إذا كنت قومياً عربياً...
بقلم: د. إبراهيم علّوش
لفت بعض الأصدقاء النظر لمقالة لعبد الحليم قنديل عنوانها "إذا كنت قومياً عربياً"، نشرت في القدس العربي في 1 نيسان 2012، يهاجم فيها القوميين العرب الذي يقفون مع النظام السوري ويخرجهم من عباءة القومية باعتبارهم إما مرتزقة أو مضللين أو ... أو...
وكنت قد رأيت مقالة قنديل عند نشرها ولم اتجاوز السطور الأولى منها من شدة سخافتها وخوائها.
ولذلك تفاجأت عندما سمعت من يقول من الأصدقاء القوميين البارحة أن فيها ما قد يؤثر... ويضِل. فأعدت قراءتها بإمعان، ووجدت أن استنتاجي - أو انطباعي - الأول عنها هو الأصح... فكل ما يقوم به قنديل هو محاولة تحويل نقاط ضعفه، كمخلب لقناة الجزيرة، إلى قوة، من خلال ألاعيب إنشائية ولفظية تخلو من أي مضمون معرفي وتلتف حول الأسئلة السياسية الصعبة التي تواجه من يزعم القومية العربية وهو يتذيل لأعداء الأمة وبرنامجهم السياسي.
وفحوى كلامه أن القومي العربي الحقيقي يصطف مع الشعب السوري لا مع النظام، وأن النظام السوري نظام طائفي، وأنه غير مقاوم ولا يدعم المقاومة سوى بالكلام والشعارات!!!!!
والحقيقة أن الجزء المتعلق بالاصطفاف مع الشعب السوري قد يكون صحيحاً لو افترضنا أن هناك ثورة شعب سوري فعلاً، ولو كانت ضد القومية العربية نفسها، لا ضد النظام السوري فحسب.
لكن ثورة يتبناها مجلس التعاون الخليجي وحلف الناتو إعلاميا وماليا وإستخباريا وعسكريا وسياسياً لا يمكن أن تكون ثورة شعب، بل هي ثورة مضادة بالضرورة.
والسؤال الحقيقي هنا: كيف يجرؤ قومي عربي أن يصطف، ولو بالتلميح، مع أعداء الأمة، ومع أعداء المشروع القومي العربي منذ أيام محمد علي باشا؟ ومع من يحاول تصفية الحساب التاريخي معه اليوم لو تتبعنا مسار حراك ما يسمى "الربيع العربي"؟
وكيف يجرؤ قومي عربي أن يسمي نفسه قومياً، أو وحدوياً، وهو يصطف مع قوى طائفية قروسطية، ومع مشروع تفكيك طائفي في سوريا، سوف تمتد شرايينه الدموية من الخليج العربي إلى لبنان مروراً بالعراق، بذريعة الوقوف ضد نظام طائفي؟!
أما قصة دعم المقاومة، فاسألوا أهل المقاومة عنها، واسألوا الصهاينة وحكومة الولايات المتحدة. وإليكم ما قاله أليوت إبرامز، أحد أعمدة اللوبي الصهيوني في الولايات المتحدة، في ورقة له عن إستراتيجية إسقاط النظام السوري في "مجلس العلاقات الخارجية":
إن إنهاء نظام الأسد سيكون مكسباً كبيراً للولايات المتحدة. فذلك النظام ديكتاتورية دموية تحتضن حماس والمجموعات الفلسطينية الإرهابية الأخرى، وهو حليف إيران العربي الوحيد، والطريق الذي تتبعه إيران لتسليح حزب الله، وهو خطر دائم على سيادة لبنان وسلامه الداخلي. وهو، فضلاً عن ذلك، متورط في مقتل العديد من الجنود الأمريكيين وجرح عدد أكبر بكثير بفضل بذله أقصى جهده لمساعدة الجهاديين الساعين لمقاتلة الأمريكيين في العراق.
وتجدون النص الكامل لتلك الورقة على هذا الرابط:
http://freearabvoice.org/?p=1501
باختصار، إن الوقوف مع النظام السوري الآن في وجه الهجمة الدولية الإقليمية التي يتعرض لها، ومع بشار الأسد شخصياً، هو الموقف القومي العربي الحقيقي، لأنها هجمة على الأمة تستهدف إعادة المشروع القومي العربي عقوداً إلى الوراء، ولأنها تستهدف النظام السوري على فيه من حسنات، لا على ما فيه من سيئات، من وجهة نظرنا كقوميين...
وبعد الهجمة لنا أن نختلف مع بشار الأسد والنظام السوري حول أي قضية، داخلية أو خارجية، دوماً كقوميين (لا كأذناب للتحالف الناتوي-الخليجي-العثماني)، من إيران إلى ما يسمى "قرارات الشرعية الدولية" إلى برنامج الليبرالية الاقتصادية في الداخل.
أما الآن وهنا، فعليك أن تدعم كل نقطة مواجهة ضد أعداء الأمة بكل ما تملك... إذا كنت قومياً عربياً.