المعارضة السورية والسياسة الأمريكية
ترك جميع الخيارات مفتوحة: بعيداً عن اقتراح لجنة الدراسة في العراق بفتح الحوار مع سوريا شددت إدارة بوش على موقفها الرسمي: سوريا ممثلة بالرئيس بشار الأسد "تعرف ما يجب أن تفعله" من أجل أن تصبح قوة مستقرة وإيجابية في الشرق الأوسط. الرئيس بوش وسكرتيرة الدولة رايس وإدارات الدولة الأخرى ومسؤولون في وزارة الدفاع كرروا جميعهم هذه العبارة حيث قابل السكرتير السابق كولن باول الرئيس الأسد في دمشق ووعد الأسد بإغلاق مكاتب المنظمات الإرهابية الفلسطينية وبضبط الحدود مع العراق بشكل أفضل. في الأشهر الأخيرة زار دمشق عدد من أعضاء مجلس الشيوخ الأمريكي وممثلون في الكونجرس – بشكل خاص المتحدثة باسم البيت الأبيض نانسي بيلوسي في نيسان / 2007- ممن يؤيدون الحوار مع سوريا ولكن الإدارة وقفت بثبات ضد تبني موقف ألطف من سوريا.
إن إدارة بوش على كل حال كانت منفتحة على الأحزاب السورية الأخرى، حيث اجتمع أعضاء الإدارة خارج سوريا بعناصر مختلفة من المعارضة السورية في المنفى. وخلال السنين القليلة الماضية اجتمع فريد الغادري زعيم حزب الإصلاح في سوريا ومقره في باريس بمسؤولين كبار في الإدارة. وفي آذار / 2005 قابل الغادري إليزابيث تشيني ثم السكرتير المساعد نائب الرئيس في مكتب شؤون الشرق الأوسط في وزارة الخارجية وأيد العمليات السرية في مركز الاستخبارات الأمريكية والتمويل الأمريكي للمعارضة السورية من أجل إسقاط حكومة الأسد. عقدت إدارة بوش أيضا نقاشات مع زعماء جبهة الخلاص الوطني وهي المجموعة المعارضة الأكبر في المنفى ويقودها رئيس الأخوان المسلمين علي صدر الدين البيانوني ونائب الرئيس السابق عبد الحليم خدام. اجتمع مسؤولون في الإدارة مع ممثلين عن جبهة الخلاص الوطني في واشنطن مرتين في خريف 2006 ولكن التقارير الصحفية أشارت إلى عدم اقتناع أعضاء مجلس الأمن الوطني ووزارة الخارجية ببرنامج جبهة الخلاص لنظام ما بعد الأسد.
بالرغم من أن مجموعات المعارضة في المنفى الجدية في تغيير النظام كانت مهتمة بلقاء المسؤولين في الحكومة الأمريكية إلا أن الاستجابة من داخل سوريا كانت أبرد. في خريف 2006 زار أربعة مسؤولين أمريكيين شخصيات معارضة في دمشق ومن ضمنهم هيثم المالح الناشط الحقوقي البارز ذو الصلات الوثيقة بالإخوان المسلمين. وحسب المالح فقد أخبره المسؤولون أنهم أرادوا العمل معه للضغط على الحكومة السورية للانفتاح على المعارضة الديمقراطية، ولكن المالح رفض لأنه" شك في صدقهم".
بشكل عام يبدي العديد من المعارضين السوريين في الداخل مزيجا من التشويش والتخوين عند مناقشة الحكومة الأمريكية. يَخَشى العديد مِنْ أعضاء المعارضةِ أنّ الولايات المتّحدةَ تَستخدمهم فقط كأداة للضَغْط على سوريا ولا يَفْهمُون أيضاً لماذا تُروّجُ الولايات المتّحدة للديمقراطيةِ والانتخابات في الشرق الأوسطِ ثم تَرْفضُ التحدث مع تلك الحكوماتِ المُنتخبةِ التي لا تحبها (كحماس). أَيّدَت زيارة نانسي بيلوسي إلى دمشق في نيسان / 2007 اعتقاد أعضاء المعارضةِ بأن أمريكا لا مبالية بقضايا حقوقُ الإنسان في سوريا مؤكدة مخاوفهم في أن حقوق الإنسان ثانوية في إستراتيجية أمريكا في سوريا والشرق الأوسط. في افتتاحية الديلي ستار/ بيروت أشار الناشط في حقوقِ الإنسان رضوان زيادة إلى أن قضية حقوق الإنسان لَمْ يَظْهرْ أنها قد أثيرت في جميع مُناقشاتِ بيلوسي مَع بشّار الأسد.
