه لايرى سوى نفسه من شدة نرجسيته وغرقه في جبروته واستعلاءه الشوفيني.

انا لست نادماً على تطرفي، ولا ارى ما يدعوني للاعتذار، بل اجد القداسة كل القداسة في مواجهة الشوفينيين ومجانين العظمة وكل الفخر اجده في وقوفي مع المستضعفين والاقليات ومن لاصوت له او من سحقته الالة القومية الاعلامية والعسكرية

شكراً لقراءة الموضوع

الموضوع جميل و طريف ، يا Enki !
لكن ، ما علاقة ( انت و العرب ) بالموضوع ؟
لكني ساخمن ! يبدو ان هناك من يتهمك بانك ضد العرب !
لا تقلق لذلك يا عزيزي . لا شك انك قرات مسرحية الكاتب المسرحي الارلندي الشهير ، ابسن ، و التي اسمها "عدو الشعب " ، و قد حولت الى فيلم في اكثر من دولة !
فانت بالفعل " عدو الشعب العربي " على طريقة ابسن !

تحياتي (f)


:Asmurf:

عزيزي اورافي

السبب في هذا بحث كتبته عن اصول العرب تجده في مدونتي اتهمت على اثره بالعنصرية، ولا انني اقول انني لا عروبي، حيث فهمو من لا عروبي اي: كلا للعرب ... كيف فهمو هذا من هذه لا اعرف :97_old:

المشكلة انني احاور في منتدى الطومار السعودي حيث اصل العرب، ولم يقل لي اي احد منهم انك عنصري !!!!!!!!!!

لكن التهمة تأتيك من شمال الجزيرة وافريقيا !!!

يعني العرب العاربة لايجدوك عنصري ضدها، العرب المستعربة يعتبروك عنصري

اليس الامر مضحكاً؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟

السعودي لايراني عنصري والفلسطيني والمصري يراني عنصري.... شي ما يشبه شي :lol:

تحياتي لك :97:

Arrayانا لست نادماً على تطرفي، ولا ارى ما يدعوني للاعتذار، بل اجد القداسة كل القداسة في مواجهة الشوفينيين ومجانين العظمة وكل الفخر اجده في وقوفي مع المستضعفين والاقليات ومن لاصوت له او من سحقته الالة القومية الاعلامية والعسكرية[/quote]

:lol2:

هل هناك الان اصلا الة قومية إعلانية او عسكرية ..... ؟؟
الضرب بالميت حرام ... ليس هناك قداسة في البصق على الاموات.

شخصيا ... التحدي في موضعين اخرين.

التحدي الاول ، هو مواجهة التيار الذي يريد ان يحكم باسم الدين و يستغله كافيون و يريد ان يفرض هوسه الديني على المجتمع.

التحدي الثاني، برايي هو بمواجهة الانطباع السائد في الخارج عن شعوب هذه المنطقة فيما يتعلق بهويتها .... و مكانها المزعوم في موضوع ( صراع الحضارات ) .