شخصياً ، لم أستطع يوماً أن انظر إلى توم كروز كممثل ذو أداء احترافي حتى من خلال الكم الكبير من أفلامه التي نالت شـهرة كبيرة وكل الجوائز التي حصدها
لكنه استطاع ان يجعلني أغير رأيي فيه بعد مشاهدتي لفلم فالكيري ( valkyrie ) .
ولهذا قمت باعداد هذا التقرير عن الفلم ، على أمل أن يشـاهده أحد الزملاء يومـاً ما ويبدي لنا عن رأيه في الفلم .
أثار الفلم ضجة في أوربا وأمريكا وتلقى الكثير من ردود الأفعال المتباينة ، بالاضافة إلى مشاكل قضائية وقانونية ، وجدلاً في البرلمان الألماني .
(( فـــــالكــيري ))
فالكيري في الأصل اسم لأحدى الفتيات الاسـطوريات الاتي كن يخترن من يصرع في المعارك .
وقد أطلق النازيون هذه التسمية على خطة انقاذ يتم تنفيذها في حال اقتراب أي خطر من القيادة العليا الألمانية ، وتقتضي الخطة باستنفار الجيش وانتشـاره في كل انحاء برلين خلال بضع سـاعات فقط ، واعلان الأحكام العرفية في كل انحاء البلاد ، لكن العقيد " شـتافنبيرج " والمجموعة المتأمرة معه خططو لأستغلال هذه العملية من خلال دمج قوات الاحتياط لضرب فرقة الجوستابو والاستيلاء على المراكز القيادية في برلين .
(( كلاوس فون شتافنبرج ))
عقيد شاب في الجيش الألماني كان يرى ان هتلر يجر ألمانية إلى الخراب المحتم بمغامراته العسـكرية واسلوبه القاسي في الحكم ، وازداد سـخطه أكثر مع تلقي الجيش الألماني الخسـائر المتتالية في المعارك التي كان يخوضها في الصحراء الافريقية ضد قوات الحلفاء والضربات الروسـية المؤلمة شـرقاً من جهة ثانية .
(( أحداث الفلم))
يبداء الفلم في منطقة شـمال افريقيا ، تحديداً في الصحراء التونسية حيث يخدم " شتافنبيرج " في احدى ألوية المدرعات التابعـة لرومل ، فتتعرض كتيبته لهجوم يصاب فيها باصابات بالغة ويفقد يده واحدى عينية مما يجعله يضع عصابة على عينه لبقية الفلم .
بعد نجاة " شتافنبيرج " من الموت بداء باداء واجباته العسكرية من برلين ، وتم اسبعاده من جبهات القتال ، الى ان رقي لرتبة رئيس أركان الجيش الاحتياطي الألماني وبات مقرباً من هتلر ، لكن كل هذا لم يمنعه من المضي قدماً في تخطيطة لأغتيال الزعيم النازي بالاشتراك مع مجموعة من الضباط ممن تم اخيارهم بحذر شديد واسـاليب لا تخلو من المجازفة .
الخطة تقتضي ان يقوم " شتافنبيرج " بادخال قنبلة صغيرة لكن شديدة الانفجار بحيث تكفي لتدمير دبابة مصفحة إلى داخل مقر العمليات العسـكرية لهتلر ، وبالتالي إلى داخل غرفة الاجتماعات التي كان الزعيم يدير منها العمليات .
هتلر قبل الانفجار بدقائق ( صورة من أرشيفي الخاص )
ووضع القنبلة التي تم اخفائها داخل حقيبة جلدية للأوراق والملفات تحت الطاولة التي كان ادولف هتلر واقفاً بجانبها مع مستشاريه وهم يعدون الخطط الحربية ، وفعلاً نجح في وضع القنبلة التي كانت معدة للانفجار خلال عشـرة دقائق فقط قريباً من قدم الزعيم الألماني ، واستأذن معتذراً لضرورة اجراء مكالمة.
المكالمة كانت غير حقيقية فقد تم اختلاقها من قبل المسؤول عن الأتصالات الواردة والصادرة من عرين هتلر ألذي يقع في عمق الغابات الألمانية ، لغرض ايجاد الحجة المناسـبة لخروج " شتافنبيرج " من الغرفة قبل انفجار القنبلة بدقائق قليلة ، وهو نفس الشخص الذي سيقوم بقطع كل الاتصالات بين المقر والعالم الخارجي فور انفجار القنبلة ...
وبعد خروج " شتافنبيرج " بلحظات انفجرت القنبلة بقوة مخلفة دماراً كبيراً في المبنى ... لكن هذه ليست سوى المرحلة الأولى من المهمة ، فبعد موت الزعيم عليه أن يذهب فوراً إلى برلين لقيادة انقلاب عسـكري .
(( بــرلين ))
في مقر قيادة الجيش المحلي في برلين تم ابلغ المتأمرين بنجاح المهمة ، وان القنبلة انفجرت ، ومات الزعيم..