البيت الأبيض، على أية حال، لم يكن غير مبال بمصير المعارضين أَو السجناء السوريينِ. ففي بيان صحفي في24/كانون الثّاني/ 2006 دَعا الحكومةِ السوريةِ إلى أن "تكف عن مضايقة السوريين الذين يسعون سلمياً إلى الإصلاح الديمقراطي في بلدهم ". وفي كانون الأول / 2006 كرر البيت الأبيض دعمه لرغبة الشعب السوري في الديمقراطية وحقوق الإنسان وحرية التعبير. وبشكل خاص جاء توقيت التصريح الأخير بالضبط عند زيارة السيناتور بل نلسون لبشار الأسد في دمشق لمناقشة القضايا الإقليمية بالرغم من رفض الإدارة الأمريكية لتوصيات لجنة بيكر هاملتون بالتحدث مباشرة إلى سوريا. بعده جاء كل من جون كيري وكريستوفر دوود و أرلن سبكتر ، وقد أشار توقيت البيان إلى أنه بالرغم من موقف إدارة بوش الحازم ضد إشراك حكومة سوريا إلا أنها أرادت إيصال اهتمامها بالمواطنين السوريين وبإطلاق سراح السجناء السياسيين وأبرزهم أنور البني وميشيل كيلو وكمال اللبواني.
على أية حال فعل البيان القليل لإقناع أولئك الذين يناضلون من أجل الحرية داخل سوريا بأن الحكومة الأمريكية جدية في تغيير الوضع الراهن. في مقابلة في عام 2005 مع كمال اللبواني المسجون منذ عودته من الولايات المتحدة ولقائه بمسؤولين كبار في الإدارة الأمريكية، قال اللبواني عن الدبلوماسيين المسؤولين عن ملف المجتمع المدني والمعارضة في السفارة الأمريكية في دمشق ما يلي: "المجموعة التي تعمل على ذلك البرنامج ضعيفة جداً. يتعاملون معنا من خلال شخص وحيد بالكاد يتكلم العربية وغير قادر على بدء أي شيء.... لم يظهروا أية رغبة في التنسيق أو التعاون مع عناصر المجتمع المدني. إن الولايات المتحدة لا تعول على المعارضة في لعب أي دور داخلي.
أعطى الدبلوماسيون في السفارة الأمريكية في دمشق صورة مختلفة عن العلاقات الرسمية بين المعارضة والسفارة. واحدة من الدبلوماسيين وتتكلم العربية بطلاقة وقد غطت حقوق الإنسان في 2006 قالت إنها عملت بجد لتطوير علاقات وثيقة مع نشطاء حقوق الإنسان وحاولت الإجابة على أسئلة كثيرة حول السياسة الأمريكية. إحدى أكبر العقبات هي أن الحكومة السورية تنتقد أي عمل للولايات المتحدة في قضايا حقوق الإنسان والمجتمع المدني على الأرض مهما يكن في حين أن الممثلين الأوروبيين يمكن أن يعملوا بحرية أكبر. على المستوى الرسمي لدى الولايات المتحدة هوة كبيرة جداً من المصداقية عند كل من النشطاء والحكومة،وهذه الحالة تعرقل العلاقات بين الولايات المتحدة والمعارضة.
