لم أفهم أبدآ شعارات مثل " الممانعة " و سابقتها " الصمود و التصدي " و " الجلوس و التحدي " ، كما لو كان العرب 2 مليون فأر يواجهون الصين !، لم أفهم أبدآ كيف تكون علاقة سوريا بإسرائيل " مقاومة " ، تلك علاقة تليق بجماعة صغيرة ضد قوى عظمى . العلاقة بين دول مثل سوريا و إسرائيل هي إما الحرب و الإستعداد الجدي لها أو السلام فقط . هناك بالفعل صراع عربي إسرائيلي وهو صراع تاريخي ،و لكن العرب هم القوة العظمى في المنطقة ، ولو تحررت الشعوب العربية من الطغاة (المستعمر الوطني) لصلح الميزان و للجأت إسرائيل إلى الشعارات البائسة ،و كان عليها ان تمانع و تقاوم و تصمد و تتحدى !.
هذا التشوش هو نتيجة التفكير الدوجمائي أو التفكير بواسطة الشعارات الجامدة سابقة الإعداد . لأسباب متعددة تلقى دعايات المحور الإيراني السوري نجاحا واضحا بين قطاعات واسعة من المحبطين العرب ، حتى خارج دوائر الشيعة الأصوليين من أتباع ولاية الفقيه .
دون أن نناقش مدى مصداقية تلك الدعايات ،و صحة و أصالة موقف " الممانعة " السورية و جدواه ، فلا ننكر أن تلك الدعاية تجد صدى لدى كثيرين ، خاصة في ضوء الصلف الإسرائيلي و الإنحياز الأمريكي . هذا الرصيد المتجدد دوما و الذي يحظى به معسكر إيران و توابعها في دمشق و جنوب لبنان و حماس و .... هو مصدر لا ينضب لدعايات أصدقاء و حلفاء نظام الأسد في دمشق . هذا الموقف ريما كان مفهوما و حتى مبررا لانحياز البعض للمعسكر الإيراني-السوري " الممانع" ضد أنظمة عربية أخرى مثل مصر مبارك أو النظام السعودي و السلطة الفلسطينية ،و لكنه بالقطع لا يصلح مبررا كي يدعم البعض النظام المافياوي في دمشق ضد الشعب السوري نفسه .
كيف بالله نفسر أن يبقى الجولان محتلآ لمدة 44 سنة دون أن يشغل ذلك أحدآ ،وهناك من يتحدث عن الممانعة و المقاومة كما لو كانت إسرائيل دولة عظمى بحجم الصين ، و أن الجولان جرى إحتلاله بالأمس . كيف نفسر أن يدعي الممانعة ويتوج نفسه زعيما للبطولات العربية نفس النظام المافياوي الذي لا يحفل أن يضيع الجولان إلى الأبد ، ويتوارث الحكم في بلد عربي بحجم سوريا و أهميتها ، و يتحالف في زواج كاثوليكي مع الإيرانيين ضد العرب .
لقد قادت سوريا الأسد العرب في مواجهة إسرائيل خلال العقود الماضية فلم تفعل شيئا سوى ترك الجولان في وديعة رابين ، و العمل كستاليت لإيران و تلقي القصف الإسرائيلي في صمت مريب ، فمن يريد أن ينضم إلى جبهة الممانعة تلك ؟.
(08-31-2011, 02:09 AM)أبو إبراهيم كتب: والعراق أيضاً :
اعترافات كلب
.................
مهنة الصحافي العربي مزعجة خصوصاً إذا كان غير متمرس بمرارات العيش في رحاب الاستبداد. فجأة نطق. قال: «أعتذر منك لقد حولوني كلباً». أربكني ما اعتبرته مبالغة وراهنت على إنقاذ الموقف. تابع: «أعرف أنك لا تصدق. لكنهم حولوني الى كلب. أشم الطعام وأنهمك بالتهامه حتى أُصاب بالتخمة. هذا افضل من الكلام. وأفضل من التفكير. وأنا وافقت على التحول كي أبقى حياً».
رفع رأسه وأشار الى مكان منخفض في جبهته وآخر في ذقنه. قال إنهم اقتادوه ذات يوم الى دائرة الاستخبارات. طلبوا منه أن يعترف بعلاقته بالشيوعيين وأن يشي برفاقه. وحين قال الحقيقة وهي أن لا علاقة له فتحوا عليه أبواب الجحيم وكانت الحصيلة التي لا تزال ماثلة في جسده. قال إنه وقّع على ما يثبت أنه مذنب وباح بكل ما يعرفه عن أصدقائه. وأضاف: «خرجت من ذلك المكان يلازمني شعور بالعار. كسروا كرامتي وإنسانيتي. شعرت أنني حقير وبدأت العيش ككلب همّه الأوحد ألاّ يُعذب مرة أخرى».
قال: «هل تعرف أن في استطاعتهم استدعائي غداً. وسؤالي عن الأسئلة التي طرحتها عليّ. وأنني سأعترف بما سمعته منك. وأنني سأوقع على ما سيكتبونه مع إضافات واختراعات. إذا استدعوني غداً سأخون علاقتي معك. أنا كلب لكنهم حرموني من صفة الوفاء الملازمة للكلب».
