حدثت التحذيرات التالية: | |||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
Warning [2] Undefined variable $newpmmsg - Line: 24 - File: global.php(958) : eval()'d code PHP 8.1.2-1ubuntu2.19 (Linux)
|
لا تذهبي الى دمشق يا فيروز - نسخة قابلة للطباعة +- نادي الفكر العربي (http://www.nadyelfikr.com) +-- المنتدى: الســــــــاحات العامـــــــة (http://www.nadyelfikr.com/forumdisplay.php?fid=3) +--- المنتدى: قضايا اجتماعيــــــة (http://www.nadyelfikr.com/forumdisplay.php?fid=60) +--- الموضوع: لا تذهبي الى دمشق يا فيروز (/showthread.php?tid=7372) |
لا تذهبي الى دمشق يا فيروز - بسام الخوري - 01-24-2008 وسقطت فيروز في الفخّ ! يطلب من فيروز، دون أربعة ملايين مواطن لبناني أن تبقى على الحياد. «الصغير والكبير والمقمّط في السرير»، كلهم يتجادلون في السياسة، ينظّرون، يتفلسفون، ويقضمون البلد شبراً بعد شبرٍ. وإن هم أجمعوا على شيء، فهو أن فيروز فوق السياسة. وحدها هي فوق السياسة، وهم كلهم تحتها وفي نتنها، ومندسوّن في نزق لحافها. لكن كيف تحمي «فيروز» من «فيروس» السياسة الكاسح. فيروز لم تعد تقاوم، فبمجرد أن تشدقت الأفواه تطالبها بعدم الذهاب إلى دمشق و«التبرع لأجهزة الاستخبارات السورية التي تفهم ثقافة القتل والاستبداد والقهر ولا تقدر الفن» (وليد جنبلاط) وأن من يحب لبنان الوطن لا يغني أمام سجانيه (أكرم شهيب، نائب في كتلة جنبلاط) حتى اشتعلت الماكينة الرحبانية في هجوم مضاد. ولمن لا يعرف سلطة فيروز، نقول إنه من الصعب، إن لم يكن محالاً، تصور الماكينة العائلية الرحبانية تعمل من دون إذنها، أو عكس رغبتها. فهل انجرّت فيروز؟ أم أن السيل بلغ الزبى، عندها؟ الناطق الأهم والأقرب إلى فيروز هي ابنتها ريما، مسيّرة أعمالها، وشرطية تحركاتها. ريما التي تقاطع الصحافة بل وتبغضها قررت، هذه المرة، أن تعطي مقابلة، تقول فيها بوضوح: «نطرنا منيح، ولم تذهب فيروز عمداً (إلى دمشق) خلال كل الفترة السابقة كي لا يقال، انها تقف مع فريق ضد آخر». فيروز كانت تود الذهاب اذن، لكنها تحاشت البلبلة. أما لماذا تذهب الآن؟ فإجابة ريما واضحة كالشمس: «كان هناك وضع خاص، لكنه اليوم انتهى، ما فينا نضل نقول السوريين، السوريين. ما خلص ضهروا». وتذهب ريما، بعيداً حين تشن حملة على أهل السلطة: «يعني هالسلطة لو تستطيع فقط أن تؤمن لفيروز مجرد تيار كهربائي، حتى تقشع تتمرن على ضو، ونحنا ما بدنا شي منهم». تطفو صورة فيروز المواطنة على السطح. مطربة تحضّر بروفاتها الدمشقية في حلكة الظلمات، وتتأفف وتتذمر، كما باقي الملايين، من سلطة تحرمها الضوء، وتحاول أن ترميها بالخيانة، حين تقرر أن تغني في عاصمة عربية (معادية). هنا يأتي دور منصور الرحباني، الذي، لا نعرف سابقاً أنه حشر