Ali Mahmoudاكاد الجبل
أمس في الساعة 05:50 مساءً ·

انا وزوجتي العلوية
زوجتي سيدة علوية بسيطة في عقدها السادس وقنواتها المفضلة : الببي سي والجزيرة وفرانس 24, الحوار والعربية وهي ليست من جماعة قدري جميل لاسمح الله وتحترم افرادا في المعارضة ( برهان غليون , هيثم مناع , د. عبد العزيز الخير . وآخرين ) لكنها لا تحترمها كمؤسسات .
طوال اشهر الثورة كان منظرنقاشاتنا (كاثنين قارب العمر على الهرب منهما) مثيرا على طريقة الميلودراما الهندية . فهي مثلا تتألم لكل قتيل يذاع خبره من مآذن الجوامع اكان عسكريا نظاميا ام جنديا منشقا , ولا تكف عن الدعاء الى الله ان يحكم الناس عقولهم . وبالخلاصة انت تحتاج ذاك "السيف المبصر" لمتصوفنا العظيم المنصور بن حسين الحلاج لتكتشف من حديثها : الحقيقة.. الى جانب من ؟ .
اخيرا لم استطع التحمل وطلبت منها تحديد مكانها مما يحدث وبعدها نقرر الاستمرار مع بعض ام لا ( ماشالله وبكل بساطة !!! مع انو ولا واحد فينا بيقدر يعيش لوحده لأنو بدو مين يشيلو ).
اخرستني باجابتها: ارجوك لاتكن طائفيا كإخوتي وبعدها كن اينما شئت.
اخوتها السبعة جميعا منحبكجية وهم يتفاوتون في منحبكجيتهم فمنهم من يقول بضرورة الحل الامني ويقسم بأنه رأى السلفيين بذقونهم الحمراء الطويلة ودشداشاتهم القصيرة ( يمكن من خوفه شايفن بمنامه ) ومنهم البراغماتي اللي بيتفرج سرا على الجزيرة بحثا عن الحقيقة التي لا تقولها الدنيا .
قبل فترة زارنا اللي بيتفرج عالجزيرة "خطفا", كان متألما وخائفا بصدق حين سمعته يقول لها :
يا اختي عم يقتلواعالهوية (طبعا قصدو عم يقتلوا العلوية) .
بدأت اعصابي بالغلي من هذا النمط من الحوار الذي يفضله المنحبكجية من اصدقائنا العلويين عادة , لكني تنفيذا لوعدي لها سابقا آثرت الجلوس صامتا فهي تقول لي دائما انت لست مضطرا لتحملهم فحوارهم لا يطاق .
اقول لكم بصدق لقد ذهلت وانا اسمعها تتكلم , ايتها السيدة الحكيمة من اين تأتين بكل هذا الكلام؟
اقسم لكم كانت كلماتها تنهمر عليه كالمطر دروسا في الاخلاق والسياسة والمواطنة وهو ساكت كالمسطول وكانت آخر كلماتها : هلق تفقتوا عللي ممكن يصير وروح قلبكن تحكوا فلان انقتل وفلان شافوه مقطع واللي عم يموتوا من القصف بالعشرات هون وهون مانكن شايفينن ؟ شكلكن مارح تحكوا بالاسباب اللي وصلتنا لهون!!, ناس عم تنزل عالشوارع بدها شي .. بس لو اسمعتوها من الاول .. بس شوبفيد الحكي قلبي على هالجيش اللي اتبهدل , لك حدا ببهدل جيشو ؟ .كانت جملها الاخيرة مؤثرة جدا عليه . لكني شعرت بالاحباط الشديد عندما سألها وهويتأهب للذهاب مستعيدا جلده : هلق شو (بدّون)؟ .
ياابن الحرام كل هالحكي فات من هون وطلع من هنيك؟ مافي فايدة قلت لحالي .
لكنها اجابته بثبات : شو بدون ؟ موعيب عليك تقول شوبدون ؟ ( بدنا ) دولة مواطنين مو جماهير بالروح بالدم , مواطنين بينتخبوا بيعملوا احزاب وجمعيات , بيختلفوا بيتصارعوا تحت ضو الشمس ما بيمعّوا , والأهم من هيك بدنا دولة بيكون النظام جزء منها مو نظام بالع الدولة . نظر اليها بصمت ووقفت لأودعه شامتا ولسان حالي يقول له : بتستاهل هالغسلة .
ياالهي كم نضج السوريون البسطاء . ولا اخفيكم شعرت بالفخر مع انني لازلت محتجا على امساكها العصا من المنتصف .
هي الان محبطة ويائسة وتردد باستمرار جملة واحدة : وقع الفاس بالراس, وقع الفاس بالراس الله يستر هالبلد .
شيء واحد وعدتها به : ان لا اكون طائفيا ..أن اكون سوريا ... فقط سوريا .. ولدي ايمان غريب بأن القادم سيكون سوريا بامتياز, قد يكون موجعا لكنه سيكون نهائيا , وسيولد عقد اجتماعي جديد لا مكان فيه لهذه الزبالة اليومية من الخطابات التي يتحفنا بها المرضى من اصحاب الرسالات الخالدة الذين كانت انظمة الاستبداد " العلمانية" هي المعادل الموضوعي لاعاقتهم ولادة اغلبية سياسية بسبب فوبيا الاسلام لديهم خلال ستة عقود . عقد اجتماعي ينتجه السوريون على قاعدة المواطنة كأساس لانتاج اغلبية/ اقلية سياسية , واحلم ان ارى انبياء ونمورالاستقلال الثاني يقلعون به .. قد لا يسمح لي ما تبقى من العمر بأن اشهده , لكنه قادم .. قادم , سيولد من رحم الاشواك التي زرعها طغاة بلادي ورودا ... انتظروا .
انا آسف يازوجتي ــ رغم توجّسك كعلوية ــ لأن عنفهم البهيمي دفعني لأن اخطىء معك . وكل عام وانت بخير , كل عام وانتن بخير يا امهات الشهداء والمعتقلين والمختفين والمهجرين والذين لم يستشهدوا ويعتقلوا ويهجروا بعد .
هذا بيت سوري ... والرحمة .. كل الرحمة لمن اسسه من بناة الاستقلال الذي يجب ان نتذكره كثيرا الان .

موضوع يحتاج لصياغة أدبية وكأن أحد ما كتبه عالسريع
لكنه يذكرني بواحد يخاطب نفسه في هذا النادي من خلال صديقته !!!!