(01-07-2012, 08:28 PM)لواء الدعوة كتب: قبل ثلاثة سنوات ونصف تقريباً كان الوضع في غزة مأساوياً جداً بسبب خذلان الأنظمة العربية جميعها بلا إستثناء للشعب الفلسطيني - الا النظام السوري الذي دعم حماس بقوة - فتملكتني رغبة عارمة جداً بضرورة إقتلاع كل هذه الأنظمة والطغم الفاسدة من جذورها ، فبقائها " انحطاط " لشعوبها و " نكسة " للقضية الفلسطينية و " تراجع " للدور العربي .
وبعد إندلاع الثورات العربية كان الكثيرين يتوقعون أن نار هذه الثورات لن تطال النظام السوري ، بل حتى بعض الأعضاء السوريين هنا كانوا يتوقعون نفس الأمر ، وكنت أرى غير كذلك وأتمنى لو أن النظام أجرى إصلاحات جذرية وكاملة في شكله البنيوي والأمني ، ولكن أخذته العزة بالإثم واعتقد بأنه اذكى من بقية الأنظمة التي سقطت وأن الخلل الذي يرجع لسقوط تلك الأنظمة كان بسبب غفلتها عن التحركات الشعبية وعدم الإسراع في قمعها وتطويقها فأسرع في القمع وأسرف فيه مما نتج عنه ردة فعل عكسية تماماً عكس ما كان يتوقع تماماً .
وبعد بداية الثورة كنت أتمنى اسقاط النظام وإقتلاعه من جذوره وانتزاعه من سوريا كما تنتزع الروح من الجسد ، فبقائه إما عبارة عن " سرطان خبيث " سرعان ما يفتك في الجسم أو عبارة عن " خلايا سرطانية غير نشطة " ونشاطها إن لم ينطلق ليفتك فهو سيؤجل هذا الإنطلاق لحين آخر ، ولكن طريقة إدارة المعارضة للثورة لم تكن في المستوى المطلوب وعدم تفاعل أهم المدن السورية " دمشق وحلب " مع الثورة فضلاً عن تكتل معظم الطوائف بجانب النظام ، كما أن العقليات السياسية المعارضة كلها منفية في الخارج وبذلك فقدت الثورة الكثير من مقومات الثورة الناجحة ، فتأخر السقوط كثيراً وكلف سوريا كثيراً وسيكلفها أكثر .
كما أن التدخل الخارجي - وان كان اقراره أو رفضه يرجع للشعب السوري - إلا أنني غير مستسيغ له ، وربما أي شخص يمتلك بعضاً من الحرية والعروبية والكرامة لن يستسيغ هذا التدخل وخصوصاً عندما تتخيل إسرائيل وشعبها يقفون وهم يشاهدون حمم القذائف الأمريكية والغربية تسقط على نظام عاداها طويلاً ودعم أعدائها كثيراً فرحين منشرحي الصدر وإن كانوا يرتعدون من خليفة النظام الجديد أهو على شاكلة السادات أم على شاكلة عبد الناصر وصدام حسين ، لا يمكن أن أستسيغ تدخلاً خارجياً من قبل دول إستعمارية ماضيها وحاضرها ملطخ تماماً بدماء الأبرياء والعرب والمسلمين من الشرق إلى الغرب .
ولذلك أرى أن تكون الثورة على مرحلتين ، كل مرحلة أهم من سابقتها ، الأولى تتمثل بالثورة الحاصلة الآن والوصول إلى حل توافقي مع النظام السوري تتمثل في إقرار قانون للإنتخابات ومصالحة وطنية تسمح بعودة جميع المعارضين من الخاروج وإشاعة بعض من الحريات السياسية والإعلامية وفتح المجال للأحزاب لتتكون وتتمخض من جديد ، هذا الأمر وإن لم يسقط النظام إلا أنه سيؤدي لتشكل معارضة قوية جداً وصلبة تماماً وربما تستطيع تفادي الأخطاء السابقة والتواصل مع شرائح شعبية كما أن عودة الكثيرين من المعارضين إلى حلب ودمشق سيكون له دور في زيادة قوة المعارضة في هذه المدن ، وفي هذه الحالة عند تهاوي وعود الإصلاح وتوقف وتيرتها فبإمكان المعارضة بعد أن تتشكل داخلياً أن تستأنف الثورة من جديد والنتيجة قطعاً ستكون لصالحها هذه المرة كما كانت نتيجة الثورة المصرية والتي يعود سبب نجاحها في الأول لقوة الزخم الشعبي وثانياً لعدم تدخل الجيش في مساندة هذه الأنظمة بعكس الحالة السورية .
لكن " الأماني " شيء و " الحلول " شيء آخر و " التنظير " شيء و " الواقع " شيء آخر .