نظرا لأن وسائل الإعلام المختلفة تجتر نفس المقولات... قمت بترجمة مقالة نشرتها صحيفة غارديان البريطانية الغراء. المقال مليء بالوصلات وقد قمت بتوفير الوصلات الأصلية (التي تصل لمواقع باللغة الإنجليزية) لمن يحسن هذه اللغة. على حد علمي لا توجد نسخ عربية لهذه المواقع.
المقال الأصلي كان بعنوان
There is a context to London's riots that can't be ignored بقلم Nina Power
هنالك سياق لأحداث الشغب في لندن لا يمكن تجاهله
يستحسن لو يقوم أولئك الذين يستنكرون الأحداث بالتراجع خطوة والتفكير بالصورة الأكبر
نينا باور
guardian.co.uk, Monday 8 August 2011 17.11 BST (المقال الأصلي)
(ترجمة الحوت الأبيض)
منذ تولي الائتلاف الحكم قبل ما يربو عن عام، شهدت البلاد عدة مظاهرات طلابية، اعتصامات في عشرات الجامعات، عددا من الإضرابات، مسيرة نصف مليونية نظمتها النقابات القوية، وحاليا قلاقل في شوارع العاصمة (سبقتها صدامات مع شرطة برستول
في ستوكس كروفت في فترة سابقة هذا العام). لكل من تلك الأحداث سبب مختلف، لكنها جميعها حدثت على خلفية
تقليصات قاسية في الميزانيات وإجراءات تقشفية إجبارية. تعلم الحكومة خير العلم أنها قامت بمقامرة، وأنها بسياساتها تخاطر بإشعال اضطرابات شعبية لم تشهد البلاد مثلها منذ بداية ثمانينات القرن العشرين. مع خروج الناس للشوارع في توتنهام، إدمنتون، بركستون وغيرها في الليالي الأخيرة، قد نرى الحكومة تدخل سلسلة من الخسائر الجدية والمستمرة.
لقد وضحت سياسات العام الماضي الفجوة بين الملاكين والمحرومين، لكن سياق القلاقل الاجتماعية أعمق من ذلك. إن مقتل مارك دغان الخميس الماضي، الذي يبدو أن، بعكس ما ذكرت الأخبار المبكرة،
إطلاق النار جاء من الشرطة فقط، هو حدث مأساوي آخر في تاريخ طويل من تعامل شرطة المدينة مع أهل لندن، والرقابة الخاصة لمناطق ولأفراد محددين، من توقيف وتفتيش وتحرش يومي.
كتب صحفينا عن تفاجئه من كمية الناس في توتنهام الذي
يعرفون لجنة شكاوى الشرطة المستقلة وينتقدوها، لكن لا مفاجأة في ذلك. حين نمعن النظر في أرقام قتلى موقوفي الشرطة (٣٣٣ على الأقل منذ ١٩٩٨
دون أية إدانة لأي ضابط شرطة من بينهم)، لذا يرى الكثيرون أن لجنة الشكاوى والمحاكم، وبحق، تحمي الشرطة بدلا من الشعب.
زد على ذلك تشكك مفهوم وحقد على الشرطة معاده التجارب السابقة والذكريات بين شرائح فقيرة تنتشر بينها البطالة بشكل واسع، يتضح عندها سبب خروج الناس للشارع. (هارنجي الدائرة التي تضم توتنهام تحتل
المرتبة الرابعة بفقر الأطفال في لندن ونسبة بطالة تصل إلى ٨،٨٪، ضعف المتوسط القطري، حيث يوجد وظيفة واحدة لكل ٥٤ شخص يبحث عن العمل في تلك الدائرة).
يستحسن لو يقوم أولئك الذين يستنكرون الأحداث بالتراجع خطوة والتفكير بالصورة الأكبر: دولة فيها
أغنى ١٠٪ هم اليوم بوضع أفضل بمائة مرة من أفقر ١٠٪، حيث الاستهلاك بناء على الدين الشخصي كان الحل المتبع لاقتصاد مترنح، وحيث، بناء على OECD، إمكانية الانتقال بين الطبقات هو
الأسوأ من أي دولة متطورة أخرى.
كما بيّن ريتشارد ولكنز وكيت بينكت في كتاب
المستوى الروحي: لماذا المساواة أفضل للجميع، فإن الظواهر التي توصف عادة "بالمشاكل الاجتماعية" (الجريمة، اعتلال الصحة، نسبة المساجين، الأمراض العقلية) أكثر شيوعا في المجتمعات التي لا مساواة فيها منها في مجتمعات بها توزيع أفضل للثروة حيث الفجوة بين الأغنياء والفقراء أقل. عقود من الفردانية، التنافس والأنانية التي شجعتها الدولة - إضافة إلى تحطيم منتظم للنقابات وتجريم آخذ بالتزايد للمعارضة - قد حولت بريطانيا إلى واحدة من أكثر الدول لا مساواة في العالم المتطور.
صور لبنايات تحترق، سيارات يلتهمها اللهب، وحوانيت مسروقة قد توفر مواد مثيرة لإعلام مقلقل، دائم الحاجة لأخبار جديدة ومجموعات جديدة يشيطنها، لكننا لن نفهم هذه الأحداث بتاتا لو تجاهلنا التاريخ والسياق الذان حدثا فيه.