كتب جاسم المطير:
قرأت قبل أيام خبرا يقول: عثر محققون فرنسيون أخيرا على ثلاث لوحات للفنان العالمي بابلو بيكاسو كانت قد سرقت في باريس في فبراير الماضي. وأفادت صحيفة 'لوفيغارو' الفرنسية في بداية 2007 بأن الشرطة ألقت القبض على سارقي اللوحات.
كانت اللوحات التي تقدر قيمتها بأكثر من 50 مليون يورو (69 مليون دولار) قد سرقت من شقة حفيدة الفنان الشهير، ديانا ويدماير بيكاسو.
شكلت سرقة اللوحات لغزا بالنسبة الى المحققين الفرنسيين لاختفاء هذه اللوحات من الساحة الفنية تماما، بالاضافة الى عدم ترك اللصوص أي آثار تدل على عملية السطو.
صورة لمايا
هذا اللغز دفع المحققين الى الاعتقاد بأن اللصوص كانوا على دراية وثيقة بالشقة. يشار الى ان اللوحات التي سرقت هي صور لمايا، ابنة بيكاسو، ولزوجته الثانية جاكلين. وأكد محامي حفيدة بيكاسو ان اللوحات في حالة جيدة. وقال ان شهرة هذه الأعمال الفنية في سوق الفن ربما كانت السبب في عدم استطاعة اللصوص التصرف فيها. وذكرت الصحيفة ان الشرطة القت القبض على ثلاثة من المتهمين بالسرقة.
هذا الخبر الصغير يشير الى حقيقة مهمة تتعلق بسوق اللوحات المسروقة، اذ تظل سرقات اللوحات الفنية العالمية قضية كبرى تشغل الكثير من المعنيين، خاصة خبراء المتاحف العالمية الشهيرة الذين يحاولون ايجاد الوسائل القادرة على رصد اللصوص عبر وسائل التطور التكنولوجي. ولا أحد يدري فيما اذا كانت هذه الوسائل تصنع جدارا يحد من سرقة اللوحات.
قصص عديدة
هناك العديد من القصص والروايات المختلفة عن السرقات فمنها مثلا:
1 ـ السرقة بالطرق البدائية كما حدث بالنسبة الى لوحة الموناليزا، اذ سرقت اللوحة في عام 1911 حين استطاع شاب فرنسي يدعى بيروجي كان يقوم بترميم بعض اطارات الصور بالمتحف ان يسرق الموناليزا ويخفيها لديه. وبعد عامين، أي في عام 1913 باعها لفنان ايطالي هو الفريدو جيري الذي ما ان رآها وتأكد انها موناليزا دافنشي الأصلية حتى أبلغ السلطات الايطالية التي قبضت على اللص وأودعت اللوحة في متحف بوفير جاليري. فرح الايطاليون كثيرا بذلك، ثم استعادتها فرنسا.
2 ـ بعض اللوحات العالمية الأخرى سرقت بطريقة مختلفة لا تخلو من روح المغامرة ولا تخلو من الاعتماد على السلاح. فقد حدثت سرقة فنية كبرى في السويد عام 2000 اذ تمكن ثلاثة لصوص مسلحين بالمسدسات والبنادق الأوتوماتيكية من الاستيلاء على لوحة نادرة للفنان الهولندي رمبرانت ولوحتين ثمينتين لفنانين آخرين، بعد ان اقتحموا المتحف بوسط العاصمة السويدية قبل موعد اغلاقه بقليل ورفعوا اللوحات من جدار المتحف وغادروا المتحف امام أعين عدد من الزوار وركب المسلحون زورقا صغيرا كان ينتظرهم قرب المتحف المطل على البحر واختفوا في ظلام الليل.
