( الانتخاب يجب أن يكون قصرا على العقلاء ).
(الجموع خاملة وعديمة الذكاء ولا بد من سيطرة الأقلية لبناء الحضارة )
(لست أرى ما يدعونا للسماح لبلد ما بالتحول للماركسية لمجرد أن أهل هذا البلد قوم لا يشعرون بالمسئولية)
البشر نوعان ، أناس يدفعون الضرائب وأناس ينفقونها . هناك بشر خلقوا من أجل الكدح والاختراع والبناء وتوليد الثروة ، هؤلاء من يسميهم اليسار الرأسمالية المستغلة ، والمبرر الوحيد للسماح لهم بالعيش هو تمويل خرينة الدولة . وهناك بشر خلقوا من أجل إنفاق هذا ’ على الجاهز ‘ ، هم طبقة البيروقراطية وبقية فئات الشعب الفاشلة أو الكسولة أو ربما أيضا الفئة التى تسمى نفسها ’ المثقفة ‘ . هؤلاء يترفعون عن الكدح ويرون أن وظيفتهم الإنفاق الملهم فقط . فاليسار لا يعرف شيئا اسمه عفة النفس ولا يتورع أبدا عن نهب عرق الغير تحت مسمى الضرائب ، ويرفض تماما مبدأ الاقتصاد الحر حيث من حق أى أحد الاشتغال فى أية وظيفة بالأجر الذى يرتضيه الطرفان ولا يفرض قسرا بسلطة الدولة الاشتراكية أو الديموقراطية أو أيا ما كان اسمها ، حيث لا صاحب شغل يجر موظفا من منزله قسرا ولا موظف يبقى فى وظيفته رغم أنف صاحب الشغل قسرا ، وكل شىء تحدده آليات العرض والطلب والسوق الحرة . هذا المجتمع الرأسمالى الحقيقى ( فأغلب ما يسمى اقتصادا حرا أو رأسمالية ليس كذلك فى الواقع ، إنما فقط اشتراكية مقنعة ) ، هذا المجتمع الذى بصيغة محددة تنخفض فيه الضرائب لمستويات تقارب الصفر ، هو الجحيم بعينه الذى طالما ناضلت تلك الفئات ضده حتى الموت .
التحضر لا يتجزأ . الليبرالية كذلك . المطلوب أقصى ليبرالية اقتصادية وأقصى ليبرالية اجتماعية فى آن واحد . سمها ليبرالية طبيعية لو شئت ، تطبق التنافسية الدارونية العالية ، فى نفس الوقت الذى توفر فيه للناس الحياة على سجيتها . فقط من الجائز أن كلتيهما فى حاجة أحيانا لديكتاتورية لحمايتها ، ذلك أن القانون الطبيعى ينطلق أسرع بفضل حراس التقدم يحاربون حراس الفشل !
سندافع عن مجتمع بلا ضرائب على وجه الإطلاق ، وسنعمل على رفع الوعى الضريبى للمواطنين بأن من حقهم أن لا يدفعوا ضرائب نهائيا ، وأن كل من ينجب طفلا عليه أن يتحمل هو جريرته وليس الدولة ولا المجتمع ولا الأغنياء ولا أى أحد .
’ الحرية المطلقة ‘ التى ستدافع عنها هذه الصفحة ما هى فى التحليل النهائى إلا وسيلة لغاية أعظم ، الأخلاقية الغائية التى طالما بحث عنها الفلاسفة على مدى القرون ، التى هى حسب رأينا المتواضع : التطور . التنظيم النقابى يعجل فى الواقع بإخراج الإنسان نفسه من أنشوطة loop إنتاج السلع والخدمات ، ومن إحلال الآلات المتقدمة محله ، ومن ثم قد لا يكون بالسوء الذى يبدو عليه للوهلة الأولى .
إذن سندافع عن نظام حكم تتولى فيه الشركات الكبرى كل السلطات ، ليس فقط باعتبارها مولدة الثروة ومالكة مفاتيح العيش لأفراد المجتمع ، إنما وهو الأهم لأنها قاطرة التقنية والتطور الرئيسة . نظام تشكل فيه المجلس النيابى من خلال ممثليها كل بحسب قيمتها السوقية لا سيما مع ببعض التفضيل للشركات المنتجة للسلع ذات الطبيعة المستقبلية عالية التقنية ، وهؤلاء ينتخبون رئيس الدولة ويسنون كل القوانين ، كلها طبعا وتلقائيا بما هو مبنى على أسس العلم والمعرفة وبما يضمن أقصى رخاء للمجتمع وقوة للاقتصاد وكفاءة لإدارة الموارد فيه .
باختصار : إن سيطرة رأس المال ( لما له من سمات فائقة الحداثة ) ، على الحكم فى مجتمعاتنا المعاصرة ، هى المفتاح الحقيقى والوحيد لعالم متحضر تنافسى قوى حر قائم على العلم والتقنية سريع التقدم والأهم متناغم مع قوانين أمنا الطبيعة وأقرب ما يكون لما بشر به المعلم أرسطو من حكم الصفوة الأرستقراطية ، ستانفورد السياسة لا حكم الأثرياء لمجرد أنهم أثرياء ( الأوليجاركية ) ، ولا حكم الفقراء أو الجهلاء لأنهم الكثرة العددية ( الديموقراطية ) ، إنما حكم من هم ’ أفضل ‘ ( الأرستقراطية ) !
الليبرالية هى آدم سميث وليست بيلل كلينتون ، واليمين هو تشارلز داروين وليس يسوع المسيح !
الليبرالية لا تتجزأ ، ولن يمر وقت طويل حتى يصل العالم لقناعة كاسحة أن لا تعارض بين جناحى الليبرالية ، ليبرالية اقتصادية دارونية تنافسية لا ترحم ، وليبرالية اجتماعية لا تمس الحريات الشخصية بأية صورة من الصور ولا مكان بالمرة للدين فيها .
قد لا يكون لدى المرء اعتراض ولو بذرة واحدة على أيديولوچيات اليسار بكامل أطيافه ، بما فى ذلك الحقد الطبقى وديكتاتورية الپروليتاريا ، ذلك لو أنها تنتج اقتصادا جيدا . للأسف هذه هى البقعة العمياء التى لا تراها عيونهم أبدا بسبب الغمامة الأيديولوچية الاجتماعية المسبقة عندهم ، والتى تخفى عنهم حقيقة أن للطبيعة قوانينا أهم كل قوانين البشر !