أنفه إعلامياً في أي موضوع يخص فيروز، لكن التنسيق بين الرحابنة يبدو متناغماً ومتكاملاً، هذه المرة، لذا يرد منصور بأن فيروز تذهب بـ«رسالة صداقة لا عمالة». ويستكمل منصور هجوم، ابنة أخيه ريما، على سياسيين لا يسميهم: «نحن من بنى وطناً للحق والخير والجمال، بينما أساء إليه المنظرون، فليهدأوا». الياس الرحباني، الأخ الثالث لمنصور وعاصي يشارك في المعزوفة الهجومية: السياسة عند فيروز «سمو ورفعة وليست خراباً وتقسيماً وقلة أخلاق بالشكل الذي يظهره البعض». البعض الذي لا يذكره الأب، يسميه الابن غسان بالاسم قائلاً: «على أكرم شهيب ان لا يتدخل بفيروز.... الذين يعجزون عن إدارة البلاد لا يحق لهم انتقاد فيروز والطلب اليها عدم الذهاب الى دمشق بحجة تحميل النظام السوري مسؤولية جرائم الاغتيال في لبنان. فلينتظروا التحقيق الدولي ونتائجه قبل ان يتخذوا مثل هذه المواقف». «خذوا أسرارهم من أفواه صغارهم»، هو مثل لبناني ينطبق على عائلة الرحباني اليوم، فما يقوله إلياس، يشرحه ابنه غسان، وما تصمت عنه فيروز تصرخ به ابنتها ريما علانية. ومن الصعب أيضاً أن نفصل ما يكتبه ابنها زياد في مقالاته عن كل هذا الذي يحدث. فقد تحول زيّاد إلى زجّال سياسي، ليرمي الطبقة الحاكمة بسهامه، ومن بينهم منتقد أمه وليد جنبلاط الذي وصفه منذ يومين بأنه «يشبه عزرائيل». كتابات زياد المنحازة للمعارضة بقوة، سبقت المعزوفة الرحبانية، الموزعة والمنسقة، في هجومها على السلطة بسنوات طوال، لكن الوضع الجديد، يجعل من تحييده عن الأجواء، أمراً عسيراً. لا يشبه المنزلق الذي ذهبت إليه فيروز اليوم، ما حصل عام 1992، عندما غنت وسط بيروت برعاية الراحل رفيق الحريري، وأثارت حنق المحتجين على نهجه الرأسمالي في تسيير البلاد. يومها اعتبرت فيروز أن وسط بيروت يجمع ولا يفرق، وهي اليوم تعتبر الذهاب إلى دمشق عودة إلى أيام «سوا ربينا» كما قيل. لكن لم تعد القضية أن تغني فيروز في دمشق أو عمّان وإنما، أن تزجّ فيروز بقصد منها أو عن غير قصد، بخطاب سياسي أحمق ومبتذل، كرهه الناس، لكثرة ما علكوه. وليس مهماً إن كانت فيروز تعيش بصلح وانسجام مع أولادها: ريما التي تقول عن حسن نصر الله، «هذا الرجل مش معقول شو صادق»، بينما يسأل ابنها زياد «ما قيمة الإنسان إن ربح السنيورة وخسر نفسه؟». فهذه أمور تخص العائلة، ومشاعرها وميولها الخاصة. لكن ما قيمة أن تعمم الحوارات العقيمة نفسها، وتستنسخ، في السياسة كما في الثقافة والحب وقضايا الإنجاب والفن. لفيروز وأولادها وعائلتها أجمعين رأيهم، ولنا منها أغنياتها الجامعة المانعة التي نحب. وان تصبح سفيرتنا إلى دمشق فهذا أجدى ألف مرة، من أن تكون سفيرتنا إلى النجوم، حيث لا يوجد هناك من نحتاج معه صلحاً أو علاقات دبلوماسية. وكان بمقدور العائلة الرحبانية الكريمة، أن تسوق معركتها