رابط:
Ahangaran اهنكران صوت ايران "الثورة"
من هو الخطيب الكبير المسمى (اهنكران), انه ببساطة ذلك الرجل الاسطورة الذي كان بلا منازع روح و نار و صوت الايمان و العقيدة الثورية الجهادية الحسينية في فترة ما بعد نجاح الثورة الاسلامية الايرانية عام (1980) و تميز بشكل خاص من خلال الجهاز الاعلامي للثورة اثناء فترة الحرب العراقية الايرانية التي اندلعت مباشرة بعد نجاح الثورة.
اناشيده الحماسية التي كان يلقيها بنفسه من مذياع يدوي بسيط و ورقة بالية خطها بيده على خطوط الجبهات المتقدمة و من ورائه المصور و المؤرخ الشهير للحرب من الطرف الايراني (مرتضى افيني) معرضا نفسه و سلامته الشخصية للخطر و هو يلقي اناشيده بصوت مبحوح شجي على مجاميع الجنود الكبيرة التي كانت اختارت التطوع للاستشهاد في وجبات الامواج البشرية الكبيرة الكثيرة التي زجت بها القيادة الايرانية ياسا في الجبهات و نشرتها على امتداد "الخطوط الحمراء" كما كانت تسمى لعرقلة و صد تقدم الالة العسكرية العراقية المتطورة, زجتها على الخطوط الحمراء القانية لتصد الزحف العسكري العراقي المتطور باجسادها و ارواحها بطمئنينة و حماس و اندفاع ديني عاطفي قل نظيره في الوقت الحاضر.
ما زلت اذكر الشاحنات العسكرية الكبيرة الشهيرة بالزيل و هي تحمل الشباب المتطوع من قبالة المساجد في مختلف مناطق المدينة و خاصة الاحياء الفقيرة, كانو يرددون اناشيد اهنكران مزهويين ببدلاتهم الخاكية و الزيتونية و هم في طريقهم الى موت شبه محتوم, غالبيتهم كانو يعصدون جباههم بوصلات خضراء او سوداء مخطوط عليها .. (الله اكبر) و (يا حسين) و (يا زهراء) او (يا امام زمان) اي (الامام المهدي) و في بعض الاحيان حتى (يا خميني) و كانه قديس او امام معصوم يلجئ اليه في الاوقات الحرجة و الصعبة للنجاة بقوى خارقة تستمد اسرارها و قواها من قدرات الائمة الاثنى عشر "الخارقة" و كراماتهم..
ذلك طبعا قبل ان تنكشف الغمامة بعد عقد طويل و مرير دامي وقبل ان يتبين بان ذلك الرجل لم يكم الا "عرفاني حالم" يتصور بان الطلقة من بندقية المؤمن تفعل فعلة القذيفة من دبابة الكافر..و قبل ان يتبين ان الحرب الاسلامية الكونية التي كان يخطط لها ان تنطلق من ايران الاسلامية ضد الكفر و الطاغوت و الاستكبار العالمي تمهيدا لخروج (الامام المهدي) لن تتمكن حتى من الاحتفاظ بشبر واحد من التراب العراقي الذي حاولت ايران احتلاله بعد سنة 1982... و لا شبر واحد من الطريق الطويل الذي يمر عبر ذلك التراب من الحدود الايرانية العراقية الى "كربلاء" تمهيدا لزيارة "القدس" بعد تحريرها و انتزاعها من يد الصهاينة!
صوت اهنكران الشجي و اناشيدة الحسينية الحماسية خلدت نفسها في ذاكرة الشعب الايراني و حفرت نفسها في خارطته الجينية الى الابد و خلد معها اهنكران نفسه بملامحه الجذابة التي تشبه الى حد بعيد صورة غالبية الثوار الكاريزمائيين كجيفارا و المسيح و غيرهم من المؤمنيين بصدق و عدالة قظاياهم, تلك الاناشيد الحسينية الحماسية العاطفية الرائعة كانت دوما بمثابة شحنة طاقة روحانية اسطورية في نفوس الغالبية العظمى من المقاتلين و المجاهدين العقائديين في الحرب المفروضة من جانب "الكفر العلماني البعثي" المدعوم غربيا ضد الاسلام و رجالاته و ثورته الايديولوجية المميزة في حقبة الثمانييات و الحرب الباردة العصيبة.
صوت شجي و طلعة كريزماتية جذابة تجعلك تتابع حركات وجه الرجل بفضول و تستمع اليه بانطراب حتى و ان لم تفهم ما ينشد بسبب حاجز اللغة اللعين, تلك الايام كانت ايامه... كان صوته يصدح في الشوارع اين ما ذهبت ليل نهار و احيانا حتى من داخل المساجد في حفلات "الاستنفار" التقليدية خاصة اخر ايام الحرب لجمع اكثر عدد من المتطوعين للذهاب لجبهات القتال لتحقيق (الحسم) تلك المفردة اللعينة التي اكرهها بشدة, هذه سنة الحسم كانو يقولون في كل سنة ... اجيال كاملة ترعرعت و كبرت على سماع صوت اهنكران الشجي و انتضرت بفارغ الصبر سنة الحسم تلك ..
لا ابالغ ان ادعيت بان صوت اهنكران و قصائده الرائعة كانت اهم عوامل صمود ايران في الحرب لتلك الفترة الطويلة.. اذ انها حسمت صراع التفوق النفسي و الروحي و العقائدي و المعنوي لصالح المقاتل الايراني بفارق كبير لا يمكن تجاوزه في حسابات اي محلل عسكري ..
يبقى اهنكران في ذاكرتي.. ذلك الرجل البسيط .. بملامحه الجذابة .. كانه متعبد صوفي.. بيده ورقته التي تعود على ان يخطها بيده.. و نظراته الثاقبة في جموع المستمعين ..يتمعن فيهم فردا فراد.. ثم يقراء.. و يقراء الى الثمالة..
ثم ياتي فوج اخر..
و بعدها فوج اخر..
و يستمر اهنكران في القراءة...
استعدو استعدو ..
استعدو لحرب بلا رحمة..
يا جيش صاحب الزمان استعدو استعدو..
استعدو ايها المقاتلين لبذل.. ارواحكم..
هذا هو وقت الاقدام ...
ملاحظة:
هذا الموضوع ليس حلبة صراع" صفوي وهابي" و ليس سياسي او مذهبي.. هو محاولة لالقاء نظرة قريبة على احد افضل مدارس الشحن المعنوي في تاريخ الحروب الحديثة و نجمه اهنكران..:redrose: