(08-16-2014, 06:51 PM)العلماني كتب: (08-16-2014, 01:52 AM)خالد كتب: الشيء المؤسف يا جعفر علي هو رفضكم للآخر بحجة أو بأخرى،
حين تكون هناك دول "وطنية" طبيعية في العالم العربي، قد تصير دعواكم مفهومة... لكن ما العمل وأنتم تدافعون عن دول فاشلة وأنظمة استبدادية؟
شو العمل يا جعفر علي حين يكون مشروعك أنت ومشروع صاحبك العلماني هو إلغاء الآخر، يعني لو بكرا الصبح صحينا ما لقينا ولا إسلامي بالعالم العربي، انت والعلماني رح تصيروا عاطلين عن العمل من أجل النهضة، لأن مشروعكم مبني على إلغاء الآخر وليس إثبات الذات.
بعدين خالد بيفهم، وبيفهم كويس شو عم يصير، بس يغلط خالد بحقك بتغلط بحقه، نحنا من نفس الثقافة ونفس البلد وبنعرف هالكلمة شو معناها، لا تعيدها لطفا..
آخر شي، مجرد استعمالك كلمة إسلاموي انت وصاحبك، هذا يثبت بما لا يقطع الشك أن مشروعكما هو الإلغاء وليس شيئا نافعا، هاي كلمة سخيفة تعارض قواعد اللغة العربية وتؤذي السامع، انت جرب الفظها بصوت عالي وشوف شو بتشبه من أصوات الكائنات الحية، ما حبيتلكم إياها.... اسمه اسلامي، وحتى الإسم هاد في كثير بيرفضوه.. بتشبه كلمة الصابئة أيام زمان.
شوف يا عزيزي، بعد آخر شي،
أنا ما عندي مشروع بناء دولة في العالم العربي، لأن رح يكون مشروع فاشل، لا دولة دينية ولا دولة كافرة. كل ما هنالك انه عم نراقبكم وننقدكم، لأن كثير عفستوا بصراحة.. وفي موضوع المقارنة بينكم وبين داعش لا نجد أي فرق مطلقا.
مشروعنا هو "دولة علمانية مدنية ديمقراطية حديثة" مبنية على "المساواة" بين البشر في القانون وأمام القانون، دون تمييز في الدين والعرق واللون. دولة تحترم الحريّات وتكفل للإنسان حقوقه المتعارف عليها في الدول المتحضرة.
هذا هو مشروعنا، ولا تقل لي بأنك لم تسمع به ونحن (أنا بالذات) نردده هنا منذ 14 عاماً.
بعدين منين جبت بأن لفظة "إسلاموي" غير صحيحة لغوياً؟ ألم يشتق العرب قديماً "المانوية" من مذهب "ماني" مثلاً؟ ألا تقول "دموية" من الذي يجعل "الدم" في أساس تصرفاته؟ ألا نقول "ماضوية" للذي يولي الماضي أهمية قصوى في نظرياته مثلاً؟ ألا نستعمل "مافيوية" للذي يتعامل بطرق ووسائل تشابه طرق "المافيا" ووسائلها؟
عندنا في فلسطين نستعمل كلمة "جبهوية" لجماهير "الجبهة" (المشتقة من الحزب الشيوعي).
قلنا لك ألف مرّة، وأعاد تلاوتها عليها "ابا جعفر" قبل قليل، بأن لفظة "إسلاموي" التي أستعملها، أريد بها التفريق بين المؤمنين بدين الإسلام والذين يدينون به، وبين الجماعات الإسلاموية ورعاعها وقطعانها ممن وضع نصب عينيه أن يهدم مجتمعاتنا ويشدنا نحو "خير القرون" "لحتى يطلعلنا قرون" ...
طيب، خلينا نبلش بكلامك نقطة نقطة،
أول نقطة، هل صحيح أنك وجعفر علي تريدون بناء دولة ديمقراطية عالمانية مدنية حديثة؟
رح أقفز عن المغالطات في المصطلح، وأفوت بالمضمون.
