{myadvertisements[zone_1]}
 
تقييم الموضوع:
  • 0 صوت - 0 بمعدل
  • 1
  • 2
  • 3
  • 4
  • 5
الإنجيل برواية القرآن
بنفسج الضباب غير متصل
عضو مشارك
**

المشاركات: 39
الانضمام: Mar 2006
مشاركة: #1
الإنجيل برواية القرآن
الإنجيل برواية القرآن

بقلم فراس السواح


الجزء الاول

الإنجيل برواية القرآن: زكريا ويحيى


[صورة: diala%2064.jpg]


"الإنجيل"، بالمعنى اليوناني الأصلي لهذه الكلمة، يعني "البشارة". وهو نوع من الأدب الديني الذي يقص عن حياة يسوع المسيح وتعاليمه وأقواله، ثم موته وبعثه. ولدينا أربعة أناجيل أقرتها الكنيسة الرسمية وضمتها إلى أول كتالوج رسمي للعهد الجديد في أواخر القرن الثاني الميلادي، هي: إنجيل متى وإنجيل مرقس وإنجيل لوقا وإنجيل يوحنا. إلى جانب هذه الأناجيل الرسمية، تداول المسيحيون عدداً من الأناجيل اعتُبرت فيما بعد منحولة، أي منسوبة زوراً إلى أسماء شخصيات بارزة في العهد الجديد، مثل إنجيل يعقوب، ومنحول متى، وإنجيل الطفولة العربي. وإنجيل توما الإسرائيلي، وتاريخ يوسف النجار، وغيرها، ومعظمها يهتم بفترة طفولة يسوع، وتاريخ أسرة مريم وميلادها وحياتها السابقة، وما إلى ذلك من المعلومات التي لم يتطرق إليها مؤلفو الأناجيل الأربعة.

وعلى الرغم من أن هذه الأناجيل المنحولة قد بقيت على هامش الأسفار الرسمية للعهد الجديد، إلا أنها مارست دوراً هاماً في تزويد الخيال الشعبي والتقوى المسيحية بمادة غنية، كما أمدَّت الفن التشكيلي بكثير من العناصر والأفكار التي بقي يعالجها وصولاً إلى العصور الحديثة، وذلك مثل مغارة الميلاد، وميلاد العذراء، وبشارة الملاك لمريم وهي جالسة تنسج حجاب الهيكل، وغيرها؛ إضافةً إلى المادة التي قدمتها للموسيقى والتراتيل الكَنَسيَّة، والمناسبات والأعياد الدينية.

في مطلع القرن السابع قبل الميلاد، جاء قرآن المسلمين، من خلال أطروحاته الدينية كمكمل لرسالة التوراة والإنجيل، بروايته الخاصة عن حياة مريم العذراء وحياة يسوع وتعاليمه ونهايته. وهذه الرواية على قصرها وإيجازها، يمكن اعتبارها بمثابة إنجيل غير رسمي من وجهة نظر الكنيسة المسيحية، لأنها نتاج عصر كانت فيه المسيحية الرسمية لكنيسة روما مازالت تصارع عدداً من التيارات الناشئة ضمن العالم المسيحي، والتي تحمل آراء ورؤى وأفكاراً لاتنسجم مع قرارات المجامع المسكونية التي تتالت منذ مجمع نيقية عام 325م، والتي حاولت رسم الخطوط العامة لللاهوت المسيحي. وقد أدلت الرواية القرآنية بدلوها في خضم هذا الجدل الديني المسيحي، وقدمت رؤيتها الخاصة التي تقترب كثيراً من رؤية الأناجيل الرسمية منها والمنحولة، وفق المعاني الظاهرة والمباشرة لهذه المصادر، على الرغم من عدم اتفاقها مع الأطروحات اللاهوتية للمجامع المسكونية. ولسوف نحاول في هذه المقالة، وعدد من المقالات اللاحقة، تبيان مدى تشابك الرواية القرآنية والرواية الإنجيلية، الرسمية منها والمنحولة، من خلال منهج مقارن.
1- زكريا ويحيى

ترد قصة زكريا وابنه يوحنا المعمدان (= يحيى) في كلا الروايتين القرآنية والإنجيلية، كمقدمة لقصة يسوع وأمه مريم. وقد ورد اسم زكريا كوالد ليحيى أربع مرات في القرآن، ومنها ما جاء في مطلع سورة مريم:

"كهيعص. ذِكرُ ربك عبده زكريا، إذ نادى ربه نداءً خفياً. قال: إني وهن العظم مني واشتعل الرأس شيباً، ولم أكن بدعائك ربِّ شقياً. وإني خفت الموالي من ورائي وكانت امرأتي عاقراً، فهب لي من لدنكَ ولياً يرثني ويرث من آل يعقوب، واجعله رضياً. يا زكريا إنَّا نبشرك بغلام اسمه يحيى، لم نجعل له من قبل سمياً. قال: أنَّى يكون لي غلام وكانت امرأتي عاقر وقد بلغتُ من العمر عتياً؟ قال: كذلك قال ربك هو عليَّ هين، وقد خلقتك من قبل ولم تك شيئاً. قال: ربِ اجعل لي آية. قال آيتك ألا تكلم الناس ثلاث ليالٍ سوياً. فخرج على قومه من المحراب فأوحى إليهم أن سبحوا بُكْرةً وعِشياً. يا يحيى خذ الكتاب بقوة، وآتيناه الحكم صبياً، وحناناً من لدنَّا وزكاةً، وكان تقياً، وبراً بوالديه، ولم يكن جباراً عصياً. وسلام عليه يوم ولد ويوم يموت ويوم يبعث حياً." (19 مريم 1-15). ويلي ذلك مباشرةً قول السورة: "واذكر في الكتاب مريم إذ انتبذت من أهلها مكاناً شرقياً...إلخ."

