الرد على: الأقليات في سوريابين الحقيقة والوهم
الأقليات في بلدي سورية منحازة للسلطة, منحازة للقتل ومنحازة للفساد ومنحازة للشبيحة, مع ذلك هذا الكلام متجن أحيانا واحيانا أخرى قاصر عن الأداء المعرفي الموضوعي والأقرب للحقيقة النسبية..لأنه موضوع جرى عليه لعب سلطوي من العصابة الأسدية على مدار أكثر من اربعة عقود, بحيث جعلت فاعليات الأقليات من رجال دين, وخلافه, عبارة عن ملحق أمني بالسلطة, وهذا الكلام أيضا ينطبق على الأكثرية السنية أيضا, لا يوجد مع هذه السلطة من هو معها بوصفه مركز قوة, بل بوصفه إما مرتبط أمنيا, أو له مصلحة أعمق مع هذه العصابة, اضافة والأهم من كل هذا وذاك, أن هذه العصابة لا تقبل بمن يكون معها أن يكون مشاركا" في صنع القرار, والذي يصاغ داخل دائرة عائلية ضيقة, كعائلة آل كابوني, لايوجد توصيف آخر للحالة أقرب من هذا التوصيف..والدليل أن حجم الإنشقاقات في مسؤوليها كبير نظريا ولكن تبدو عمليا أنه حتى رئيس الوزراء لا قيمة لإنشقاقه...فمن زاوية التأثير على القرار في البلاد, لايوجد قيمة لأي مؤسسة خارج سيطرة هذه الحلقة الصغيرة والتي لاتتعدى أصابع اليد الواحدة ، فكيف يمكن لأي كائن أن يقف مع مثل هذه التركيبة السلطوية?.
لقد قبلت معظم الأقليات أن يتم الحديث نيابة عنها بأن هذه العصابة هي حامية للأقليات..ممن؟!!.. لا أحد يستطيع في سورية تحديد الجواب لكن المفهوم أو المراد فهمه من هذا السؤال هو أن نظام العصابة الأسدية هو الحامي للأقليات من الأكثرية السنية..وأن مجرد قبول الأقليات بهذا هو بحد ذاته إنحياز لا يقبل الشك.. فكيف تستوي الحكاية الآن ، وتصبح العصابة الأسدية حامية للأقليات؟ ؟.. هذه القصة قصة الاقليات في سورية ولبنان والعراق وتركيا, لا يمكن فهمها خارج إطار التغطية الدولية لمناطق النفوذ ، ولا يمكن فهمها خارج النظام الاقليمي المدرج في رأس أولوياته وإهتماماته المعطى الاسرائيلي, ودون ذلك لايمكننا فهم عدم التعاطف مع ضحايا العصابة الأسدية من قبل أكثرية مسيحيي سورية واكثرية دروز سورية وغالبية علويي سورية وغالبية شيعة لبنان والعراق, عدم التعاطف هذا يحتاج لحاضن ثقافي..ما هو هذا الحاضن الثقافي الذي يفرح بقتل اطفال مواطني بلدك? !!..هل هذه الثقافة هي منتج ديني او عقيدي طائفي أم هي منتج سياسي? منتج تم العمل عليه منذ عقود طويلة.... لا احد يشك من السوريين معارضين أو غير معارضين, بأن القصة في النهاية تندرج تحت عنوان بسيط وهو قتل الأكثرية السنية في سورية, ليس بوصف قتلهم سياسة ومصلحة فقط للعصابة ولكل من يقف معها, بل ثقافة تراكمت ايضا.. علما" بأن سورية محكومة من فاعلي الأقليات العسكريين منذ العام 1963 بعد إنقلاب البعث.