شوف يا علماني،
بناء الدولة لا علاقة له باستلام الحكم، هذه الخطيئة وقعتم فيها أنتم والإسلاميون معا، الدولة حتى تبنى يجب أن توجد على الأرض أولا. وما نجده على الأرض هو دبابات العالمانيين العرب لا أفكارهم.
حين تريد بناء دولة، فيجب أن تعمل مع الأمة لذلك، لأن الدولة كشخص اعتباري هي وكيل أو أجير للأمة لتمثل إرادتها، وليست وصية على الأمة. لكن حقيقة ما تصنعونه أنتم والإسلاميون معكم، ضمن عقلية الوصاية، هو الاستيلاء على الدولة من أجل ممارسة الوصاية على الناس وتربيتهم وفق هذا المنهج أو ذاك.
حين تريد فعلا أن تبني دولة عالمانية ديمقراطية مدنية حديثة، مع تسجيل التحفظ مجددا على المغالطة في المصطلح، فعليك أن تعمل مع الأمة ومن خلالها، بإيجاد الحلول المتجددة لمشاكلها المتجددة ضمن هذا المنهج الذي تراه صحيحا، حتى تثق الأمة بك وبمنهجك وبحلولك، فتصير القائد الطبيعي لها لا كشخص بل كفكرة، حتى تبني الأمة دولتها على هذه الفكرة. الأمة هنا لا تعني الأمة الإسلامية ولا تعني الأمة العربية، بل تعني جماعة الناس المقصودين بالأمر.
تردادك للأمر لم يزده إلا بعدا عن الواقع،
حين تعمل لما تزعم أنه مشروعك، وهو ليس مشروعك مطلقا ولا مشروع جعفر علي، فإنك ستكون إنسانا مبدئيا وليس "انتهازيا"، معلش اسمحلنا بالكلمة هاي. والانتهازية المقصودة هنا هي الانتهازية السياسية.
حين تعمل لما تزعمه، فإنك لن تسمح أن يتم سحل خصومك على يد الطغاة والمجرمين أمثال السيسي، فقط لأن هذا يناسبك مرحليا. أنت حين تعمل هذا فلست إلا تشرعن طريقة التعامل معك حين يأتي دورك وتقع كما وقع غيرك. حين تفرك يديك حبورا وتضرب بالأرض قدميك طربا لما حدث في رابعة أنت وجعفر علي، حين تصنع هذا فلن تصنع النهضة التي تزعم أنك تريد أن تحملنا إليها أو عليها، حين تصنع هذا فلست إلا تكتب مصيرك حين يأتي دورك.
الأمة، أي أمة، لا تسلم قيادها للانتهازي، لا تصنع الأمة ذلك ولا تطيع الإنتهازي حتى لو كان محقا. الأمة تتبع المبدئي الذي تعرف أنه صلب لا يلين وشامخ لا يذل، ولا تصنعه الظروف بل يصنعها. إن كنت بهذه النفسية تظن أنك ستحمل الأمة على العالمانية الديمقراطية المدنية الحديثة، مع تحفظي على المصطلح المضلل، فظنك بعيد جدا عن الواقع. صخرته ستدميك وتفيقك على أي حال، إن لم تسحقك تحتها.
المشكلة أن الأمر مجرب، وعقله مخرب يللي بجرب مجرب، مارس العالمانيون العرب منذ الانتداب عقلية الوصاية على الأمة، وطفقوا يصعدون في الأبراج العاجية لا يلوون على أحد حتى ركبتنا دبابات العسكر والمستبدين، الذين هم بعض خطاياكم، ما ظنك بقوم عبدالناصر وصدام والأسد الأب والإبن والقذافي ليسوا إلا بعض خطاياهم؟
نيجي للقصة اللغوية،
حين ننسب إلى مان، نقول ماني، وحين ننسب إلى ماني فإننا نقول مانوي.
حين نسب إلى ماض، نقول ماضي،
أما حين ننسب الإسلام فإننا نقول إسلامي، أما إسلاموي فأنا أحدث من أين أتى الفساد إلى لسانك العربي.
أتتك هذه العجمة، الشبيهة بالعواء، اسمحلي بالكلمة هاي كمان ولا شيء شخصي، أتتك من الفرنسية.
