زيوس يمزح مع هرقل
لو تم تعريف الله بأنه شخص واعي خلق الكون فلا يوجد دليل على وجوده, و لو تم تعريف الله بأنه إله احد الأديان فسنجد أدلة كثيرة على عدم وجوده من تناقض في صفاته لتعارض مع العلم لأخطاء كثيرة في الدين .. ألخ. لكن لو لم يكن الله هو إله أحد الأديان المتخلفة المعروفة و إذا إفترضنا وجوده جدلا فكيف سيكون و ما هي صفاته ؟ مبدأيا هو لن يكون إلها واحدا لأن تنوع الطبيعة و تعقدها يستدعي وجود الكثير من الآلهة في حالة أن الألوهية موجودة. و لكن إن كانت الألوهية متمثلة في إله واحد فهو لن يكون إلها إيجابيا بمعنى أنه لن يكون إلها يحاسب على الهفوات و يستجيب للدعاء بل سيكون إلها سلبيا لا يتدخل في صيرورة الكون و الحياة لا من أجل الإنسان و لا من أجل غيره. إله صنع الكون لكي يدور وفق آليات معينة و سنن لا حياد عنها أبدا, بل سيكون الله أول من يدافع عن منظومته التي صنعها بنفسه. لكن لو لم يكن الله سلبيا بل كان له وجود إيجابي و مؤثر على الكون و الإنسان طوال الوقت, كيف سيكون و ما هي صفاته ؟
الواقع أن هناك أدلة علمية و منطقية قد تنفي أي وجود خارق للطبيعة ليس مجالها هذا الموضوع. فهذا الموضوع هو عن فرض جدلي بوجود الألوهية و فرض جدلي بأن الألوهية تتمثل في إله واحد فقط, و فرض جدلي آخر بأن الله الموجود هو إله مؤثر و إيجابي و ليس إله خلق الكون ثم تركه ليعمل لوحده, و فرض جدلي رابع بان هذا الإله ليس إلها شريرا بل هو إله طيب و عظيم و محب للبشر. طبعا كل هذة الفروض الجدلية صعبة و غير مقنعة بالمرة إلا أن هناك أفكار يمكن التأكيد عليها بخصوص مقاييس الروعة و العظمة في الإله أو الكائن الحي عموما و هي كالتالي :
1- إله العلم و العلماء و ليس إله الأديان و الكهنة.
إن كان الله موجود و إيجابي و عظيم و محب للبشر فهو بالتأكيد سيكون إله العلم و ليس إله الدين, إله هو العالم الأكبر و المخترع الأكبر و ليس إله التسليم الأعمى بعقائد جامدة مغرقة في الخيال و الخرافة. إله كلما بحثت عنه و إجتهدت في بحثك عنه كلما وجدته و عرفته و كلما إستغنيت عنه كلما تركك و اهملك, فهو إله البحث العلمي الموضوعي الأمين و ليس إله الكسل و الجمود العقائدي. يعني لو كان الله حقيقيا لكان البحث عن الحقيقة يقربك من الله لأن الله حقيقة أما و البحث العلمي الموضوعي الأمين يبعد الإنسان عن الله فهذا لان الله ليس حقيقيا. و لو كان الله حقيقيا لكان سيكافئ الباحث الموضوعي على بحثه و العالم الأمين على علمه الصادق بدلا من أن يؤبد العقائد الجامدة الغير حقيقية على الناس و يمنعهم من البحث و المعرفة, فإله يمنع الناس من البحث عن الحقيقة لهو إله مزيف و فاسد. و الحقيقة هي أن الإله المزيف الفاسد هو مجرد أداة او عروسة خشب في يد المنتفعين من وراء الإله من رجال السلطة و الدين, يعني هو ليس شيئا حقيقيا ينتفع من البحث عن الحقيقة.
