شقيقان سوريان-أمريكيان يعودان إلى أمريكا بعد المشاركة في القتال في سوريا
مارين أوليفيسي
الإذاعة الدولية الامريكية العامة - بالتعاون مع بي بي سي
آخر تحديث: الخميس، 29 مارس/ آذار، 2012، 12:36 GMT
سوريا
تشييع قتلى سقطوا في دوما
وصل عبد الله وهو شاب في العشرين من عمره إلى منزلٍ خارج مدينة فيلادلفيا بأمريكا الأسبوع الماضي، وطرق الباب ليجد المنزل مكتظا بأقاربه وأفراد عائلته الذين كانوا في انتظاره.
وعند دخوله المنزل الذي احتشدت فيه العائلة، ارتمى عبد الله بين ذراعي والدته التي كانت تبكي فرحا لرؤيته مجددا، وقال لها عبد الله "هذا يكفي يا أمي، توقفي عن البكاء فأنا هنا الآن."
اختفاء الشقيقين
ومنذ منتصف فبراير/شباط، لم تكن الأم ولا بقية أفراد العائلة يعلمون شيئا عن عبد الله.
وكان عبد الله قد أبلغ والديه أنه ذاهب إلى تركيا ليقابل شقيقه محمد الذي سبقه إلى هناك لمساعدة اللاجئين السوريين الذين فروا من القتال في شمال سوريا وعبروا الحدود إلى تركيا.
وبعد ذلك بفترة قصيرة، اختفى الشقيقان عبد الله ومحمد.
ويقول عبد الله إنه تسلل هو وأخيه إلى سوريا وانضما إلى المقاتلين في الجيش السوري الحر.
وقال عبد الله في مقابلة في تركيا وهو يستعد للسفر إلى أمريكا "لقد اتخذت قرارا بالمشاركة في القتال هناك."
وكان الشقيقان قد ولدا في الولايات المتحدة الأمريكية، لكنهما انتقلا إلى سوريا وهما طفلان، ثم عادا إلى الولايات المتحدة عام 2009 للالتحاق بالجامعة في ولاية نيوجيرسي.
وعندما بدأت الانتفاضة في سوريا منذ عام، استحوذت أخبار القتال هناك على عبد الله، وقال "كنت طوال هذا العام مقيما على الفيسبوك ولم أخرج منه، كنت أشعر وكأني معهم ولكني في بلد أخر."
وفي أوائل شهر فبراير/شباط الماضي، ترك عبد الله الجامعة وسدد ديونه، وسافر إلى تركيا وكله إصرار على الانضمام إلى القتال في سوريا.
وكان من المفترض أن ينضم إليه بعض الأصدقاء السوريين الأمريكيين، ولكنهم تراجعوا في اللحظة الأخيرة.
ووصل عبد الله إلى اسطنبول، ثم استقل حافلة إلى الحدود السورية في رحلة استغرقت 18 ساعة، وأمضى الشقيقان خمسة أيام بحثا عن أي سلاح يحملونه، ولكن دون جدوى.
ونجح الشقيقان يوم 18 فبراير/شباط في التسلل إلى سوريا عبر الحدود وانضما إلى مجموعة صغيرة من المقاتلين ضد نظام الأسد.
وبعد عدة أيام من التدريب في إحدى المناطق الجبلية داخل سوريا، تمكن الشقيقان بالإضافة إلى مجموعة من المقاتلين تضم 35 فردا من الوصول إلى مدينة ادلب، معقل المعارضة في شمال غرب سوريا، وهي أيضا مسقط رأسيهما ومقر اقامة والدهما.
الإختباء عن الوالد
وبعد أن وصل الشقيقان إلى ادلب، لم يكن عبد الله قد رأى والده منذ عامين، ولكنه كان يحرص في نفس الوقت ألا يعلم والده بعودته.
وقال عبد الله "كنا في نفس المظاهرة، ولكنني كنت أختبئ وراء الناس حتى لا يراني."
وكان عبد الله يخشى أن يكتشف والده عودته إلى سوريا فيأمره بالخروج من البلاد.
وأضاف عبد الله: "كان أبي سيطردني بالفعل."
وفي اليوم التالي التقى الشقيقان بوالدهما بعد أن اندلع قتال عنيف في المدينة.
وقال الوالد في مقابلة معه في تركيا "لقد بدأت الدبابات في القصف في تمام الساعة الخامسة صباحا، وكانت أصوات القذائف وطلقات الرصاص تسقط كما يسقط المطر."
واقتحم الجيش السوري ادلب يوم 10 مارس/آذار، وكان والد الشابين يتحصن داخل شقته، وتلقى اتصالا هاتفيا من أخته المقيمة في ادلب أيضا، والتي قالت له في رسالة مقتضبة ومرتبكة "تعال لتأخذ أولادك."
ورد مايكل متعجبا "الأولاد! الحمد لله الأولاد ليسوا هنا، هم خارج البلاد الآن."
فقالت أخته "لا، أولادك هنا الآن تحاصرهم الدبابات في منزل عمهما، ولا يعرفان ماذا ينبغي أن يفعلا."
وقام الوالد على الفور بقيادة سيارته أثناء القصف للوصول إلى أبنائه، ولكنه لم يرحب بهما ترحيبا حارا.
وأضاف "بالطبع لم أقل لهما مرحبا، ولكني سببتهما بكلمات قوية جدا، وأنا آسف أن أقول هذا، لكنني كنت غاضبا جدا، فكنت قبل ذلك أشعر بالقلق على نفسي فقط، ولكن بعد وصولهما أصبحت أشعر بالقلق جدا على ثلاثة أشخاص."
ويقول عبد الله إنه شارك وشقيقه مع وحدة من المسلحين في القتال ضد قوات الأسد في ذلك اليوم، وتراجعوا بعد أن أصيب قائد المجموعة وبعد أن تأكدوا أن بنادق الكلاشنكوف التي يحملونها لن تفعل شيئا في مواجهة الدبابات والقذائف التابعة للجيش السوري، فعاد الشقيقان إلى منزل عمهما مرة أخرى.
وبمساعدة عدد من الأصدقاء، تمكن والدهما من ترتيب خروجه وأبنائه من ادلب، حيث تسللوا في نفس الليلة إلى المنطقة الحدودية ثم عبر الثلاثة إلى تركيا في اليوم التالي.
لا وعود
وقال الوالد "كان من الغباء أن يحضروا في مثل هذا الوقت، فالناس كانوا يدفعون الأموال للخروج من البلاد، ولكنهما جاءا إلى مصيدة الموت."
ولكن عبد الله دافع عن وجهة نظره قائلا "ماذا يمكنك أن تفعل وأنت ترى الجثث وترى أصدقائك يقتلون، لن نحاف من أي شيء."
ويقول أيضا إن الحملة الأمنية التي تقوم بها الحكومة قد تزيد عزمه صلابة.
وكانت أخر كلمات الوالد لعبد الله وهو يودعه في تركيا "لا تفعل هذا مجددا."
وظل محمد ووالده في تركيا، لكن عبد الله قال إنه لا يستطيع أن يعد والده بشيء.
http://www.bbc.co.uk/arabic/middleeast/2...ml?print=1