تمويل MEPI للمعارضين: الضربة الساحقة لهذه المصداقية الهشة جاءت مع إعلان مبادرة الشراكة في الشرق الأوسط MEPI، مكتب وزارة الخارجية الذي يساعد المنظمات الفاعلة في الشرق الأوسط في شباط / 2006 عن منح مبلغ 5 مليون دولار لدعم الحكم الديمقراطي والإصلاح في سوريا. حسب بيان صحفي من وزارة الخارجية فالنقود ستستخدم "لبناء مجتمع مدني في سوريا ودعم المنظمات وتعزيز الممارسات الديمقراطية مثل حكم القانون، محاسبة الحكومة ، الوصول إلى مصادر معلومات مستقلة ، حرية التجمع والكلام والانتخابات العادلة والتنافسية".
رأت الحكومةُ السوريةُ هذا البرنامجِ كمثال مبدأي لكُلّ نقدها الأسوأ للولايات المتّحدةِ وسياسة التدخلِ في شؤون الشرق الأوسطَ. وقد أدان وزير الخارجية وليد المعلم الإعلان قائلاً أنه تدخل في الشؤون الداخلية السوريةِ. إن مصطلحات "إصلاح"، "انتخابات"، "حرية الكلام والجمعيات"، "مساءلة الحكومة"، و"الديمقراطية"، كَانتْ كُلّها حججاً للنظامِ لمُهَاجَمَة المعارضةَ المحاصرة أصلاً ووصفها بأنها عميلة للأجانب. ولذلك، انتقد نشطاء المجتمع المدني وحقوق الإنسان وأعضاء المعارضةِ الإعلان. “نحن لَسنا بِحاجةٍ إلى 5 مليون دولار تمنحها الحكومة للإصلاح في سوريا. نُريدُ صداقةَ الشعب الأمريكي، ونطلب من الحكومةَ الأمريكيةَ التَوَقُّف عن استعمال القوةِ لبِناء الديمقراطيةِ"، قالَ أحد النشطاء. هذا الإعلان العلني لهذه المنحِ جَعلتْ أعضاء المعارضةً مستهدفين بشكل أكبر. ولَيسَ من قبيل الصدفة، وبعد فترة قليلة من هذا الحدث، أن يغلق مركز أنور البني لحقوق الإنسان والدعم القانوني، والمدعوم من المساعدة المالية الأوروبية، بعد أقل من أسبوعين من افتتاحه.
أهين أعضاء المعارضة أيضاً بكمية النقود المقدمة. لقد رأوا عشرات ملايين الدولارات تذهب إلى ديمقراطية إيران وبرامج المجتمع المدني وخمسة ملايين فقط تذهب إلى قضايا سورية. هذا يثبت أنه بالرغم من كل الخطابات حول الديمقراطية في سوريا، لم تكن الولايات المتحدة مهتمة حقاً بالمعارضة السورية وأهدافها. إن آلية التوزيع أيضا جعلت قبول الأموال شبه مستحيل: حسب إعلان البرنامج كان الحد الأدنى للمنحة 100000 دولار، وهي كمية كبيرة جدا لاحتياجات المعارضة المتواضعة (مكاتب- تجهيزات) ويمكن أن يعترض عليها النظام. لذلك خصصت الأموال برمتها للمنظمات خارج سوريا.
الإسفين الأخير بين نشطاء المعارضة السورية والولايات المتحدة كان مقالاً في مجلة "تايم" في كانون الأول / 2006 يلخص "نظام مراقبة الانتخابات" الممول من قبل MEPI. وحسب المقال كان سيخصص جزء من الملايين الخمسة لمشروع مراقبة الانتخابات والذي يتضمن طباعة ونشر مواد من قبل النشطاء داخل سوريا، إعطاء أموال لأصدقاء أمريكا من السياسيين، حملات تثقيفية للمقترعين، واستطلاع الرأي العام. فسر مثل هذا البرنامج كطريقة لزعزعة استقرار الحكومة السورية، وهذا جعل عمل المعارضة أصعب. أصدر التجمع الوطني الديمقراطي، دفاعاً عن نفسه، بياناً يطالب فيه كل المعارضة السورية بالكشف عن مصادر تمويلها حفاظا على الشفافية والمصداقية ومنعا لتلويث الطبيعة الوطنية للمعارضة.