وقد وردت قصة زكريا ويحيى في إنجيل لوقا فقط، حيث نقرأ في مطلع الإصحاح الأول: "كان في أيام هيرودُس ملك اليهودية كاهن اسمه زكريا من فرقة أبيَّا، وامرأته من بنات هارون واسمها أليصابات. وكان كلاهما بارين أمام الله، سالكين في جميع وصايا الرب وأحكامه بلا لوم. ولم يكن لهما ولد إذ كانت أليصابات عاقراً، وكان كلاهما متقدمين في أيامهما.

"فبينما هو يكهن في نوبة فرقته أمام الله حسب عادة الكهنوت، أصابته القرعة لكي يدخل إلى هيكل الرب ويبخّر، وكان كل جمهور الشعب يصلون خارجاً وقت البخور. فظهر له ملاك الرب واقفاً عن يمين مذبح البخور، فلما رأه زكريا اضطرب ووقع عليه الخوف. فقال له الملاك: لا تخف يا زكريا لأن طِلبتك قد سُمعت، وامرأتك أليصابات ستلد لك ابناً وتسميه يوحنا، ويكون لك فرح وابتهاج، وكثيرون سيفرحون بولادته، لأنه يكون عظيماً أمام الرب، وخمراً ومسكراً لا يشرب، ومن بطن أمه يمتلئ من الروح القدس، ويتقدم أمامه بروح (النبي) إيليا وقوته، ليرد قلوب الآباء إلى الأبناء، والعصاة إلى فكر الأبرار، لكي يهيء للرب شعباً مستعداً. فقال زكريا للملاك: كيف أعلم هذا؟ لأني أنا شيخ وامرأتي متقدمة في أيامها. فأجاب الملاك وقال له: أنا جبرائيل الواقف قدام الله، وأُرسلت لأكلمك وأبشرك بهذا. وها أنت تكون صامتاً ولا تقدر أن تتكلم إلى اليوم الذي يكون فيه هذا، لأنك لم تصدق كلامي الذي سيتم في وقته. وكان الشعب منتظرين زكريا ومتعجبين من إبطائه في الهيكل. فلما خرج لم يستطع أن يكلمهم، ففهموا أنه رأى رؤيا في الهيكل، فكان يومئ لهم وبقي صامتاً. ولما كملت أيام خدمته مضى إلى بيته." (لوقا 5:1-23). يلي ذلك مباشرةً ظهور الملاك جبرائيل لمريم ليبشرها بالحمل من الروح القدس، وزيارة مريم لقريبتها أليصابات زوجة زكريا التي كانت حاملاً بيحيى. ثم يتابع لوقا قصة مولد يحيى:

"وأما أليصابات، فتم زمانها لتلد فولدت ابناً. وسمع جيرانها وأقرباؤها أن الرب عظَّم رحمته لها ففرحوا معها. وفي اليوم الثامن جاءوا ليختنوا الصبي وسموه باسم أبيه زكريا. فأجابت أمه وقالت: لا بل يسمى يوحنا. فقالوا لها ليس أحد في عشيرتك تسمى بهذا الاسم. ثم أومأوا إلى أبيه ماذا يريد أن يسمي. فطلب لوحاً وكتب قائلاً: اسمه يوحنا. فتعجب الجميع. وفي الحال انفتح فمه ولسانه وتكلم وبارك الله... وامتلأ زكريا أبوه من الروح القدس وتنبأ قائلاً: مبارك الرب إله إسرائيل لأنه افتقد وصنع فداءً لشعبه، وأقام لنا قرن خلاص في بيت داود فتاه، كما تكلم بفم أنبيائه القديسين الذين هم منذ الدهر... وأنت أيها الصبي، نبي العلي تدعى لأنك تتقدم أمام وجه الرب لتعد طرقه... أما الصبي فكان ينمو ويتقوى بالروح، وكان في البراري إلى يوم ظهوره لإسرائيل." (لوقا 57:1-80).

ولسوف نعمد فيما يلي إلى إجراء المقارنة بين الرواية القرآنية والرواية الإنجيلية، معتمدين على العناصر الرئيسية للرواية القرآنية.
أ- نبوة زكريا ويحيى

تنص السورة 6 (الأنبياء) على نبوة كل من زكريا ويحيى، وتضعهما ضمن سلسلة الأنبياء المعروفين لنا من العهد القديم: "ونوحاً هديناً من قبلُ، ومن ذريته داود وسليمان وأيوب ويوسف وموسى وهرون، وكذلك نجزي المحسنين، وزكريا ويحيى وعيسى وإلياس، كل من الصالحين." (84:6-85). ونبوة يحيى هي مقدمة لنبوة عيسى، على ما نفهم من بشارة الملائكة لأبيه في السورة 3 (آل عمران): "إن الله يبشرك بيحيى، مصدقاً بكلمة من الله، وسيداً وحصوراً ونبياً من الصالحين." (39:3). والمقصود بتعبير "كلمة من الله" هنا هو عيسى الذي يدعى في القرآن بالكلمة في أكثر من موضع، ومنها قوله: "يا مريم إن الله يبشرك بكلمة منه اسمه المسيح عيسى ابن مريم." (3 مريم: 45).

وفي رواية لوقا، يظهر زكريا على أنه واحد من كهنة الهيكل، ولكن هنالك ما يشير إلى نبوته. فقد ظهر له ملاك الرب في محراب الهيكل وبشَّره بميلاد يوحنا. وملاك الرب لايظهر إلا للمختارين الذين هم في حكم الأنبياء. وفي إنجيل يعقوب المنحول يظهر له الملاك أيضاً في المحراب ليأمره بإجراء القرعة بخصوص من سيكفل مريم بعد انتهاء فترة اعتكافها في الهيكل. وبعد ولادة ابنه يوحنا انحلت عقدة لسان زكريا وتنبأ على غرار أنبياء العهد القديم، الذين كانوا يتنبأون بعد أن يحل عليهم روح الرب: "وامتلأ أبوه من الروح القدس وتنبأ قائلاً: مبارك الرب... إلخ." (لوقا 67:1-79).

أما عن نبوة يوحنا، فإن الأناجيل تنص عليها بشكل أكثر وضوحاً. فهو يدعى "بنبي العلي" (لوقا 76:1). وكما هو الحال في الرواية القرآنية، فإن يوحنا هو النبي الذي يظهر قبل مجيء المسيح ويمهد له الطريق. فعندما خرج للتبشير والتعميد بالماء لمغفرة الخطايا، قال بعض الناس لعله المسيح. فأجاب يوحنا الجميع قائلاً: "أنا أعمدكم بماء، ولكن يأتي من هو أقوى مني، الذي لست أهلاً أن أحل سيور حذائه، هو سيعمدكم بالروح القدس ونار." (لوقا 3: 16-15). ويسوع نفسه اعتبر رسالة يوحنا مقدمة لرسالته عندما قال فيه للجموع بعد مقتله: "ولكن ماذا خرجتم لتنظروا؟ أنبياً؟ نعم أقول لكم وأفضل من نبي. فإن هذا هو الذي كُتب عنه: ها أنا أرسل أمام وجهك ملاكي الذي يهيء الطريق أمامك." (متى 9:11-10).

ونبوة يحيى تبتديء في النص الإنجيلي منذ تخلُّقه في الرحم حيث يمتليء من الروح القدس: "ومن بطن أمه يمتليء من الروح القدس." (لوقا 15:1). وهذا ما نجد له صدىً في الرواية القرآنية: "وآتيناه الحكم صبياً." (19 مريم: 12).
ب- أخلاق يحيى

تتحدث الروايتان عن أخلاق يحيى وصفاته بعبارات ومعاني متشابهة فهو في الرواية القرآنية: "سيداً وحصوراً ونبياً من الصالحين." (3 آل عمران:39). وأيضاً: "وآتيناه الحكم صبياً، وحناناً من لدُنَّا وزكاةً، وكان تقياً." (19 مريم: 12-13). وفي رواية لوقا ورد على لسان الملاك في وصف يوحنا: "يكون عظيماً أمام الرب، وخمراً ومسكراً لا يشرب." (لوقا 15:1). ويصف متَّى نسكه وزهده بقوله: "ويوحنا هذا كان لباسه من وبر الإبل، وعلى حقويه منطقة من جلد، وكان طعامه جراداً وعسلاً برياً." (متى 3: 4-5).

وهنا نستطيع المقارنة وبشكل خاص، بين وصف "السيد" الوارد في الرواية القرآنية، وقول لوقا: "يكون عظيماً أمام الرب."، وبين وصف "الحصور" الذي يتضمن معنى العفة وحبس النفْس عن الشهوات، وقول لوقا: "وخمراً ومسكراً لا يشرب"، وأيضاً وصف متى لزهد يوحنا ولطريقة حياته وشظف العيش الذي اختاره.
ج- أخلاق زكريا وزوجته

تصف الرواية الإنجيلية أخلاق زكريا وزوجته أليصابات بقولها إنهما: "كان بارين أمام الله، سالكين في جميع وصايا الرب وأحكامه بلا لوم." (لوقا 6:1). وكذلك تقول الرواية القرآنية بتعابير مشابهة: "إنهم كانوا يسارعون في الخيرات، ويدعوننا رَغَباً ورَهَباً، وكانوا لنا خاشعين." (21 الأنبياء:90). ونلاحظ أن الرواية القرآنية لم تذكر اسم زوجة زكريا، وذلك جرياً على عادة القرآن في إغفال ذكر أسماء زوجات الأنبياء، وذلك كقوله: امرأة لوط، وامرأة نوح، وامرأة عمران... إلخ.
د- دعاء زكريا

"وزكريا إذ نادى ربه: لا تذرني فرداً وأنت خير الوارثين." (21 الأنبياء:89). "هنالك دعا زكريا ربه قال: رب هبْ لي من لدنك ذرية طيبةً إنك أنت السميع العليم." (3 آل عمران:38). "كهيعص. ذكْرُ رحمة ربك عبده زكريا، إذ نادى ربه نداءً خفياً. قال: إني وهن العظم مني واشتعل الرأس شيباً، وإني خفت الموالي من ورائي وكانت امرأتي عاقراً، فهب لي من لدنك ولياً يرثني." (19 مريم: 1-5).