الفرنسية تفرق في اللفظ بين islamisme و islamiste، فتجعل الأولى نسبة مختلفة عن الأخرى.
المؤمنون بدين الإسلام يسمون مسلمين وليسوا إسلاميين. وكلمة إسلاميين، مع تحفظي عليها كمصطلح مضلل، هي الكلمة التي تطلق على من يسعى لاستئناف الحياة الإسلامية.
حين تريد فعلا النهضة يا علماني، يجب أن تعرف ماذا تصنع ومع من تتحدث، وحقيقة لم أجد أكثر سطحية من العلمانيين العرب حين يحدثون الخصوم السياسيين، وأشد مظاهر سطحيتهم وضوحا أنهم لا يعرفون عن خصومهم إلا ما يتصورون لا ما هو حقيقي.
أعطيك إثبات لكلامي هذا، حين تحدثنا عن التفكير وطريقة التفكير، وأرشدتك إلى كتابي التفكير لتقي الدين النبهاني وفلسفتنا لمحمد باقر الصدر، حتى تستطيع أن تدرك كيف يفكر خصمك، لعله في بعض الوقت لا يكون لك بخصم، حينها بدل أن تأتي بما تجده في أي من الكتابين خطئا لننظر فيه، استدللت بكتب أخرى لتقي الدين النبهاني التي فيها يتحدث عن حد الردة، وكأنني قلت لك أنه نبي هذا العصر يجب اتباع كل ما أتى به، بل انصرف البحث إلى شخصي الكريم وهل أنا من أتباعه ومن حزب التحرير أم لا، وكأني سأخشاك أو أخشى غيرك إن كنت به فأختفي، وهل عرفت تحريريا يخفي نفسه؟
حين تريد أن تعمل للنهضة في هذه الأمة، فعليك أن تعرف أن الإسلاميين موجودون فيها شئت أم أبيت، وأنهم سيعملون فيها شئت أم أبيت، وأن الأمة تقبلهم أكثر منك شئت أم أبيت. هم هناك، هم الآخر الذي تخشاه وترهب دولته، فبدل أن تمارس الاستغراب والنفي للآخر، وبدل أن تتحرك فيك شجون الأقلية المسيحية القديمة. انفض عنك غبار الكسل وانظر فيم نجح الإسلاميون فيما فشلت أنت فيه، أعني التخاطب مع الأمة. وانظر أيضا كيف نعمل لنهضة الأمة، وليس كيف نكسر ذراع الخصم السياسي في مكاسرة غير شريفة.
حين كتبت هنا ذات مرة موضوع طريق النهضة، توقفت عن كتابته لعدم مناسبة مكان يحتوي ساحة مساخر له، حين كتبته نظرت كسياسي إلى الأفكار الممكنة للنهضة، وخلصت إلى نتيجة أن الديمقراطية العالمانية هي الطريق الممكن للنهضة، أو الأكثر ملاءمة، لا لاعتبارات فكرية بل لاعتبارات سياسية بحتة. ثم توقفت عن الكتابة لأنني أدركت أنني أكتب في مكان خطأ.
لا يمنعني كوني إسلاميا أن أقول أن العلمانية الديمقراطية من ناحية سياسية هي الطريق الأكثر ملاءمة للنهضة رغم العيوب الفكرية الخطيرة التي فيها. بل لا يمنعني أيضا كوني إسلاميا أن أقول أنني لو وجدت أي أحد يعمل للنهضة بجدية ضمن هذا المسار لعملت معه، رغم مخالفتي له. لأن المهم عندي هو نهضة الأمة، وليس المهم عندي أن أقعد في مكان سخيف على الشبكة العنكبوتية، مكان بلغ من السخافة أن يفتح ساحة للمسخرة ويدافع عنها، ثم أكاسر العلماني هل أنا على صواب أم هو. أم هل أنا على صواب أم جعفر علي. هذه المكاسرة لن تصنع أي شيء نافع، لا سيما في ظل رفض الآخر والعمل على إلغائه كما تصنع.
فكر بكلامي بروية، كلامي أنفع لك من جلوسك بحبور تحلم بعبدالناصر يتجسد في بسطار السيسي أو في أشياء أخرى منه يعف لساني عن ذكرها.