المشاكل التي تواجه الولايات المتحدة الأمريكية: إن برنامج MEPI الذي يهدف لتعزيز "الحكم الديمقراطي والإصلاح" يعبر عن السياسات الخاطئة للولايات المتحدة بالنسبة لسوريا والمشاكل التي تواجهها وكيف تؤثر هذه المشاكل على المعارضين داخل البلد.
أولاً: تواجه أمريكا نقصاً شديداً في المصداقية لدى المعارضة المحلية في سوريا. معظم السوريين يستنكرون التحيز الأمريكي لإسرائيل ومسؤولية واشنطن عن القتل اليومي في العراق، ولذلك لا يستطيع المعارضون العرب السوريون الدفاع عن أمريكا أو أن يقبلوا دعمها، فبمجرد زيارة الولايات المتحدة، كما حصل في حالة كمال اللبواني، يواجه المعارضون الاعتقال والسجن الطويل بعد عودتهم إلى سوريا رغم أن الكثيرين كاللبواني مستعدين للمخاطرة وجعل سجنهم بياناً سياسياً. بالنسبة للمعارضة المحلية المراقبة بشدة والموضوعة تحت التهديد الدائم فافتقار الولايات المتحدة للمصداقية بين الجماهير العربية في الشرق الأوسط يجعل أي ارتباط بالبرامج والشخصيات الأمريكية مكروهاً وخطراً.
ثانيا: بعد أكثر من خمس وثلاثين سنة من حكم الأسد تكون لدى السياسيين السوريين ثقافة عميقة الجذور من سوء الظن بالأجانب، فالحكومة وإعلامها تدين باستمرار أعداءها الداخليين بوصفهم عملاء أجانب لإسرائيل والحكومات الأجنبية التي تهدد وحدة العرب والسوريين، ويتحمل أعضاء المعارضة المحلية أعباء عظيمة عندما يجتمعون بنظرائهم في الخارج، وهذا الفعل يعرضهم لهجوم أكبر من الحكومة. وبسبب وجود معارضة في المنفى ، ولأن جبهة الخلاص تضم نائب الرئيس السابق عبد الحليم خدام وزعيم الأخوان المسلمين ( والذي يتعاطف معه الكثير من السوريين) فإن دعم مثل هذه الجماعات من الداخل شبه مستحيل. جعل حسن عبد العظيم الناطق الرسمي باسم التجمع الوطني الديمقراطي هذا التقسيم المحلي-الأجنبي واضحاً في 8 /تشرين الثاني / 2006 عندما أقر أن التجمع اتفق مع تقييم جبهة الخلاص للوضع في سوريا، ولكنه في الوقت نفسه أوضح أن لا تنسيق بين التجمع وجبهة الخلاص. بالرغم من أن الأفراد في الولايات المتحدة وأوروبا يؤكدون على أن الشخصيات المعارضة البارزة يدعمون نشاطاتهم وبرنامجهم إلا أن هؤلاء الأفراد داخل سوريا لا يمكن أن يعترفوا بشيء كهذا حتى ولو حدث ذلك.
تعمل المعارضة النشيطة في المنفى والدعم الأوروبي لنشاطات المجتمع المدني وإعلان MEPI من خلال الخطاب الدائم للنظام بأن كل من يدعم التغيير هو عميل أجنبي. أكد جميع أعضاء المعارضة العرب الذين سئلوا في هذه الدراسة على وطنيتهم ورغبتهم في مجتمع ديمقراطي حر في وطنهم واضعين حداً واضحا بين آرائهم في الحكومة وحبهم لوطنهم. في حين ترى الحكومة الأمرين واحداً. وبالرغم من فتح البلد على العالم من خلال الخلوي والإنترنت إلا أن الثقافة السياسية لم تلحق بالتقدم التكنولوجي.