وورد في إنجيل لوقا: "وكان في أيام هيرودُس ملك اليهودية كاهن اسمه زكريا من فرقة أبيَّا، وامرأته من بنات هرون واسمها أليصابات. وكانا كلاهما بارين أمام الله سالكين في جميع وصايا الرب وأحكامه بلا لومٍ. ولم يكن لهما ولد إذ كانت أليصابات عاقراً، وكان كلاهما متقدمين في أيامهما." (لوقا 5:1-7).

نلاحظ هنا أن الجملة التقريرية في رواية لوقا: "ولم يكن لهما ولد إذ كانت أليصابات عاقراً، وكان كلاهما متقدمين في أيامهما."، قد تحولت إلى دعاء في الرواية القرآنية يتضمن المعاني نفسها: "إني قد وهن العظم مني واشتعل الرأس شيباً... وكانت امرأتي عاقرا. فهب لي من لدنك ولياً يرثني." ولكن الرواية الإنجيلية ما تلبث حتى تكشف لنا أن زكريا كان يدعو ربه بالفعل، حيث يقول الملاك لزكريا: "لا تخف يا زكريا لأن طِلْبتك قد سُمعت."
هـ- الاستجابة:

"فاستجبنا له ووهبنا له يحيى، وأصلحنا له زوجه." (21 الأنبياء:90). "يا زكريا إنَّا نبشرك بغلام اسمه يحيى، لم نجعل له نم قبل سَميَّا." (19 مريم: 7). "فنادته الملائكة وهو قائم يصلي في المحراب: إن الله يبشرك بيحيى، مصدقاً بكلمة من الله." (3 آل عمران: 39).

وجاء في إنجيل يوقا:

"فبينما هو يكهن في نوبة فرقته أمام الله حسب عادة الكهنوت، أصابته القرعة أن يدخل إلى هيكل الرب ويبخر... فظهر له ملاك الرب واقفاً عن يمين مذبح البخور. فلما رآه زكريا اضطرب ووقع عليه الخوف. فقال له الملاك: لاتخف يا زكريا، لأن طِلْبتك قد سُمعت، وامرأتك ستلد لك ابناً وتسميه يوحنا." (لوقا 8:1-13).

نلاحظ هنا التطابق بين النصين من خلال مقارنة العناصر الرئيسية التالية:

- "فاستجبنا له ووهبنا له يحيى"

"لأن طِلْبتك قد سُمعت."


- "فنادته الملائكة وهو قائم

"فظهر له ملاك الرب واقفاً عن"


يصلي في المحراب.

يمين مذبح البخور."


- "إن الله يبشرك بيحيى."

"وامرأتك ستلد لك ابناً وتسميه


"إنا نبشرك بغلام اسمه يحيى يوحنا.

يوحنا."


لم نجعل له من قبلُ سمياً."

و- تعجب زكريا وشكه:

الرواية القرآنية
- "قال: رب أنَّى يكون لي غلام وقد بلغني الكِبر وامرأتي عاقر؟ قال: كذلك يفعل الله ما يشاء. قال: رب اجعل لي آية. قال: آيتك ألا تكلم الناس ثلاث ليالٍ إلا رمزاً." (3 آل عمران: 40- (1)41

إنجيل لوقا
"فقال زكريا للملاك: كيف أعلم هذا لأني أنا شيخ وامرأتي متقدمة في أيامها. فأجابه الملاك: أنا جبرائيل الواقف قدام الله، وأُرسلت لأكلمك وأبشرك بهذا. وها أنت تكون صامتاً ولا تقدر أن تتكلم إلى اليوم الذي يكون فيه هذا."

ز- الخروج من المحراب:

الرواية القرآنية
"فخرج على قومه من المحراب، فأوحى إليهم (أي كلمَهُم بالإشارة) أن سبحوا بُكرةً وعِشياً." (19 مريم:11).

إنجيل لوقا
"وكان الشعب منتظرين زكريا، ومتعجبين من إبطائه في الهيكل. فلما خرج لم يستطع أن يكلمهم... فكان يوميء إليهم وبقي صامتاً." (لوقا 23:1).

ح- مولد يحيى:

لاتذكر الرواية القرآنية شيئاً عن مولد يوحنا، فهي تنتقل بنا مباشرةً من خروج زكريا من المحراب إلى يحيى وقد صار نبياً: "يا يحيى خذ الكتاب (= التوراة) بقوة، وآتيناه الحكم صبياً."

وورد في إنجيل لوقا:

"وأما أليصابات فتم زمانها لتلد فولدت ابناً وفي اليوم الثامن جاءوا ليَختنوا الصبي وسموه باسم أبيه زكريا. فأجابت أمه وقالت: لا بل يسمى يوحنا. فقالوا: ليس أحد من عشيرتك تسمى بهذا الاسم. ثم أومأوا إلى أبيه ماذا يريد أن يسمي؟ فطلب لوحاً وكتب قائلاً: اسمه يوحنا. وفي الحال انفتح فمه ولسانه وبارك الله." (لوقا: 1: 59-64).

نلاحظ هنا أن بُكم زكريا استمر ثلاثة أيام فقط، بينما استمر في رواية لوقا بضعة أشهر. كما يمكننا المقارنة بين قولهم لأمه "ليس أحد من عشيرتك تسمى بهذا الاسم. وبين قول الرواية القرآنية: "إن الله يبشرك بغلام اسمه يحيى، لم نجعل له من قبلُ سَمِيَّا."