قال لي: «أعرف أنك آتٍ من بلد صعب ومستباح. وأن الأمة صبّت على الفسحة اللبنانية كل أحقادها وأوحالها. لكنني أعتقد بأن لديكم فرصة عظيمة على رغم الآلام، وهي أنكم لا تعيشون في ظل قائد تاريخي». وأضاف: «القائد التاريخي يحوّل المواطنين مزيجاً من العبيد والكلاب. يشعرك بأن الأرض ملكه وقَبِل باستضافتك عليها شرط أن تبيع حريتك وإنسانيتك. في المكتب تجلس تحت صورته. وفي الشارع تمر قرب تماثيله. يشعرك بأنه يملك بيتك وأطفالك. وأنك تعيش لأنه لم يقرر بعد أن يقتلك. ظلّه حاضر في غرفة الجلوس وغرفة الطعام ويكاد أن يحضر في غرفة النوم أيضاً».
واسترسل: «القائد التاريخي يلتهم البشر والحجر. يلتهم النشيد الوطني ويسمم الكتب والأنهار ويزوّر مخيلات الأطفال. لن أنجب طفلاً في هذا البلد كي لا يحولوه كلباً. سأغتنم أول فرصة للهروب الى الخارج. الى بلد لا يرتكب إثماً من قماشة إنجاب وحش اسمه القائد التاريخي».
منذ ذلك العشاء على شفير دجلة يدهمني الخوف كلما بالغ الإعلام في تلميع «بطل»، وكلما أسرف الناس في التصفيق لـ «قائد». من حسن الحظ أن الرحم اللبناني لم يرتكب «قائداً تاريخياً». لا أعرف سبب كتابة هذا المقال. من يدري ربما القارئ يعرف. أما شريكي في العشاء الذي لا أعرف تحت أي سماء يقيم بعد فراره من عراق صدام، فإنني مدين له باعتذارين: الأول لإفشاء حديث العشاء والثاني بسبب عنوان المقال.
http://www.daralhayat.com/portalarticlendah/302243
أتذكر يا صديقي هذه المقتطفات من موضوع طرحته في النادي منذ ستوات طويلة بعنوان " سجل ديكتاتور معتزل " ، فكم تتشابه حياة " الكلاب " في ظل الزعماء التاريخيين .
1- من أقوال الدكتاتور ..إنني رجل الأفعال و ليس الأقوال ،و العالم كله يعرف هذا ،و يتابع تصريحاتي من الصين حتى سيراليون ، الأصدقاء يحترموننا و الأعداء يخافوننا .اليوم يسود الهدوء و تتوحد الآراء ، ولن يكون هناك حاجة لإقناع أحد فالشعب قد جرى إقناعه بالفعل .إننا نعيش الديمقراطية بأروع معانيها ، فلم يقصف قلم ( رصاص )!. هناك فقط بعض الخونة و عملاء الأجنبي ،و لكنهم قابعون في ثقوب الخوف ، كلمة واحدة ، خطوة واحدة تكفي و يسقطون جميعا في المصيدة ، و عليهم الاختيار بين حفر الفئران أو مصيدة الفئران !...
2- الحقد يغلي ، الإناء على وشك الانفجار ، هذه حال الجيش و البرلمان و الجامعة ، في المعامل و في مزارع الدولة ، حتى القسوة في حاجة إلى نظام . فمن يقمع الشعب عليه ألا ينسى أن المقموعين يعرفون عن هذا النظام القمعي بأكثر مما يعرف القامع نفسه . فكلما بالغ الدكتاتور في غيه ازداد جهلا بمجريات الأمور . وحين يصل قمته في قمع حريات الآخرين ، يصل إلى ذروة جهله في معرفة ما يفكرون فيه ، إنها ساعة الصفر للتغيير .
3- كلما ازدادت السلطة تفردا سهل القضاء عليها لأنك فقط تحتاج إزالة الرأس .
4- في الدولة البوليسية يمكن حتى للأحلام أن تكلفنا رقابنا ، فالدولة في كل مكان ، إنها تستلقي معنا كشخص ثالث في السرير .
5- القضاة يدينون الأبرياء و الباحثون منهمكون في معرفة نهاية العالم ، و الأطباء يقتلون بالنيابة ، و يعاني من يريد الخير من تأنيب الضمير .
6- الشيء الوحيد المؤكد هو عدم الأمان ، وهكذا تمتلئ الكنائس ( المساجد ) بالمصلين ، فالصلاة غير ضارة و تهدئ الأعصاب .
7- في الماضي كان الضحية يعرض في قفص حديدي ، ثم يقطع إلى أربع أجزاء ، فتتضاعف الأسطورة أربع مرات ، أما اليوم فيجري تصويرهم و تصوير أعمالهم . سينقرض مزورو التاريخ كما تنقرض الشعوب الهمجية !".
8- كل البلاد في مزاج احتفالي رائع ، فلا يستطيع أحد التمييز بين الفرح المأمور به و بين الفرح الحقيقي ، و تتحول صيحات الخوف إلى هتافات الترحيب ، بل حتى في سجون أمن الدولة يقذفون بالقبعات في نشوة من فرط التأثر ، يجب كتابة علم نفس جديد ، موضوعه :" آلية تدجين الروح " ، إنه سيكون أروع حتى من كتاب :" مائة طريقة لطهي اللحم البشري ".