اقتباس:هل جاءت "مسجونا" كخبر ل "تبقى" غير الظاهرة؟ ماذا نسمي هذه الحالة النحوية؟
أهلين عزيزتي هالة , عسي أن تكوني بخير بعد هذه الغيبة الطويلة
الجملتان معطوفتان فتأخذان نفس الحكم , وهنا كما تفضلت جاءت ( مسجونا ) خبرا لــ ( تبقي ) التي تعني أصبح أو صار ... إلخ .
اقتباس:ألا ترى أن هناك تنافرا بين "ديدان" و "مشرقة"؟
ربما من الوهلة الأولي علي اعتبار أن الديدان كائنات تعيش في الظلمة
ولكن لو نظرت لنهاية القصيدة بعد الملون بالأحمر (الذي عني به النبؤة لما يراه في المستقبل ) بعد أن أدان القاهرة ( المدينة ) إجتماعيا وسياسيا وأخلاقيا تلك الإدانة العنيفة , فإن ما نلمحه هو كآبة قد استولت علي الشاعر , أقول كآبة وليس يأسا ففرق كبير بين الكآبة واليأس كما تعرفين .
يقول الشاعر :
ساعة تدق
" الوقت متأخر "
والسماء تترك الغرفة للأجنحة السوداء ينثرها
طائر الرعب الأليف،
آه شريط القطارات،
يخرجون للشوارع نزفا من جرح أبله،
يسابقون الضوء الخائب
ويقومون من سقطة إلى أخرى كالديدان المشرقة
ما أبهج المرارة !!
في هذا الجزء الملون يستدير الشاعر فيما يشبه الاستدراك علي فعل شريط القطارات التي ناداه في بداية القصيدة إلي القاهرة مخاتلا إياه ثم فؤجي أنها ليست بالحلم الذي رآه في أول القصيدة فيبدأ بل بكلمة ( آه ) التي تعني التندم والحسرة , وفي نفس الوقت من براعة الشاعر أن يدمج شريط القطارات بالمعني السالف بحيث نفهم أن شريط القطارات الأول ( نداهة يوسف إدريس التي تسحر) قد تحول في هذه المرحلة إلي حالة كابوسية من رعب ما يراه في القاهرة , أصبح هو أهلها الذين يخرجون للشوارع كالنزيف الذي ينز من جرح أبله , ليس جرحا حقيقيا نفهمه ونحاول علاجه , بل هو جرح أبله لا نستطيع أن نعرف سره ولا نعرف آلياته , سباقهم في الحياة لا معني له , سباق خائب , غير موجه وغير هادف , ويقومون من سقطة إلي أخري كديدان مشرقة , ما أشد السخرية في هذا التعبير , إذ يتصورون أن أفعالهم لها معني بينما هي في الحقيقة تنتمي لتصرفات الديدان التي تعيش في الظلمة .
ولكي يؤكد هذه الكآبة يختم يهذا التعبير الرائع
ما أبهج المرارة !!
هل هناك بهجة مع المرارة عزيزتي هالة ؟؟
إذا استطعت أن تتذوقي هذا المعني الجميل فسوف تتذوقين المعني في الديدان المشرقة .
سبقنا الأحداث كرمي لعيونك , فقد كان في خططي أن أحلل هذه القصيدة عندما يسمح الوقت .
كوكو