----------------------------------------

(1) والآية هنا تعني العلامة على تحقق ما يقوله الملاك. ولذك أصابه الله بالبُكم


المصدر
http://www.alawan.org/?page=articles&o...;article_id=315



تابع ...
05-11-2008, 08:53 AM
زيارة موقع العضو عرض جميع مشاركات هذا العضو إقتباس هذه الرسالة في الرد
{myadvertisements[zone_3]}
بنفسج الضباب غير متصل
عضو مشارك
**

المشاركات: 39
الانضمام: Mar 2006
مشاركة: #2
الإنجيل برواية القرآن
الجزء الثاني

الإنجيل برواية القرآن: مكانة مريم في كلا النصين

بقلم فراس السواح


[صورة: diala67.jpg]

قبل أن نبدأ الحديث عن أصل مريم وأسرتها وميلادها في كلا النصين الكتابي والقرآني، لا بد من تقديم نبذة عن وضع مريم ومكانتها في هذين النصين.
على الرغم من المكانة العالية التي تبوأتها مريم في اللاهوت المسيحي الذي أعطاها فيما بعد لقب أم الله، وجعلها ترتفع إلى السماء في يومٍ ما زالت الكنسية تحتفل به حتى الآن، وهو عيد صعود السيدة العذراء، إلا أن مكانة مريم في أسفار العهد الجديد لم ترقَ إلى مكانتها في اللاهوت المسيحي. وفيما عدا دورها في قصة البشارة والميلاد لا نكاد نعثر لها على دور مميز في حياة يسوع التبشيرية، وقد كانت غائبة عن مشهد الصلب لدى ثلاثة من الإنجيليين، ولم تشهد قيامة يسوع مع التلاميذ لدى الإنجيليين الأربعة. وهنا لابد من الإشارة إلى أن قصة البشارة والميلاد قد وردت عند متَّى ولوقا. وغابت تماماً عند مرقس ويوحنا. فهذان الإنجيليان يبدءان روايتهما باللقاء الذي تم بين يسوع ويوحنا المعمدان عند نهر الأردن عندما كان يسوع في نحو الثلاثين من عمره. وهما لا يشيران ولو من بعيد بعد ذلك إلى قصة الميلاد العذري، حتى ليبدو أنهما لم يسمعا بها، ولم يكن لديهما أي معلومات عن السيدة مريم وعن أسرتها وحياتها السابقة قبل الميلاد. وفي الواقع، فإن غياب قصة الميلاد عن إنجيلي مرقس ويوحنا، وورودها بشكل مختلف تماماً في إنجيلي متَّى ولوقا، قد دعا بعض الباحثين في العهد الجديد إلى اعتبارها قصة مقحمة على هذين النصين، جرى إضافتها لاحقاً لأسباب تتعلق بنشوء وتطور فكرة الميلاد العذري التي كانت غائبة في مرحلة تدوين الأناجيل.

في رواية لوقا لا تظهر مريم بعد قصة الميلاد إلا في حادثة زيارة أسرة يوسف النجار إلى أورشليم عندما كان يسوع في سن الثانية عشر من العمر، وكيف افتقداه في طريق العودة ولم يجداه في الركب، فعاد الوالدان إلى أورشليم ليجداه في الهيكل يناقش الشيوخ ويُظهر علماً كثيراً (لوقا 41:2-52). وبعد ذلك تغيب مريم عن بقية الأحداث حتى نهاية الرواية. وحتى في الموضع الذي نتوقع فيه ظهور اسمها كأم ليسوع فإن لوقا يخيب أملنا في ذلك. فعندما تكلم في مجمع الناصرة لأول مرة بعد هبوط الروح القدس عليه، تعجب الحاضرون من سلطان كلماته، فقالوا: "أليس هذا ابن يوسف؟" (لوقا 16:4-22)، ولم يقولوا: أليس هذا ابن مريم، أو أليس هذا ابن يوسف ومريم، على ما سنجد بعد قليل في إنجيل متَّى.

في رواية متَّى لا يأتي ذكر مريم بالاسم بعد قصة الميلاد إلا مرة واحدة، وذلك على لسان أهل الناصرة الذين استمعوا لأقوال يسوع للمرة الأولى فقالوا: "من أين لهذا هذه الحكمة والقوات؟ أليس هذا ابن النجار؟ أليست أمه تدعى مريم، وإخوته يعقوب ويوسي وسمعان ويهوذا؟ أوَ ليست أخواته جميعاً عندنا؟" (متَّى 55:13-56). كما يأتي ذكر مريم عند متَّى مرة أخرى ولكن دون الإشارة إلى اسمها: "وفيما هو يكلم الجموع إذا أمه وإخوته قد وقفوا خارجاً طالبين أن يكلموه. فقال له واحد: هوذا أمك وإخوتك واقفون خارجاً طالبين أن يكلموك. فأجاب وقال للقائل له: من هي أمي ومن هم إخوتي؟ ثم مد يده نحو تلاميذه وقال: ها أمي وإخوتي، لأن من يصنع مشيئة أبي الذي في السماوات هو أخي وأختي وأمي." (متَّى 46:12-50). ويسوع هنا يُبدي نوعاً من البرود تجاه أسرته التي جاءت على ما يبدو من أجل الحيلولة بينه وبين رسالته التي لم يكونوا مؤمنين بها. والنص التالي من إنجيل يوحنا يوضح لنا موقفهم هذا بشكل لا لُبس فيه: "وكان عيد المظال قريباً، فقال له إخوته: انتقل من هنا واذهب إلى اليهودية لكي يرى تلاميذك أيضاً أعمالك التي تعمل، لأنه ليس أحد يعمل شيئاً في الخفاء وهو يريد أن يكون علانيةً. إن كنت تعمل هذه الأشياء فاظهر نفسك للعالم. لأن إخوته أيضاً لم يكونوا يؤمنون به." (يوحنا 2:7-5). ويبدو من هذا النص أن إخوته كانوا يحفزونه على الذهاب إلى أورشليم عاصمة مقاطعة اليهودية لكي يتم القبض عليه هناك ويُرغم على التخلي عن رسالته. وقد حاولوا هم القبض عليه لأنهم اعتبروه مخبولاً، على ما سنرى في إنجيل مرقس.