باسم فيروز وبالتنسيق معها، بطريقتها الفنية الرشيقة، متحررة من عدوى الفجاجة السياسية القميئة التي لا همّ لها سوى تهييج الصحافة، وقطع أواصر المحبة. وهذا عكس ما يدعيه الرحابنة، وسعت اليه فيروز نصف قرن ونيّف. لا يوجد مبدع موهوب وذكي، إلا ويعرف أن قطيعته مع أي بلد عربي، هي قطع لرزقه، وتقليص لحركته، وتقييد لعنفوان عطائه. فالمدى العربي، هو المكان الذي يسبح فيه المبدعون العرب، وينتشرون وينتعشون. وفطم الرحابنة، وعلى رأسهم فيروز عن أقرب العواصم، وأحبها إليها، دمشق، هو بمثابة تخفيض لنسبة الأكسجين في فضائها (فضائهم). لذلك وبعد عشرين سنة انتظار، انتفضت فيروز، وقالت كفى! وحسب ما فهمنا فإن حفلاتها الأسبوع المقبل، ستجر حفلات غيرها في سبتمبر، وإلياس الرحباني سيلحقها بمسرحيته «الأندلس جوهرة العالم». أي أن الزحف الرحباني صوب دمشق بدأ، وهذه دلالة خير. فيا فنانو العالم العربي انتشروا، واضربوا عرض الحائط بحماقات سياسييكم. لكن ما بالمماحكة السياسية الفجة تنتصر فيروز لمواقفها وقناعاتها التي لا ننكرها عليها، وإنما بالشعر والتلميح الذكي، والموقف الرمزي، الذي أسر، طوال نصف قرن، ذوي القلوب الضآلة. http://www.asharqalawsat.com/leader.asp?se...amp;issue=10649 لا تذهبي الى دمشق يا فيروز - بسام الخوري - 01-24-2008 http://news.bbc.co.uk/hi/arabic/in_depth/2...000/7207092.stm وتحدث حرفوش عن مسرحية صح النوم التى ستقدمها فيروز في دمشق وقال " ان المسرحية تثور من خلال عمل جميل على تسلط حاكم لذلك لا أرى ان الحملة لها ما يبررها". واعاد حرفوش التذكير بان فيروز عندما ذهبت لتغني في العراق ايام نطام حكم صدام حسين ورفعت في القاعة صورة له اوقفت الحفلة وطلبت نزع الصورة متمنيا "الا يحرج الجانب السوري فيروز ويورطها في اية مواقف ". we will wait and will see what she can make now لا تذهبي الى دمشق يا فيروز - بسام الخوري - 01-26-2008 صوت فيروز كان يسري عبر أثير إذاعة بغداد كل صباح. لا أدري منذ متى، لكني منذ وعيت كان ينتظرني هناك، ينساب من الراديو في مطبخ بيتنا، وهو ما برح رفيق العائلة والطفولة. نفيق في الصباح، نشرب صوتها مع الشاي المخدّر بطعم الهال قبل أن ننطلق إلى المدرسة. لا أدري ما السر، لكن صوتها يبقى طوال النهار يهمس في داخلي، يسري في شراييني، في أوردتي، يختلط بدمي، يخدرني، أسرح بخيالي، يسرقني من الدرس، أشرد معه في الفيافي والساحات والتّلات، أردّده وفجأة أصحو على صوت الجرس يعلن نهاية الحصة، والنتيجة لا درس ولا من يفهمون. درس واحد كنت أدخله بشغف وانتظار ورغبة هو درس (النشيد)، لا لكي أغني فحسب، بل لكي أتعلم أناشيد فيروز وأغنياتها الوطنية التي كانت تُقرر ضمن منهج تعليمنا في هذه الحصة. أذكر أنني في سنوات طفولتي الأولى، في الابتدائية، سمعت