"فورين بوليسي" ترصد "المعركة الإعلامية" بين السعودية وقطر وإيران وروسيا في تغطية الثورة السورية: كلهم يخفون الحقائق
التحليل: كل طرف يخفي الحقائق ليدعم "روايته المفضلة"..وتاريخ المنطقة أهم بكثير من تركه في يد وسائل الإعلام
العربية قدمت الشيخ العرعور باعتباره "رمز الثورة السورية" رغم تصريحاته بـ"فرم العلويين وإطعامهم للكلاب"
الجزيرة قاطعت مناف طلاس بعد انحيازه للإعلام السعودي.. والعربية أشادت به وتجاهلت أن ابن عمه نائب وزير دفاع الأسد
الإعلام الإيراني يروج لوجود "تمويل قطري" للمعارضة.. والثوار في روسيا اليوم إما "إرهابيين" أو "متشددين"
النسخة الإنجليزية من الجزيرة والعربية تتحدثان عن "القاعدة في سوريا".. والنسخة العربية تتجاهل
الجارديان وقعت في خدعة رجل أمريكي يقيم في اسكوتلندا ادعى أنه فتاة مثلية من دمشق
وأضافت أن الصحف حول العالم ركزت أيضاً على وجود مجموعات إرهابية بما في ذلك مجموعات من القاعدة بين المقاتلين ضد النظام ولكنه من المستحيل أن تطرق هذه القنوات العربية إلى ذلك مطلقاً".
قالت فورين بوليسي في تحليل لها، حول أداء قناتي الجزيرة والعربية أنه "بينما تحتدم المعركة بين الموالين للنظام السوري والمعارضة، فهناك معركة أخرى تحدث في العالم الإعلامي، بين قناتي الجزيرة والعربية ،المتمركزتين في الخليج؛ حيث تحاول كلا منهما السيطرة على صناعة الإعلام العربي ، انتقلت كلا منهما لمواجهة الدعاية التي تخص النظام السوري، فانتهى بهم المطاف لتشويه الأنباء كما يفعل معارضيهم. في محاولة منهم لمناصرة قضية المعارضة السورية"، وأضافت الصحيفة أن تلك القنوات العملاقة قد خفضت من مستوى معاييرها الصحافية، واعتمدت في تقاريرها على الاتصالات غير الموثقة والفيديوهات غير المؤكد من صحتها.
وأضافت المجلة أن قناتي الجزيرة والعربية تم إنشائهم على يد أعضاء قطريين وسعوديين من العائلات الملكية بالتتابع، وأن متابعتهم لما يحدث في سوريا إنما يعكس بكل أمانة الموقف السياسي لداعميهم. وقال كاتب التحليل، سلطان القاسمي، إن هناك الكثير من الأموال التي دفعت لإنشاء هذه القنوات، فقد أنشأت الجزيرة بمبلغ 150 مليون دولار مدفوعة من الأمير القطري عام 1996، بالإضافة إلى النفقات السنوية على الشبكة والقنوات المتعددة والتي وصلت إلى 650مليون دولار في نهاية عام 2010، وهذا وفقاً لما ذكرته شركة الأبحاث "إبسوس". ويأتي إنشاء قناة العربية مشابها لنفس الأسباب التي أدت لإنشاء الجزيرة ، حيث تم إطلاق قناة العربية عام 2003 باستثمار أولى بلغ 300 مليون دولاراً بمساهمة من مجموعة من المستثمرين اللبنانيين والخليجيين على رأسهم رجل الأعمال السعودي وليد الإبراهيم، وهو أحد أصهار الملك السعودي الراحل فهد، وتابع:"الكثير من الميزانيات الضخمة التي تنفق على تلك القنوات غير معروفة".
وذكرت المجلة في تحليلها أن تغطية الأحداث في سوريا كانت قد استنزفت المصادر في كلا القناتين. وأن بعض نشرات الأخبار تعتمد في مصادرها على صحافة المواطن "شاهد العيان" وتعتمد أيضاً على الصور واللقطات السريعة التي توجد بسهولة على موقع اليوتيوب.
وقال القاسمي إن "هذه التيمة بالنسبة للمشاهد غير الناطق بالعربية فإن تغطية الأخبار في سوريا بهذه الطريقة يشبه التقارير الالكترونية التي تعتمدها قناة ال" سي إن إن" مرة نصف ساعة شهريا وهو ما يعرف بصحافة المواطن، لكن العربية والجزيرة تعتمدها لساعات طويلة خلال اليوم.
