بعد قرار جماعة الإخوان المسلمين المشاركة في فعاليات الجمعة القادمة، بعد أشهر من وقوفنا وحدنا حراساً لثورةٍ لم تؤتي أكلها بعد، نستقبلهم بالأحضان كما فعلنا دوماً عندما حضروا متأخرين. الآن فقط فهم الإخوان ماهية العسكر عدو التغيير والقاتل البطيء لثورة مصر.
أبقينا جذوة الثورة مشتعلة سبعة أشهر وحدنا وبرغم أنف المجلس والإخوان والمنتفعين. والآن أن لنا آن نتنفس الصعداء عندما "انضم إلينا أهالينا قبل ما بلدنا تغرق بينا" كما نهتف في مسيراتنا في شوارع المحروسة منادين الناس الواقفين في بلكوناتهم.
على مدار هذا الأسبوع انضم التيار الإسلامي إلى اعتصامات الطلبة والمدرسين والمهنيين. فأهلاً بكم وسهلاً في ثورتنا وثورتكم وثورة الشعب المصري كله. وأعلنتها الإخوان صريحة بعد أن تأكدت أن الثقة في المجلس هي مثل الثقة في الحزب الوطني وإنهم وجهين لعملة واحدة هدفها تحويل مصر إلى "بلانتيشن" للعبيد لخدمة الأسياد الأمريكان والإسرائيليين والسعوديين وطبعاً خدمة "الملتزمين" من أسياد البلد كما يدعون أنفسهم. أعلنت الجماعة بصراحة أنها ستعود للمظاهرات والإعتصامات للميدان إن لم يخضع الجميع لإرادة الشعب وعلي رأسهم طنطاوي.
حتى لا نخوض في مواقفنا الشخصية من "الضغط من الشارع" كالعادة، يجب أن نفكر قليلاً في ما يؤدي إلى ذلك. لنبدأ بتحديد موقفنا من الفعل قبل أن نتحاور عن موقفنا من رد الفعل. لنعرف، حقاً وصدقاً، من يحرق مصر.
قرر مجلسنا العسكر الموقر أن يمد حالة الطواريء المباركية، التي يمنع الإعلان الدستوري، الذي أصدره هو نفسه، تمديده بعد ستة أشهر سوى باستفتاء، مع إضافة بنود جديدة فضفاضة من نوعية الإخلال بالأمن وتعكير الصفو العام ونشر الشائعات وتعطيل حرية العمل، بالإضافة طبعاً لقطع الطرق والبلطجة وحيازة السلاح، كبعض السكر الذي نثر على طبق "الخراء" كي يستغلون الرأي العام المذعور من التسيب الأمني. وكأننا نحتاج قوانينا استثنائية للقبض على من يقطع الطريق بسلاح، وكأن القوانين الاعتيادية تنفذ.
أول ثمار هذا القانون كان قبض "زوار الفجر" على 92 مواطن من بيوتهم ومن على المقاهي بتهمة التحريض على أحداث السفارة، غامضة الأسباب والتفاصيل، بل واقتحام مكتب الجزيرة مباشر وإغلاقه بدعوى عدم حصولهم على بعض التراخيص، التي يؤخرونها هم منذ مارس بلا سبب محدد، ناهيك عن إن وزير إعلامهم نفسه كان ضيفاً مستديماً على هذه القناة.
طبعاً مع الكثير من أحاديث الأصابع الخارجية والمؤامرات والعمالة والتمويل الخارجي التي مللنا، والتي لا يذكر أبداً من أين أتت أو من هي ومن المتحصل علي هذا التمويل، ليبقى سلاحاً نافعاً للهجوم على أيٍ كان في أي وقت كان.
يظهر تماماً للملاحظ الموضوعي لماذا سنت تلك التشريعات الجديدة قبل الإنتخابات وفي هذا الوقت تحديداً.
كما ظهر جلياً ذلك للجماعة التي اعتقدت خطأً أن بامكانها تقاسم السلطة مع عسكر لا يرضون سوى بالسيطرة الكاملة على مقدرات البلد كما كانوا منذ منتصف القرن المنصرم.
يجب أن نعترف أننا في فترة عصيبة تمر بها البلاد، ونعترف أننا في حالة تخبط وعشوائية كما يبدو الجميع. ولكن التخبط "مش عيب" خصوصاً أننا لم نمر في تاريخنا بلحظة مثل تلك ولم نستعد لها. هي الفترة الوحيدة التي شهدت في الثلاثة عقود التي عشتها لا نعرف ماذا سيحدث غداً.
الإنقسامات على أشدها في كيفية الوصول للهدف فالغالبية من الشرفاء ، دعوني أستخدم مفردات من يحكموننا، وإن اختلفت تهدف إلى دولة "عيش حرية عدالة اجتماعية"..
