منقول من ايلاف
مصطفى أحمد النعمان
حزب الله: مليشيا أم كيان سياسي؟
هل يكرر الغرب جريمته السابقة في حق المجر وأوروبا الشرقية، يوم كان راديو صوت أوروبا الحرة يحرض الشعوب الأسيرة بين فكي الدب الروسي على التمرد والثورة، وصدقت الجماهير دعوات التأييد والتحريض على الانتفاض ومواجهة الطوفان الشيوعي، فكان أن انتفضوا، وكان أيضاً أن تركهم الغرب فريسة تدهسهم الدبابات السوفيتية بلا رحمة؟
هل يتكرر ذات السيناريو الآن في لبنان واحة الحضارة والديموقراطية في قلب مستنقع التخلف والفاشية العربية؟
هل قام الغرب بإجبار سوريا على الخروج من لبنان، لكي يتخذ بعد ذلك موقف المتفرج، ولكي يسيطر الذئب الإيراني حسن نصر الله على لبنان، ليقيم منها قاعدة للإرهاب العالمي، ويحيل لبنان من منارة للحضارة والديموقراطية، إلى بؤرة لتصدير الإرهاب لكل المنطقة؟
هل سيتخذ الغرب ذات الموقف الخسيس الذي وقفه من أوروبا الشرقية، مؤثراً سلامته الشخصية المؤقتة، على مصير شعوب ظلت تحت نير القهر لأكثر من ثلاثة عقود بعد ذلك؟
عندما غزا صدام الكويت لم يتوان الغرب عن تجييش الجيوش لإنقاذها من براثنه، فهل كان حينئذ ينقذ الإنسان والإنسانية والشرعية الدولية، أم كان كما قال الكثيرون كل ما يحركه هو الخوف على آبار البترول، وما سائر الحجج والتبريرات والحيثيات الأخرى إلا مجرد ديكور، يخفي خلفه نظرة الغرب إلى الآخر الشرقي، على أنه ليس أكثر من بقرة حلوب، لا يسمح بانقطاع إدرارها للحليب؟
لبنان ليس بها بترول ولا حليب، لكن بها بشر وديموقراطية وحضارة، فهل تساوي هذه الأمور شيئاً حقيقياً وثميناً يستحق المواجهة والإنقاذ من وجهة نظر الغرب؟
إجابة ذلك السؤال لن تأتي من قرار جديد من مجلس الأمن، يضاف إلى كومة القرارات التي يستخدمها حسن نصر الله وأحمدي نجاد والأسد بدلاً من أوراق التواليت، فالإجابة المنتظرة ستتحدد على الأرض، فإما الإنقاذ الفوري للبنان قبل أن تزداد الأحوال تدهوراً، وإما أن تسحب أمريكا والغرب قواتهم من بلادنا وشرقنا مصحوبة بكل اشمئزاز وإلى غير رجعة، لنستدير نحن رافعين الأيادي، مستسلمين لأحمدي نجاد والأسد وحسن نصر الله وخالد مشعل . . ربما يتحتم علينا أيضاً أن نستجدي الحياة من أسامة بن لادن والظواهري . . فإن كان الغرب بكل قوته الجبارة يعجز عن مواجهة هؤلاء الذئاب بعد أن استثارهم، ليمعنوا في نهش لحومنا، فهل تستطيع شعوب المنطقة الوقوف في مواجهة هؤلاء؟
لقد آن الأوان ليسفر الغرب عن وجهه ونواياه الحقيقية تجاه المنطقة وشعوبها، ربما آن له أن يكف عن التستر خلف دعاوى عن الحرية والديموقراطية وحقوق الإنسان، وهو في الحقيقة غير مستعد أن يبذل في سبيل تلك الدعاوى غير الكلمات . . ربما آن له أن يعلن أنه يحمي فقط منابع البترول، وإن فعل سيجد بالتأكيد تجاوباً من كل الذئاب التي تمزق الآن في لحومنا، فسوف يتركون له البترول، بل وسيؤمنونه له، مقابل أن يطلق مخالبهم لتطبق على رقابنا، وأنيابهم لتنغرس في لحومنا . . هنا تكون القسمة واضحة، وتبدو عادلة للمقتسمين، فطابور الذئاب بداية من بين لادن والظواهري، حتى حسن نصر الله وإسماعيل هنية، لا يريدون بترولاً لأنه غير صالح للشرب، هم يريدوننا نحن فقط، يستهدفون حياتنا ومستقبلنا، والغرب في المقابل لا يريدنا ولا يحسبنا في عداد البشر إلا من أجل البترول . . هكذا على كل فريق من الفريقين أن يعلن أهدافه واضحة، فنكون جميعاً على بينة من أمرنا، فلا نقع فيما وقع فيه الشعب اللبناني البطل، الذي صدق الغرب ووقف وقفة بطولية لإزاحة الذئب السوري من فوق كتفيه، لتتكرر معه في الألفية الثالثة ذات مأساة المجر في الخمسينات!!
ليست العراق كما تصور البعض مقبرة الحلم بالديموقراطية والحرية، بل المقبرة ستكون هكذا في لبنان، لبنان التي صدقت أن في العالم أحرار يساندونهم في معركة الحرية، فإذا بهم يطلقون على الذئب طلقة لا تقتله، وإنما تصيبه بالجنون والسعار، فلا يجد أمامه إلا الحمامة اللبنانية يفترسها.
كانت الجماهير في المنطقة تتخذ من مؤتمرات القمة العربية وقراراتها التي لا تتعدى الشجب والإدانة مثاراً للتندر والسخرية، فإذا بقرارات مجلس الأمن في المسألة اللبنانية تتفوق عليها، وتنهال على رأس الشعب اللبناني القرارت وبنودها وحيثياتها، ومعها قوات اليونيفيل لتؤمن إسرائيل ابن الغرب المدلل، وفي ذات الوقت تتدفق الأسلحة على ذئاب حزب الله لتتضاعف قوته، وليس في هذا ما يقلق الغرب بدرجة تدفعه للحركة، ولما يفعل مادامت إسرائيل مؤمنة؟!
فليفعل الأسد ونجاد ونصر الله ما شاءوا إذن بالشعب اللبناني، ويكفي بين الحين والآخر قرار عابر للقارات من مجلس الأمن الموقر، يشجب ويندد ويستنكر هو الآخر!!
أما السادة الكرام في الدول العربية، فهم يعرفون جيداً ما سوف يفعلون، فهم جميعاً أبناء ثقافة "اليد التي لا تستطيع عضَّها قبِّلها"، وسوف يقبلون في السر وفي العلن يد الأسد وحسن نصر الله، أما باقي أيادي قطيع الذئاب من بن لادن حتى أحمدي نجاد فسوف يكتفون بتقبيلها في السر.
أيها الرجال والنساء والأطفال الأبرياء في لبنان . . يا كل الأحرار في واحة الديموقراطية التي كانت . . أوقفوا هدر دمائكم الذكية، واستسلموا لمصيركم على يد حسن نصر الله والأسد، حتى ولو كان حالك السواد، فلقد تعرضتم لخديعة لم يكن بمقدوركم اكتشافها، حين تصورتم وتصورنا معكم، أن هناك ما يسمى بالمجتمع الدولي، وأن هذا المجتمع لن يسمح للكلاب أن تدوس على أعناق الأحرار
منقول من ايلاف
http://www.elaph.com/ElaphWeb/ElaphWrite...329110.htm