وأضافت أيضاً أنه ليس من الشائع أنه عندما ترى أي من القناتين تجد أن أول عشرون دقيقة في النشرة به نشطاء سوريين بعضهم بخلفية ضبابية، واعتمادها أيضا داخل أو خارج سوريا على البث عن طريق البرنامج "سكايب" في تغطيتها لأحداث تحدث على بعد مئات أو آلاف الكيلومترات.
وتقول المجلة أنه عندما تعلق قناة العربية أو قناة الجزيرة تعليقات مباشرة على الشأن السوري فتجد أنها تحاول أن تغطي على عيوب المعارضة المسلحة وتحاول أن تؤكد على الصراع الديني داخل البلاد. وربما كانت أسوأ المواقف التي اتخذتها القناتين في تغطية الأحداث عندما قدمت الشيخ المتشدد عدنان العرعور الذي قال في تصريح له عن الأقلية العلوية "يجب على السنة فرمهم في مطاحن اللحم وإطعامهم للكلاب". فكانت العربية قد أشارت لهذا الشيخ باعتباره أنه رمز من رموز الثورة السورية، وقد قدمته الجزيرة على أنه " الداعي الأكبر للمظاهرات السلمية" ضد النظام السوري.
وأشارت المجلة إلى أن كلا من ا"لمحطتين الناطقتين بالعربية قد قدمتا أسوأ ما لديهما" وتابعت:"في أوائل شهر يلوليو هرب العميد مناف طلاس إلى فرنسا وهو صديق مقرب من عائلة الرئيس الأسد كما أنه ابن وزير الدفاع السوري السابق، وبعد مضي عدة أسابيع كان طلاس قد كسر الصمت المحيط بهروبه من خلال قيامه بالحج، مقدماً نفسه على أنه قائد المعارضة السورية في المنفى. وقد يحدث فقط في أرض الأحلام أن يوافق السوريين على السماح بأن يتولى رجل مقرب من النظام السابق المنصب خلفاً للأسد".
وتشير "فورين بوليسي" أنه ربما يكون هذا هو السيناريو الذي لا تتخذه العربية والجزيرة على محمل جدي فقط وإنما تؤيده أيضاً. فكلا القناتين كانتا قد قامت بالتغطية لهروب طلاس على نطاق واسع ولكن بعدما اختار طلاس أن يكون حديثه حصرياً للإعلام السعودي بما في ذلك قناة العربية وجريدة الشرق الأوسط، فقاطعته الجزيرة. ووصفت العربية هروب طلاس - الذي لا يملك أي سلطة وقت رحيله – بأنه ضربة قوية للسلطة العسكرية السورية، وأضافت فورين بوليسي أن قناة العربية قد أشارت إلى أن العديد من عائلة طلاس هم معارضين للنظام السوري، لكنها لم تذكر أن عمه طلال حاليا هو نائب وزير الدفاع السوري.
وتضيف المجلة أنه من المؤكد أن المراسلة من داخل سوريا حاليا محفوفة بالمخاطر. فالبلد في الحقيقة من أخطر الأماكن الآن في العالم وفقاً لما ذكرته لجنة حماية الصحافيين، حيث قام النظام السوري باعتقال الصحافيين والمدونين مراراً منذ اندلاع الثورة، وأنه على الأقل حتى الآن حوالي 18 صحافي قد فقدوا أرواحهم في هذه الأحداث منذ نوفمبر الماضي. وفوق ذلك فإن مشرفين من النظام السوري يرافقون الصحافيين الذين يسمح لهم بدخول البلاد.
وحسب التحليل فإن "كلا الشبكتين تخوضان تحديات حقيقية للحصول على تقارير من داخل سوريا فقط لتكون عذرا لتجنب الروايات التي تتحدى رواياتهم المفضلة. وفي مكان آخر على سبيل المثال هناك مقالات أثارت التساؤلات حول مدى مصداقية ما يقوله المرصد السوري لحقوق الإنسان ومقره لندن المنفذ الرئيسي للمعارضة السورية، ولكن الجزيرة والعربية لم تطرقا إلى الموضوع. وأضافت أن الصحف حول العالم ركزت أيضاً على وجود مجموعات إرهابية بما في ذلك مجموعات من القاعدة بين المقاتلين ضد النظام ولكنه من المستحيل أن تطرق هذه القنوات العربية إلى ذلك مطلقاً".