سنطالب اليمين بأن ينقى نفسه من رجس الدين ، مع العلم أن غباوات الشيوعية هى التى أعادت كلمة الرب إلى العملة والقسم الأميركيين ، وهى التى جعلت بعض القادة يطلقون يد الإسلام ، ولولا عمى اليسار بتحريضاته القميئة وبإلحاحه المرعب على الأفكار الخطأ التى لا يمكن إلا وأن تقود للفقر للجميع ، لما كان اليمين مضطرا أبدا لأن يكون متدينا ، ولظل على عهد الأرستقراطية القديم أن تكون ويكون الحاضنة التقليدية للتحديث والتقدم والبحث العلمى .
التقدم هو دفع التقنية بقوة للأمام ، والتخلف هو مقاومتها أو تجميدها أو دفعها ببطء .
لا بد من التفرقة بين عالم السياسة والاقتصاد والتقنية بعد‑الإنسانية عالية المعرفية والتخصص حيث يجب حظر تدخل غير أولى العلم والخبرة فيها باسم الديموقراطية أو غيرها ، وعالم الإنسانيات حيث نتوقع حقلا من الحرية المطلقة ، وفى طليعتها بطبيعة الحال الحرية الجنسية وحرية الازدراء العلنى للأديان .
قادة الجيوش ليسوا منتخبين ، رؤساء الشركات ليسوا منتخبين ، مديرو المصانع ليسوا منتخبين ، وهذه أكفا الكيانات إطلاقا فيما عرفته البشرية . فلماذا إذن الاصرار على أن يدار المجتمع نفسه ككل بذاك المنهج البائس هائل الفواقد المسمى الديموقراطية ؟ باختصار : المستقبل شىء أهم من أن يعهد به للشعوب ، والمهم دائما أبدا هو ببساطة إخراج الجهلة من أنشوطة صنع القرار !
ما فائدة الديموقراطية إذا كان كل المعروض فى البازار هو ديكتاتوريات ؟ نعم المعروض لا يعد ولا يحصى ، لكن كل طرف يقترح عليك كيف يسلب حريتك بطريقة أو بأخرى أفضل من الأطراف الأخرى . هو يعلم أكثر منك بما يجب أن تلبس أو تأكل أو تشرب أو تستنشق أو تفعل فى السرير ، أو أعلم منك بكيف تنفق نقودك التى من الأفضل أن تعهد بها لمصلحتى الضرائب والتأمينات الاجتماعية ، والأهم أنهم جميعا أعلم من أمنا الطبيعة بكيف تدير اقتصاد كوكبها .
الحرية لو تركتها حرة سوف تموت . سوف تنقض حفنة مجرمة وتسلب بقية الناس حرياتما باسم الدين أو الاشتراكية أو أيا ما كان . الحرية لا تعيش دون فاشية تسهر عليها ( الفاشيون هم حملة الصولجان فى الإمپراطورية الرومانية ) . الحرية لا تزدهر دون فرسان مائدة مستديرة يزودون عنها بالقوة طوال الوقت .
الحرية هى 1- حرية الاقتصاد 2- حرية الحراك الاجتماعى 3- الحريات الشخصية . اجتثاث الشيوعيين والقوميين والمتدينين ومن إليهم ليس قمعا ولا انتقاصا للحرية ، بل انتصار لها والتزام حضارى ليبرالى على جميع الحكومات القيام به .
ليس من وظيفة الشعوب عزل ريچيمات الحكم القمعية الشعاراتية الرجعية التى تقودها للخراب ، وإقامة ريچيمات بديلة ( قمعية أيضا بالطبع ) لكن جادة تقدمية تقودها للتحديث .هذه وظيفة أميركا .
لا حرية لأعداء الحرية ، هذا إذا كنا نأخذ أصلا كلمة الحرية على محمل الجد . الليبرالية لا تتجزأ ، أقصى حرية للاقتصاد والمنافسة وفى ذات الوقت أقصى حرية للفرد فى حياته الشخصية وعلاقاته الجسدية وفى المجاهرة فى رفض كل أيديولوچيات القمع كالدين وغيره . لا بد من مصادرة فكر المصادرة ومن تأميم فكر التأميم ومن منع فكر المنع ، ذلك قبل أن تصادر وتؤمم وتمنع هى كل كوة نور للمستقبل . ليس المهم فى السلطة أن تكون قمعية أو أيا ما كان ، المهم أن يكون برنامجها الحرية . أما الديموقراطية فما هى إلا حرية أعداء الحرية ( بدءا من فارضى الضرائب حتى فارضى الحجاب ) ، وأن من بعد فقد آن أوان الانتقال من عصر ديكتاتورية الجهل والابتزاز المسماة بالديموقراطية ، إلى عصر ديكتاتورية المعرفة وبعد‑الإنسان .
لقد بدأت حقبة الغثاء اليسارى‑الإنسانى فى 14 يوليو 1789 ، ووصلت لذروتها فى 3 مايو 1968 ، وانتهت فى 11 سپتمبر 2001 . والآن آن أوان الانتقال من عصر ديكتاتورية الجهل المسمى بالديموقراطية ، إلى عصر ديكتاتورية المعرفة وبعد‑الإنسان .
الحرية المطلقة قانون طبيعى ويجب مصادرة أى شىء يحاول مصادرتها .
* ملحوظة : الحرية تشمل بالطبع حرية أن تأكل وأن تؤكل .
الديموقراطية شىء جيد للقرى . الكل مزارعون يعرفون نفس الأشياء واكتسبوا ذات القدرات . هكذا نشأت فى أميركا مثلا .
المشكلة أنهم يرفضون الديكتاتورية التى تطلبها قدوم المهندس الزراعى .
الصراع فى جوهره ليس بين أيديولوچيات يمين ويسار ، إنما بين بناء وقطع طريق ، بين كفاح وديماجوچية . دائما أبدا الاقتصاد شىء يبنيه اليمين ويسطو عليه اليسار ويصدر الحكم ببراءة السارق قاض فاسد اسمه الديموقراطية . هذه هى محنة البنائين منذ عرف العالم كلمة ديموقراطية . الديموقراطية سيارة بمقود ذى انحراف ثابت إلى اليسار . باعتبار أن الضرائب هى السؤال الأساس الذى تدور حوله الأحزاب والانتخابات ، فإن الديموقراطية ‑بحكم أحجام كتل من لهم حق التصويت‑ تميل تلقائيا لتحويل الاقتصاد نحو الاشتراكية ، لتغليب قرارات هى فى صالح الطبقات الشغيلة ، على حساب أصحاب البيزنس الكبيرة أو حتى الصغيرة منها . والخاسر دائما هم البناءون ، الرأسماليون والطبقة الوسطى ، الذين ينهب كدحهم لصالح الطبقات الأدنى . هذا لا يشتغل فى صالح التنمية ، بالأخص بعيدة المجرى منها . ويميل بالاقتصاد ككل نحو الاشتراكية ، وهى تجربة معروفة بأنها تؤدى للفقر للجميع والفشل المحتوم . صحيح أنه عندما يحدث هذا سيعيد النظام الانتخابى الأحزاب المعادية لفرض الضرائب ويبدأ انتعاش البيزنس من جديد . لكن الدورة نفسها ستؤدى لنهب هذا النجاح مرة أخرى لصالح الفاشلين والكسالى . ذلك يسمى فواقد . والفواقد لا يجب السماح بها فى مجتمع يحترم العلم أو على الأقل يحترم نفسه .
