بداية اعتذر عن عدم قدرتي لاسباب شخصية على متابعة كافة الحوارات مع الزملاء بشكل كامل بسبب ضيق الوقت, و سأغتنم الفرصة لتوضيح موقفي مما يجري في سوريا و الرد على بعض ما ورد في مواضيع اخرى على لسان بعض الزملاء....
كنت اكتب ما ورد ادناه كرد في موضوع آخر و لما طال الرد , ارتأيت ان افرد له موضوعا مستقلا....
في ظل اللغط الحاصل حول موقفي مما يجري في سوريا, سأوضح هنا -اضافة الى مداخلتي الطويلة في موضوع
http://www.nadyelfikr.com/showthread.php?tid=44404&page=7 - النقاط التالية:
النقطة الاولى موضوع موقفي من النظام السوري حيث اوضحت مرارا انني عانيت شخصيا من قمع و صلف هذا النظام عندما كان في لبنان, و اعرف تماما مدى القمع و الشدة التي يمارسها .... اعرف و اتفهم و اعي ذلك تماما, و نحن كلبنانيين عانينا من السوريين طويلا ايضا و دارت بيننا معارك و سقط لنا شهداء في مواجهته ( انا شخصيا خالي سقط على يد الجيش السوري اثر دخوله بيروت في الثمانينات (كان منتميا الى فرع البعث العراقي و تمت تصفيته بدم بارد) و خالي الآخر استشهد اثر سلوكه بالخطأ ما كان يعرف بالخط العسكري على احد الحواجز السورية)... خبرنا رعب المخابرات السورية و غشمنة الحواجز و صلف الضباط السوريين لسنوات طويلة جدا,
مداخلاتي الاولى عقب احداث درعا كانت داعية لسقوط النظام الى حين رؤيتي لاول لاعلام حزب الله تحترق و سماعي للهتاف ضده و ضد ايران (اين شاهدنا مثل ذلك في ميدان التحرير ضد السعودية مثلا؟) , و جاءت الاحداث (زيارة السفراء, طلب التدخل العسكري التركي, التحالف مع الانظمة الرجعية العربية, التهديدات ضد الجيران الخ..... ) لتزيدني اقتناعا بان من المستحيل علي ان اؤيد هذا جماعات ذات اهداف خارجية مبهمة –حتى لا نقول عدائية تجاه فكرة الممانعة- و هنا فكرة عدم دعمي لا تعني معارضتي لمطالبها داخليا, لكن توجسي منها خارجيا تجعلني اقف موقف المترقب....
انا اعتبر ان من حق الشعب السوري المقدس المطالبة بنظام تعددي ديموقراطي و حرية و انفتاح, و نحن لو كنا مكانم لما رضيت بالنظام السوري بشكله الحالي... و ادين القمع و التسلط و لا اتمنى لسوريا سوى الحرية و التعددية التي ننعم بجزء معقول منها في لبنان, موقفي هذا ثابت و بديهي و هو منفصل تماما عن موقفي من السياسات الخارجية و الاقليمية للنظام, أفصل تماما بين الأمرين...
تماما كموقفي من فنزويلا مثلا او كوبا.... قد اعارض سياسة كاسترو و تشافيز الداخلية القمعية (ان كانت كذلك) لكنني اقف مع سياستهما الخارجية و الداعمة لقضاياي... و في حال نشوب ثورة في كوبا, لا يسعني سوى ان اتمنى للشعب الكوبي الحرية و الديموقراطية لكنني حتما لن أتمنى لكاسترو السقوط خصوصا في حال كان البديل مناقضا له خارجيا و غير محدد الملامح داخليا...
نفس موقفي هذا الذي قد اتخذه من ثورة ما في كوبا او فنزويلا اتخذه من سوريا.. حتى في الصين, لن يستطيع الدالاي لاما او الاقليات الصينية المسلمة ان تقتنعني بأن ادعم اسقاط النظام الصيني الحاكم.... أقصى ما يمكنني ان اقدمه لهم هو تأييدي لحقوقهم المشروعة و معارضتي لقمع النظام لهم مع احتفاظي علنا يتأييدي المعروف لسياسات النظام الخارجية الملتقية معي... (هذا مع افتراض ان الشعوب المذكورة انتفضت عن بكرة ابيها تريد التغيير)..
في اوائل التسعينات –رغم صغر سني يومها- اتخذت موقفا مشابها من الثورة في الاتحاد السوفياتي, كنت اشاهد الشعب السوفيتي يتطلع الى حريته لكنني كنت اتوقع خطورة ما يجري على القضايا العربية, رفضت يومها المشاركة في نشاطات مدرسية (ذات ميول غربية) تضامنية و يوم حدث انقلاب عسكري قصير في روسيا كان ذلك بمثابة خبر سار بالنسبة الي... لاحقا تبين الفارق مع مجيئ الدمية يلتسين ثم الفارق النسبي مع مجيئ بوتين.... .... كل ذلك لا يعني أبدا انني كنت ضد حرية الشعب السوفيتي و لم اكن ضليعا اصلا في الشؤون الداخلية و اقصى ما يمكن اتخذ في هكذا حال هو الحياد الايجابي تجاه قضايا الداخل و متابعة الوقوف الى جانب القضايا الخارجية المشتركة....