أما جنة الإله الحقيقية فهي الجنة التي تحوي كل العلماء و المخترعين و حتى كل باحث عن الحقيقة من أول أرشميدس و سقراط و مرورا بداروين و نيوتن و أينشتاين و ليس إنتهاءا بهوكينج و داوكنز. إنها جنة الفكر و الذكاء و العلم لإله الفكر و الذكاء و العلم لا يدخلها إلا كل ذكي مجتهد أمين في إجتهاده و بحثه و حبه للحقيقة. ولا يدخلها كل من يدعي الإيمان بإله العلم دون أن يعمل ما يثبت ذلك, فالله الفاضل هو إله العلم و العمل و كل من يعمل بحثا عن الحقيقة يكافؤه الله حتى لو لم يصرح جهارا بالإيمان بهذا الإله لان الله يهمه العلم و العمل و لا يهمه النفاق و الإدعاء.
2- إله القيم و الأخلاق و ليس إله الإيمان و الطقوس.
في عالم مجنون شرير يكون أسامة بن لادن في الجنة و المهاتما غاندي في النار, حيث أن الإله المجنون الشرير الذي صنع العالم المجنون الشرير سيكافئ الشخص القاتل القتال بالجنة و يعاقب الشخص الفاضل المسالم بالجحيم. و لان الله يشبه رجاله و قديسيه و أنبياؤه و رسله و لأن العالم الذي صنعه الله يجب أن يعبر عن الله نفسه, فعالمنا عالم مجنون خلقه إله مجنون يكافئ الشر لو إقترن بإعلان الإيمان به و يعاقب الخير لو إقترن بالكفر به. الله الديني لا يهمه الأخلاق و القيم الإنسانية العظيمة مثل الخير و العدل و الجمال و السلام بل يهمه فقط أن يصدق الإنسان وجوده و يقوم ببعض الطقوس البدائية.
أما الله العظيم حقا و الطيب حقا فسيكافئ كل عمل صالح و طيب حتى لو كان صاحبه منكر لوجود الله فالله الخير العظيم لا يهمه الشخص أو علاقته به بل يهمه الأخلاق و الضمير فقط. الله العظيم الأخلاقي ينتمي إلي الأخلاق الطيبة كما تنتمي إليه الأخلاق الطيبة يعني هو لا يعترف بالمحسوبية و لا النفاق و لا شفاعة الناس المقربين له لان ما يهمه هو تربية ناس صالحين طيبين لا يقترفون الشر أو الأذية أو يضمرون الحقد بل يكونون صالحين و طيبين لأن أباهم السماوي هو أيضا طيب و صالح.
3- إله الحياة و ليس إله الموت.
إله الحياة يشجع و يدعم الحياة و حب الحياة و قيم الحياة, إله لا يقول لك إنتحر و ستجد سبعين حورية في إنتظارك أو لو نلت الشهادة ستجد الملائكة و القديسين في إنتظاراك. إن آلهة الأديان تدعم الموت و قبول الموت بحجة وجود حياة مزعومة بعد الموت و هي بذلك الإختراع الوهمي تدعم الموت و قيم الموت. آلهة الأديان تقتل بهجة الحياة بطقوسها الوثنية و نهيها عن الجنس الحر أو الإستمتاع المعتدل بالحياة. الإستمتاع المعتدل بالحياة يعني العيش بسعادة و الإستمتاع بالملذات الجسدية بإشراف العقل فقط و ليس بضوابط الدين القاتلة للبهجة و الداعمة للموت.
أما إله الحياة فيشجع على الجنس و الحب و الرومانسية و الإستمتاع البهيج بكل لحظة بدون الإخلال بمصالح الناس و حرياتهم, إله الحياة هو ضد إله الموت الذي يشجع على الحرمان و الزهد و الكآبة و تأنيب الضمير المزمن على كل أمر تافه و صغير. لهذا كان القدماء يتعبدون لآلهة الحب و الجنس و الخمر و الفرفشة و النعنشة بقدر ما كانوا يتعبدون لآلهة أعمالهم مثل آلهة الزراعة و الصيد و الحرب و .. ألخ. لقد كانت آلهة القدماء محبة للحياة لذلك عبدوها و عاشوا سعداء أما التعاسة و الغم فهي من الصفات اللصيقة بآلهة الأديان الحديثة.
4- إله ديموقراطي ليبرالي تقدمي و ليس إلها ديكتاتورا شموليا رجعيا.