نعم ، قد تفقد الأرستقراطية الرؤية أحيانا ، بل حتى قد يصاب الملوك بالخبل أحيانا . لكن هذا شىء وأن تعطى السلطة للدهماء شىء آخر . حكم الصفوة قادر دوما على تصحيح نفسه طوال الوقت ، لكن النظام الجمهورى أو ديكتاتورية الدهماء التى تعرف أيضا باسم حكم الشعب أو الديموقراطية ، هى فقط غباء أبدى لا يمكن علاجه أو التراجع عنه . والسبب واضح لكل الأعين وهو الفجوة بين إدراك عموم الناس للأمور ، وبين الاستعقاد الأعلى كثيرا للمعرفة العلمية والتقنية والاقتصادية …إلخ ، فى أى عصر أو أى مكان معطى .
مهما ارتقت أو نضجت الشعوب ، فستظل دوما ثمة فجوة كبرى بينها وبين المعرفة العلمية والتقنية لذات العصر . من هنا لن تثمر الديموقراطية فى أى مكان أو زمان ، إلا شد المجتمع للوراء . إنها شىء لا يجب السماح به أبدا فيما هو فوق مستوى البلديات ، أو الأمور الأقرب للحريات الشخصية . عدا ذلك يجب أن تكون السلطة مطلقة للعلماء والشركات والآلات الذكية .
هذه ليست إنجازات الديموقراطية ، بل إنجازات تمت تحديدا بالسباحة على العكس من تيارها . لم تقم مظاهرة واحدة تأييدا لاختراع القطار أو ماكينة الغزل ، أو تحية لچنرال إليكتريك أو مايكروسوفت . العكس فقط هو ما يحدث .
إما أن تكون مع العلم والتقنية والشركة الكبيرة والامپراطورية ، وإما أن تكون مع الشعب . هذا هو السؤال الذى لم يعد من الممكن التملص منه .
أيديولوچيات الدهماء الكبرى : خمس هدامة هى الدين والشيوعية والقومية والوطنية والديموقراطية ( الأشكال الحالية المعروفة للأيديولوچية الجمهورية ) ، وثلاث بناءة هى الجنس والإدمان ومشاهدة الرياضات العنيفة .
الخاسر الوحيد لإباحة العقاقير هو تجارها ومهربيها إذ ستنخفض أسعارها بحدة ، والكاسب الوحيد من تناولها هو المجتمع الذى سيخسر ضعاف عقوله . إنها حرب خاسرة لا محالة ، والحل فقط أن يعرض كل شىء للبيع فى الصيدليات وفى لحظة ستنخفض الأسعار وسيفلس التجار ، والأهم : فى لحظة سيصبح التعاطى مسئولية كل متعاطى ( لعلك تذكر موضوع الإيكونوميست التاريخى الذى ألب الجميع فى مطلع التسعينيات لأنه كسر الحاجز النفسى للتفكير حول هذه القضية ) . وطبعا لا يجب أن ننسى أن كل شىء كان محرما من قبل ثم أصبح مسموحا ، الشاى ، البن ، التبغ ، حتى الكحول كان محرما فى أميركا نفسها حتى عقود قليلة . هكذا البشرية ، تاريخها كله تاريخ محرمات تصبح مسموحات فى نهاية المطاف !
ببساطة إن حق الإنسان فى تناول ما شاء وقتما شاء وأينما شاء ، هو حق شخصى حيوانى وأصيل ولا يجب أن تدس الحكومات أو التشريعات أنفها فيه على أى نحو من الأنحاء .
هذا كله شىء وكون العقاقير تشبع حاجات حقيقية عند بنى الإنسان شىء آخر . التى متى تظل العقاقير الشىء الذى يكرهه الجميع إلا الناس . لسنا أوصياء على المدمنين ، كلنا يعرفهم عن قرب ويعرف أن غالبيتهم أناس رائعون ناضجون يعرفون جيدا ما يفعلون ، بل ومنهم حفنة من أهم المبدعين فى تاريخنا المعروف ، أناس يعرفون مخاطر ما يفعلون ، وراضون تماما عن خيارهم ، عن استخدامهم أو استهلاكهم لحياتهم بهذه الطريقة ، وليس من حق أحد فى كل الكون أن يسلبهم من مثل هذا الحق . كقانون من قوانين أمنا الطبيعة يتبناه موقعنا على طول الخط ، لو أدرتم حلا لمشكلة خلقتها الحرية ، فالحل المزيد من الحرية ، ولو أردتم حلا لمشكلة خلقتها التقنية فلا حل إلا المزيد من التقنية . والحل لكل مشاكل العقاقير ، أن ننزع الحق فى تصنيعها من أحراش كولومبيا وجبال أفجانستان ، ونذهب بكامل الملف للمكان الوحيد الصحيح : مختبرات فايزر وجلاكسو-ويللكام . هؤلاء سيخترعون لنا عقاقيرا مأمونة تحقق الحالة العقلية الرائعة التى تمنحها لها المخدرات والمنشطات الحالية ، لكن بدون أعراض جانبية تذكر ، وبدون حتمية إدمانها بلا عودة .