وعندما رفض قـائد" شتافنبيرج " في العاصمة أن يصدق بأن هتلر قد مات ورفضه الوقوف بجانب الانقلابيين ، تم اعتقاله فوراً وازالته من مكتبه ، وتسـلم هو زمام تنفيذ الانقلاب
طوال فترة بعد الظهر وبعد حلول الليل كان " شافنبيرج " يجري اتصالات مع القادة والضباط في جميع انحاء المانيا ليؤكد موت هتلر .
وكونه رئيس اركان جيش الاحتياط ، استطاع الاستيلاء على محطات الإذاعة والارسـال واعلان حالة الطوارئ ، والاستيلاء على مراكز الاتصالات الهامة في فيينا و فرنسـا وبراغ ، واعتقال جميع عناصر الـ (SS) والجستابو
و أمر بتشـكيل محاكم عسـكرية ، وكان يسـتعد للتفاوض مع قوات الحلفاء .
عملياً استطاع " شتافنبيرج " أن يخرج برلين من بين يدي هتلر .... لـكن ..
(( الســاعات الأخيرة ))
في تمام السادسة والنصف من مسـاء تلك الليلة ودون معرفة " شتافينبيرج " ، بث وزير الدعاية الهتلرية غوبلز بيان يعلن فيه عن محاولة فاشلة لاغتيال الزعيم ،ونجاته منها ! ، وبأنه سيتحدث إلى العامة لاحقاً ، وان جميع المتأمرين المعروفين سيعاملون كخونة .
فدخلت المانية في حالة من الذهول والشلل !!
بعد انتشـار المعلومات ببقاء هتلر حياً تهاوى الانقلاب بسـرعة كبيرة ..
والفضل يعود إلى حرفية الحلقة المحيطة بهتلر أمثال غوبلز وغورينك وهملر والمخلصين له من كبار الجنرالات والمستشارين الذي كان لسـرعة تصرفهم وحنكتهم دور كبير في خطف البلاد من أيدي الانقلابيين مرة أخرى .
و دخل رجال الـجوستابو إلى المركز الحربي حيث تم اعتقال " شتافنبيرج " وجميع المتأمرين ، ثم انتهت حالة التمرد في كل مكان عند منتصف الليل .
ذهل " شتافينبيرج " و لم يصدق ما يجري ، وبداء يخاطب الضباط المرافقين له قائلاً ( لقد رأيت الانفجار بنفسي .. لقد رأيته ! ) ، كما وأمر هتلر باعتقال كل من له صله بمحاولة الانقلاب وشنقهم .
في منتصف ليلة 20 من يوليو ( ليلة الانقلاب ) تم اعدام الضباظ رمياً بالرصاص بعد محاكمة سريعة .
(( الخــلاصة ))
فلم مشـوق جداً من حيث اسلوب التصوير وطريقة الانتقال بين المواقف والمشـاهد دون قطع تسلسل الأحداث ،وهو من اخراج المخرج المعروف براين سينغر ، أيضاً الموسيقى التصويرية مميزة و تحمل أصداء حقبة الحرب العالمية وأجواء المؤامرات والقلق ، يمكنك سماع بعض المقاطع القصيرة للموسيقى التصويرية في
">الصفحة الرئيسية لموقع الفلم
هذا بالاضافة إلى ان السيناريو واقعي لدرجة كبيرة وهو موجه للجمهور الجاد ، إذ ان جميع احداثه تقريباً هي أحداث حقيقية ، وقعت في فترة معروف بانها من أكثر الفترات رعباً وقسوة على العالم بشـكل عام وألمانيا بشـكل خاص ، حتى انك أحياناً تصاب بالذهول كيف انه كانت هناك مجموعة تجرأت على التفكير باغتيال أحد أشرس ديكتاتوريات التي عرفتها البشرية
لفتني أيضاً اختيار الممثلين وتطابق أشكالهم وهيئتهم مع أشـكال الألمان ، بل وحتى طريقة تكلمهم بالانكليزية بلكنة ألمانية واضحة .
صورة لتوم كروز و كلاوس فون شتافنبرج
لقد أثبت هؤلاء الضباط للعالم وللتأريخ بأنهم تجرأو على اتخاذ خطوة حاسـمة ووضعو حياتهم على المحك .. إذ كانو يرددون في اجتماعاتهم السرية بانهم سيثبتون للعالم بأن ألمانيا ليسـت كلها هتلر ..
وقد شهدت الأشـهر الأخيرة من الحرب دمـاراً شـاملاً ، حيث قتل ما يزيد عن 15 مـليون شخص أخر .. لربما نجو لو ان تلك الطاولة المصنوعة من خشـب السـنديان الثقيل لم تقف حاجزاً في ذاك اليوم الهادئ من صيف عام 1944 بين الحقيبة وأدولف هتلر .