كثر الحديث مؤخرا عن وجود (مؤامرة) لنشر التشيع في سورية .. وطغى على السطح معالجات كثيرة للموضوع لا تخلو من تحريض طائفي واضح ..
فيما يلي دراسة تزعم أنها اكاديمية وموضوعية .. انشر ملخص لها كما هي :
حُميده حَميد
شبكة إيلاف الإلكترونية
حُميده حَميدظهرت في الآونة الأخيرة إلى الوجود قضية لم تكن مطروحة على جدول أعمال اهتمامات الرأي العام، سواء داخل سورية أم خارجها، وهي قضية ما سمي بعملية التشيع في البلد المذكور. ولعل أول من أثارها المراقب العام للإخوان المسلمين في سوريا، المحامي علي صدر الدين البيانوني، ونائب الرئيس "المنشق" عبد الحليم خدام، في تصريحات إعلامية مختلفة قبل أن تأخذ طريقها إلى بيانات رسمية صادرة عن "جبهة الخلاص الوطني". وأشير في مختلف هذه التصريحات إلى أن السفارة الإيرانية تقود هذه العملية مقابل دفع مبالغ مالية لكل من يتخلى عن مذهبه السني ويلتحق بالمذهب الجعفري، وصولا إلى الإعراب عن مشاعر القلق بشأن ما يمكن يؤدي إليه الأمر من تغيير لبنية السكان الديمغرافية في سوريا! وبدا أن وراء إثارة القضية "أمر عمليات" صادر من جهة ما، بدليل أن عشرات المقالات ظهرت دفعة واحدة، في مواكبة هذه التصريحات، على مختلف مواقع الإنترنت التابعة للجهتين المذكورتين، سواء بشكل رسمي أو غير رسمي. والأدهى من ذلك أن نشطاء معارضين يعيشون في المنفى منذ عشرات السنين، وبعضهم (مثل فريد الغادري) لا يجيد تحديد الموقع الجغرافي لأربع مدن سورية دون الاستعانة بأطلس (بالمعنى الحقيقي لا المجازي)، ولا يعرف أي شيء على الإطلاق عن التركيبة الديمغرافية لسورية، انخرط في هذه الحملة بناء على " معطيات " مولدة ومنقولة بطريقة " القيل والقال"!
فهل لهذه المعلومات والهواجس المثارة أي أساس واقعي، أم أن الأمر يدخل في إطار التعبئة السياسية ـ الإيديولوجية على خلفية " المواجهة المذهبية " الجارية في العراق والشرق الأوسط عموما، و الصراع السياسي الدائر في لبنان على وجه الخصوص، والذي وجد بعض فصائل المعارضة السورية نفسه مدفوعا إلى الدخول فيه بحكم التداخل بين قضايا البلدين!؟
هذا السؤال، ونعني تحديدا الجانب العلمي الإحصائي، أجيب عليه مؤخرا في أول دراسة من نوعها في هذا المجال قام بها باحثون ميدانيون على مدى ستة أشهر بناء على طلب إحدى الجهات الأوربية الرسمية، وبتمويل منها. وتتناول الدراسة عملية "التشيع" في سوريا خلال عشرين عاما (1985 ـ 2005)، مع ملحق إضافي تناول النصف الأول من العام 2006. أعد الدراسة تسعة باحثين ميدانيين متخصصين في مجال علم الاجتماع وعلم الاجتماع السياسي والاحصاء، ويشتركون في أنهم جميعا علمانيون ونشطاء في حركات "المجتمع المدني" السورية. وقد جاءت الدراسة في 32 صفحة فولسكاب وتحت عنوان The Shiitization Process in Syria 1985-2006, a Socio-statistic paper (عملية التشيع في سوريا 1985 ـ 2006، دراسة اجتماعية ـ إحصائية)، أشرفت عليها، إداريا وحسب، منظمة "المجلس الوطني للحقيقة والعدالة والمصالحة في سوريا "، التي انحصر دورها في ترشيح الباحثين وترتيب الاتصال بينهم وبين الجهة الممولة مقابل السماح للمنظمة بوضع اسمها على البحث كجهة مشرفة إداريا. وبسبب حساسية الموضوع، خصوصا لجهة إمكانية ملاحقة الباحثين أمنيا وقضايا بتهمة " قبض أموال من جهات أجنبية "، فقد أجريت الدراسة بشكل سري وبعيدا عن الأضواء، كما جرى إغفال أسمائهم والاحتفاظ بها على وثيقة مستقلة لدى الجهة الممولة في بلجيكا. وقدم للدراسة الكاتب والصحفي السوري نزار نيوف. وهو متخصص أكاديميا في الاقتصاد والعلوم السياسية والتاريخ الاقتصادي ـ السياسي المقارن للديكتاتوريات في حوض المتوسط.