وتشير الصحيفة إلى أن "بلاغة تلك المحطات تختلف بصورة كبيرة اعتماداً على اللغة التي تبث بها، فعلى سبيل المثال، فإن موقع قناة الجزيرة الناطق الانجليزية وكذلك موقع قناة العربية الانجليزية تطرقا إلى موضوع المقاتلين من القاعدة في سوريا، حتى لو لم تتطرق للموضوع على قنواتهم الناطقة بالعربية والأكثر انتشاراً وتأثيراً، وبدلاً من ذلك فإن القنوات الناطقة باللغة العربية تقوم باستمرار باستضافة الضيوف المؤيدون لسياسة القناة".
وتقول الجريدة أن قناتي الجزيرة والعربية ليستا فريدة من نوعهما في التضحية بالمعايير الصحافية في سوريا. فهناك أيضاً في مؤسسات الإعلام الغربي مثل الجارديان التي انخدعت بمؤلف يدعي أنه فتاة مثلية من دمشق وما تبين أنه رجل أمريكي يعيش في استكولندا.
وتضيف المجلة:"بالطبع الجانب الآخر كان بنفس السوء. فإن وسائل الإعلام الإيرانية كانت قد كثفت في الآونة الأخيرة دفاعها عن حليفها قائد حزب البعث ، وذلك بنشر سلسلة من المقالات التي تتهم فيها قطر بتمويل الإرهاب والتواطؤ مع إسرائيل. ومثل هذه الهجمات التي يشنها الإعلام الإيراني عادة على الحكومة السعودية وأضاف عليها قطر في ظاهرة غريبة وذلك لتشاركهما في أكبر حقول الغاز في العالم".
وقالت الصحيفة أن قناة "روسيا اليوم" وموقعها الناطق باللغتين العربية والانجليزية كانت قد عكست التغطية في وسائل الإعلام المحلي الإيراني مشيرة إلى أن المعارضين للنظام إما إرهابيين أو متشددين إسلاميين، ومن جهة أخرى يغضون الطرف عن الأعمال الوحشية التي ينتهكها النظام.
وتعود فورين بوليسي لتؤكد أن "الخسارة الحقيقية هنا تنال من قناة الجزيرة، حيث أنها القناة التي كان يتابعها عشرات الملايين من المشاهدين العرب أثناء الثورات العربية، لكنها تحولت اليوم لمجرد ظل لنفسها، وذكرت المجلة أن الجزيرة تتحيز لصالح الأخوان المسلمين في مصر وهو ما أكده العشرات من العاملين داخل القناة".
وتضيف أيضاً أن العاملين بقناة الجزيرة إنما يتبعون نفس التكتيك في تغطيتهم لأحداث سوريا بالانحياز الإخوان المسلمين هناك، حيث أنهم جزء أصيل من حركة المعارضة هناك. وهو ما فعلته القناة مع نظرائهم من الإخوان المسلمون في مصر. وقد قامت الجزيرة في وقت سابق بتعيين " أحمد إبراهيم" في مكتبها في سوريا وهو أخو أنس العبدة، وهو عضو الأخوان المسلمون المسيطر على المجلس الوطني السوري.
وكنتيجة لهذه العلاقة ، وفقاً للعديد من المطلعين داخل الجزيرة فإن المحللين من الإخوان المسلمون يتم دعوتهم بصورة مستمرة لعرض أرائهم على الهواء، فعلى سبيل المثال سجد أن عضو المجلس الوطني السوري " محمد علوش" ستجد أنه ضيف دائم على قناة الجزيرة. وقد نشر افتتاحية مطولة على الصفحة الإلكترونية الخاصة بقناة الجزيرة تشير إلى أن عهد الإخوان المسلمون الجدد هو "رسالة تأكيد إلى الشعب السوري أنه لا يوجد عهد أفضل تم تقديمه حتى الآن".
وتؤكد الفورين بوليسي أن "قطاع كبير من مشاهدي الجزيرة والعربية، تم ترويعه بسبب وحشية النظام السوري، ولاشك أنهم يعتقدون بصدق أنها معركة بين الخير والشر. وأما بالنسبة للحكومة السعودية والحكومة القطرية فإن المصير السوري سوف يؤثر تأثيراً مباشراً على المستقبل السياسي للبلدين، فهم يرغبون في رؤية سقوط النظام السوري لأسباب إستراتيجية وشخصية على حد سواء. ونهاية الأسد التي بدأت تلوح في الأفق تعد حتى الآن فصلا آخر في التحول في نظام الدولة العربية القديمة والتي بدأت بسقوط صدام حسين رئيس العراق ونهاية حسني مبارك الرئيس السابق لمصر. فذلك تاريخ أهم بكثير من أن يترك في أيدي وسائل الإعلام التي تبحث عن تحقيق مصالحها الضيقة".
http://elbadil.com/international-press/2012/08/03/57911