حقوق الإنسان ، حقوق الإنسان ، ماذا عن واجبات الإنسان ؟ أليس من واجبه الانصياع لما يرتأيه من هم أذكى وأعلم منه ؟ ما تقصده الأمم المتحدة بحقوق الإنسان حق واحد هو أن يحكمك الشيوعيون ولا أحد إلا الشيوعيين ، وإن كان ثم ميل مؤخرا لتعديلها لتصبح أن يحكمك الإسلاميون والعروبيون . أما الحقوق الحيوانية للإنسان ، مثل حق الحصول على الممارسة الجنسية ، حق اختيار الميل الجنسى ، حق الأطفال فى مشاهدة كل المواد الثقافية كل الأفلام وغيرها ، حق تناول العقاقير والخمور ، حق الإجهاض ، حق الانتحار ، حق الاقتتال المنظم كمبارزات الأفراد والرياضات المميتة …إلى آخر الحقوق الشبيهة ، كلها حقوق لم تقر قط إلى اليوم ، ويتواطأ الجميع لقمعها تحت مسمى الخصوصية الثقافية والدينية ، رغم عمرها السحيق والأصيل فى التاريخ البيولوچى للكوكب . نعم ، نحن لا نكف عن القول إن البشر بهائم بالأساس ، لكن نعم نضيف ، إن للبهائم حقوق ، وإننا مستعدون للدفاع عن حقوق البهائم ‑بشرا وغير بشر‑ حتى آخر المشوار ، إلا أن ما يسمى بحقوق الإنسان قصة أخرى ، قصة جوهرها النصب والابتزاز وسلب الحريات الفطرية للكائن البشرى .
لنكن أكثر صراحة : حقوق الإنسان يمكن أن تكفل فقط للشعوب التى تتناقص عدديا ، البيض من يهود وپروتستانت تحديدا ، أما الشعوب التى تتزايد فقد أهدرت حقوقها سلفا والسؤال الوحيد الذى يخصها هو ما هى نسبة الإبادة الصحيحة !
أليست الاشتراكية التى تلعب على مشاعر الناس بالتحريض من أجل استئثار قلة فاسدة بكعكة فتات الثروة وتنتهى لتوريث الفقر للجميع ، انتهاكا لحقوق الإنسان ؟ أليست العروبة التى لا يشغلها شىء إلا محاربة وتقتيل من يخالفها العرق والفكر والمذهب ، انتهاكا لحقوق الإنسان ؟ أليس الإسلام الذى يصادر الحرية الجنسية بل ويتدخل فى حريتك فى أن تأكل ما شئت وتشرب ما شئت ثم يقتلك لو فكرت فى تغيير عقيدتك ، انتهاكا لحقوق الإنسان ؟ مع كل ذلك لا هم لمنظمات حقوق الإنسان إلا شاغل واحد هو ضمان عدم اعتقال أو تعذيب هؤلاء وتفصيل الانتخابات تفصيلا لضمان وصولهم للسلطة . إن هذه ليست منظمات محايدة أو يعنيها شيئا من شعاراتها المعلنة . هم حفنة من الأيديولوچيين الشيوعيين والعروبيين والإسلاميين دافعهم الكراهية والحقد ، وطرف أصيل فى معركة الوجود بين قوى التخلف ضد قوى التقدم ، ومنظماتهم ربيب أنشأته قوى الديكتاتورية والمصادرة والظلام العالمية ، بينما العدو الحقيقى والمشترك للجميع وغير المعلن هو أميركا وإسرائيل كرمز لقيم الجلوبة والاقتصاد الحر والحداثة ! باختصار جماعات حقوق الإنسان لم ولن تكون إلا الجناح السياسى لمنظمات الإرهاب الشيوعى والإسلامى المسلحة العالمية !
لنتفق مبدئيا أن أحدا لا يستيقظ فى الصباح ليقول أنا أومن بالإنسان وسأنشىء اليوم منظمة لحقوق الإنسان . كل هؤلاء أيديولوچيون لحظة وجدوا أنفسهم خارج ما تعودوا التمتع به من نفوذ وقهر وسلطة وسلطان على بنى ’ الإنسان ‘ ، وجدوا ضالتهم فى فكرة حقوق الإنسان . المنظمات العالمية الكبرى الشهيرة نشأت ليكون همها الأكبر إن لم يكن الأوحد ، الكفاح من أجل وصول الشيوعيين للسلطة فى الغرب وفى العالم الثالث ، بينما كانت تبدى أقل اهتمام أو اهتماما شكليا للغاية أو لمجرد ذر الرماد فى العيون ، بما يجرى من بشاعات وراء الستار الحديدى . لماذا نذهب بعيدا ؟ انظر من يرأس منظمة حقوق الإنسان العربية ، إنه محمد فايق أحد أركان الريچيم الناصرى القذر وأحد أخلص خلصائه فى دمويته ، ولا شك أن الأچندة الحقيقية لهم كحزب سياسى متنكر هو عودة القمع العربجى لكل مكان من جديد . ببساطة : أنت حين تقصى رموز القمع والإرهاب من السلطة فإن ما يفعلونه هو تأسيس منظمة لحقوق الإنسان !
لا يعترف بالديموقراطية إلا مجتمع يقر بتساوى كل أعضائه فى الجهل !
باختصار شديد : يفترض أن الحكومة مجرد جسم body صغير لكن كفء ويقظ ، وظيفته السهر على حراسة القوانين التنافسية لأمنا الطبيعة وعلى ألا يصادر أحد حرية اقتصاد السوق أو ديناميات الحراك الاجتماعى أو حريات الأفراد الشخصية ، أيها باسم الاشتراكية أو الإنسانية أو الدين أو أية أيديولوچية أخرى كانت ، أى وظيفته وسيط تنشيط catalyst للتفاعلات الاقتصادية دون أن ينغمس هو نفسه فيها . تلك الوظيفة لا تحتاج لانتخابات وجلبة وتعقيدات . ديكتاتورية عسكرية بسيطة يمكنها القيام بها على أعلى قدر ممكن من الكفاءة ، ذلك إلى أن يحين يوم قريب تتولى فيه الآلات الحية فائقة الذكاء إدارة شئون حيواتنا بالكفاءة المثالية التى طالما حلم بها الفلاسفة !
بناء الاشتراكية يتطلب بعض المشانق ، وبناء الرأسمالية يتطلب بعض المذابح الجماعية .
لم يكف اليسار الأوروپى عن حشو القارة بالمهاجرين المسلمين ومنحهم المواطنة كى يكونوا قاعدة انتخابية له . المشكلة ليست فى الانتهازية ، إنما فى كونهم أول من سيُحل دمه .
إن إسقاط العصابة الشيوعية التى تحكم أوروپا ( تحت اسم الدلع الجديد الاشتراكية الديموقراطية ) ، وترعى نمو قوى التخلف والظلام العربى والإسلامى فيها بات مسألة حياة أو موت لاستمرار القارة كجزء من الحضارة الغربية
كان مقبولا من هتلر احتقاره لفرنسا والفرنسيين ، لكن كان فحشا ما بعده فحش فكرة أن يتسيد العرق الآرى العرق الإنجليزى الذى ابتدع الثورة الصناعية نفسها وبرمتها . فاشية القرن الحادى والعشرين لن تكرر أخطاء فاشية القرن العشرين . لن تباد الأقليات لمجرد أنها أقليات ، بل سيستهدف فقط المتخلفون الرافضون للتقدم . والأهم أن بدلا من يا صفوة العالم تحاربوا سيكون المبدأ يا صفوة العالم اتحدوا !