الإطار الجغرافي ـ الديمغرافي العام للدراسة:
تتناول الدراسة عملية التشيع في المحافظات السورية الرئيسة: دمشق وريف دمشق، حلب وريفها، حمص، حماة، اللاذقية، طرطوس، إدلب، الرقة، دير الزور، السويداء. وقد اختيرت هذه الدراسة، كما يشير البحث، لكونها تضم الغالبية الساحقة من سكان سوريا، ولأن عملية التشيع تجري في حصريا، ولأنها المحافظات التي تضم أقليات إسلامية مذهبية غير سنية (علويون، إسماعيليون، شيعة.. إلخ) بنسب مختلفة، طاغية في بعضها، وضئيلة في بعضها الآخر. وأشار البحث إلى أن محافظة القنيطرة قد استثنيت من البحث بسبب وضعها الخاص (معظم أراضيها تحت الاحتلال الإسرائيلي منذ العام 1967)، ولكون الغالبية الساحقة من سكانها نازحين إلى المحافظات السورية الأخرى، لاسيما دمشق وريفها، وبالتالي فقد شملها البحث بطريقة غير مباشرة.
طريقة البحث وكيفية الحصول على معلوماته الخام:
يشير البحث إلى أن الباحثين لجأوا إلى طريقة " مبتكرة " وهي تفرغ كل منهم لمنطقة جغرافية ـ ديمغرافية بعينها، وعدم الالتقاء ببعضهم البعض أو مناقشة المعلومات والنتائج الخام التي توصل كل منهم إليها طيلة الفترة المكرسة لجمع المعلومات والبيانات، وهي خمسة أشهر. أما الشهر الأخير فخصص لعقد حلقات نقاشية مغلقة فيما بينهم لتداول هذه المعلومات ومناقشتها وغربلتها واستخلاص المعطيات النهائية والنتائج بعد بعضها من الحساب حين تكون نسبة الارتياب أكبر من 50 %، ومن ثم تحرير النص النهائي. أما مصادر المعلومات الخام فقد حددها البحث بأربعة:
ـ سجلات المحاكم الشرعية (المذهبية) وبيانات الزواج والطلاق ؛
ـ معطيات مستخلصة من سجلات مديريات وزارة الأوقاف في المحافظات ؛
ـ مقابلات شخصية ميدانية مع رجال دين ووجهاء ومواطنين عاديين ينتمون إلى مختلف المذاهب الإسلامية المعنية ؛
ـ معطيات مستخلصة من سجلات المراكز الثقافية الإيرانية والحوزات والمدارس الشيعية التي تشرف عليها وتدعمها، جزئيا أو كليا، السفارة الإيرانية في دمشق.
نتائج البحث:
خلص البحث إلى نتائج تشير إلى أن إجمالي المسلمين المتشيعين في سوريا خلال عشرين عاما ( 1985 ـ 2006 ) لا يتجاوز اثنين وستين ألفا، أغلبيتهم الساحقة من أبناء الطائفة العلوية، ولا يتجاوز نسبة المسلمين السنة فيهم الألف وخمسمئة مواطن! وفي المعطيات الأكثر تفصيلا، يشير البحث إلى أن عدد الأسر " العلوية" التي تشيعت خلال الفترة المذكورة بلغ 8783 أسرة. وبافتراض أن متوسط عدد أفراد الأسرة السورية هو ستة أشخاص، وأن جميع أفراد الأسرة تبعوا رب الأسرة المتشيع ، فإن العدد الإجمالي للعلويين الذين تشيعوا يبلغ حوالي 52700 شخص. هذا بينما بلغ عدد الأسر الإسماعيلية المتشيعة حوالي ألف ومئتي أسرة، أي حوالي سبعة آلاف وأربعمئة شخص. واستنادا إلى هذه الأعداد تكون نسبة المتشيعين في كل طائفة / مذهب خلال الفترة المذكورة: 85 بالمئة في الوسط العلوي ؛ 13 بالمئة في الوسط الاسماعيلي ؛ و 2 بالمئة فقط في الوسط السني. ولم يسجل التقرير أي حالة تشيع في الأوساط الأخرى (مسيحية، درزية.. إلخ).
التوضع الجغرافي للتشيع:
تلاحظ الدراسة أن التمركز الجغرافي للتشيع في الوسط العلوي توزع على النحو التالي: محافظة طرطوس وريفها 44 بالمئة ؛ محافظة اللاذقية وريفها 26 بالمئة ؛ محافظة حمص وريفها 14 بالمئة ؛ محافظة حماة وريفها دمشق وريفها 16 بالمئة (وهؤلاء ينحدرون من مختلف المحافظات).
أما التمركز الجغرافي للتشيع في الوسط السني فتوزع على النحو التالي: محافظة حلب وريفها 46 بالمئة ؛ محافظة دمشق وريفها 23 بالمئة ؛ محافظة حمص 22 بالمئة ؛ محافظة حماه 5 بالمئة ؛ محافظة إدلب 4 بالمئة. وقد أهملت نسب التشيع في محافظتي دير الزور والرقة والقنيطرة كونها لا تشكل إلا أجزاء عشرية متناهية الصغر (بضع عائلات تعد أصابع يد واحدة)، ولكون النشاط الشيعي فيها يبتعد عن الشكل " التبشيري" ويقتصر على الجانب " الطقسي" (إحياء المناسبات الدينية المرتبطة بالتراث الديني الشيعي، و ترميم وإحياء بعض الأضرحة القديمة وتنظيم الزيارات إليها من مناطق أخرى، سواء من داخل سورية أو خارجها).
هذا بينما جاء التمركز الجغرافي للتشيع في الوسط الإسماعيلي على النحو التالي: محافظة حماة وريفها (وبشكل خاص مدينتي السلمية ومصياف و بلدة عقارب) 51 بالمئة ؛ محافظة طرطوس وريفها (بلدات: القدموس ومنطقة نهر الخوابي) 43 بالمئة ؛ محافظة حلب وريفها 3 بالمئة ؛ محافظة دمشق وريفها 2 بالمئة ؛ محافظة إدلب وريفها 1 بالمئة.
من ناحية ثانية، ذكرت الدراسة ملاحظتين في هذا السياق، أولاهما أنه لم تسجل أي حالة تشيع في وسط الشيعة الموحدين (المعروفين باسم " الدروز ") أو في الوسط المسيحي بمختلف مذاهبه (الكاثوليكية، الأرثوذوكسية، البروتستانتية.. إلخ)، وثانيهما أن 7 بالمئة على الأقل من المسلمين السنة الذين تشيعوا في دمشق وريفها جرى في أوساط العائلات الشيعية في الأصل، والتي "تسننت" مع الزمن لأسباب مختلفة. وذكرت في هذا الإطار حالات نموذجية من عائلات (العطار، قصاب حسن، اللحام، بختيار / اختيار..). كما وسجلت ملاحظة مشابهة لجهة المسلمين السنة في حلب، حيث أشارت إلى أن 11 بالمئة منهم ينحدرون من أصول شيعية في الأساس، أو من "قرى شيعية" في إدلب مثل " لفوعة" و "معرتمصرين". وهو ما أسمته الدراسة بـ "تجديد التشيع".