في إنجيل مرقس الذي لم يذكر قصة الميلاد العذري، ولم يأتِنا بخبر عن يسوع قبل اعتماده على يد يوحنا المعمدان وهو في نحو الثلاثين من عمره، لا يأتي المؤلف على ذكر مريم بالاسم إلا مرة واحدة، وذلك في معرِض تعجب أهل الناصرة من حكمة يسوع، فيسوق لنا مقطعاً مشابهاً لما قرأناه منذ قليل عند متَّى: "من أين لهذا هذه؟ وما هذه الحكمة التي أُعطيت له حتى تجري على يديه قوات مثل هذه؟ أليس هذا هو النجار ابن مريم؟ وأخو يعقوب ويوسي وسمعان ويهوذا؟ أوَ ليست أَخواته ههنا عندنا." (مرقس 6: 1-3). وهذا هو الموضع الوحيد الذي دُعي يسوع فيه بابن مريم، ولكن من قبيل التعريف لا من قبيل إطلاق اللقب. ونلاحظ هنا أن مرقس قد تجاهل يوسف تماماً عندما قال: "أليس هذا هو النجار ابن مريم؟" بينما قال لوقا في روايته للحادثة نفسها: "أليس هذا ابن يوسف؟" وقال متَّى: "أليس هذا ابن النجار؟" أي أن مرقس الذي لم يروِ قصة الميلاد يبدو أنه لم يسمع بيوسف النجار فأعطى لقب النجار ليسوع نفسه.

في المرة الثانية والأخيرة التي يذكر فيها مرقس السيدة مريم يشير إليها على أنها أم يسوع دون ذكر اسمها، وذلك عندما جاءت تطلبه مع إخوته: "فجاءت حينئذٍ أمه وإخوته ووقفوا خارجاً وأرسلوا إليه يدعونه، وكان الجمع جالساً حوله فقالوا له: هوذا أمك وإخوتك خارجاً يطلبونك. فأجابهم قائلاً: من أمي وأخوتي؟ ثم نظر إلى الجالسين وقال: ها أمي وأخوتي، لأن من يصنع مشيئة الله هو أخي وأختي وأمي." (مرقس 3: 31-35). ومن الواضح هنا أن أسرة يسوع قد جاءت لكي تحول بينه وبين المضي في رسالته، لأن مرقس يقول في الإصحاح نفسه، وقبل بضع آيات من ذلك: "ولما سمع أقرباؤه خرجوا ليمسكوه لأنهم قالوا إنه مختل." (مرقس 3: 21).

وعلى الرغم من وجود نسوة بين أتباع يسوع يرافقنه بشكل دائم ويخدمنه، إلا أن أم يسوع كانت غائبة عن المشهد طيلة الفترة التي تغطيها رواية الأناجيل الإزائية (= المتشابهة) الثلاثة، متَّى ومرقس ولوقا. نقرأ عن أولئك النسوة في إنجيل لوقا: "وعلى إثر ذلك كان يسير في كل مدينة وقرية يكرز ويبشر بملكوت الله، ومعه الاثنا عشر وبعض النسوة كن قد شفين من أرواح شريرة وأمراض: مريم التي تدعى المجدلية التي أخرج منها سبعة شياطين، ويُوَنَّا امرأة خوزي وكيل هيرودُس وسوسنة. وأُخر كثيرات كنّ يخدمنه من أموالهن." (لوقا 8: 1-3).

بعض هؤلاء النسوة بقين مع يسوع حتى القبض عليه، وحضرن واقعة الصلب في الوقت الذي تخلَّى فيه عنه الرسل واختفوا. نقرأ في إنجيل متَّى: "فصرخ يسوع بصوت عظيم وأسلم الروح... وكانت هناك نساء كثيرات ينظرن من بعيد، وهن كن قد تبعن يسوع من الجليل يخدمنه، وبينهن مريم المجدلية، ومريم أم يعقوب ويوسي، وأم ابني زبدي." (متى 27: 50-56). ونقرأ في إنجيل مرقس: "وكانت هناك نساء ينظرن من بعيد، بينهن مريم المجدلية، ومريم أم يعقوب الصغير ويوسي، وسالومة، اللواتي أيضاً تبعنه وخدمنه حين كان في الجليل، وأُخر كثيرات اللواتي صعدن معه إلى أورشليم." (مرقس 15: 40-41). ونقرأ في إنجيل لوقا: "وكان جميع معارفه ونساء كن قد تبعنه من الجليل واقفين ينظرون ذلك." (لوقا 23: 49). وبعض هؤلاء النسوة كن أول الشاهدين على قيامته، وهن من أبلغ بقية التلاميذ هذه البُشرى." (متَّى 28 ومرقس 16 ولوقا 24).