تعريف العرقية ( العنصرية ) هو المعاداة غير المبررة لأقلية ما راقية أو ثرية أو رفيعة التعليم . أما معاداة الأقليات والأعراق المتخلفة ، فليس بوسع أحد أن لا يكون ضد التخلف .
من حقك أن تكون متخلفا ، لكن ليس من حقك أن تكون متخلفا للأبد .
القمم الأوروپية لا تختلف كثيرا عن القمم العربية . مجموعة من الحكام العجزة الذين يديرون بلدانا فاشلة اقتصاديا مهزومة ثقافيا ، بل وتتصدر فرنسا بالذات ثالوث التخلف العالمى مع العرب وإيران . ما يحدث الآن يشبه فترة تداعى الاتحاد السوڤييتى ، وما من شك أن وريثه هذا السيرك اليسارى المدعو الاتحاد الأوروپى فى طريقه للانهيار بذات الطريقة .
محنة أوروپا ما بعد ثاتشر التى اختطفها اليسار وربيبه الإسلام بدأت فى الزوال فعلا . بعد قليل سيتعود العالم النظر لسيلڤيو بيرلوسكونى وآرييل شارون وچورچ بوش باعتبارهم اليسار فى عالمنا المعاصر ، وأن الوسط واليمين هى أشياء أخرى لم يعهدوها قط من قبل .
بن لادن وبن ماركس وبن ناصر ( عرفات ، من غيره يتحدث عن التحرر القومى اليوم ؟ ) ، هم من اختاروا جعلها حربا قذرة ، وليس رامسفيلد أو أوريبى أو شارون .
الدرس الذى يجب على القادة العرب تعلمه من الرئيس الكولومبى الجديد أن الوقت قد حان لحرب إبادة شاملة تقضى من الجذور على كل القوى الوطنية والقومية واليسارية والإسلامية ، وأن لا أمل بالمرة فى التحول للحداثة أو الانخراط فى الحضارة العالمية قبل إتمام هذه الخطوة بالكامل أولا . كما ترون السعودية نفسها مهددة بالطرد من الاقتصاد العالمى بعد أن كانت أحد أعمدته ، إذا ما تقاعست عن إنجاز تلك المهمة .
ألمانيا ليست فرنسا . الاشتراكية ليس شيئا من چييناتها . البلد الذى أنجب رجالا أشداء من طراز أوتو ڤون بسمارك وأدولف هتلر وهيلموت كول ، لا يمكن أن يسلم قياده طويلا لحواة السياسة اليسارية دائمى القهقهة أمثال جيرهارد شرويدر .
لقد عانينا لقرون من العلمانية الإنسانية قدر معاناتنا من الدين . اليوم المعضلة الوحيدة التى تستحق الطرح هى الفصل بين العلمانية واليسار . لا يجب التعويل على أن اليسارى هو ’ لامع ‘ لمجرد أنه اكتشف عدم وجود إله . هذا شىء تافه جدا ، والمفروض أن يتوصل له كل ذى عقل بسيط . بل الحقيقة أن كثيرا من العلمانيين أغبياء ’ منطفئون ‘ لأنهم يؤمنون بخرافات أخرى مثل الديموقراطية والإنسانية والمساواة …إلخ . هناك قضايا أهم من مجرد الإيمان أو عدم الإيمان بالخرافة . ويجب على الجميع أن يعلم أن العلمانية لا تعنى التقدمية بالضرورة ، وأن لا يمكن نزول المعترك السياسى بمثل هذا الحزب الفضفاض ، دون حسم قضايا أساس مثل قضية اليمين واليسار ، حيث الخلاف جذرى على ما يسمى الليبرالية الاقتصادية .
ماذا عن اللغط الكبير الذى يثيره الديموقراطيون طوال الوقت حول عجز الميزانية ، يوحون ويصرحون أنها الجرثومة المسببة لكل متاعب الاقتصاد ، ويخرج علينا كلينتون وجور كل عدة شهور يتباهون بأن عجز ميزانيتهم كان صفرا ؟ ما المشكلة فى أن يكون فى الميزانية عجز أو حتى عجز هائل ؟ سعر الفائدة ثابت تقريبا عند مستوى الصفر ، والنقود سترد كما هى دون زيادة تذكر . الفارق أنها لن ترد من جبى ضرائب فاحشة تقتل الشركات كما فعل كلينتون وزوجته ونائبهما ، إنما من تلك الضرائب البسيطة التى ستؤدى لانتعاش الشركات عما قريب . فقط هذه خدعة يسارية صريحة باتت مكشوفة و’ الست ‘ أذكى من أن تلعبها مرة أخرى .
ثم ماذا عن الضرائب أصلا ؟ ألم يحن الوقت لنعيد ترسيخ المفهوم الأصلى للضرائب كما فرضته بلديات المجتمعات الصناعية الحديثة الأولى . لا ضريبة إلا مقابل خدمة . الآن يكاد يعتقد أغلب الناس أن الضريبة هى ضريبة يتوجب على الغنى دفعها للفقير ضريبة عن غناه . أن تأخذ من الغنى لتعطى الفقير هذه جريمة سرقة لا تحتمل التأويل . أنت تأخذ منه كى تنشىء مثلا تعليما عموميا يؤهل الفنيين اللازمين لمصانعه . لو هو يدرب شغيلته بنفسه ، لا يجب أن تؤخذ منه أية ضرائب . وهكذا . باختصار : مشاعر الرحمة والنبل نحو الفقراء يجب أن تترجم لجمعيات خيرية ، لا إلى قوانين اقتصادية .
النقلة التى قام بها تونى بلير لحزب الكدح من معسكر اليسار إلى معسكر الحضارة ، خطوة هائلة صنعت التاريخ ربما لكل العالم ، لكن تظل بريطانيا العظمى أمة تستحق قيادة يمينية حقيقية ، وليس شبه يمين مسخا شائها هجينا ، تطفر خارجا من اسطبل اليسار . فقط بقيادة تعيد أمجاد تشرتشل وثاتشر يمكن لبلد الثورة الصناعية أن يستعيد مكانته كقائد حق فى مسيرة حضارة العالم .