الوضع المهني والاجتماعي للمتشيعين:
خلصت الدراسة إلى أنه من الصعب ربط حالات التشيع بوضع اجتماعي " معياري " يمكن الركون إليه علميا في تحديد سبب أساسي أو طاغ وقف وراء تشيع هؤلاء، سواء في الوسط السني أو في الوسطين الاسماعيلي والعلوي، لاسيما منه الجانب الاقتصادي، أو ما أشير إليه في بعض وسائل الإعلام بـ " الفقر والحاجة إلى الأموال الإيرانية ". فالقسم الأكبر من المتشيعين السنة في دمشق (64.4 بالمئة) ينتمون لعائلات تجارية أو مهنية وضعها الاقتصادي جيد أو ممتاز. كما أن القسم الأكبر منهم (حوالي 69 بالمئة) من حملة الشهادات الثانوية أو المعاهد المتوسطة وما فوق. واقتربت النسب في حلب من هذا الإطار. حيث سجل البحث أن 61 بالمئة من متشيعي حلب ذوو وضع اجتماعي ـ اقتصادي متوسط أو جيد. فيما كان معظم الفقراء المتشيعين منهم (39 بالمئة) ذوي أصول شعية بعيدة (جددوا تشيعهم). أي أن دافعهم إلى ذلك " ديني ". ولم تتجاوز نسب المتشيعين لأسباب " مالية" في الوسط السني إجمالا (في جميع المحافظات التي جرى مسحها) الـ 3 بالمئة. وسجلت الدراسة " مفارقة ظريفة " في هذا المجال، وهو أن بعض السنة المتشيعين، وخصوصا طلاب الجامعات منهم، غير ملتزمين دينيا، وكان تشيعهم، حسب ما أفادوا للباحثين، " لأنهم أرادوا الحصول على مبلغ مالي لتسديد نفقات الدراسة أو الزواج رغم أن الالتزام الديني، سواء أكان سنيا أو شيعيا، إسلاميا أو مسيحيا، لا يعني لهم شيئا ". وهو ما يمكن أن يصنف تحت عنوان " الانتهازية ". مفارقة ظريفة أخرى سجلتها الدراسة في الملحق الإضافي لجهة المتشيعين السنة، لا سيما من تشيع منهم بعد الحرب الإسرائيلية الأخيرة على لبنان الصيف الماضي، وهي أنهم " تشيعوا حبا بحزب الله وحسن نصر الله "!
في إطار التشيع في الوسط العلوي، أشارت الدراسة إلى أن الأغلبية الساحقة من المتشيعين (حوالي 76 بالمئة) هم من الطلاب أو العاطلين عن العمل. ولاحظت الدراسة أن قسما من المتشيعين العلويين هم من العسكريين. وهذه الملاحظة منقولة من إفادة أحد رجال الدين العلويين في طرطوس، لأنه من الصعب معرفة النسبة الحقيقية من المتشيعين العسكريين، لأسباب " لوجستية " مفهومة. أما المتشيعون في الوسط الإسماعيلي فجلهم (حوالي 84 بالمئة) من الفئات الوسطى وما فوق، منهم 68 بالمئة من حملة الشهادات الثانوية وما فوق.
خلاصات البحث الأساسية:
استخلصت الدراسات ستة مؤشرات أساسية من عملية التشيع في سوريا:
ـ إن معظم حالات التشيع جرت وتجري في الوسط الإسلامي المعتبر تاريخيا وفقهيا من " العائلة الفقهية الشيعية " (اسماعيليون، علويون..)؛
ـ إن نسبة التشيع المتواضعة جدا (2 بالمئة) في الوسط السني لا تسمح بالحديث أبدا عن " عملية تبشير شيعي " في هذا الوسط، خصوصا إذا أخذنا بعين الاعتبار أن قسما من هؤلاء ينحدرون أصلا من عائلات شيعية تسننت مع الزمن لاعتبارات مختلفة ؛
ـ إن نسبة المتشيعين لأسباب اقتصادية ـ مالية (الوضع الاقتصادي ـ الاجتماعي) لا تسمح بالحديث عن " ظاهرة تشيع مأجور " أو " ظاهرة ارتزاق مذهبي" ؛
ـ إن الغالبية الساحقة من حالات التشيع الاسماعيلي تندرج في " الإطار الطقسي " و " الرمزي" إذا جاز التعبير، كالالتزام بالصلوات الخمس في مساجد ينفصل فيها النساء عن الرجال بدلا من الصلوات " شبه المختلطة " عند الاسماعيليين حيث النساء الملتزمات دينيا منهم لا يعنين كثيرا بوضع الحجاب وإزالة المكياج أثناء الصلاة. وبالنسبة للمتشيعين العلويين، تلاحظ الدراسة أنها اقتصرت في غالبيتها الساحقة على الرجال (93 بالمئة). أما النساء المتشيعات فلم يلتزمن بما يعرف بـ " الشادور " (الحجاب)، واكتفين بعطاء عادي للرأس. و يعود هذا أساسا إلى أن الفقه الجعفري، على الطريقة العلوية، يعفي النساء من واجباتهن الدينية. (المرأة غير مكلفة شرعيا).