3 ـ استهدف لصوص سرقة الأعمال الفنية عام ،2002 في ايرلندا للمرة الرابعة في 27 سنة، بعد بضعة أيام فقط من استعادة عملين فنيين من عملية سطو تعرض لها البيت سابقا. وأخذت خمس لوحات من دار روسبورو، كاونتي ويكلو، وهي دار فخمة كان يملكها المليونير الجنوب أفريقي الذي يعمل في حقل الألماس، السير ألفرد بيت.
كانت لوحتان من بين هذه اللوحات الخمس ـ لوحة 'حقل الذرة' لجاكوب فان رويسدائل ولوحة 'صورة راهب دومينيكاني' للفنان روبن ـ قد سرقتا في وقت سابق في عام 1986 وأعيدتا بعد سبع سنوات.
اللوحات الثلاث الأخرى المسروقة هي لوحة 'الزهرة يتضرع للمشتري' لروبن، ولوحة 'البحر الهادئ' لفيلم فان درفلده ولوحة 'تقديس الراعي' لأدريان فان اوستاده.
4 ـ تقول الشرطة البريطانية ان لوحة ثمينة للرسام الفرنسي الشهير بول سيزان سرقت من متحف آشمولين التابع لجامعة اوكسفورد وان السرقة مخطط لها بدقة وعناية، فقد هاجمت مجموعة من اللصوص متحف آشمولين، وهو جزء من جامعة اوكسفورد، في اليوم الأول من العام الجديد مستغلين الاحتفالات بالسنة الجديدة وقامت بسرقة لوحة اوفيرز ـ سور ـ اويس الزيتية التي رسمها بول سيزان بين عامي 1879 ـ 1882.
اللوحة المسروقة هي الوحيدة التي بحوزة المتحف للرسام سيزان وهي مهمة لأنها تمثل الأعمال الفنية في القرن التاسع عشر. تصور هذه اللوحة، التي اشتراها متحف آشمولين عام ،1980 مجموعة من البيوت الصغيرة البيضاء في واد مليء بالأشجار. يقول المتحف ان اللوحة كانت مؤطرة بإطار قياسه 18 انج عرضا و22 انج طولا.
لا يمكن تقديم كل أنواع السرقات العالمية في مقالة قصيرة لأن السرقات كثيرة تعتمد اغلبها على نوع من الدراية بأهمية اللوحة التي يراد سرقتها وبتقدير ثمنها وبالسوق السوداء التي يمكن بيعها فيها.
كذلك يمكن الاشارة هنا الى ان الكثيرين من قادة أو جنود قوات الاحتلال الاجنبي لهذا البلد أو ذاك يسرقون عادة بعض اللوحات الفنية أو القطع الآثارية. ففي العراق بعد 9 ابريل ،2003 مثلا حدثت سرقات كثيرة لقطع آثارية عثر على بعضها في مطارات اجنبية عديدة وبعضها المسروق الآخر مازال مختفيا بحيازة العديد من المهربين الدوليين.
سرقات الممثلين
اما ما يتعلق بسرقات المحتلين للوحات الفنية فمثالها الصارخ ما جرى على أيدي الجيش السوفيتي حال احتلاله برلين عام ،1945 بعد سقوط الهتلرية اذ تشير بعض التقارير الى ان الجيش الأحمر الذي اقتحم برلين عام 1945 كان يضم فرقة خاصة تدعى 'لجنة الغنائم' نجحت في وقت قياسي في الاستيلاء على أكثر من مليون لوحة وقطعة فنية لا تقدر بثمن. كذلك كانت هناك نفائس عديدة لم يتم التأكد من مصيرها ـ وان كان يعتقد انها مازالت في موسكو حتى اليوم (مثل كنز طروادة الذي اكتشفه الأثري الألماني سلمون في اليونان عام .1873.!).
السؤال الذي تطرحه الصحف الرئيسية في العواصم العالمية الكبرى بعد كل عملية سطو: هل تعجز التكنولوجيا الرقابية من حماية المتاحف العالمية ورصد ممارسات اللصوص والسارقين؟
http://www.alqabas.com.kw/Final/NewspaperW...rticleID=309113