فيروز وهي تغني لفلسطين فاعتقدتها فلسطينية تغني أرضها المسلوبة، تدق أجراس العودة وتبث حنينها إلى مدينة القدس، زهرة المدائن، فكنا نقف في الاصطفاف أو الطوابير الصباحية في الساحة وقبل دخولنا إلى الصفوف ننشد (سيف فليشهر... الآن الآن وليس غداً أجراس العودة فلتقرع..) أو (شوارع القدس العتيقة)، فكانت هذه البذرة الأولى التي ولدت لدي الشعور أو الوعي بما يسمى (قضية فلسطين) وصراعنا نحن العرب مع إسرائيل. إذن تعرفت إلى القضية أولاً من فيروز، لا من كتب التاريخ، ولا أصغيت للكبار أو فهمت عن ماذا يتحدثون، ولا من الأخبار، وفيما بعد كانت تأتينا نحن الأطفال المعلومات تباعاً، ورويداً. فكانت أغنيات فيروز السبب الذي دفعني، وأثار لدي الحماسة، وأنا بعد في العاشرة للنزول إلى الشارع وترك المدرسة لأشارك للمرة الأولى في حياتي في مظاهرة في شوارع منطقتنا، وهي بالمناسبة اسمها (شارع فلسطين) وذلك في يوم الذكرى المشؤومة لوعد بلفور. وما زلت أذكر الحماس الشديد وأنا وزميلاتي نردد الهتافات ضد بريطانيا وإسرائيل ونغني (سيف فليشهر). ربما لم يكن اعتقادي هذا بعيداً كثيراً عن الواقع، ففيروز بالفعل، والأخوان رحباني، أكثر الفنانين الذين قدموا أعمالاً لفلسطين، وربما أكثر مما فعل فنانون فلسطينيون، حسب الشاعر محمود درويش. أعمال عديدة لا تزال المعين الأساسي والمرجع وإليها العودة في كل مناسبة، فطالما القضية مستمرة، لن نجد أكمل وأبدع وأكثر مناسبة من أغنيات ومن صوت كصوت فيروز يعبر عن حالة الحنين الدائمة إلى الأرض المسلوبة. ينقل إلينا الباحث والكاتب فواز طرابلسي مقتطفات من مقالة للشاعر درويش بعنوان (تلك الأغنية وهذه الأغنية) يقول فيها: (... لقد أشهر الفلسطيني هويته الجمالية بالأغنية الرحبانية العربية.. حتى صارت هي إطار قلوبنا المرجعي، هي الوطن المستعاد، وحافز السير على طريق القوافل الطويل). ولعل الأمثلة كثيرة على مثل هذه الأعمال: (راجعون)، (خذوني إلى بيسان)، (غاب نهار آخر)، (زهرة المدائن)، (شوارع القدس العتيقة)، (جسر العودة)، (يا جسراً خشبياً)، و(أجراس العودة). عاشت فلسطين في ذاكرة كل طفل عربي، لا عراقي، أو لبناني أو سوري فحسب، ولا في أذهان الكبار قضية فقط، ترسخت أكثر من خلال ذكر تفاصيل الحياة هناك، والحلم، حلم العودة المضمخ لا بالدم بل أيضاً بالأمل. (سنرجع يوماً إلى حينا)، ما زالت الأغنية حتى اليوم، بل أكثر من أي وقت مضى، أكثر أغنية أرددها لا شعورياً. أجمل أغنيات فيروز الفلسطينية وأروعها على الإطلاق، تنساب من بين شفاهي في غفوتي ويقظتي، في حلمي ومنامي، أصحو لأجدني أدندنها، أنام فأجدني أتمتم بها، لا أدري كيف ولماذا تأتي على لساني دوماً وفي غفلة مني. وفي سذاجة الطفولة كنت أعتقد أن فلسطين قاب قوسين أو أدنى من أهلها، أو أنها على مرمى حجر، وما على