دعونا لا نلف ولاندور حول هذه النقطة, وهذه ليست من باب ديني عقيدي أيضا لكنها من باب نظام اقليمي ودولي من جهة ومن باب المسألة السورية ومصلحة عصابة الأقلية المجرمة, وهذه المصلحة وهذا النظام الاقليمي والدولي إستطاع بالقمع أن ينتج ثقافته هذه التي جعلت المسيحي أو العلوي يفرح وهو يرى أطفال الأكثرية السنية تقتل..وهو يرى بيوتهم تدمر وقراهم تنتهك وتسلب وتنهب كغنائم حرب ضروس..هذه المصلحة إستطاعت مع ثقافة إيران الملالي المصدرة إلينا, أن تقول أنها انتقام من الامويين.
ومن جهة أخرى يتحججون بالإسلاميين.. ما الذي تريدونه من الأكثرية السنية في سورية, إزاء هذا الكم من الدم وهذا الحجم من التدمير وهذا التواطؤ الدولي المخزي؟ كيف تريدونهم أن يتصرفوا ؟؟..بعد أن أثبتت عبر تاريخ سورية المعاصر..أنها منخرطة قولا" وفعلا" في مجتمع مدني, من خلال تبني فعالياتها عموما بعد الإستقلال لمفهوم الدولة المدنية الديمقراطية.. وكان هنالك أحزاب وإنتخابات حرة..ومجتمع منفتح.
الآن تريدون ضمانات منها وهي الضحية, منطق عجيب..وأكبر دليل على ما أقول ان هذه الأكثرية موزعة على مختلف الإيديولوجيات والأحزاب والتيارات قبل الثورة وبعدها, ومع ذلك لم نجد في المعارضة والثورة تيارا" واحدا" يدعو للطائفية? ..ولم تقم قوى الثورة بأية مذبحة على أسس طائفية ، ولم تهاجم معاقل الطائفة العلوية ..ولاحظوا كل بيانات الجيش السوري الحر وكتائبه.
في كل مرة اتناول انا أو غيري موضوع الأقليات, تثار ردود عدة منها ما هو جدي ومنها ما هو منحاز حتى قبل قراءة الموضوع .. فأنا لم أفكر ولم أتناول أي حدث في تاريخي الشخصي باعتباري مسلماً سني المولد من سورية, لأنني لم أتعلم منذ طفولتي أنني كذلك, ولم أصادق احداً بناء على هذا المعطى, ولم أنخرط في أي تيار سياسي أو مدني بناء على هذا المعطى أيضا،ولكنني كنت دوما" أحس من معظم من أعرفهم من الأقليات في بلدي سوريا ، رفاق وأصدقاء وأنسباء وبعضهم أكثر من أخوة ،أنهم منحازون كليا" إلى طوائفهم ويبطنون في سرائرهم عكس الشعارات التي يصمون أسماعنا بها ، ويحاولون كلما سنحت الفرصة لهم النيل من الأكثرية ومن تراثها وعاداتها وحتى معتقدها ..والويل لك إن لم توافقهم فعندها تصبح متخلفا" متحجرا" سلفيا" ويمكن أن تصبح إرهابيا" ..فهم يتحدثون عن الحرية وحقوق الإنسان ولكن عندما تخرج الأكثرية لتطالب بها يصبحون عصابات إرهابية .
يجب أن نسمي الأشياء بمسمياتها فالأحزاب القومية والإشتراكية والشيوعية واليسارية في البلاد العربية بشكل عام وفي سورية ولبنان بشكل خاص لم تكن أكثر من عناوين، حيث إستند زعماء الأقليات إلى هذه الأحزاب ظاهريا" وعلى أبناء طوائفهم عمليا"في إقامة وتدعيم حكمهم وطغيانهم ..
لقد أحطأت الأقليات عندما إعتقدت أن الطواغيت يمكن أن يحموها ، فالطغاة لا يحمون سوى أنفسهم ، والجميع عبارة عن مناديل ورقية بالنسبة لهم ..فالحقيقة الساطعة هي أن الذين يتبجحون بالديمقراطية والدولة المدنية ويتباكون على مصير الأقليات ويدافعون عن الطاغية بشار وعصابته المجرمة ، هم بالتأكيد شركاء له في قتل الشعب السوري وفي تدمير سوريا ، وهم أعداء لسورية الحرة ولأهلها الشرفاء ..
|