![]() |
سلفادور دالي - نسخة قابلة للطباعة +- نادي الفكر العربي (http://www.nadyelfikr.com) +-- المنتدى: الســـــــــاحات الاختصاصيـــــة (http://www.nadyelfikr.com/forumdisplay.php?fid=5) +--- المنتدى: فـنــــــــون (http://www.nadyelfikr.com/forumdisplay.php?fid=80) +--- الموضوع: سلفادور دالي (/showthread.php?tid=1570) |
سلفادور دالي - وردة_الهاني - 01-17-2009 الفصل الثاني كيف تتخلص من والدك؟ والدي كان بالنسبة لي عملاقا من القوة و العنف و الحب المستبد، لقد أحبني و من خلالي ظل يحب شقيقي المتوفى. على الرغم من الحزن و اليأس الذي سببه هذا الأمر لي لكنني كنت معجبا بصلابة والدي الإسبانية، شخصيته التي كانت تعكس ما سأكون عليه عندما أكبر، لم أتوقف عن الإعجاب به. خلال الوقت الذي كنت أخاف فيه من ظله كنت أحاول تحرير نفسي من قبضته المحكمة علي، ألهمتني شخصيته و قوته و ساهمت بصقل روحي. بأحد الأيام أتى فلاح لمنزلنا يطلب رؤية المحامي "والدي"، أخذ صوت الرجل يدوي بالمنزل و هو يتحدث عن هؤلاء الموظفين الحكوميين الكسالى الذين يستلمون رواتبهم و هم نائمين بالمنزل على عكس الشرفاء من أمثاله الذين يعملون في الآحاد. والدي صحا من نومه وسمعه، كان لا يزال بملابس النوم. سمعت الباب يفتح بعنف، و خرج والدي و أمسك الرجل من عنقه. رأيتهما و هما يتعاركان من أعلى السلالم حتى الباب، حتى وصلا الساحة العامة تحت نافذتي مباشرة. بإحدى المرات أتى عميل ليودع بعض النقود عند والدي، طلب العميل من والدي إيصالا بالدفع مع انتظار الورقة الرسمية بالصباح. قال لوالدي من يدري قد تموت الليلة، غضب والدي عليه و قال هل أبدو كمن يمكن أن يموت و طرد الزبون خارجا. سلفادور دالي - وردة_الهاني - 01-21-2009 كنت أرفض الذهاب للمدرسة، و كان على والدي أن يجرني عبر المدينة حتى أذهب إليها. أصحاب الدكاكين و المارة كانوا يتوقفون لرؤيتنا، محامي المدينة يمارس سلطته على ابنه. والدي كمفكر حر رأى أنه من الأفضل أن أذهب لمدرسة عامة عوضا عن الذهاب لمدرسة الأخوين، على الرغم من أن الثانية كانت تناسب مستوانا الاجتماعي. دخولي للمدرسة اعتبر تطفلا، أنا بلباس البحار الصغير و حذائي الملمع و شعري المصفف كل هذا جعلني منبوذا بين الطلاب. عشت بما يشبه الحجر الصحي الصامت، و حولي كانت حياة الطلاب الآخرين تبدو غير متأثرة و تمضي بصخبها. عشت مع نفسي فقط و خلال سنة كنت قد نسيت كل ما علمتني أمي إياه من الحروف و كتابة اسمي، كنت مرعوبا لدرجة أنني لم أعد أستطيع تبديل ملابسي بنفسي. سلفادور دالي - وردة_الهاني - 01-21-2009 كيف يتذكر دالي درسه الأول معلمنا كان يبدو كتسولسوي، بلحيته البيضاء المصفرة بسبب المواد التي كان يستنشقها بميكانيكية لكن بجرعات كبيرة. كانت رائحته قوية و ملابسه غريبة، لكنه كان يملك واحدة من القبعات الطويلة النادرة في فيجويراس. من المفترض أنه كان ذكيا، و غرابة أطواره كانت تماثل مهارته في جمع الصوف. كان يقضي معظم الوقت في الفصل نائما، و بين أحلامه كان ياخذ شمة، بعد عطسته التي كانت ترجف جسمه كله كان يعود للنوم مثل أي رجل كبير في السن. إذا أزعجه أحد الأطفال و قطع عليه أحلامه، كانت كتلته الضخمة تقفز لمنتصف الفصل كالملسوع. يمسك أذنا شابة بين سبابته و إبهامه و يلعن، بعدها يعود لأحضان موريفيوس. كالطالب الوحيد المقبول اجتماعيا تلقيت دعوة لزيارة منزل الأستاذ الذي كان معروفا بحبه للأنتيكات، حتى انه بمرة كان على وشك أن يقتل على يد القرويين الغاضبين بسبب محاولته سرقة أحد الأعمدة الرومانية، هذه الحادثة عززت شهرته كرجل يحب الثقافة و الفنون. سلفادور دالي - وردة_الهاني - 01-25-2009 ماذا كان والد دالي يعني له؟ نحن في طريقنا إل المنزل الريفي في فيجويراس، والدي يمسك بيدي و نحن نصعد التل. أرى العلم الأصفر و الأحمر يرفرف، أطلب من والدي إحضاره لي. والدي الماكر يحاول إقناعي بنسيانه، أنا أطالب بالعلم بغضب و أرفض التنازل عنه. والدي يفقد صبره و أنا أصرخ أضرب الأرض بقدمي، ليتجنب نظرات الناس يقرر العودة و يجرني خلفه بسرعة، ها قد أفسدت يومه. بكل يوم أجد طريقة جديدة لدفع والدي للحيرة، الغضب، الهلع ، الإهانة، و أدفعه للتفكير بي أنا ابنه سلفادور كمصدر للخزي و الاستياء. أذهله و أتحداه بكل مرة بشيء جديد، من نوبات الكحة التي أتظاهر فيها بالاختناق و أدفعه لترك الطاولة و هو يرتجف من الخوف، إلى سوء تصرفي بالمدرسة. لفترة طويلة احتفظت بزي ملك كان قد أهداني إياه أعمامي في برشلونة، الملك بنظري كان يمثل أعلى سلطة. كنت أرتدي زيي مع التاج و أحمل بيدي صولجانا و باليد الأخرى سوط، و أتجول في المنزل بحثا عن الخدم. بعد أن اقتنع والدي بعدم جدوى المدرسة العامة أدخلني مدرسة الإخوان في فيجويراس، هنا طورت موهبة جديدة و هي الحلم بعينين مفتوحتين. سلفادور دالي - وردة_الهاني - 01-25-2009 كيف يتخلص دالي من هوس ما؟ لقد وظفت هذه الموهبة للتخلص من تأثير والدي بحياتي، كنت أتخيله هو الرجل المهم، القوي، عديم التأثر رهن إشارتي بما أسببه له من إهانة، خوف، غضب و غثيان. لم أتوقف عن الإعجاب به رغم كل شيء، والدي كان ملحدا و لم أستطع إيجاد الإيمان. بأحد الأيام كان والدي يبكي من ألم في سنه عندما قال بأنه مستعد لتحمل هذا الألم كله إن كان هذا سيجنبه الموت، بهذا الأمر كنت حقا ابنه. رويدا ريدا بدأت لحية موسى تختفي و كذلك صواعق جوبتر، كل ما تبقى كان وليم تل، الرجل الذي يعتمد نجاحه على بطولة ابنه و رزانته. عندما كنت طالبا بمدريد أراد والدي أن يظهر مدى احترامه لذكائي، قام بالاشتراك بالموسوعة الاسبانية و كان يرسل لي كل شهر عددا منها. كان هذا استثمارا ذكيا من قبل والدي، مع كل عدد يرسله لي شهريا كان يحظى بالفرصة للتذمر من عدم اتصالي به. بأحد الأيام أخذت ورقة من آخر عدد أرسله لي وكتبت عليه أمنياتي له بعيد مجيد و أرسلته له، بعدها أخذت أتخيل ما سيفعله والدي بالطرد. لسعادته بالطرد سيطلب طبقه المفضل على العشاء (القرنبيط)، و سيضع الطرد بجانبه ليفتحه كتحليه بعد العشاء. بالـتأكيد ذهوله كان كبيرا من إهانتي، ترك المائدة و ذهب للنوم من دون كلمة واحدة. أمسكت بمفتاح النصر، و هو حاول رد الصاع صاعين لي. مرة كانت عندما رفض رؤية زوجتي غالا و عارض زواجي منها بحجة أنها مدمنة مخدرات، لكن عندما أتيت لزيارته بعد عودتي من أمريكا بسيارتي الكاديلاك كان هذا هو الدليل على نجاحي و عدم جدوى ثورته ضدي. سلفادور دالي - وردة_الهاني - 01-25-2009 ماذا تعني والدة دالي له؟ والدتي بالأولمبس الدالي ملاك، هي التي منحتني الحياة و صوتها يتردد في أحلامي. لازلت أسمع صوت جهاز العرض الذي كانت أمي تحركه بيدها لترينا الأفلام، أنا و أصدقائي و أختي عيوننا على الشاشة و هي خلفنا في الظلام، هي ملاك الصورة. عندما أفكر بها أرى القرنفل الذي كانت تزرعه بالشرفة، أو الصبار الصغير الذي كانت تستعمله في التزيين بأعياد الميلاد. من والدتي ورثت سنين صغيرين من النوع المعروف بالقواطع، بدل أربعة بالفك العلويين. كذلك لا يزال عندي سنان من أسنان الطفولة بفكي السفلي، كسرت إحداهما عندما لكمت نفسي مرة في نوبة غضب. موت أمي ملئني باليأس، لفترة طويلة لم أصدق بأنها رحلت، هي الوحيدة التي كانت قادرة على تغيير روحي. أحسست بأن رحيلها كان تحديا، و قررت بأن أنتقم من القدر بأن أكون خالدا. سلفادور دالي - وردة_الهاني - 02-02-2009 الفصل الثالث كيف تزيد النزوة في أبعاد النظام اللامنطقي يندفع من عقولنا طوال الوقت مع صدمتنا من الواقع، لكننا لا نلحظ ذلك لأننا مكيفون فقط لنلاحظ المنطق و العقلانية و التجارب المكتسبة. المعجزة موجودة حولنا طوال الوقت، لكن نحن نسينا كيف نعيش من خلالها. أنا دالي اكتشفت الطريق للسعادة و البهجة، وجودي أصبح أداة لفك رموز طبيعة الأشياء و لأقدر هذياني بطريقة أفضل. دالي يحلم و هو مستيقظ غالبا ما كنت لا أفرق بين الحقيقة و الخيال، كنت أترك نفسي مأخوذا بهذياني من دون أي إحساس بالواقع من حولي. هذه الحقيقة هي الإثبات على أنني كنت في حالة خاصة، و دائما كنت أزيد فرصي لكي أحلم بأحلام اليقظة هذه بأي وقت أشاء. هدفي كان و أنا مستيقظ أن أزيد رغباتي عن طريق أحلام اليقظة، لم أكن أعلم بعد انه بعبقريتي سأخترع نظرية الشك الخطير. خلال طفولتي تبلورت شخصيتي التي أثرت لاحقا بعملي و أفكاري، لذلك الحاجة للمادة النفسية يعد مهما. و لأنه بنفس الوقت أدركت تميزي و عبقريتي، فهم هذه الفترة مهم لأصبح دالي. سلفادور دالي - وردة_الهاني - 02-20-2009 بعض أمثلة "الهذيان" في الحياة قبل الأعياد بفترة قصيرة، كنت أنا بالثامنة و بغرفة الطعام مع عمي. بنهاية الطاولة هنالك زجاجات الشمبانيا نبيذ فاخر من أجل الطقوس القادمة، و أنا على الطرف الآخر من الطاولة أنظر إليهم و عمي جالس بكرسيه يقرأ الجريدة. فجأة الخادمة و هي تعبر الغرفة تخرج مع اغلاق الباب بعنف خلفها، احدى الزجاجات تبدأ بالتدحرج. أنظر اليها بهدوء و هي تتدحرج أمامي، تصل لطرف الطاولة و تسقط على الأرض محدثة ضوضاء عالية. عمي يرفع نظره عن الجريدة و ينظر الي، في هذه الأثناء زجاجة أخرى تبدأ بالتدحرج. يدرك عمي أنني لن أتحرك من مكاني، لذا يندفع هو للامساك بالزجاجة ليمسكها. عندما يدخل أبي للغرفة، يقول له عمي :"ابنك ليس مثل بقية الناس". كنت أحب قضاء أيامي في اظهار كم ارادتي غير معقولة، غالبا الكبار لم يكونوا ينتبهون لي و لكن عندما يفعلون، كانت أفعالي تصيبهم الدهشة و البلاهة و الغضب. سلفادور دالي - وردة_الهاني - 03-25-2009 ما هو الحد الذي تتوقف عنده إبداعاتي الخلاقة؟ قواي كانت تتوقف أمام المثالي و الحقيقي، و هنا أعني قرية كاداكوي الصغيرة الخلابة التي أعشقها و أعرف كل كهف و صخرة فيها عن ظهر قلب. لم أحاول التلاعب بجمالها في مخيلتي، كانت تجسد لي الجمال على سطح الأرض. عندما كنت صبيا صغيرا كنت أحب الجنادب، كنت أبحث عنها و أجمعها من أجل أجنحتها الملونة. بأحد الأيام اكتشفت أن سمكة عندي لها وجه يشبه الجندب، لا أدري لم لكن هذا الأمر أصابني برعب شديد لدرجة أنني أصبت بنوبة. بالطبع كل أصدقائي و أقاربي الصغر قرروا استغلال الأمر، بمرة كان سيغمى علي عندما قامت احدى قريباتي بسحق جندب على رقبتي. و بمرة أخرى كسرت نافذة الصف برمي كتاب منها، لأنني وجدت جندبا مسحوقا بين صفحاته. تحول الأمر لهوس، حتى أتى اليوم الذي وجدت فيه العلاج لمشكلتي. صنعت طائرا ورقيا و بدأت أقنع نفسي بأنني أخاف منه أكثر من الجندب بألف مرة و أخبر أصدقائي بذلك، كنت أتظاهر بالرعب عندما يحاول أصدقائي اخافتي بالطيور الورقية. أنا أعتبر نفسي رساما متواضعا بما أنتج، عبقريتي تكمن بما أراه لا بما أنتج. سلفادور دالي - وردة_الهاني - 05-08-2009 الفصل الرابع كيف تكتشف عبقريتك؟ العبقرية: إما أن تملكها أو لا. بعد ذلك اتركها ترسخ في نفسك، و راقب ظهورها و لا تحاول استعجالها. هذه الوصفة يجب أن يعرفها عن ظهر قلب أي أبوان لطفل عبقري. لكن كيف يعرفان أنهما أم و أب لطفل عبقري؟ الأمر يحتاج عبقريا ليتعرف على آخر مثله. جدتي آنا التي كانت بالتسعين من عمرها عند وفاة إحدى بناتها أصيبت بنوع من الجنون المعتدل، و غاصت بذكريات الماضي كتعزية متذكرة أيامها السعيدة بتفاصيلها الدقيقة. أصبحنا غرباء بالنسبة لها، و اتصالها الوحيد بالواقع كان بوقت الطعام بإظهارها ولعها الشديد بالكعك. قبل وفاتها بساعة واحدة نهضت من سريرها و صرحت:"حفيدي سيكون من أعظم الرسامين الكاتالونيين"، و نامت للأبد، تهديد الموت يمكن أن يعطي مقدرة الاستبصار. قمت بأول رسوماتي على طاولة صغيرة، كنت دائما ما أتنقل بعدة الرسم و مجموعة من اللوحات الرائعة التي اشتراها أبي لي كهدية. كنت أرسم كل شيء و مع الوقت أصبحت أغني و أنا أرسم، بيوم ما قال غارسيا لوركا بأنني أغني كبوق ذهبي. |