ـ إن استمرار وتيرة التشيع على هذا النحو في الوسطين الاسماعيلي والعلوي، سيؤدي إلى " انقراض " الطائفة الأولى نظريا خلال عقد من الزمن، وإلى " انقراض" الثانية خلال ربغ قرن.
ـ حددت الدراسة نسبة النحراف المعياري بـ ± 2.5 بالمئة.
وفي تقديمه للبحث أشار نزار نيوف إلى أن حركة التشيع في سوريا بدأت مع العلامة عبد الرحمن الخير (المولود في العام 1925). لكنها لم تأخذ بعدا جماعيا منظما إلا مع جميل الأسد، شقيق الرئيس الراحل، الذي أسس " جمعية الإمام المرتضى " مطلع الثمانينيات الماضية لأسباب " مافيوية ـ سياسية ـ مذهبية مركبة " حسب تعبير الكاتب. حيث "كان همه الأساسي التربح والتكسب من خلال الحصول على أموال إيرانية بذريعة تمكين أعضاء جمعيته، لاسيما العلويين منهم، من أداء فريضة الحج (...) رغم أن العلويين، كما الاسماعيليين، لا يؤدون هذه الفريضة لحجج فقهية وتاريخية مختلفة، بعضها يتصل بأن الحجر الأسود الموجود اليوم ليس الحجر الأسود الأصلي الذي أخفاه القرامطة، وبعضها الآخر ينطلق من اجتهاد فقهي يرى أن الحج والدوران حول الكعبة هو طقس وثني صرف ". ومن المعلوم أن الرئيس السوري الراحل حل جمعية الإمام المرتضى في العام 1984 وحظر نشاطها قانونيا بقرار من رئيس مجلس الوزراء آنذاك عبد الرؤوف الكسم. كما وأشار في تقديمه إلى واقعة أن الرئيس السوري الراحل "كان يعارض بقوة عملية التشيع (...) بدليل أنه أمر باعتقال أحد أطباء الأسنان العلويين في طرطوس، المهلب حسن، وبمصادرة كل المطبوعات والمنشورات التي كان يتولى إحضارها من إيران ". وليس معلوما المصير الحقيقي لهذا الطبيب، ولو أن بعض المعلومات تشير إلى أن الرئيس الراحل "أمر بتصفيته وهو رهن الاعتقال".
لكن الملاحظة الأهم في المقدمة هو إشارة الكاتب في تقديمه إلى أن " عملية التشيع في الوسط العلوي والاسماعيلي أكثر خطورة وكارثية على المجتمع السوري من تشيع المسلمين السنة بما لا يقاس (...). فالفروق بين السنة والشيعة تكاد لا تذكر، من حيث التزمت والتعصب الفقهي والطقسي، بينما تشيع العلويين والاسماعيليين والدروز هو الخسارة الحقيقية للتعددية الثقافية في سوريا، بالنظر لأن هؤلاء هم الورثة الحقيقيون للفكر الاعتزالي وللثورة الثقافية الإسلامية في القرنين التاسع والعاشر، وآخر بقاياها (...) فضلا عن أنها طوائف علمانية إذا جاز التعبير ؛ بمعنى أنها طوائف تفصل الزمني عن الديني في عقائدها، ولا تؤمن أصلا بفكرة الدولة الإسلامية ". ومن هنا، يقول الكاتب، على القوى العلمانية والمعارضة في سوريا "أن تتعاطى مع عملية تشيع هذه الطوائف باعتبارها كارثة ثقافية وطنية لا بوصفها خطرا متربصا بالبنية الديمغرافية لسكان سوريا كما يحاول أن يصور الأمر، على نحو شديد الابتزال والسطحية والانتهازية المذهبية ـ السياسية، كل من خدام وجماعة الإخوان المسلمين (...). ذلك لأن جمهور هذه الأقليات الإسلامية الثلاث هو في الواقع الخزان الحقيقي والأهم والأكبر للحركات العلمانية واليسارية والديمقراطية (...) وبانقراض هذه الطوائف تصبح مهمة القوى الديمقراطية والعلمانية عسيرة جدا، إذ سيتوجب عليها آنذاك النحت في الصخر السني بدلا من الغرف من البحر العلوي ـ الاسماعيلي ـ الدرزي ـ المسيحي"!
المصدر:
http://www.islamismscope.com/index.php?art/id:327