انا اذا لا اؤيد مبدئيا النظام السوري, أنا اثمن دوره الاقليمي و التاريخي في المنطقة, و كذلك الامر انا لا اعارض مبدئيا المعارضة السورية , انا اقر بأحقية مطالبها الداخلية, و في المحصلة انا ضد سياسات النظام الداخلية و مع اصلاحها, و ضد التوجهات الخارجية للمعارضة و انعكاساتها, اتمنى ان يأتي اليوم و تتقاطع الفكرتين, رغم انه ليس في الافق ما يبشر في كلا الحالتين....
النقطة الثانية تتمثل في موضوع (نكران الجميل) الذي فلق البعض طيز النادي به مؤخرا و هنا سأتكلم بصراحة...
اثناء عدوان 2006 وقفت جميع الشعوب العربية بدون استثناء مشكورة الى جانب الشعب اللبناني المعتدى عليه و هذا امر بديهي و متعارف عليه بين الشعوب... الشعوب تقف مع بعضها مهما اختلفت المصالح و التحالفات, و لا يمكن ان يتعرض شعب ما لاعتداء اسرائيلي او امريكي بدون ان تقف باقي الشعوب معه و تتمنى للعدوان الاندحار...
وقفت الشعوب العربية بل و حتى معظم شعوب العالم معنا ..
لكن الفارق هنا هي ان هناك انظمة وقفت معنا و انظمة وقفت ضدنا, و حيث كان النظام + شعبه معنا (سوريا مثلا) كان هناك تضامن و دعم و نصرة, اما حيث كان الشعب معنا و النظام ضدنا (مصر مثلا) كان التأييد الشعبي بدون أي نفع, بل و في اماكن اخرى (السعودية مثلا) منعت الانظمة التظاهر تأييدا بل و مجرد الدعاء, و في احداث اخرى, لم تنفع المعارضة الشعبية لحرب غزة (في مصر مثلا) النظام من ان تعلن الحرب من على أبواب قصره و ان يقيم جدارا فولاديا على حدوده و يعتقل و يلاحق من يدعم مقاومة غزة للعدوان...
لو حذا النظام السوري عام 2006 حذو نظيره المصري لما تمكن الشعب السوري من احتضان الشعب اللبناني بل و ربما كان اُجبر يعضهم حينها على العمل اليدوي في بناء جدار فولاذي عظيم على طول الحدود السورية اللبنانية و مرحبا عندئذ بالمعارضة الشعبية... و لم يكن ليتسنى للزملاء المذكورين مجرد تمنيننا باستقبال اللاجئين و الوقوف معنا.... يعني بالمشبرح, للنظام السوري نصيب في هذه المنة....
و هذا من الأسباب الرئيسية التي تجعلني احفظ الجميل للنظام السوري تناغمه مع تطلعات شعبه الخارجية و القومية و الاقليمية (وباقي شعوب المنطقة و تطلعاتي أنا) في العديد من المفاصل, بينما ان ثوار الغفلة مثلا يهددون من الآن باجتياح لبنان للقضاء على حزب منتخب يمثل نصف اللبنانيين على أقل تقدير..
الامر الآخر ضمن هذه النقطة, هو في مواقف الزملاء هنا الذين يدّعون انهم لطالما كانوا مؤيدين شرسين لحزب الله و نصر الله و ناصر قنديل !!
يعني كما يقول المثل, بشو بتذكرك يا سفرجلة الا كل كدشة (قضمة) بغصة......
اغلب هؤلاء الزملاء لم يكونوا موجودين بيننا في السنوات ال8 الماضية, بعضهم عمر عضويته لا يتجاوز البضعة أشهر ثم يحاول اقناعنا نحن الذين قلعنا أظافرنا على الكيبوردات نرد على الحملات و الشتائم و التجني الذي كان يجري من قبل الاغلبية الساحقة من الاعضاء المهتمين بهذا الشأن (عندك من مواضيع تحمل عناوين "ك# امك يا حسن نصر الله" و نزولا) حتى ان بعض الزملاء المخضرمين المحترمين الاكاديميين اعتادوا كتابة (حسن نصو الله –كذا-) كنوع من الصبيانية..... و الارشيف موجود على كل حال...
نعم كان هناك عدد محدود من الزملاء السوريين ربما لا يتجاوز عددهم اصبع اليد الواحدة كانوا (مؤيدين الى حياديين) مع ان بعضهم كان يمتنع عن المشاركة في أي موضوع يمس المقاومة و يغيب عن السمع..... اوجه تحية اليهم حيث هم الآن...
و رغم ذلك لم اصب بالهستيريا التي اصابت البعض و لم اهدد و اتوعد (ان لم تقفوا معي و تدعموني سأفعل بكم و ببلادكم كذا و كذا).... أقصى ما كنت اقوله للمعارضين هو انني احترم خياراتهم في تأييد السياسات الامريكية و النفطو-صهيونية و لنرى آخرتها كيف ستتسبب بخراب البصرة لمؤيديها قبل معارضيها...
النقطة الثالثة موضوع اتهام حزب الله بالمشاركة في قمع المتظاهرين و قتل المدنيين و قنصهم... بربكم هل هناك من يصدق ذلك الهراء؟؟؟....
اتفهم ان يتم استخدام تلك الورقة من قبل العراعرة الفيسبوكيين لشد العصب الطائفي عند مريديهم و تحفيز التحركات (التي يبدو انها لن تخرج من مرحلة الحاجة الدائمة للمنشطات و المنبهات), لكن ان يتم تبني هذه الفبركات هنا من قبل زملاء نعرف جيدا نعرف مستوى ذكائهم...... come on ولووو ....
لا ارى حاجة الآن لتفنيد سخافة الاتهامات تلك من الناحية السياسية و العسكرية و الاستراتيجية و اللوجستية و العقائدية حتى.... لكن قد افرد له موضوعا منفصلا اذا اقتضى الامر لاحقا ...
بالمناسبة سأرفع لنوار الربيع نفس الفيديو تبع الزميل أبو ابراهيم لكن بصوت داخل الفيديو يقول (أهلا بنوار الربيع)...
النقطة الرابعة رغم سخافتها الا انني اريد الاضاءة عليه و استيضاحها: دأب بعض سفهاء الثورة السورية على توجيه التهديدات بالدخول الى لبنان و القضاء على حزب الله و ان سوريا تستطيع ذلك و ان الخطوة التالية للثورة تتمثل بذلك.. ن
ريد اذذاك الايضاحات التالية منعا للالتباس و تسجيلا للتاريخ:
1. هل هم فعلا على استعداد للقيام باجتياح بري للبنان و ملاحقة انصار حزب الله داخل المدن و القرى اللبنانية؟
2. هل الزملاء الكرام المذكورين سيتمنطقون شخصيا اسلحتهم و خوذاتهم و جعباتهم و سيشاركون في القتال و ربما سنتلاقى شخصيا في زواريب بيروت؟ هل سيشارك ابن سوريا و سبيشال ون و نوار الربيع في قتال الشوارع؟ ام انهم سيرسلون المساكين من ابناء جلدتهم ليقاتلوا الشعب اللبناني فيما كراسيهم الوثيرة تنوء تحت ثقل اطيازهم المترهلة؟
3. لطالما كرر البعض على اسماعنا اسطوانة الجولان و كيف لماذا لا تكون وجهة الجيش السوري صوبه... هل توجيهه تجاه لبنان يرضيهم و يتوافق مع مبادئهم؟
4. هل ما يشتكون منه من قمع و حصار من قبل النظام هم على استعداد لتكراره لكن على جيرانهم و اخوتهم ؟ كيف سيتعاملون مع المحتجين و المعارضين لدخولهم؟
5. هل سيستعينون بفتاوى من العرعور و ابن تيمية ؟
6. هل سيحظى تحركهم بمباركة اسرائيلية و امريكية؟ هل سيكون تدخلا اخلاقيا؟
7. هل يدركون خطورة مجرد التلفظ بما قالوه على مستقبل منطقتنا و الصراعات فيها؟ ما موقفهم فيما لو تعرض بلدهم من اجتياح مماثل مستقبلا؟
8. بئس ثورة المراهقين التي اكتسبت الأعداء قبل حتى قبل ان تلوح معالم النصر امامها....
النقطة الخامسة اود الاعتذار من جميع الزملاء الذين قد يكونون قد شعروا بان كلامي اعلاه قد جرحهم خصوصا ممن تربطني معهم صداقة لا اريد ان اخسرها, و بالنسبة لاولئك الجدد المشهورون بتهجمهم اللاذع و المتسرع... اوضح انني لست مؤيدا عقائديا لحزب الله و لست متدينا اصلا (و العديد هنا يعرفون و التقوا بي بمن فيهم من هو على خلاف معي اليوم), و انا انتمي قلبيا الى الفكر اليساري العروبي, اعشق عبد الناصر و أؤيد حركات المقاومة و الممانعة في أي بلد كانت و الى اي دين و فكر و عقيدة انتمت....