سيكون من الرائع من إله موجود و مؤثر و طيب أن يكون ديموقراطيا يقبل النقد برحابة صدر لأنه كبير و أكبر من أي نقد, سيكون جميلا لو كان يؤمن بحرية الرأي و التعبير فيشجعه حتى لو تضمن تطاولا عليه هو شخصيا. الله الديموقراطي العظيم لا يضطهد مخالفيه او منكريه فيحاصرهم في الحياة و يضيق عليهم أرزاقهم أو يرميهم في جهنم بعد الموت, الله الديموقراطي يقبل الخلاف و النقد و الإنكار و حتى الشتم و الغضب بكل رحابة صدر بل و بإبتسامة عريضة أيضا. و من الجميل أيضا لو كان الله الموجود ليبراليا لا يحدد لك كل صغيرة و كبيرة في حياتك بل يترك لك الحرية و المساحة الكبيرة لكي تتخذ قراراتك بنفسك دون الرجوع إليه في كل صغيرة و كبيرة, فالله الليبرالي العظيم يؤمن بالحرية للإنسان حتى النخاع لأنه لم يهبك الحرية في بداية الطريق لكي يأخذها منك عند أول ناصية.
أما الله الخاص بالأديان فهو إله ديكتاتور شمولي إلي أبعد الحدود يعطيك الحرية لكي تختار كل ما يجبرك عليه و إن رفضته أو انكرته أو خالفته كان مصيرك معتقلاته الإلهية و الخلود في الجحيم إلي أبد الآبدين. آلهة الأديان المعاصرة تمقت حرية الإنسان و تعتبرها سببا لتعذيبه و التنكيل به فالله الديني يجبر الإنسان على الأمور الكبيرة في حياته و كذلك التوافه و الصغائر بنفس الحد فلا مفر من الطاعة و إلا كان الحظ السيء في الدنيا و التعذيب و التنكيل في الآخرة.
كذلك فإن آلهة الأديان تؤبد لنا عادات و تقاليد رجعية و متخلفة إلي أبعد الحدود, فهي تؤكد أن الرجل قوام على المراة او أن الرجل رأس المرأة و تدافع عن تشريعات همجية و متخلفة مثل قطع اليد أو الجلد أو الرجم بالإضافة لقبول العبودية للإنسان و التشريع لتنظيمها و كذلك مناهضة الإجهاض و الموت الرحيم و غيره. هي بذلك آلهة رجعية متخلفة لا تقبل الحداثة و لا التقدم لانها تدعي انها قمة الحداثة و التقدم.
أما الله الحداثي التقدمي فهو إله Large و Modern و Sport لا يواكب التقدم و الحداثة بل يقودهما. حتى لو كان الله هو قمة الروعة و كل آراؤه و تعاليمه هي قمة الصلاح فظروف و قدرات و وعي الإنسان تنمو و تتقدم و تتحدث بإستمرار لذلك فأن يقود الله التقدم و التحديث البشري لهو أمر يختلف عن ان يكون الله نفسه يتعرض للنمو و التحديث و التقدم و هو الكامل المعصوم من أي خطأ. لذلك فالله التقدمي هو من يجب أن يقود و يدعو للمساواة بين الرجال و النساء و هو من يجب أن يقود و يدعو لإقرار حقوق الإنسان و هو من يجب أن يقود و يدعو لكل تطور و نمو و تقدم في صالح البشر.
5- إله يفوق البشر و لكنه يدرك و يشعر و يتعاطف مع الضعف البشري.
صحيح أن الإله يجب أن يفوق البشر و أن يكون خارقا بالنسبة إليهم بل و قادر على كل شيء كما تصوره الأديان إلا ان الله الديني لا يدرك أو يهتم بضعفات البشر من منطلق أنه منزه و قوي و ليس له ضعفات. فهو يقسو على الناس بالكثير من الاوامر و النواهي و يعاقب أي خطأ أو سهو لو لم يتوب عنه الإنسان. هذا راجع إلي أن الله لم يذق طعم الخطيئة أو نكهة العجز و الحرمان, حتى في المسيحية حين تجسد الله لم يخطئ, لم يحب إمرأة معينة مثلا, لم يقبل فتاة أحلامه في سن المراهقة, لم يتزوج أو ينجب, لم يعجز أو يخطئ. حرمت المسيحية الله حين تجسد من أن يحيا حياة طبيعية أو يتذوق مشاعر سيظل محروما منها بقية عمره الممتد إلي ما لا نهاية .