الفلسطينيين سوى العودة إلى ديارهم، وسيجدون الأبواب مفتوحة أمامهم وما عليهم سوى الأمل والإصرار والتعالي على الجراح وغناء أغاني فيروز وستفتح السماء أبوابها تلبية لدعواتهم. في إحدى المناسبات في السنة الماضية، كانت لدي حفلة، فقررت أن أغني هذه الأغنية بعد أن أتعبتني. أتعبني رنينها في رأسي وتردادها الدائم في حنجرتي وأكثر من ذلك دموعي الحارقة التي ترافق كل جملة ومشهد من مشاهدها المبدعة، قلت ربما أرتاح منها بعد أن أؤديها على المسرح، لكن.. لم ينجح الأمر. لا تزال الأغنية باقية، معشعشة في وجداني. هل السر في ذلك الكم التعبيري الهائل الذي وضعه الأخوان رحباني في صياغتها كلمات ولحنا؟ أم هو صوت فيروز الذي غلفها بتلك الهالة الإلهية البراقة وذلك الحنين السافر إلى مكان الطفولة، إلى الأرض (... هنالك عند التلال تلال تنام وتصحو على عهدنا..). تعالوا نستعيد معاً أغنية طفولية مثل: (طيري يا طيارة طيري يا ورق وخيطان، بدي إرجع بنت صغيره على سطح الجيران، وينساني الزمان على سطح الجيران). يصور تماماً الطفولة العربية، وبالأخص هو يحاكي بيئتنا العراقية بالذات. كنا أطفالاً نصنع طائراتنا الورقية البسيطة بأيدينا، كنا نجلب ورقاً عادياً نقصه على شكل مربع أو شكل (معين) بقياسات مختلفة كبيرة أو صغيرة، ونأتي بقضيب من سعفة نخلة، نقص منه بضعة قضبان رفيعة، نشذبها بالسكين حتى يصبح كل منها رفيعاً بسماكة مليمترات، نضع في كل طيارة قضيبين على شكل صليب، نقوّس أحدهما في شكل نصف دائرة ونثبتهما بالخيطان، ونأتي ببكرة خيطان سميكة ومتينة ونربط طرف خيطها بوسط الطائرة فتصبح جاهزة للتحليق في السماء. ثم يبدأ السباق، نتسلق سلالم البيت، إلى السطح، كل منا على سطح بيته، يبدأ كلّ منا برفع طيارته الخاصة حتى يأخذها الهواء، ونتحدى من الذي (ينجّمها)، يعلّيها أكثر من غيره، تبتعد فتبدو مثل نجمة صغيرة في السماء أو طائر يلوح بجناحيه من البعيد، متعة كبيرة لعل الأخوان رحباني عرفاها في طفولتهما ليكتبا رائعة مشهدية كهذه الأغنية. هكذا كنت أسير في الشوارع فتقبض علي صديقاتي متلبسة وأنا أردد أغنيات فيروز، وفي المخيمات الكشفية والرحلات الطلابية، كانت مدرستي الفنية حيث الاسكتشات وتقليد الحركات والوقفة ما بين ضحك وجد ولعب ومرح كانت حياة كاملة بكل تفاصيلها. صوتها، كان يحرسنا، يهدهدنا، ولا يزال في كل الأوقات، نتنشقه مثل الهواء كل لحظة، بلا توقف، بلا كلل، مثل الماء كلما عطشنا شربنا ولا نرتوي أبداً. هذا هو صوت فيروز لا يزال رفيق طفولتنا وأحداثنا، الكبيرة منها والصغيرة، في لحظات الفرح والسعادة، وفي لحظات الحزن والحنين والذكرى، والألم والقسوة والأنين. يغذي الشرايين فتستمر حياتنا. يملس على جراحنا، يبلسمها، يطيبها مهما نزفت. فيروز مهما كبرت تبقى في نظرنا تلك الصبية التي تكتب رسائل