من هذه الشهادات الثلاث نلاحظ أن أم يسوع كانت غائبة حتى عن مشهد الصلب. يوحنا هو الإنجيلي الوحيد الذي جعل مريم حاضرة في مشهد الصلب. فهل كان لها حضوراً أكثر وضوحاً في شهادته؟

إن يوحنا الذي أغفل قصة الميلاد جملةً وتفصيلاً، وصف يسوع في مطلع إنجيله بأنه ابن يوسف، حيث يقول فيليبس الذي تبع يسوع لزميله نثنائيل: "وجدنا الذي كتب عنه موسى في الناموس والأنبياء، يسوع ابن يوسف الذي من الناصرة." (يوحنا 1: 45). وبعد ذلك، وفي الإصحاح الثالث، يشير يوحنا إلى يسوع على أنه ابن يوسف مع الإشارة العَرَضيَّة لأمه دون ذكر اسمها، حيث يقول أهل الناصرة: "أليس هذا يسوع ابن يوسف الذي نحن عارفون بأبيه وأمه؟" بعد ذلك يرد ذكر والدة يسوع مرتين فقط ولكن دون الإشارة إلى اسمها، المرة الأولى في مشهد عرس قانا في بداية الرواية، والثانية في مشهد الصلب في آخر الرواية. وفيما بين هذين المشهدين لا نعثر لوالدة يسوع على أثر، سواء في حياته الخاصة أم في حياته العامَّة.

في مشهد عرس قانا في الجليل حيث دُعي يسوع وأمه والتلاميذ، لدينا دليل على الدفء المفقود في العلاقة بين يسوع وأمه. فلما نفذت الخمر والحفل مازال في منتصفه، توجهت أم يسوع إلى ابنها ليجد حلاً لهذا الوضع المُحرج: "ولما فرغت الخمر قالت أم يسوع له: ليس لهم خمراً! فقال يسوع: مالي ولك يا امرأة. لم تأتِ ساعتي بعد. قالت أمه للخدم: مهما قال لكم فافعلوه." (يوحنا 2: 1-10). يلي ذلك قيام يسوع بأولى معجزاته وهي تحويل الماء إلى خمر. بعد ذلك علينا أن ننتظر إلى نهاية الإنجيل لنقابل أم يسوع مرةً أخرى واقفة عند الصليب: "وكانت واقفات عند صليب يسوع أمه، وأخت أمه مريم التي هي زوجة كيلوبا، ومريم المجدلية. فلما رأى يسوع أمه والتلميذ الذي كان يحبه واقفاً قال لأمه: يا امرأة هو ذا ابنك. ثم قال للتلميذ هو ذا أمك. ومن تلك الساعة أخذها التلميذ إلى خاصته." (يوحنا 19: 25-27). هذا كل ما لدى هذا الإنجيلي الذي تجاهل قصة الميلاد ليخبرنا به عن مريم.

في بقية أسفار العهد الجديد لا يرد ذكر مريم إلا مرة واحدة فقط، وذلك في سفر أعمال الرسل، وبطريقة عابرة. فبعد أن ارتفع المسيح إلى السماء بعد أن أمضى أربعين يوماً يظهر للتلاميذ على فترات متقطعة، عاد التلاميذ إلى جبل الزيتون بالقرب من أورشليم، وكان معهم مريم وإخوة يسوع الذين آمنوا به على ما يبدو بعد صلبه وقيامته: "ولما دخلوا صعدوا إلى العُلية التي كانوا يقيمون فيها: بطرس ويعقوب ويوحنا... إلخ. هؤلاء كانوا يواظبون بنفس واحدة على الصلاة والطِلبة مع النساء ومريم أم يسوع وإخوته." (أعمال 1: 9-14).

بعد ذلك تختفي مريم في سفر أعمال الرسل. أما إخوته فقد بقوا، أو بقي بعضهم، عضواً في كنيسة أورشليم الجديدة، لأننا نعلم من سير الأحداث أن أكبرهم وهو يعقوب قد صار رئيساً لهذه الكنيسة وحمل لقب أخو الرب. وهناك أخ آخر له يدعى يهوذا تنسب إليه إحدى رسائل العهد الجديد المعروفة برسالة يهوذا.

فإذا نظرنا إلى رسائل القديس بولس التي تشغل الحيِّز الأكبر من العهد الجديد، والتي كانت الأساس الذي بنت عليه الكنيسة لاهوتها السامق، لم نعثر لمريم العذراء على أثر، وليس في إشارته العابرة الوحيدة إلى أن يسوع قد ولد من امرأة أي صلة بالسيدة مريم، لأن كل كائن بشري قد وُلد من امرأة، حيث يقول: "ولكن لما جاء ملء الزمان أرسل الله ابنه مولوداً من امرأة، مولوداً تحت الناموس ليفتدي الذين تحت الناموس لننال التبني." (غلاطية 4: 4-5).