لذا كان سهلا عليه أن يحرم الطلاق و يحرم الحب بدون زواج .. لأنه يفوق البشر و لا يعرف المشاعر الإنسانية, و لو جئت بشخصا أخضر من كوكب المريخ لا يطيق البطاطس المحمرة بحكم تكوينه يسهل عليه أن يحرم أكل البطاطس المحمرة مثلما حرم إله المسلمين و اليهود أكل الخنزير و شرب الخمر. ثم إن الله لا يعذر المخطئ حين يحاسبه على قلة إيمانه أو أخطاؤه .. لان الله لم يخطئ أبدا فهو لا يتعاطف مع المخطئ, يضع الآلية للغفران لمن يعترف له بخطؤه و يندم عليه و لكن في النهاية هناك جهنم لمن لم يفعل. يسهل عليه أن يأمر الناس بألا يخطأوا لأنه لا يبذل مجهودا لكي لا يخطئ و لكن كائن مثله لو كان قد كافح و تعب و ناضل من أجل أن يكون إلها لعرف الضعف البشري و الأخطاء الإنسانية.
أما الله المتعاطف الحبوب فهو يعذر الإنسان على اخطاؤه و يساعده لتحسين سلوكه بدون أن ينتظر منه توبات دائمة على أمر تافه أو كبير, الله الكبير الرائع يعذر دائما و لا يمكن للإنسان أن يخرج من رحمته و سعة صدره أبدا لأنه يدرك جيدا معنى أن تكون إنسانا ضعيفا و يشعر بمعاناة الإنسان و ضيقاته.
6- إله ظاهر و حاضر في حياتك فلا يتركك لتضرب أخماسا في أسداس.
أين الله ؟ لماذا لا نرى الله حاضرا بيننا ؟ لماذا لا يتعامل الله مع كل واحد منا شخصيا و يهتم بكل واحد بشكل شخصي مادام قادرا على كل شيء ؟ لماذا لا نلمس الله أو نسمعه بدون أن نكون من المرضى العقليين الذي يتوهمون سماع أصوات أو لمس أشياء ؟ لماذا لا يكون الله مرئيا فعلا و حاضرا فعلا و مسموع فعلا و ملموس فعلا ؟ هل هو خجول أم لا يهتم ؟ أم تراه غير موجود أساسا ؟
أما الله لو كان موجود حقا و مؤثر في حياتنا و طيب و عظيم فهو سيكون مرئيا لكل الناس بحيث لا يكون هناك سبيل لإنكاره أو تجاهله, مثل الشمس في وضح النهار و البدر في سواد الليل, مسموع بشكل شخصي لكل من يسأله أو يكلمه و ملموس لكل من يسعى إليه, الله العظيم لن يهرب من الناس أو يتجاهلهم او يتهرب منهم أو ينشغل عنهم أو يختفي فلا يراه إلا الخاصة و خاصة الخاصة.
7- إله يرعاك لتكبر و تكون ند له و إله مثله و لا يحصرك في الصغر و الدونية.
الإنسان يكبر و الإنسانية أيضا تنمو و تنضج بمرور الوقت و الله كما في الأديان التوحيدية لا يحب هذا بل يريد من الإنسان أن يظل صغيرا لكي يكون الله أكبر و أن يظل عاجزا لكي يكون الله أقدر و أن يكون ضعيفا لكي يكون الله أقوى. لذلك يدعو الإنسان لكي يكون خاضعا و ذليلا أمام الله دائما فلا يحترم وعي الإنسان و لا نضجه و لا قدراته لأنه في النهاية أحد عبيد الله. الله الديني يريد من الإنسان أن يظل عبدا فلا يكون ندا له أبدا.
