بداية لا بد أن اعترف أن الروايات "الكبيرة الجميلة" هي في عالم السينما " افلام ضعيفة" ، هذه الفكرة كونتها من خلال مشاهدتي لافلام اُخذت عن روايات هزتني ، وعندما شهادتها كأفلام سواء في السينما او التلفزيون خرجت مبكراً أو نقلت الي قناة اخرى ، اذكر من هذه الروايات رواية الكاتب الامريكي المبدع جون شتاينبنك في روايته " رجال وفئران" وحينما شاهدتها فيلماً ، هربت من المشاهدة لأحتفظ بذاك السحر الذي عشته في الرواية من خلال نفسيات شخصياتها

اية رواية ناجحة تعتمد في اساسها على الانفعال النفسي الداخلي وعلى الحوار الذاتي داخل الشخصية ، وهذا ما لا تستطيع الشاشة المسطحة من سبر الأغوار داخل الشخصيات

ما علاقة ما تقدم بالفكر الحر ؟ العلاقة أن رواية علاء الاسواني " عمارة يعقوبيان" تطرح مواضيع فكرية جادة وجريئة تتناول الحقبة المصرية خلال ال 50 عام الماضية ، شخصياً لم أقرا الرواية ولكنني شاهدت الفيلم ليعزز فكرتي أن الروايات الجميلة ليست قطعاً افلاماً جميلة ، رغم أن فريق العمل للفيلم لم يدخر جهداً لإبراز جبال وهضاب الرواية وهذا يحسب للمخرج علاء حامد وكاتب السيناريو وحيد حامد وحشد كبار الممثلين

رواية تتوزع على ثلاثة ابعاد صعب حشرها في 160 دقيقة ، فهي تتوزع زمانياً على 50 عام ، وعلى شخوص رئيسية عدة لا تجتمع سويا ولا رابط بينها سوى انها تسكن عمارة واحدة ، وعلى التطور الذاتي للشخصية الواحدة ، وهذا ما يجعل من الصعوبة حشر الرواية داخل بكرة فيلم واحد

نعود للفكر الذي نحن بصدده ،فإن كانت مقدمة الفيلم تسرد صوتياً التغيرات التي حدثت للقاهرة ، بدءاً من ثورة العسكر واختفاء الطبقة الوسطى واستيلاء الضباط ، ثم مرحلة الانفتاح التي جعلت ـ وعلى لسان احد شخوصها ـ مصر قاسية على ابنائها ، وتوصلنا الي النهايات التي نعاصرها عبر اربعة نماذج رئيسية في الرواية وهذه المناذج لا تمت لبعضها بصلة الا من بعيد كونها تعيش في زمن واحد وتقطن عمارة الارمني يعقوبيان

الشخصية الاولى : زكي باشا (عادل إمام) ، ابن الطبقة الوسطى ، مهندس تخرج من باريس ، تحوله التحولات الاجتماعية لانسان سلبي ، يعاقر الخمرة ويطار النساء وهو في الستينيات من عمرة ، ربما بين كل كأس وكأس يستعرض شريط التغير القاسي ، ويرد ذلك على لسانه وهو يترنح سكرانا في احد الشوارع ويصرخ ، القاهرة كانت اجمل من باريس ، الموضة كانت تنزل بالقاهرة قبل باريس ، شوارع القاهرة كانت انظف من شوارع اوروبا ، عمارات القاهرة كانت احلى من عمارات اوروبا ناس القاهرة كانوا اطيب من ناس اوروبا ................

الشخصية الثانية : وهي شخصية حاتم رشيد ( خالد الصاوي) ، هي شخصية ناجحة بكل المقاييس ، فهو يملك صحيفة ناجحة وانسان طيب وعملي الا انه ولاسباب في صغره فهو مثلي الجنسية " خول"

الشخصية الثالثة : وهي شخصية الحاج محمد عزام ( نور الشريف) ، ماسح الاحذية الذي تحول بطرق غير معروفة الي صاحب مال لا يعد ومنها الحشيش وامور مشبوهة ولا ينقصه المبرر الديني في كل خطوة ، وبعلاقته مع الوزير الفولي يشتري مقعدا في مجلس الشعب .....ويستمر