كلام اليسار الجميل عن العدالة والمساواة وتوزيع الثروة لم يعد ينطلى على أحد بمن فيهم الفقراء أنفسهم . عمليا وتاريخيا لم يعنى قط إلا توزيع الفقر على الجميع ، ونهب أقلية فاسدة لفتات الثروة المتبقى فى ظل الريچيم الاشتراكى ، ناهيك عن أن أى دعم لو ذهب للفقراء فعلا ، فإنه لا ينهض بهم إنما فقط يشجعهم على المزيد من الإنجاب ، أى مفاقمة مشكلة الفقر . الكل يكاد يكون مؤمنا الآن بقوانين المنافسة وأن ليمت من يمت ويعش من يعش ، لأنه ببساطة لا مجال بعد الآن لسياسة الموات للجميع ، وقطعا لا يمثل هاوارد ديين أية فرصة جديدة لها لإثبات نفسها وصلاحيتها ، تكون أفضل من تلك الفرصة التى منحت بكامل اتساعها يوما لچوزيف ستالين !
للمرة الألف يتأكد جمال رؤية تقسيم العالم ليمين ويسار ، كإطار رؤية مريح فعال ويفسر تقريبا كل ما يجرى . العالم تحول لساحة حرب سافرة ما بين حزب الحضارة والتقدم والبناء والحرية والاقتصاد التنافسى ، ضد حزب الماضوية والتخلف والفقر للجميع ومصادرة الحريات وعداوة النجاح . ويتأكد يوما بعد يوم أن الحزبين المذكورين أحزاب عابرة للقوميات وللقارات ، أو أن بات فى عالمنا الجلوبى الجديد كل يمين العالم ضد كل يسار العالم . المهم أن دعوتنا أن يا صفوة العالم اتحدوا تتحقق بقوة وسرعة لا تقلان عن قوة وسرعة الحزب المضاد فى تحقيق شعار أن يا حثالة العالم اتحدوا !
لا أقول أن كيرى سيصبح رجل سلام أو سيصبح رجل حرب . لو فاز فرضا وأصبح ثانى كاثوليكى يحكم أميركا ، لن يختلف عن الچيه إف كيه الأول . هذا تحديدا كان الذى صعد الحرب فى ڤييتنام رغم كونه يساريا متطرفا . هم عشوائيون للغاية فيما يخص الستراتيچية ، يتصرفون بردود أفعال كيفما اتفق فى لحظتها . أى شىء وارد من هذا الكيرى بما فيه غزو متزامن ونووى لكل من إيران وسوريا وليبيا والسودان وكوريا . قد يبدو هذا شيئا جميلا ، لكنه بالمرة ليس كذلك . المشكلة أن ليس لدى اليسار خطة ولا رؤية لمثل هذه الأمور ، وغالبا ما يحكمون من خلال شخصنة الموضوع كأن يهينهم شخصيا هذا الحاكم أو ذاك . كما أن الإسلاميين تتملكهم من كل شئون الدنيا فكرة مستحوذة واحدة هى إخفاء وجه المرأة ( يسمونها الأمر بالمعروف والنهى عن المنكر ، والجوهر هو استعباد الغير ) ، فاليسار بحكم كونه أيضا أيديولوچية كراهية‑و‑نهش بالأساس ، تتملكه فكرة مستحوذة واحدة . هم لا يعنيهم أن تبنى أميركا إمپراطورية ، ولا يعنيهم تأمين منابع النفط ، ولا يعنيهم فتح أسواق جديدة للمنتجات الأميركية ، ولا يعنيهم أن القضاء على العرب والمسلمين كقوة التخلف العالمية المستعصية هو هدف حضارى قائم بذاته لا يحتاج لاستئذان أو لمسوغات قانونية أو لقرارات دولية أو غير دولية ، ولا يعنيهم أى إطلاقا من شكل الأشياء القادمة كحريات اقتصادية شاملة أو جلوبية أو اقتصاد عالمى موحد متكامل … إلخ . فى الواقع ‑وحتى لا نظلمهم‑ أهدافهم ورؤاهم أصغر وأبسط من هذا بكثير . كما لا يرى المسلم من الدنيا سوى شعر المرأة الشيطانى رأسا إن أينعت يحين قطافها ، عيون اليسار لا يوجد فى نطاق قدرتها الإبصارية سوى شىء واحد ، الشىء الذى جبلت أعينهم چيينيا على رؤيته ولا تستطيع أن ترى غيره فى كل الدنيا : أرباح البيزنسات . يفرضون عليها الضرائب ، يأخذونها لأنفسهم أو يوزعون بعضها على الفقراء . وحين تفلس تلك البيزنسات يتركون السلطة 4 أو 8 سنوات حتى تعيد تلك بناء نفسها من جديد ويحين قطافها مرة أخرى ، وهكذا ( فى السابق كانوا يؤممون الشركات ، لكنهم وجدوا أنفسهم لا يفقهون ألف باء فى الاقتصاد أو التقنية أو الإدارة ويفلسون بعد قليل ، فأصبحوا الآن يفضلون تركها لأصحابها مع جز عرقهم بالأتاوات المسماة بالضرائب يأخذونها فريق الكسالى قطاع الطريق على الجاهز دون مجهود ‑ضع خطا تحت على الجاهز ، وضع خطين تحت كلمة ضرائب التى آن الأوان أن نجعلها جزءا من التاريخ بائدا بلا رجعة ) . الجوهر واحد بالضبط كما الإسلام : نهب عرق الغير وأنهم خير أمة أخرجت لتنهب الناس ، وأن كأيديولوچيات كراهية‑و‑نهش لا يمكن أن يروا البناء والدأب كأحد اختصاصاتهم ، إنما هو شغل أناس آخرين .
واليوم بكل السعادة نضيف تسمية جديدة أكثر دفئا وشعورا بأن شيئا ما يتحقق بالفعل ، ألا وهو مصطلح الأسرة الأنجلو‑يهودية . لكن مهلا ، الصورة ليست مشرقة أو محلولة ببساطة هكذا . هؤلاء الآباء العظام المؤسسين ومن تلاهم من أجيال تركوا للأسف تلك البلاد الرائعة نهبا لقصف غزو وحشى متواصل من الثقافات الأخرى المتخلفة المختلفة ، من السود حتى الكاثوليك وانتهاء اليوم بالمسلمين . هذه الفلول المتنافرة هى وقود اليسار المتجدد ، يشجع تسلل المزيد منهم لداخل البلاد لكسب أصوات وأتباع طوال الوقت . ربما لحسن الحظ أن حتى اللحظة عدد من يهجرون اليسار من الناخبين ممن ضربوا بعض النجاح مع الحلم الأميركى القائم على حرية الاقتصاد لا على جبى الضرائب ، يعادل ذاك الوقود الجديد ، بما فيه طبعا الشباب المغرر به الذى تجذبه مثاليات اليسار عن العدالة والمساواة لكنه يهجرها بالضرورة بعد قليل ، حين يفهم أنها ليست إلا دمار كتلى بطئ للجميع . هذا التوازن لن يدوم للأبد . والحقيقة الأكثر رسوخا أن يوميا يزداد الوضع سوءا ليس فقط بسبب جحافل الهجرة الجديدة ، إنما لأن كل كاثوليكى أو أسود أو مسلم يدخل البلاد لا يوجد ما يعادله من إنجاب عند البيض ، وطبعا لا حاجة للتنوية بمعدلات الإنجاب المخيفة عند سلالات الأجلاف المذكورة هذه .
بوش نفسه للأسف يعزز هذا دون أن يقصد ، على الأقل من خلال سياسة التعليم التى تحمل شعارا لا يكف عن التباهى به ’ لا طفل يترك خلفا ‘ ، وهى عبارة ذات وقع شيوعى وشمولى للغاية على الأذن ، وفى المقابل خطواته ككل ضعيفة فى مواجهة حجافل الهجرة ، وإن كان أهمها طبعا ابتداعه فكرة تصاريح الشغل بدلا من بطاقات الإقامة الخضراء ومن ثم الجنسية الكاملة ، وهى فكرة جيدة لكن متأخرة جدا . طبعا لو كان الغرب قد اتبع منهج الإستضافة لا التجنيس هذا منذ عدة عقود ، لربما ما كانت الحضارة على شفا الانهيار من جراء النخر الداخلى هذا من كافة المعاول الإسلامية والكاثوليكية والشيوعية ، وطبعا على الأقل ما كان قد حدث شىء من نوع 11 سپتمبر ، لكن المطلوب الآن أشياء أكثر جذرية من قبيل الطرد وسحب الجنسية من الجميع .
بوش يعزز هذا أيضا من خلال تبنيه ما يسميه المنهج نصير الحياة ، أى تشجيع الزواج ومحاربة الإجهاض … إلخ . أنتم تقولون إن الحياة الإنسانية شىء ثمين ، عطية الخالق العظيمة وما إلى ذلك . هذا طبيعى ، فأنتم لا تكادون تنجبون ، وليس ذلك من طبعكم . لكن للأسف فى مقابل هذا تنسون أن ذلك هو طبع الفقراء وأجيال المهاجرين … إلخ ( دع جانبا العالم الثالث ، وبالأخص منه أمة الإسلام الذين تقول عنهم مثلا أوريانا فالاتشى إنه يتكاثرون كما الپروتوزوا ) . شىء طبيعى أنتم البيض أن تناصروا الحياة وأنتم ترون عددكم يتقلص يوما بعد يوم ، لكن هذا يعميكم عن حقيقة أكثر قاعدية ، هى أن الغالبية الساحقة مما تقذفه الأرحام فى هذا العالم ‑داخل وخارج أميركا سواء بسواء لا فرق‑ هم كتل دهن شرهة خبيثة سرطانية ، مشاريع لصوص أو مشاريع إرهابيين ، أو الاثنين معا فى حالة العرب والمسلمين ، لكن لا شىء ثالث ، وقطعا فى كل الأحوال لا لزوم لعالمنا بعد‑الصناعى بعد‑الإنسانى بها . إذن لا يمكن تعميم مقوله الحياة الإنسانية شىء ثمين . فالحقيقة ببساطة أن الحياة الإنسانية اليوم ليست مجرد شىء بخس ، بل قاعديا هى أيضا شىء شرير .
إذن نحن الآن بصدد لحظة انقلاب يصبح فيها أهل البلد الأصليين أقلية ، فى مواجهة أغلبية ذات قيم دخيلة شديدة التخلف تحطم ما قامت عليه أصلا أميركا وكان مقومات البناء الحثيث لمجدها الراهن . أنتم لا تستطيعون مواصلة الحفاظ على حضارتكم ولديكم كل هؤلاء الاشتراكيين فى مركزها . هؤلاء هم حصان طروادة ، هؤلاء هم جلابو العبيد ، هؤلاء هم الخونة الحاقدون على كل ناجح أو نجاح . ودون يقظة هائلة منكم سيتم تركيع الحضارة الأميركية ، تماما كما حدث لكل الحضارات الكبرى من قبلها بذات السيناريو بالضبط !
ربما سيدخل كارل روڤ التاريخ كالستراتيچى العظيم [ ’ المعمارى ‘ the architect حسب تسمية خطاب النصر لبوش له لاحقا ] ، الذى أسس ’ قاعدة ‘ بمعنى الكلمة لليمين الأميركى ، بحيث القاعدة الانتخابية هى عضوية دائمة للحزب قوية وملتزمة ، وليست جماهير طليقة فى الشوارع يتم حشدها عشية يوم الانتخاب ، كما يفعل اليسار عادة ، بغض النظر طبعا عن أنه يفعل هذا مع جمهور سمك لبن تمر هندى توحده فقط أيديولوچية الكراهية ، وعادة ما يتم هذا من خلال سلسلة من الحيل القذرة للحظة الأخيرة ، أو بإشاعة الرعب فى النفوس كما نرى الآن ( لو أنت كهل بوش سيقطع شيكاتك وتموت ، لو أنت شاب سيجندك إجباريا فى العراق وتموت ، لو أنت لا هذا ولا ذاك لن تجد مصل الإنفلونزا وأيضا ستموت ، ثم يرسلون مايكل موور ليقول لهم بوش هو الذى يرعبكم ، وصدام حسين لم يكن يشكل خطرا أكثر من حمامة وديعة ، والعرب والمسلمون أطيب خلق الأرض ، و11 سپتمبر كان خداعا بصريا لا أكثر ، والبرجان قائمان لليوم لم يمسسهما سوء فقط لو حدقت جيدا ! ) . لكن فى مقابل ذلك القرار الستراتيچى الكبير بخلق القاعدة الانتخابية فإن الخوف الزائد على هؤلاء الناخبين ، واسترضاءهم ببعض المواقف ’ السياسية ‘ لإبقائهم أبناء أوفياء ’ للأسرة ‘ ، هو أمر قد يكون شديد الضرر على المجرى البعيد . ففى نهاية المطاف أنتم الذين تقودونهم وليس العكس ، ولو جروكم لمواقف خاطئة أو قصيرة النظر أو رجعية فستخسرون جميعا عما قريب ‑وطبعا نحن أيضا المتناثرين عبر بقية الكوكب ممن نعتبر أنفسنا جزءا من معسكر عالمى كبير وموحد للتوجه الحضارى المستقبلى أنتم قادته .