أما الله العظيم فهو يتعامل مع الإنسان مثل الإبن فيحترمه حين يكبر و ينضج و يعامله كند له غير خاضع لسلطانه, بل إن الله يدفع الإنسان لكي يكبر و ينمو و ينضج لكي يطالب بالمساواة و الندية مع الله فيفرح به لأنه صنيعة يداه و قد كبرت و أصبحت ندا له. الله العظيم لا يقبل من الإنسان أن يظل صغيرا لأنه يحبه فيساعده على النمو و الكبر و القوة حتى لو كان ذلك يعني أن الله لن يظل أكبر و أقدر و أقوى بعد الآن.
أما الله الديني فمن فرط حبه لنفسه و أنانيته يحتفظ بالألوهية لنفسه و لا يشرك فيها الإنسان, بل و يظل يفخر بها و يعاير الإنسان بضعفه و يطالبه بأن يهتف له و ينافقه بشكل دائما بسبب تلك الألوهية اللعينة. يعني يحرم الإنسان من الألوهية و يحاصر نموه و قدراته و يفرض عليه الخضوع و المذلة و يرفض إستقلاله. أما الله العظيم لو كان موجودا فليس أقل من أن يدعو البشرية كلها لتكون معه في الملكوت كأنداد له او لتكون معه على جبل الأولمب أيا كان الإله الحقيقي أو الآلهة الحقيقية فإن الآلهة العظيمة هي التي ستدعم ألوهية الإنسان ليكون الإنسان شريكا لله في حكم الكون و الوجود, بدلا من حرمانه من الألوهية و معايرته لذلك.
كذلك فإن الله لو كان موجودا لما رفض أن يستقل الإنسان عنه أما الله الديني فالإستقلال عنه يعني أن يحاربه الله شخصيا, يعني الشقاء و العذاب و الضياع. الله الديني يريد من الأنسان أن يتماهى معه و يذوب فيه فلا يكون له شخصية أو وعي أو وجود مستقل. يريد أن يدور الإنسان في فلكه معبرا عن عظمته. أما الله العظيم لو كان موجودا فهو سيفرح ليس بنمو الإنسان و نديته له فقط بل و بإستقلاله عنه. ليس أقل من أن يفرد الله للإنسان مساحة في الكون خاصة به يعيش فيها بالطريقة التي يرتضيها لنفسه بدون تدخل من الله أو إشرافه بل يكون الإنسان ندا له و مساويا له و مستقلا عنه في نفس الوقت. و بالطبع سيفرح الله فرحا عظيما بخليقته الذكية الواعية التي إستطاعت أن تكبر و تستقل عن أصلها و سيدعم إستقلالها و كينونتها الجديدة.
الخلاصة :
الله كما في الأديان هو قزم ضئيل قبيح بالنسبة لله العظيم كما ينبغي أن يكون, فالله لو كان موجودا و إيجابيا و رائعا لكان إله عالم و أخلاقي و محب للحياة, إله ديموقراطي يقبل النقد و الإختلاف, إله يتعاطف مع البشر و مع ضعفاتهم, إله ظاهر أمام أعيننا و حاضر في حياة كل منا, إله يدفعنا للأمام و يساعدنا لنكبر و نكون آلهة و حتى لنستقل عنه.
لكن الإله بكل تلك المواصفات الرائعة لا دليل على وجوده, لا دليل منطقي أو علمي أو غيره و بالتالي فإن المسألة ليست بالتمنيات بل بالواقع. و حتى لو كان هناك إله موجود به كل تلك المواصفات فهذا يجعله صديق مميز و رائع و لكن ليس سيدا و نحن عبيد لأن العبودية إهانة لا تجوز حتى لإله له كل الأفضال علينا. و مادام لدى كل إنسان إرادة حرة فلا يجوز ان يتنازل عنها ليصير عبدا لأيا كان.
و لكن الله المطروح دينيا ليس هو الله العظيم على أي حال بل هو إله يكره العلم و العلماء و يرفض الأخلاق الجيدة كما يدعو للموت و الإماتة. اله ديكتاتور شمولي, طاغية يحتقر البشر و ضعفاتهم, و هو خفي فلا أحد يراه مع كل ذلك و لكنه من مكمن إختفاؤه يريد أن يظل الإنسان عبدا و ذليلا إلي الأبد. إله مثل هذا لا يستحق لا إيمان و لا عبودية و لا حتى صداقة بل يستحق الإحتقار و العداوة و المحاربة سواء موجودا او معدوما.