الشخصية الرابعة : وهي الشخصية التي تحدث ارباكاً للمشاهد " طه الشاذلي " الذي يقوم بدوره ( محمد امام) ، طالب كفوء يحاول ان يدخل كلية الشرطة ولآنه ابن بواب لا يحصل على ذلك ، فيتحول تدريجياً الي الجماعات الاصولية ، ويقود مظاهرات جامعية ، تنتهي باعتقاله ويتعرض لشتى انواع التعذيب ومنها الاغتصاب على يد احد ضباط الشرطة ، وعند خروجه يطلب من رؤساء جماعته مساعدته على الانتقام ، مشهد الانتقام كان من أفضل مشاهد الفيلم ، وفيه يُقتل الطرفان طه والضابط وجثتيهما تتجاوران ودمائهما تتختلط لتشكل سيلاً واحداً ، ليضعنا في اشكالية لا نخرج منها " من هو القاتل ومن هو القتيل ، من هو الجاني ومن هو الضحية ، من هو الارهابي ومن هو البرئ"

اخيراً ، يتم قتل " الخول " حاتم رشيد مع انه انسان لا يسئ لأحد ، ولكن ربما هذا اسقاط ان مجتمعنا الشرقي لا يقبل بأمثال حاتم رشيد ، غير أنه يقبل بأمثال الحاج محمد عزام ذو القشرة الدينية والباطن السئ والفاسد ، ولذا فالفيلم بنهايته يوطد العلاقة بين الحاج رشاد والفاسد الوزير القوطي وتستمر .....

مع خالص التحية

الصديق جعفر علي (f)
ولو أني أتفق معك بتحليلك بخصوص أن قراءة القصة تخلق في نفسية وخيال القاريء
أوسع وأكثر ثراء ممن يترجمها في فيلم أو حتى مسلسل
وبالذات حينما يكون هذا القاريء له خيال خصب كمشروع أديب أو قاص مثلا
الا أن هذا الفيلم كنت قد شاهدته بعدما أكرمني الزميل الكريم طارق القداح
وأرسله لي على النت ,,,وخزنته وأستطيع مشاهدته باستمرا ر
الا أن فكرة الفيلم كانت تريد أن تقول أن الحالة كانت أحسن بمعنى بعصر الملكية ونهب ثروات وخير
هذا البلد على يد الأجانب وليس بيد ابناء الشعب
أو أن هذا الشعب ليس بالكفاءة التي يمكن أن يحكم نفسه بنفسه
ونسي عوامل كثيرة جمة هي التي أوصلت هذا البلد لما هو به لاحظ عدد السكان في مصر الآن وقارنة في تلك الحقبة الزمنية
وما تأثير هذا السبب الهام على كثير من الأمور
ثم لفت نظري أنك أيضا أشرت بطريقة خفية الى أن الطبقة الوسطى انعدمت في مصر
وكأنك تريد أن تكرس هذه الفكرة بطريقة أو أخرى
ولكن لو نظرت الى الفترة التي تشير اليها من حكم ( العسكر ) والتي كان من المستحيل أن تقوم جهة ما
بتغيير النظام الملكي الا بمن لديه القوة العسكرية هذه هي طبيعة الوضع
كانت الطبقة الوسطى والتي هي تحفظ التوازن بالمجتمع هي الغالبية العظمى ابان الحكم الناصري
أما التنقل من النظام الملكي بكل فساده وافساده الى النظام الاشتراكي وتوزيع الثروة بالعدالة الاجتماعية
الى قبل أن تتم نجاح هذه التجربة بالحروب المقصودة والمتعمدة لاضعاف هذه التجربة
الى عودة الملكية بصورة مقنعة وهي بالأصح فتح الباب للصوص وضعاف النفوس
ثم الى تزايد المشاكل بالتبعية ودخول استعمار بالوكالة
هي التي أدت الى الوضع المزري الذي نشاهده من خلال هذه القصة ...

سلام

فيلم جميل وتلخيص ممتاز ...لاداع لتنزيله فسعره بدمشق يورو واحد....دمشق والقاهرة كانتا بالخمسينات أحسن والانفجار السكاني سبب كل البلاوي

اتفق مع الاخ بسام الخوري في ان مصر كانت احلى في الخمسينيات ، وهذا محل اجماع من جمهور العقلاء ولم يشذ عنه الا من كانت شهادته مجروحه بفيلا اكتسبها او قطعة في مارينا وخلافه .
لا اظن ان المشكله في الزياده السكانيه فانا مثلا اعيش في مكان شعبي في مصر مملوء بالسكان ورغم ان الاخلاقيات مترديه والتفكير منعدم تماما الا في ( الهيافه ) لكن اهل هذه الاماكن في مصر كلها لا يُقام لهم اية اعتبارات ولا شأن لهم بالتغيير
هقولك مثل ساذج بس ربما عبر عن شيء ( العماره اللي قصادي مثلا المفروض ان سكانها عايشين في دور انهم اغنيا [ غلابه مبيركبوش مواصلات ويشفوا الناس البرجوازيين بجد ] ولد الجاره اللي قصادي بيطلع مخصوص ( يتف = يبصق ) في الشارع ويرمي اكياس الاكل والبسكوت لما قلتله عيب يا بابا المفروض الناس الحلوه مش بتعمل ده تعرف امه خريجة السربون[؟!] قالت ايه : انت عاوزه يكتم التفه وما يرمي في الشارع ايه المشكله رغم اني انا ووالدي بنحافظ جدا على نظافة الشارع ........ المهم مفيش ادراك اصلا عندهأ والست ديه المفروض احسن من غيرها ممكن حد تاني كنت قلتله كده كان شخرلي او مكنشي رد عليا اصلا ..... هؤلاء الناس انا انظر اليهم بعين الشفقه اعتبارا للعقيده الهنديه : انا = انت = هو = هي = الكل ، فاحمد الله على انني نظرت للحياة هكذا وارجو لهم ان يفهموا الصح من الغلط
من المفروض ان هؤلاء لو تغيروا وهم كميه كبيره من السكان بالطبع سيكون لهم دور جيد في تحسين صورة مصر
لكن المشكله في النخبه ( ان صح التعبير )
من يحسبون على الفكر والثقافه حينما يبيعون انفسهم للمناصب والكراسي وحينما يتوقفون عن التفكير ( وهذا قد حدث بالفعل من فتره ) !
موضوع انه لا يوجد طبقه وسطى في مصر الان صحيح يا نسمه
يا تاكل يا تجوع يا تلبس يا تتعرى والكل شغال في الاختيار الاول
اذا قريتي في الحكايات والتواريخ الخاصه بهذه الفتره يا نسمه هتعرفي ان مصر كانت في اجمل فترات حياتها الخواجات كانوا حابين النظام في مصر جدا
الابحاث العلميه كانت مثمره كان فيه نهضه فكريه فعلا وعلى راي راجل مصري الماني ما في ابحاث علميه بعد الخمسينات في مصر قلتله يعني حضرتك تقصد في اي مجال ادبـي وكده قالي وعلمي وكل شيء
يا جماعه الراقصه كانت في هذه الفتره تكتب الشعر والقصه
المشخصتيه كانوا بيقروا
هنقول ايه بس ..................... معلش اثقلت عليكم

ونسي عوامل كثيرة جمة هي التي أوصلت هذا البلد لما هو به لاحظ عدد السكان في مصر الآن وقارنة في تلك الحقبة الزمنية
وما تأثير هذا السبب الهام على كثير من الأمور
..................

يجعلك عامر (f)
لقد أشرت الى عدد السكان في مصر أصبح بهذه الفترة الوجيزة من الزمن شيء ملفت للنظر ومرعب أيضا
ثم أن فترة الخمسينات وبداية الستينات كانت هناك نهضة حقيقية
والذي يعترض يرجع الى الدخل القومي بمصر كان ازاي ,,,
كثير من الجيل الساداتي والجيل اللي بعدة يجهل الحقيقة
لأن عصر السادات قلب كل شيء ودفن كل شيء جميل ...
أما الذي بعدة فهو مازال حي يرزق أي نعم مش عايش مشاكل شعبه
لأنه هربان في شرم على طول ,,,يعني حيحس ازاى ؟؟؟ بهذا البعد الجغرافي والمعنوي



ملاحظ
أرجو أن يكون العارض الصحي قد تعافيت منه
شفت أنا بأحس بنبض شارع نادي الفكر ازاي :lol:

كان ممل جدا شاهدته في مجمع هيلتون رمسيس القاهرة
الرواية أجمل بكثير
من قرأ رواية شيكاجو علاء الأسواني رواية الغربة