أخيراً: وضعت الحرب الأهلية في العراق وفلسطين وانتصار الإسلاميين في صناديق الاقتراع البرنامج الأمريكي لتعزيز الديمقراطية في وضعية الاستراحة. ترى المعارضة السورية هذا الفشل أيضاً، وتخلص إلى أن الديمقراطية لا تفرض بالقوة والانتخابات لا تصنع ديمقراطية. عند النظر إلى العراق يكرر العديد من المعارضين السوريين العبارة نفسها "تولد الديمقراطية دائما بعيدا عن الدم" وبعضهم يوافق على أن المشروع الأمريكي في العراق ضروري. هؤلاء أنفسهم لا يريدون تكرار تجربة العراق في سوريا. إنهم يرون في إعلان MEPI مثالا على حيرة الولايات المتحدة بشكل عام عندما يتعلق الأمر بالديمقراطية والتغيير في الشرق الأوسط وسوء فهم الناس والمعارضين للأنظمة الدكتاتورية تحديداً. يرى أعضاء المعارضة بوضوح أن تهمة "عملاء أجانب" تقصد تشويه سمعتهم وإنقاص رصيدهم ولكنهم يوضعون في موقع صعب عندما يواجهون بخيارين صعبين: القبول بالمساعدة الأمريكية وخيانة الجذور القومية لقضاياهم أو المحافظة على حالة القمع الراهنة.
توصيات: تواجه المعارضة السورية المحلية تحديات معقدة، وتواجه الولايات المتحدة العديد من العقبات في تشكيل سياسة منسجمة وعملية نحوها. يحمل السواد الأعظم من السوريين الولايات المتحدة مسؤولية مباشرة عن الفوضى ويدين عجزها عن مجاراة خطابها الداعي إلى السلام وعن تحقيق تقدم حقيقي على الأرض، وتدين الحكومة السورية كل من يدعو إلى التغيير داخل النظام (عميل أجنبي)، وقد تشددت مع من قبل أموالاً أجنبية. إن أعضاء المعارضةِ هم مجموعة منقسمة ويَعِيشُون تحت وابل من التهديداتِ لهم ولعائلاتهم. في هذه البيئةِ،على أية حال، يَجِبُ أَنْ تتخذ الولايات المتّحدة - ووزارة الخارجية خصوصاً -عدداً من الإجراءاتِ لبِناء سياسة أكثر عملية وتطورا تجاه المعارضةِ السوريةِ:
1. تأسيس اتصال ثابت ومساعدة أطول: إن موظفي المساعدة في السفارة الأمريكية في دمشق والمسؤولة عن حقوق الإنسان والمجتمع المدني يجب أن يتكلموا العربية بطلاقة وأن يطلعوا على اهتمامات المعارضة والأفراد. ومن أجل تطوير علاقات قوية يجب أن يخدموا مدة أطول من سنة في هذا المكان. يجب أن يكونوا جاهزين للإجابة على أسئلة السوريين حول السياسة الأمريكية تجاه سوريا وأية إعلانات أو برامج تفكر بها وزارة الخارجية. يجب أن يستشار هؤلاء الدبلوماسيون في أية مبادرة مزعومة من مكتب الشرق الأوسط أو MEPI تخص سوريا لتجنب تعريض النشطاء للخطر، فمثلاً في 2006 كان يجب ألا يعلن عن منحة MEPI "للإصلاح والحكم الديمقراطي في سوريا" بمثل تلك الطريقة العلنية التي جلبت المراقبة والاتهام للمعارضة.
2. ترتيب زيارات بين المسؤولين الحكوميين وأعضاء المعارضة: عندما يزور مسؤولون في الحكومة سوريا – سواء كانوا ممثلين في الإدارة أو أعضاء في الكونغرس- سيكون من المفيد أيضاً أن يزوروا الشخصيات المعارضة البارزة لسماعهم وفهم برامج المعارضة وما هي النشاطات التي يرغبون بها لمساعدتهم في إدراك أهدافهم. وعند عودتهم يجب أن ينقلوا نتائجهم إلى المكاتب الحكومية المناسبة.
3. جلب الشخصيات المعارضة إلى الولايات المتحدة: يجب أن تحدد وزارة الخارجية أفراداً من المجتمع المدني وحقوق الإنسان في سوريا لزيارة الولايات المتحدة لحضور المؤتمرات في مجالهم والتحدث مع المسؤولين في الحكومة. في 2006 جلب برنامج الزائر الدولي في وزارة الخارجية محامي سوري في مجال حقوق الإنسان إلى الولايات المتحدة للمشاركة في مؤتمر عن الحقوق المدنية، الهجرة والقانون الدولي، وتحدث أيضاً إلى مسؤولين في الحكومة عن نشاطاته. هؤلاء الأفراد يعرفون أن زيارة الولايات المتحدة يمكن أن تعرضهم إلى الاعتقال والسجن ولكن إذا كانوا مهتمين بالدور الأمريكي يجب أن يتحدثوا إلى الكثير من الناس في الولايات المتحدة ليستطيعوا إطلاعهم على الوضع داخل سوريا.
4. التعاون الهادئ مع الأوروبيين: الاتحاد الأوروبي والمؤسسات الخاصة في أوروبا رعوا ومولوا عدداً من مشاريع المجتمع المدني الصغيرة في سوريا من المواقع الإلكترونية عن قضايا المرأة إلى الحلقات التدريبية والمؤتمرات. بتحديد تلك المشاريع التي يسهل تمويلها يَجِبُ أَنْ تَتعاونَ الحكومة الأمريكية والمؤسسات في أمريكا مع المصادر الأوروبيةِ لمُسَاعَدَة الجُهودِ المحليةِ التي تهدف إلى الحوارِ والتثقيف حول القضايا المحرّمةِ في المجتمعِ السوريِ والمُسَاهَمَة في انفتاح أكبر.
5. تقديم المساعدة الفنية: يجب أن تدعو السفارة الأمريكية في دمشق الخبيرين في المجتمع المدني وتنظيم الجماعات وحقوق الإنسان لعقد مؤتمرات صغيرة وحوارات حول تلك القضايا مع النشطاء في هذه المجالات. ويجب أن تنسق السفارة الأمريكية هذه النشاطات مع الشركاء الأوروبيين في حال رفض النشطاء العمل مع الأمريكان. وإذا كان لتلك البرامج أن تلفت الانتباه إلى النشطاء السوريين يمكن للسفارة والنشطاء أن ينظروا في طرق بديلة للاتصال كالهاتف والإنترنت. يمكن أيضاًَ أن تدعو الولايات المتحدة خبراء في الاتصالات والإنترنت لمساعدة المنظمات والأفراد في نشر رسالتهم بتعلم مختلف وسائل الإعلام.
6. التمييز بين مطالب العرب والأكراد: يشترك الأكراد والعرب في رغبتهم في التغيير وفي حرية أكبر في سوريا، ولكن طبيعة مطالبهم تختلف. العرب أكثرية في سوريا بينما الأكراد أقلية تعاني من التمييز وترغب في حكم ذاتي في أراضيها. يجب بذل الجهود لردم الهوة بدعم أي حوار عربي كردي. بالإضافة إلى أن السفارة الأمريكية والمسؤولين في الحكومة الأمريكية يجب أن يتفهموا دائما أن الأكراد الأنشط سياسياً – الذين يعيشون في الشمال أو المهاجرين إلى المدن الكبرى – كلهم يريدون الحكم الذاتي والوعي العربي الأكبر بفرادة المسألة الكردية السورية. المسؤولون الأمريكيون يجب أيضاً وبالتنسيق مع السفارات الأخرى التي تتابع هذه القضية أن يشجعوا النشطاء العرب على التحالف مع الأكراد لتحريك الشارع السوري بفعالية أكبر.
هل يوجد بديل موثوق للنظام؟ إن أعضاء المعارضة السورية ثابتون في وجه الفروق الكبيرة. لقد قدموا تضحيات كبيرة محاولين صنع حياة أفضل لهم ولأبناء بلدهم وأن يكونوا الصوت الذي يتكلم عندما لا يوجد أصوات أخرى. إنهم مجموعة واعية بذاتها تشتكي باستمرار وعلناً من ضعفها وانقسامها وقلة أملها في أي نوع من الإصلاح السياسي أو تحسن حقوق الإنسان أو إمكانية إصلاح نظام الأسد لنفسه. ومع ذلك لا زالوا يناضلون: في الذكرى السنوية لإصدار إعلان دمشق أصدر الموقعون بياناً يدعو إلى نظام التعددية وإنهاء حكم الحزب الواحد، ولكن السلطات السورية منعتهم من عقد مؤتمر صحفي.
لسوء الحظ لَيستْ الضرورات التي تُواجهُ المعارضة هي نفسها التي تواجه الولايات المتّحدة. تُواجهُ الولايات المتّحدةُ حرباً عنيدة في العراق وتبحث في كُلّ خياراتها في وجه النقدَ في الداخل والخارج. الوقت لَيسَ لصالح الولايات المتّحدةُ وهي ترى سوريا كمنشأ للعديد مِنْ مشاكلِ الشرق الأوسطَ في دعمها لحزب اللهِ، وكون دمشق ملجأ لزعماءِ حماس، وصلاتها الوثيقة مَع إيران، وتدخلها في الشؤون الداخلية اللبنانيةِ، والسماح للجهاديين والمعدّات والتجهيزات العسكريةَ بعبور الحدود السورية اللبنانية والسورية العراقية. عَملتْ الخطاباتُ القليل لفرض التغيير في سلوك سوريا، إذ تشعر سوريا أنها قوية وبأنها تنجح مراراً وتكراراً في الهروب من الحديث الدولي عن محكمة اغتيال رئيس الوزراء اللبناني رفيق الحريري. إنها تبْني جيشِها بالمساعدةِ الروسيةِ والإيرانيةِ وقد نَشرَت سلاح المدفعية والقذائفَ قريباً من حدودِها مَع إسرائيل، وترْفعُ فرص النزاعِ المنخفض في المستقبلِ. علاوة على ذلك، سوريا كَانتْ ناجحةَ في استخدام الأصولية المتصاعدة لمُهَاجَمَة الولايات المتّحدةِ، والإدارة الأمريكية الحالية لَيستْ جاهزة لجعل الأخوان المسلمين،على الرغم مِنْ وجههم الأكثر تسامحاً، سلاحَها ضدّ نظام الأسد.
إن المعارضة المحلية الضائعة وغير الموحدة والمضطهدَة جداً لا يمكن أن تُقَارَن بالنظامِ السوريِ وجهازه الأمنِي. النظام غير القادر على توفير العمل أَو مستوى المعيشة الأفضل بارع في شيء واحد: الأمن الداخلي ومراقبة شعبه. مع ذلك، فالمشاركة الشعبية الميتة في الانتخابات البرلمانية في نيسانِ 2007 تُؤكّدُ تصريحات المعارضةَ “ أغلبية صامتة” معارضَة لحكم البعثِ. وكما علّقَ مراسل من BBC ، لم يسبق للسوريين أن عبروا بتلك العلنية عن قلة اهتمامهم بالانتخابات. السوريون يفهمون أنهم محكومون بنظام لا يمثّلْهم، ولكن الاحتجاج الشعبي النشط لا يَبْدو محتملاً في المستقبل القريبِ.
السؤال الأفضل هو كيف يمكن تشجّيع ومساعدةَ المعارضة الحالية. إن مجرد الفَهْم الصحيح لما يَحْدثُ في دمشق، حلب، طرطوس، حمص، أَو القامشلي يُمْكِنُ أَنْ يُساعدُ الحكومة الأمريكية على فهم ما سَيَحْدثُ إذا سْقطُ نظامَ الأسد. الحكومة الأمريكية يَجِبُ أيضاً أَنْ تَكُونَ متفهمة للعناصر الإسلامية لتحصل على صورة كاملة للمجتمع السوري. يَجِبُ أَنْ يَستمرّ المسؤولون الحكوميون في لقاء أعضاء المعارضةِ، داخل البلادِ وفي المنفى، وكْسب ثقةَ المعارضة الداخلية. يجد الدبلوماسيون صعوبةُ في تَبرير الدعم الأمريكي للديمقراطية السورية والمعارضة، على أية حال، حيث أن المصداقية الأمريكية في أقل مستوى.
في الوقت الحاضر، لا يوجد بديلَ فعّالَ للنظامِ. المعارضةَ الداخليةَ تحت ضغط أكبر من أن يمكنها من التصرف كعامل فعال، ومُعظم المعارضةِ في المنفى لم تدخل سوريا منذ سَنَوات.
الأخوان المسلمون لديهم تعاطف شعبي، ولكن لا يملكون منظمة قويَّة. الأصولية المتصاعدة ظاهرة قويَّة، ولكن النظامَ يراقبها بحذر. الحرب في العراق أيضا قَوّت النظامَ ً وأضعفتْ المعارضةُ وأيّ حديث عن الإصلاح السياسي. الحملةَ الإسرائيلية في 2006 ضدّ حزب اللهِ والمدعومة من الولايات المتّحدة عزّزَت شعبيةَ النظامَ أيضاً وأظهرت للسوريين ثانية، ومن ضمنهم المعارضة، أنه بالرغم من أن الولايات المتّحدةِ تدعم الديمقراطية في لبنان إلا أنها يمكن أن تكُون مستعدة للتَضْحِية به بسبب مصالح إستراتيجية أوسع.
مع هذه القيودِ، فالإستراتيجية العقلانية الوحيدة في هذا الوقتِ هي إضعاف حلفاء سوريا (روسيا وإيران) وإقناع الممثلين الأوروبيين وجيران سوريا في الخليجِ بأن عزل وخْنق النظام هو الطريقة الوحيدة لفرض التغيير، كما ظهر بوضوح بعد اغتيال رفيق الحريري في شباط 2005 وإصدار تقرير الأُمم المتّحدةِ الأول عن التحقيقِ في قتلِه في تلك السَنَة. إن تغيير النظامِ المستعجلِ سينْتج فقط ممراً من الفوضى بين طهران وبيروت. في هذه اللحظة، يَجِب أَنْ تعْمَلَ الولايات المتّحدة باتجاه تَحسين علاقاتِها بشخصياتِ المعارضةِ داخل سوريا وشركائها الدوليين، بالإضافة إلى رفع مصداقيتها لدى الجماهير السوريِة.
معهد واشنطن لسياسات الشرق الأوسط اللجنة التنفيذية: الرئيس: هاوارد.ب. بركويتز رئيس اللجنة: فريد.س. ليفر الرئيس الفخري: مايكل ستين الرئيس المالي: باربي وينبرغ نواب الرئيس الأعلى: برنارد ليفانثال، جيمز سكريبر نواب الرئيس: تشالرلز آدلر، بنيامين برسلور، وولتر ب سترين السكرتير: مارتين ج غروس أعضاء اللجنة: ريتشارد بورو، موريس دين، جيرالد فرومر، روجر هيتروغ، بيتر لوي، دانييل مانتز، فريد سكوارتز، ديمتري سوغولف، ماريل تيش، و غاري ويكسلر. مجلس قيادة الجيل القادم: جيفري أبرامز، توني بيير، ديفيد إيجين، آدم هرز، دانييل منتز (رئيس مشارك)، ديمتري سوغولوف (رئيس مشارك) جوناثان توروب.
المجلس الاستشاري: وورين كريستوفر، لورانس. س. إغلبرغر، ألكساندر هيج، ماكس و لويس، إدوارد لوتواك، مايكل ماندلبوم، روبرت فارلين، مارتين بيريتز، ريتشارد بيرلي، جيمس روتش، جورج شلتز، بول وولفويتز، ر. جيمس وولسي، مورتيمر زكرمان.
إحياء لذكرى جين كيرباتريك يوجن روستو
المصدر:
منتديات السعودية تحت المجهر
:redrose: