من الطبيعي أن موقف الإخوان لم ولن يعجبكم أصلاً ، ولا عتب عليكم في هذا ، ولكن شئتم أم أبيتم ، موقف الإخوان كان أكثر المواقف اتزاناً وإعطاءً لكل ذي حق حقه ، بعض المغفلين يعتقد بأن إسرائيل لا تلعب على وتر الخلافات العرقية والدينية ، والتي هي جزء لا يتجزء من عقيدة إسرائيل الأمنية في التعامل مع الدول المحيطة ، هذه العقيدة وضعها جولدمان رئيس الوكالة اليهودية حينما قال " إذا أردنا لإسرائيل البقاء والاستقرار في الشرق الأوسط فعلينا أن نفسخ الشعوب المحيطة بها إلى أقليات متنافرة تلعب إسرائيل من خلالها إسرائيل دوراً طليعياً " .

طبعاً أنا ضد هدم الكنيسة ، ولكن هذا الأمر يحل في المحاكم كما قال الإخوان في بداية البيان ، إن كان هناك ترخيص تبنى الكنيسة ، وان لم يكن هناك يطلب ترخيص لبنائها ، والقضية لا تخضع للأهواء والمزاجات ، لماذا لم يعترض أي حقير على قرار منع بناء المآذن في سويسرا والكثير من علمانيي العرب وقف مع القرار بحجة التغول الإسلامي في أوروبا ؟ ولماذا لم يعترض أحد على قرار مدينة ايطالية بعدم بناء مسجد صغير فيها ؟

لكن القضية محسومة خوف ورعب وفوبيا وسعار من الإسلام والمسلمين ، ترجمته الكثير من الألفاظ التي أطلقت في المسيرة والتهديد بالقتل الذي ألقاه أحد القساوسة الأقباط هنا ماذا يقول :
http://www.youtube.com/watch?v=tW3ysYVMYsU&NR=1

تخيلوا لو أن شخص من الإخوان قال هذه التهديدات ؟ لبدأت الحمية للجيش ولبدأت دعوات الإبادة والتطهير وغيرها من الدعوات التي يطلقها الكثير من السذج .

في النهاية أنا لا أنكر وجود التمزق ، ولكن هذا التمزق مسؤوليتنا وحدنا ويجب علينا حله بطرقنا الخاصة ، يجب إعطاء كل ذي حق حقه ، لا أن نترك الأمر للأعداء والمخططات الخارجية أن تستغل هذا التمزق لتفريخ مزيد من التمزق والتفرقة لتويد مزيد منها ، فافهوا يرعاكم الله جميعاً ، مصر مقبلة على هاوية سحيقة اذا لم يبادر عقلاء الطرفين لوأد الفتنة وتفويت الفرصة على متطرفي الجانبين وتفويت الفرصة على كل من يريد بمصر سوءً .

وهل لو حصل نفس الأمر مع الإخوان أو مع المسلمين ستكون ردة فعلك هكذا ؟ أو ردة فعل الأقباط هكذا أيضاً ؟ من المعروف أن غضبة - من أغتصب حقه - ليست كغضبة غيره ، ولذلك هناك مواقف معتدلة وهناك مواقف متطرفة وهناك مواقف مائعة ، وموقف الإخوان موقف معتدل وعادل لكل الأطراف ، فالجيش لا يتحمل كامل المسؤولية كما يحاول الجميع أن يصور ، بل المتظاهرين يتحملون الكثير من المسؤولية ، أمن أجل هدم كنيسة يقتل 37 شخص ؟

لماذا هذه الغضبة - غضبة الحكيم الرائي ومن معه - لم نراها ولم نسمعها ولم نلمسها عندما قتل جنود الجيش المصري على يد الصهاينة الأنجاس ؟ وحين قلت لهم هؤلاء جنودكم وأبناء جيشكم بدأو يحرفون مسار الموضوع ويفتحون جروحاً قديمة ويقولون حماس قتلت قبل 4 سنوات جندي واحد ، وثارت ثائرتهم - الكاذبة - عندما قام الغاضبين بهدم السفارة الإسرائيلية وها هم الآن لا يعترضون على احراق مجنزرات الجيش واحراق السيارات وبعض المباني ؟

عموماً جزى الله الشدائد عني كل خير *** بها عرفت عدوي من صديقي

أتعبت نفسك في الحديث ، وفي المرة القادمة أرجو أن ترد بشكل واحد دون أن تقتبس فقرة وتترك فقرة ، لأن ذلك يرهق المحاور كثيراً ومجمل كلامي في ردك يتمحور في الآتي :

أولاً : الإخوان ليس باستطاعتهم فعل شيء ، فهم حركة معارضة ما زالت تخوض معركة حامية الوطيس مع الكثير من الخصوم والأعداء ، ولذلك استراتيجيتهم تقوم أصلاً على وأد هذه الفتنة وكذلك على ضرورة حفظ هيبة الجيش ، فضلاً عن كون استراتيجية الإخوان لا تلتفت لهذه الأحداث وتقف مع طرف دون طرف ، لقد كان أهل السنة في العراق يطالبون الإخوان بموقف حاسم وقاصم من إيران ولكن البعد الإستراتيجي للجماعة كان يرفض هذا الأمر تجنباً لإدخال مصر في رأس الحرب الأهلية مع إيران والمذهب الشيعي ، والإخوان مدرسة في هذا المجال ، أبعد ذلك يقعون في نفس الفخ ويتحيزون لطرف دوناً عن طرف ؟

وعلى إعتبار أنك من ذوات الدم الحامي " ماذا تريد أن يفعل الإخوان ؟ " .

ثانياً : أنا أتحدث معك عن استراتيجية أمنية إسرائيلية للتعامل مع دول الخارج - لك أن ترجع لجميع ما كتب عن هذا الأمر - ستجد كلامي صحيحاً ، إسرائيل لعبت على وتر الاضطهاد البعثي للكرد في العراق ، وعلى وتر ما يعانيه الجنوبيين ، وعلى وتر الحرب الأهلية اللبنانية ، وبكل تأكيد ستلعب على وتر ما يحصل في مصر ، فهذا ليس بدعاً من القول بل هو تحصيل حاصل ، وحتى تكون في الصورة لو كنت محل إسرائيل لفعلت نفس الأمر ، فمصر بثقلها السكاني وقوتها العسكرية وقدراتها الدولية تشكل خطراً كبيراً جداً على إسرائيل ، فلا داعي لنفي المخططات الخارجية لزرع الفتنة في مصر ، ورغم ذلك أنا لم أنفي الإضطهاد والتمييز ، ولم أجعل المخططات الخارجية هي السبب الوحيد ، بل قلت أن الذي يحصل إستغلال التمزق لتفريخ مزيد منه ، وقلت أيضاً باننا يجب أن نحل مشاكلنا بأنفسنا ، فلا تحور كلامي وتفهمه كما تريد ، إذا كنت أنت نفسك في موضوع آخر تقول " لو كنت محل أمريكا راح اتدخل " فهل تعتقد أن أمريكا غاب عنها هذا المقترح وهذا المشروع وتمكن أحمد ابراهيم من التفكير فيه ؟

ثالثاً : بخصوص الفرق بين أقباط مصر ومسلمي أوروبا ، فالحقوق لا تخضع للتاريخ ولا تخضع كذلك للمكان والزمان ، الحقوق مجردة وهي ثابتة لأي شخص ، وهي لك لو عشت في أوروبا ليوم واحد ، وهي للقبطي ولو عاش في مصر يوم واحد ، فأستغرب كيف تبرر منع بناء المآذن والمساجد وفي نفس الوقت تستنكر هدم الكنائس في مصر ؟ تناقض ليس لنا إلا السكوت له *** ونستعيذ بالله مولانا من النار .

رابعاً : تبريرك لتهديدات القس ، هي تنطبق على الغاضبين الذين هدمو جدار السفارة الإسرائيلية ؟ هل تنطبق على إسرائيل عندما تقتل جنود الجيش المصري ؟ هل تنطبق على الأمن المركزي عندما قتل أحد السلفيين في التعذيب على خلفية تفجير كنيسة القديسين ؟

خامساً : أستغرب أيضاً كيف نسبت استحلال دماء فرج فودة ونجيب محفوظ والسياح للإخوان ؟ لا اقول إلا آن لأبو حنيفة أن يمد قدميه .

أخيراً صدقاً يا صديقي لا يهمني رأيك ورأي غيرك في الجماعة ولا في شخصياً ، كما أنني لا أتأثر برأي الجماعة أصلاً بقدر ما أحترم مواقفها العادلة في معظم الأحداث ، كما أن المبادئ التي نعتقنها غير قابلة للمساومة ولا تخضع لردات الأفعال هنا وهناك ، قالت الجماعة وقلناها من قبل الأقباط لهم ما لنا وعليهم ما علينا ، وحقوقهم يتوجب أن يأخذوها كاملة غير مجزئة وحمايتهم واجبة على الدولة وجوب عين ، وهذا الموقف ليس خوفاً منك أو تملقاً لغيرك ، بل هو مبدأ ثابت وأصيل لا نستقيل ولا نحيد عنه .