جارتي سيدة قبطية عجوز تعيش وحيدة بعد هجرة أبنائها.. ذهبت إلى الكنيسة في عيد ما "غير معروف إعلامياً" وعندما رجعت كان الباب مكسوراً كل محتويات الشقة مسروقة.. إلى هنا الموضوع عادي وكان يحدث كتيراً في مصر ما قبل الثورة...الجديد هنا أن السيدة الذكية استنتجت سريعاً أن من سرق الشقة مسيحي لأنها كانت في قداس عيد لا يعرفه المسلمون الذي لا يعرفون بالأجدى كم سيستغرق القداس..لكي يرتكبوا جريمتهم...
ولأنها سيدة ذكية وذهنها حاضر فقد توصلت إلى أن جارها في الطابق الأعلى عنده بعض الإصلاحات في البيت والعمال صعايدة مسيحيين..
طلبت السيدة الشرطة فلم يأتي أحد، وأنا أسكن في حي السفارات والأجانب ..ذهبت إلى الشرطة بنفسها وبعد جهد جهيد جلب الضابط الشاب المتعجرف العمال وسألهم ...سرقتوا الست ديه ؟ قالوا لا ياباشا...فقال لهم امشوا...
ورداً على اتساع عيون المرأة من الدهشة..قال لها بابتسامة شامتة...مش هي ديه الثورة بتاعتكم؟ إشربوا..
يجب أن يتوقف البعض عن البكاء على مبارك فهذا بكاء على اللبن المسكوب فالنظام السابق نظام إنتهت صلاحيته ولفشله وفساده وعشوائيته في كل المجالات. وإلا لما أزاحته اتنفاضة و إنفجار حالة الغضب والسخط على أدائه. فالديكتاتور الذي يفشل في البقاء في السلطة، وهي أهم مقومات الديكتاتور، ديكتاتور فاشل.
يجب ايضاً أن يتوقف البعض عن محاولة تصوير الغضب الشعبي ، المنفلت أحياناً كثيرة، ضد جهاز الشرطة إنه نتيجة للثورة فهي محاولة ساذجة. يجب أن يفهم من يعتقد أن لا حياة له إلا بمبارك أن مبارك هو السبب في ما يعانيه، لا غيابه، فالقمع والتنكيل وتلفيق القضايا أسلوب أثبت فشله قبل أن يثبت عدم أخلاقيته. فالشرطة "لم تضبط نفسها" طوعاً كما يعايروننا الشامتين في حال مصر "من هؤلاء بالله عليكم وكيف ظهروا بيننا؟" ما يحدث للشرطة الأن هو نتاج ما قبل الثورة.
يرددون دوماً مفهوم "هيبة الدولة" وكأنها رديف للرعب والقمع . أسلوب غبي وقديم، وحكمي عليه مرةً أخرى ليس بمعيار أخلاقي على قدر ما هو بمعايير عملية.
مفهوم "هيبة الدولة نابع في المقام الأول من التراضي في إطار "عقد اجتماعي" لا خوف وقمع وترهيب وإلا سقطت بسقوط حاجز الخوف كما نرى الأن.
أمازلتم تكابرون ؟!
يجب أن نعترف جهار الأمن المصري ليس مؤهلاً للتعامل مع مقتضيات المرحلة الراهنة. وإن القوى الثورية حاولت كثيراً ومنذ البداية إيجاد حلولاً لذلك. وتقدمت بمشاريع وأبحاث دقيقة قام عليها مختصين، أذكر هنا على سبيل المثال لا الحصر "الحرس الوطني المصري" بل حلول أبسط مثل إلحاق بعض خريجي الحقوق بكلية الشرطة لتكوين جيل جديد من الضباط بعقلية وعقيدة أمنية جديدتين. ولا حياة لمن تنادي. تمر الشهور و لا يؤدي جهاز الشرطة ما يؤجر عليه. ولا نتقدم خطوة واحدة في طريق الحل. لأننا نعرف أن من يريد بقاء الجهاز بصوته القديمة هو من يريد استخدامه كما استخدم من قبل في تزوير الانتخابات وقمع المعارضة وكسر كرامة الشعب. مستخدماً "الفلتان الأمني" كسلاحٍ نفسيٍ ماضٍ .
أمازلتم تكابرون ؟!
هذا الجهاز وعلى عكس ما يعتقد البعض، جهاز مسكين، حمل منذ الأزل أخطاء كل فشل إدارة البلد على كل المستويات..
لا يجب أن يطلب منه دوماً "حل" كل الأزمات التي تتسبب فيها كل الوزارات. المسئولية تقع على طرف الوزارات المعنية لحل الأزمة...لايجب أن يجلب الأمن للتعامل من الأزمة ..."لإنهاء الأزمة"...فالأمن لا يملك سوى عصاه...
للعلم في اليوم الأول لتمديد قانون الطواريء"الفضيحة" وإضافة خمسة بنود جديدة على قانون مبارك...الذي هو قانون عبد الناصر القمعي نفسه...أعتدي على مأمور قسم إمبابة في دائرة خدمته واثناء مروره وترك بين الحياة والموت وسرق منه سلاحه الميري..
أمازلتم تكابرون؟!
مقال ذو صلة
http://tahrirnews.com/%D9%85%D9%82%D8%A7...%88%D8%B1/