الغرام إلى الحبيب الغائب، تلك التي تحن إلى أرض السلام، بغداد والشعراء والصور. فتاة بخفرها وهدوئها انسلّت إلى أيامنا، كتبت ذكرياتنا، (طفلة الدهشة) كما وصفها بيان لبنان المطالب بجعل يوم ميلادها في 22 تشرين الثاني من كل عام عيداً وطنياً، وهذا أقل ما يمكن أن يقدم لرمز لبنان. فيروز نبض الحياة، نبض القصائد نبض الألحان، نبض الذاكرة، والتاريخ والوجدان وستبقى ما مر من زمان. استعاد الرحانبة في عبقرية لافتة، مدهشة، من خلال توزيع موسيقي مبدع ومتفرد للموشحات واستحضروا ذاكرة الأندلس بكل إبداعاتها وأبعادها، وعناصرها وأشعارها، وزعوا موسيقى القديم منها أو كتبوا الشعر والقصائد ولحنوها على الروحية ذاتها، فما تلبث أن تعيدنا أجواؤها إلى تلك الحقبة الغنية الخلابة من تاريخنا الموسيقي العربي المشرف، فلا بد من فضل للأخوين المبدعَين ومعهما صوت فيروز الذي حول الغناء العربي عن مساره الذي ساد طويلاً قبلها، ومعها بدأت حقبة جديدة في تقنيات الصوت العربي المشرقي. مع صوت فيروز بات الطرب مختلف المعنى والمقاييس. الطرب أصبح لا يعني (العُرب) فقط أو القفلات (نهايات الجمل اللحنية) استعراضية مسرحية، أو قوة الصوت، جهارته وعرضه. مع صوت فيروز أصبح الطرب يعني حالة تعبيرية، صوفية، تأملية. حالة روحانية، إنسانية، شفافة تمثل صوت الإنسان الذي يعبر بكل صدق عن مختلف مكنوناته وتناقضات حالاته من فرح، ألم، حزن، وجع... صوت يقنع السامع بمضمون ما يغنيه، صوت الطفولة حين الضرورة وصوت الحق حين القناعة، صوت الهزل حين يتطلبه مشهد مسرحي أو صوت الجد والحماس والقوة وووغيره. والأهم من ذلك كله نتساءل: هل من صوت وحّد شعب كما وحد اللبنانيين صوت فيروز. أيام الحرب كانت بيروت منقسمة على نفسها شرقية غربية. طرفان مختلفان متقابلان يتقاتلان، يتراشقان، يتقاصفان بشتى أنواع الأسلحة، وحده صوت فيروز كان ينطلق من الطرفين، اختلف اللبنانيون على كل شيء إلا صوت فيروز. بقي رفيقهم في المتراس، ورفيقنا في الملاجئ وفي دروب الهروب من جحيم المعارك. لا ندري كيف كان من الممكن أن تمر الأيام علينا بلياليها ونهاراتها من دون صوت فيروز؟ أيضاً فيروز غيرت مقاييس الشكل الذي كانت تظهر به المطربة من قبل على المسرح، فكما عهدناها طوال مسيرتها الطويلة ومنذ انطلاقتها الأولى، كما الفيروز لم تغير لونها، فيروز هي هي. مذ بدأت خطوتها المسرحية الأولى كان لها إطلالتها الخاصة. وقفة ثابتة، هيبة، جدية، فخر، شموخ، ثقة بالغة، احترمت نفسها، لا مياعة، ولا إغراء، صورة لمطربة لا تشبهها صورة مطربة أخرى في عالمنا العربي وفي أي زمان. وجه صارم، ملامح لا تنساق بسهولة إلى أي نوع من المؤثرات، لا جمهور بالآلاف يلوح لها، ولا أضواء، ليس سوى ما يجذر صورتها أكثر فأكثر في أعماقنا. عينان واسعتان لامعتان أبداً، محدقتان في نقطة