لا أستطيع أن أفهم لماذا لا يقوم رموز الحزب الجمهورى وكافة معسكر الحضارة بمثقفيه وكتابه بالاشتغال على جمهور الناخبين المخلصين ولو قليلا ، بدلا من الاشتغال طوال الوقت على طبقات يصعب جدا أن تستوعب مفهوم أن الحضارة قيادة وقوة وعزم ورؤية ، وليست اشتراكية وضرائب وكسل وتخالط مع من هم أكثر انحطاطا كلما أمكن العثور عليهم . أتخيل أن يذهب ذلك الفريق لجمهور الكنائس المحافظ ليقنعه أن المثلية الجنسية حرية شخصية سواء مست أسرنا أو لم تمسها . إن الكلونة والخلايا الجذعية علم والعلم عماد الحضارة وتحضرنا ناقص بل موهوم إن لم يكن جوهره دفع العلم قدما . أن الإجهاض حرية شخصية ولا تجهضون أنتم أنفسكم لو شئتم . على الأقل قولوا لهم إن الأموال الفيدرالية تؤخذ من الجميع ويجب أن تخدم الجميع . وليس من حق أحد ‑بما فيها أنتم‑ فرض معتقداته الدينية عليها .
لو فعلتم هذا ماذا سيحدث ؟ أولا وأهم شىء أعتقد أنكم ستغيرون أفكار معسكر اليمين نحو مزيد من الحداثة وهذا مكسب هائل وتاريخى وتفعيل لتراث الارستقراطية والقطاعات الراقية من الطبقات الوسطى ، التى دون سواها صنعت كل إنجازات الحضارة الإنسانية بلا استثناء . ثانيا أسوأ شىء أنكم ستفقدون حفنة من المتدينين المتزمتين . لا بأس لسببين ، أن خسارتهم مكسب ، وأنهم أصلا كانوا تاريخيا ضمن معسكر اليسار ، ولم يأت بهم لليمين إلا كاريزما رونالد ريجان الاستثنائية التى احتوت ووحدت لبرهة الأمة بكاملها . فى مقابل هؤلاء انظر من قد تكسبون . قطاع هائل من المثقفين والطبقة الوسطى ، منهم بالمناسبة كتلة لا أدرى كيف تتجاهلونها من البيض الأنجلو الپروتستانت أنفسهم ، طالما فشلتم فى استقطابها . هذه الكتلة لا توافق اليسار بالضرورة على الاشتراكية وجز الرقاب بالضرائب ، لكنها فقط تنفر منكم بسبب قراراتكم ’ الخاطئة ببساطة ‘ فيما يخص التقدم العلمى والحريات الشخصية . أنتم الدكان الوحيد الذى يعرض السلعة الثمينة والجوهرية وأصل كل تقدم ونماء والتى لحسن الحظ لا يعرضها ولا يمكن أن أحد سواكم ويفضلون الموت دونها : الاقتصاد الحر . أنتم الدكان الوحيد الذى يعرض ‑كسلعة جانبية ناتجة من سلعتكم الأصلية‑ رؤية مستقبلية شاملة ومتكاملة للعالم ، إمپراطورية ترفع كفاءة الأداء الاقتصادى للجلوب ومواردها ، ترقى بمستويات المعيشة وتشيع الحريات وثقافة العلم والاحترافية والكفاءة والجودة . دكانكم الوحيد الذى به السلع الوحيدة ذات القيمة ، لكن للأسف الشديد دكانكم متسخ به بعض جيف الماضى النتنة ، المفارقة الأدهى أن بعضها دسها الآخرون عليكم وليس لكم علاقة به . بقليل من النظافة الداخلية ، تأكدوا أن البوار المطلق سيصيب كل الدكاكين الأخرى ذات الزواق الباهر بينما داخل كل هذه العلب لا يوجد سوى معجون واحد ونمطى ، سم بطئ اسمه الاشتراكية .
باختصار : مكافحة هذه البؤر الصديدية الدخيلة على العقل الحضارى ، وتعوق تقدمه على جبهات بعينها ، هو التحدى الكبير اليوم أمام الأسرة الأنجلو‑يهودية .
أما لك ، سيدى تونى بلير ، فلا أملك سوى القول : أنا لم أر مظاهرة واحدة أو استطلاع رأى واحد خرجت لتقول إنك أو الرئيس بوش الأفضل أو المحبوب من عموم الناس . أنتما لم تكونا فى حاجة لمظاهرات أو لاستطلاعات رأى . أتباعكما المخلصين ‑وهم الغالبية‑ ليسوا فى حاجة لمثل هذه الأشياء ، اليسار فقط هو الذى ينظم المظاهرات وهو فقط الذى يملك مؤسسات استطلاع الرأى . أما ساعة تحين الانتخابات ، فقد كنتما تفوزان بأغلبية قوية ، هكذا الأمر ببساطة . بينما لو اعتمدنا على ما يخرج علينا يوميا من استطلاعات ومظاهرات لما فزتما فى أية انتخابات بأكثر من صفر بالمائة . فقط دائما تحرق دماكما ودائما ما يقولون إن شعبيتكما فى الحضيض .
ما أردت قوله إنه شىء مؤلم حقا أن لا يشعر المرء بالعرفان ، بالذات من المقربين إليه ، من الناس الذين كان صاحب فضل عظيم وممتد عليهم ، ونقصد بهذا بالأخص كل معارض لك فى داخل حزبك . أما الشعب البريطانى فى مجمله فلم يقل يوما سوى إنه كان فخورا بقيادتك ورؤيتك وعزمك . لكن منذ متى كان صناع التاريخ الحقيقيون يحظون بالتقدير كل التقدير فى حيواتهم . كثير من البشر حمقى أنانيون وأغبياء . ولذا لا نملك إلا أن نتمنى لك تقاعدا سعيدا ، مع ثقة تامة أن اسمك سيذكر فى التاريخ البريطانى فى مكانة لن تقل أبدا عن مكانة سلفيك القريبين وينستون تشرتشل ومارجاريت ثاتشر !
المصدر:
http://everyscreen.com/viewsberalism.htm
http://everyscreen.com/viewsberalism_part_2.htm
http://everyscreen.com/viewsberalism_part_3.htm