فإذا انتقلنا إلى الرواية القرآنية للإنجيل، وجدنا لمريم حضوراً طاغياً لا يقارن بحضورها في العهد الجديد. فقد ورد في الرواية القرآنية، على قصرها واختزالها، اسم مريم نحو 43 مرة في مقابل 19 مرة في جميع أسفار العهد الجديد البالغ عددها 27 سفراً. وهي المرأة الوحيدة التي ذكرها القرآن بالاسم، أما بقية النساء فقد نسبن لأزواجهن كقوله: امرأة عمران وامرأة لوط وامرأة فرعون، أو نسبن لما اشتهرن به مثل ملكة سبأ. وفي مقابل صمت الأناجيل الأربعة عن أصل مريم وحسبها ونسبها، والذي نجد نموذجاً عنه في قول متَّى: "أما ولادة المسيح فكانت هكذا: لما كانت أمه مخطوبة ليوسف قبل أن يجتمعا. وُجدت حُبلى من الروح القدس." فإن الرواية القرآنية تنسبها إلى سلسلة الأنبياء العظام في تاريخ الوحي الإلهي، وتجعلها سليلة أسرة نبوية مصطفاة على العالمين: "إن الله اصطفى آدم ونوحاً وآل إبراهيم وآل عمران على العالمين. ذرية بعضهم من بعض، والله سميع عليم." (3: 33). وإضافةً إلى انتمائها إلى هذه الأسرة المصطفاة، أسرة آل عمران، فإن مريم هي أشرف وأنبل نساء الأرض قاطبةً: "وإذ قالت الملائكة يامريم إن الله اصطفاك وطهرك واصطفاك على نساء العالمين." (3: 42). وهي نموذج التقوى والصلاح: "يا مريم اقنتي لربك واسجدي واركعي مع الراكعين." (3: 43). وصدقت بكلمات ربها وكتبه وكانت من القانتين." (66: 12). وهي مثال العفة والطُهر: "ومريم ابنة عمران التي أحصنت فرجها فنفخنا فيه من روحنا." (66: 12). وتبلغ عظمة مريم ذروتها في قوله تعالى: "وجعلناها وابنها آية للعالمين." (21: 91). "وجعلنا ابن مريم وأمه آية." (23: 50).

وتتابع الرواية القرآنية تعداد فضائل مريم: "ضرب الله مثلاً للذين كفروا امرأة نوح وامرأة لوط... وضرب الله مثلاً للذين آمنوا... مريم ابنة عمران." (66: 10-11). ويصفها النص بأنها صديقة: "وأمه صِدِّيقة." (5: 75). والصِدّيق هو لقب من ألقاب التشريف الخاصة بالأنبياء: "واذكر في الكتاب إبراهيم إنه كان صديقاً نبياً." (19: 41). "واذكر في الكتاب إدريس إنه كان صديقاً نبياً." (19: 56). ومريم وابنها محصنان ضد الخطيئة ولا سبيل للشيطان إليهما. وهذا هو مؤدى قول والدة مريم لما وضعتها: "وإني سميتها مريم وإني أعيذها بك وذريتها من الشيطان الرجيم." (3: 36). وقد ورد في الحديث الشريف ما يشرح هذه الآية: "ما من ولد يولد إلا مسَّه الشيطان حين يولد فيستهل صارخاً، إلا مريم وابنها." (رواه الشيخان). وقد ورد في إنجيل متَّى وإنجيل لوقا ما يشير إلى حصانة يسوع ضد الشيطان وذلك في قصة تجربة الشيطان له وعجزه عن إغوائه (متَّى 4 ولوقا 4). وفيما بعد، بنى اللاهوت المسيحي مفهومه الخاص عن حصانة مريم عندما اعتبرها قد وُلدت مبرأة من الخطيئة الأصلية التي يشترك بها بنو آدم.
وتدافع الرواية القرآنية عن سمعة مريم التي حاول اليهود طيلة تاريخهم تلطيخها واتهامها بالزنى: "فيما نقضهم ميثاقهم (أي اليهود) وكفرهم بآيات الله وقتلهم الأنبياء... وقولهم على مريم بهتاناً عظيماً." (4: 155-156) فلقد استخدم اليهود شخصية مريم في سياق انتقادهم للمسيحية والحط من قدر يسوع الذي وصفوه بأنه ابن غير شرعي لمريم من جندي روماني يدعوه التلمود بانتيرا. وقد غادر بانتيرا هذا فلسطين بعد أن حملت منه مريم. وقد كان للعثور على شاهدة قبر لجندي روماني من مدينة صور الفينيقية، توفي في ألمانيا، كتب عليها: تيبريوس جوليوس عبدي بانتيرا، دور في إعادة فتح هذا الملف الذي لم يغلقه اليهود حتى اليوم. وفي هذا الشأن يقول الباحث Morton Smith في كتابه: Jesus the Magician (N.Y.1978, P47)، بأن الاسمان الأولان في هذا الاسم المركب هما تيمنّا باسم الإمبراطور تيبيريوس الذي خدم هذا الجندي خلال حكمه، والاسم الثالث "عبدي" هو اختصار للتعبير السامي "عبد شمس"، وأما الثالث "بانتيرا" فهو ترجمة للاسم السامي "فهد" وهو الاسم الأصلي لهذا الجندي. ثم يتساءل إذا كان هنالك صلة بين هذا البانتيرا وبانتيرا التلمود



تابع ... الجزء الثالث
05-11-2008, 08:57 AM
زيارة موقع العضو عرض جميع مشاركات هذا العضو إقتباس هذه الرسالة في الرد
{myadvertisements[zone_3]}


الانتقال السريع للمنتدى:


يتصفح هذا الموضوع من الأعضاء الان: بالاضافة الى ( 1 ) زائر
{myadvertisements[zone_2]}
إتصل بنا | نادي الفكر العربي | العودة للأعلى | | الوضع البسيط (الأرشيف) | خلاصات التغذية RSS