أعتبر علاء الأسواني
هو من أحسن من كتب عن نبض الشارع المصري
ومسك بالراية بعد نجيب محفوظ :97:

لم اقرأ الرواية لكن شاهدت الفيلم
انطباعي حول الفيلم انه ممل جدا و سبحان الله كل الافلام التي ينفخ فيها النقاد نفخا تخيب املي من مومياء شادي عبد السلام الثقيلة على القلب الى مصير يوسف شاهين الذي لم استطع ان استمر في مشاهدة اكثر من ربع ساعة فيه و الا كرهت ابن رشد او صرت اتصوره حاج مصري سبعيني متقاعد وقور في افضل الحالات .
:redrose:

Arrayصرت اتصوره حاج مصري سبعيني متقاعد وقور في افضل الحالات .[/quote]

:lol:

شكراً للزميلة نسمة والزملاء بسام ويجعله عامر والبشري

الاخ البشري :- نعم يا عزيزي كما قلت في بداية هذا الموضوع الرواية الجميلة هي فيلم سىء ، خاصة إذا كانت مترابطة العناصر فما بالك براوية تمتد عبر الزمان والمكان والاشخاص الذين لا رابط بينهم ؟ ومع ذلك لن نغبط ذي حق حقه ، فالفيلم رغم الصعوبة في ترجمة الرواية الا أنه أظهر العناصر الاساسية للرواية وأوصل للمشاهد جوهر الاحداث والفكرة .

الاخت نسمة ،

الرواية/ الفيلم ، لا يركز على فكرة واحدة ، بل هي مجموعة مقتطفات من المجتمع المصري ذات نواحي متعددة ، يحاول من خلالها الكاتب رسم صورة عامة عمّا ال اليه المجتمع المصري الحاضر

بالنسبة للطبقة الوسطى ـ وهي الطبقة الأكثر ضرورة في اي مجتمع ــ تآكلت في مصر وفي غيرها من البلدان العربية ، ولا أظن الكاتب يحمّل حقبة عبد الناصر كل المسؤولية ، بل هي عملية متسارعة في عصر الانفتاح الذي تدور الرواية خلاله ، وفي هذه الحقبة يقفز ماسح الاحذية الي مجلس الشعب عبر تجارة المخدرات وعبر فساد النظام ، وفي هذه الحقبة ايضاً تبدأ الاصولية الدينية والارتداد الي الدين كمخرج وهمي للخروج من مشاكل ما انتجته الحقبة العسكرية والحقبة الانفتاحية

الاخ بسام ، والاخ يجعله عامر

نعم ، التزايد السكاني الغير مبني على برامج تنمية تعتمد على هذا التزايد هي سبب الي ما الت اليه كثير من بلداننا ، رغم ان التزايد السكاني بحد ذاته ليس هو المشكلة لوحدها ، بل هناك مشكلة حضارية مخلوطة باجتماعية وثقافية والي اسباب كثيرة ، فمثلاً كانت دمشق في الخمسينيات واوائل الستينيات مضرب يضرب بها المثل في كل شئ جميل ، في السبعينيات كنت أشاهد بأم عيني كيف أن القمامة تلقى من الشبابيك ليلاً على الشوراع ومن كل كل الشبابيك مع ان حاوايات القمامة موجودة ، في حين ان بكين في الستينيات لا تستطيع ان تسير في شوارعها لكثرة ما يبصق الناس وشوارعها الان من انظف الشوارع مع ان عدد السكان ازداد ولم ينقص

أخال الكاتب يريد ان يقول لنا بعبارة واحدة ، " نحن نسير الي الخلف" في كل شئ ، حضاريا وفكريا وانسانيا ، وهذا ما اعتقد انه صحيح الي حد بعيد

اليوم في عدد الشرق الاوسط ، قرأت مقالاً لكاتب مصري اسمه عادل درويش وتحت عنوان "سلالة مصرية مهددة بالانقراض.. لا تزال تقاوم" ، يتناول وضع الركوب في قطارات الاسكندرية اليوم ويقارنها بايام الخمسينيات ، وله نظرة لا تقل عن نظرة علاء الاسواني عن القاهرة اليوم وقاهرة الخمسينيات وهذا عنوان الوصلة
http://www.asharqalawsat.com/leader.asp?se...amp;issue=10483

مع الشكر للجميع