لمحة تاريخية
المكتوبات الصينية تذكر المعالجة بالابر منذ 200 سنة قبل الميلاد غير انه جرى العثور على ابر من العظم او الاحجارتشير الى ان الانسان كان يعلم طريقة المعالجة بالوخز منذ فترة قديمة تصل الى 3000 سنة قبل الميلاد. في بداية الثورة الشيوعية في الصين وقف النظام ضد المعالجة بالابر على انها غير علمية ومن خصائص الديانة الصينية القديمة القائمة على الاعتقاد، إلا ان ماوتسي تونغ اعاد الاعتبار لها فيما بعد.
المعالجة بالابر هي من نتائج الفلسفة الصينية الكلاسيكية التي قدمت للانسانية معجزات كبيرة تفوقت فيها على معجزات الاديان السماوية. تقوم الطريقة عل ان علينا ان ننظر الى الجسد كوحدة كاملة وتامة حيث يجب على الدوام ان يكون هناك تناسق وتوازن بين الطاقات المتناقضة اين و يانغ. yin, yang. عند حدوث اختلال في هذا التوازن ينشأ المرض. الطاقتين اين ويانغ تسريان في الجسم وتملآن مجراه بين الاعضاء والجسد بواسطة شبكة من القنوات تسمى الميريديان. من خلال وخز الابر في نقاط معينة يمكن التحكم بمجرى الطاقة وبالتالي بتوازن الجسم. جلسة المعالجة يمكن ان تستخدم حوالي 15 ابرة للوصول الى المطلوب.
بالارتباط مع سماكة طبقة الدهن يمكن غرز الابر بعمق مابين 2 الى 8 ميلليمتر تحت الجلد لمدة مابين 20 الى 30 دقيقة. وكقاعدة يجري تدوير الابر المغروزة بشكل دوري بينهم بضعة دقائق من اجل تحفيز النقاط. في بعض الحالات الخاصة يجري احماء الابر او تمرير تيار كهرباتئ ضعيف فيهم. عادة يكفي حوالي ثلاثة جلسات.
ابحاث اكتشاف ميكانيزم عمل العلاج
Nanna Goldman هي ابنة الباحثية الامريكية - الدانماركية Maiken Nedergaard وعام 2009 كانت بحاجة الى عمل مشروع دراسي سنوي في المدرسة الثانوية عندما دعتها امها الى عمله في مختبرها في جامعة روشيستير الامريكية. قبل ذلك بعام كان الباحثة نيديرغارد قد برهنت على ان المُركبة adenosin تستطيع التأثير على نشاط الخلايا العصبية في الدماغ وبالتالي كبح الارتجاف العضلي اللاواعي، والذي يعتبر صفة ملاصقة للامراض مثل الباركينسون.
وتحت تأثير العديد من الباحثون الصينيون الزائرون الذين يزورون مختبرها والذين يتعاطون الوخز بالابر فكرت نيديرغارد انه لابد ان الادينوسين يملك التأثير نفسه على مناطق الوجع وبذلك يكون شكل من اشكال الروابط بين الوخزة والتأثير الناتج عنها. التحقق من هذه الفرضية اصبح المشروع الدراسي للابنة.
وحتى على الرغم من الاستخدام الواسع للعلاج بالوخز بالابر في العديد من الاصقاع واعتراف الجميع بتأثير المعالجة لوقف الشعور بالوجع، غير انه لااحد تمكن من تفسير الميكانيزم. احدى النظريات كانت تقول ان الدماغ يوثق الوخزة على انها وجع لذلك يقوم بفرز مركبات تخديرية. البعض الاخر اعتقد انها مجرد تأثير البلاسيبو الذي يخدع الدماغ.
الباحثة نيديرغارد شعرت ان كلا النظريتين لايبعثان على الراحة والاقتناع. تقول:" عادة لايكون هناك وجع عند استخدام الابر الصينية فلماذا سيقوم الدماغ ببعث مواد تخديرية؟ اضافة الى ذلك فإن مثل هذه المواد وتأثير البلاسيبو يجب ان يكون تأثيرهم في الجسم كله في حين نحن نعلم انه كقاعدة يقوم العلاج بالابر الصينية بتخفيف الالم موضعيا في مكان غرزة الابرة فقط".
من اجل التأكد من ان البلاسيبو لاعلاقة له بالامر وليس تفسير قررت الباحثة مع ابنتها اجراء التجارب على الفئران لكونهم ليس لديهم توقعات حول نتائج غرز الابر او انها من اجل فائدتهم.
الخطوة الاولى كانت للتأكد من ان الوخز بالابر له تأثير على الفئران ويخفف الالم لديهم. لهذا الغرض يجري اصابة الفئران بالتهاب في قدمه. عندها يصبح الفأر المصاب حساس للغاية في قدمه بحيث عند دغدغته بفرشاة على قدمه يسحبها على الفور. هذه الردة فعل السريعة ليست موجودة عند الفئران المعافاة. بعد تسبيب الالم للفئران جرى تعريضهم للوخز بالابر في نقطة مباشرة اسفل الركبة تسمى zusanli او ST36. جلسة المعالجة كانت عبارة عن الوخز بعمق 1،5 ملليمتر. الابرة تبقى في مكانها لمدة نصف ساعة مع تدويرها في مكانها كل خمسة دقائق.
قبل جلسة المعالجة كانت ردة فعل الفئران سريعة للغاية عند مسهم في منطقة الالم في حين انه بعد جلسة معالجة واحدة احتاج الامر الى وقت اكثر لمدة مابين الثلاثة والاربعة مرات قبل ان تسحب الفئران قدمها. ذلك يعني ان الفئران لم تعد شديدة الحساسية وان جلسة المعالجة خففت من الالم فعلا.
الخطوة التالية هو التحقق فيما إذا الادينوسين يلعب دور في هذه العملية. لهذا السبب قامت الباحثة بوضع انبوب دقيق بالضبط تحت ركبة الفأرة على بعد نصف ميلليمتر من نقطة ذوسانلي. بواسطة الانبوب تقوم الباحثة بسحب السوائل الجسمية وتنظيفها كما يحدث عند الغسل الكلوي لتحليل موضعي لمحتوياتها. التحليل اشار الى ان نصف ساعة من العلاج بالوخز يؤدي الى بعث زيادة في تركيز الادينوسين 24 مرة. هذا الامر يتوافق مع خبرتنا ان هذه المادة يفرزها الجسم عند اصابة الخلايا لتخفيف التوتر المرافق.
" الادينوسين عامل دفاعي، إذ عند التضرر يزداد الدم المتدفق الى مكان الضرر من اجل ان يحصل النسيج المتضرر على كمية اكبر من المواد الغذاية لتساعده على الصمود. في ذات الوقت تسقط الخلايا المحيطة في نوع من الخدر يعطيها الراحة ويغيبها عن وضعها المتوتر".
بذلك يظهر وكأن التحفيز البسيط القادم من الابرة وتدويرها على مدى النصف ساعة هو الذي ينشط الخلايا على افراز مركب الادينوسين.
من اجل التأكد من ارتباط الادينوسين بتخفيض الالم لابد من اجراء المزيد من التجارب. الباحثة انطلقت من ان الادينوسين يؤثر على الخلايا العصبية بواسطة الارتباط بهم من خلال الريسيبتور A1-receptor, الموجود على سطح الخلية. يوجد مُركب صناعي برمز CGPA, يقوم ايضا بالتموضع على الريسيبتور ويؤدي الى النتائج الفيزيولوجية ذاتها عند الخلايا كما يفعل الادينوسين. إذا كان الوخز بالابر يؤثر من خلال خلق تركيز عال وموضعي من الادينوسين فيجب ان تكون حقنة من CGPA قادرة ايضا على تخفيض الالم بمقدار نصف ساعة من المعالجة بالوخز.
هذه النظرية برهنت على صحتها من خلال التجربة التي جرت على فئران معالجة جينيا بحيث لاتستطيع انتاج الريسيبتورات المعنية وبالتالي لاتستطيع التأثر بالادينوسين. لذلك هذه الفئران يجب ان تكون مستعصية على معالجة الوخز بالابر وعلى الحقنة بالمادة المخدرة المعنية. تماما حسب التوقع لم يكن بالامكان تخفيف الالم بأي طريقة من الطرق المعنية اعلاه.
صورة لامرأة تعالج بالوخز للتخلص من آلام الظهر واوجاع الحيض
هذه النتائج كانت المرة الاولى التي يتمكن فيها العلم من تقديم برهان صلد على الميكانيزم الذي يقف خلف تأثير الوخز بالابر. هذه النتائج جرى عرضها في مؤتمر علمي في برشلونة عام 2010. الايدينوسين يملك ايضا وظائف اخرى تفسر اسباب تأثير الوخز بالابر على ظواهر اخرى لاتقف عند حدود الالم. هذا المُركب لديه تأثير ضد الالتهابات بمعنى انه يخفف ردة الفعل على الالتهابات التي يمكن ان تسبب مثلا التهاب المفاصل الرثياني Rheumatoid arthritis وامراض مماثلة اخرى. عدا عن ذلك تؤدي الى توسع الشرايين الدموية الامر الذي يحسن احوال المصابين بإرتفاع الضغط والاضطرابات القلبية. جلسات المعالجة بالابر تستخدم في هذه الحالات غير ان النتائج لازالت موضع جدل وليست موثقة علميا.
المناطق والامراض التي يؤثر عليها العلاج
لازال مقدار ومدى وصحة تأثير العلاج بالابر موضع جدل بين الاطباء ذلك بسبب ان نوعية الابحاث التي كانت تتدقق بهذا الامر ذات مستوى منخفض من الدقة. عدا عن ذلك جرت هذه الابحاث بطرق شخصية وبالتالي من الصعب مقارنة نتائجهم مع ابحاث اخرى. غير ان بعض الابحاث القليلة التي جرى اعتمادها علميا وجرى نشرها في المجلات العلمية تشير الى وجود تأثير فعال ببعض الامراض القليلة.
امراض جرى التأثير عليها
-امراض الظهر المزمنة.
-امراض الرقبة
-وجع الرأس
-وجع الرأس المزمن الميغران
- الشعور بالغثيان والتقئ بعد العمليات الجراحية
امراض محتمل التأثير عليها
-بعد عمليات التلقيح الصناعي الخفيفة
-اوجاع الدورة الشهرية
- ارتروس
امراض ليس عليها برهان
- الاستما، الربو
الادمان على الكوكايين
الكآبة المرضية
-ابيليبسي
-عدم القدرة على النوم
-اضطرابات هضمية
-اوجاع الوضع
-الشيزوفرينا
-الامتناع عن التدخين
-تخثر دموي في الدماغ
-الخرف الشيخوخي
-الروماتيزم
-الماء الزرقة
- التهابات المفاصل