واحدة، لا التفاتة ناقصة أو زائدة. ثغر يكاد لا يفتر إلا عن الغناء، لا ابتسامة إلا نادراً. جسد ناحل لا يهزه إيقاع ولا يستدرجه نغم. لا خطوات إلا ما يتطلبه المشهد المسرحي وما رسمه لها المخرج. صحيح أن هناك إجماعا حول فنها المبدع، لكن أيضاً بضعة آراء متطرفة سطحية تتناول أحياناً الشكل الثابت الذي تحدثنا عنه، إذ يعتبره البعض قاسياً، وملامح الوجه جامدة لا حياة أو تعابير فيها حتى في التمثيل المسرحي. البعض يقول لا نجد تعابير فرح أو حزن. لا ثورة، لا خضوع، بمعنى أن ملامحها محايدة لا تظهر تعاطفاً مع المضمون كما يظهره صوتها. فيما ترى الغالبية العظمى، ونحن من ضمنها، في ذلك الوجه وتلك الملامح قوة سحرية، سرية، غامضة، تجذب الناظر إليها بل وتجعله يطيل النظر من دون ملل، فربما السحر والجاذبية في اعتقادنا يتجليان في عينيها، في أحداقها الواسعة، وسع البحر، بحر لبنان، فالناظر إليهما يغوص في الأعماق محاولا اكتشاف الأسرار التي تحملها المرأة في حناياها وبين ضلوعها وفي فؤادها وفكرها، وليس من جواب شاف يأتينا عن هذه التساؤلات، وإلا لما بقينا حتى اليوم نبحر مع صوتها، ووجهها الأيقوني وجسدها الناحل يكاد يذوب ولا يأخذ حيزا من الخشبة يذكر. لكن في غرابة الأساطير، حين تطل على الخشبة تتراقص الأخيرة تحت قدميها، فرحاً وخشوعاً من رهبة دعسات ناعمة، ثم تنتفض المدرجات وتصطخب الأصوات وتهلل الحناجر وتشتعل الأيدي وتضاء الولاعات والشموع نذورٌ بالآلاف. فما السرّ؟؟؟ كائن ضئيل، إطلالته تعادل إطلالة مارد. كائن نود أن نلمسه، لكنه يبدو خرافياً أكثر منه حقيقياً. كائن بقدر حضوره وطغيانه وسلطته، رمزي، لا يلمس. نفكر: لا شك أن إرادة حديدية وذكاء وراء هذا الشكل الثابت والشخصية الواحدة طوال عقود، وإرادة كبيرة في نبذ إغراءات الأضواء والشهرة، والغنى والقدرة على رفض الظهور في الإعلام المرئي والمسموع والمقروء إلا ما ندر. عندما انتقلت إلى بيروت عام 1980، أغاظني بل أحزنني أنني لم أر فيروز في أي مكان عام، أو وجهاً لوجه. اعتقدت إنني ذاهبة إلى بلد فيروز إذن سأراها في كل ساعة وفي كل شارع أو زاوية. كنت سأعرب لها عن مدى حبي منذ الطفولة، عن حب شعبي وصديقاتي وأهلي وعشق بلدي لها. سأخبرها كم نعشق أغانيها، ونغنيها منذ الصباح وحتى المساء، في المدرسة وفي الجامعة، أود أن أخبرها أول ما غنيت على المسرح في أول حفلة لي على الإطلاق، ضمن الجامعة برفقة فرقة غربية (لا تخت شرقي): أغنيات (كان الزمان وكان)، (كان عنا طاحون) وغيرها، وبالطبع عشرات المغنيات فعلن مثلي. وحين التقيت زميلي في الجامعة، الذي أصبح زوجي فيما بعد، سألته عن فيروز، وحين أصابنا كيوبيد بسهمه، رحت أحفظ أغنيات فيروز وأرددها على مسامعه ليصحح لي اللفظ، وأحياناً كنت أكثر إصراراً فأسجل بصوتي كاسيتات كاملة وأطلب منه سماعها وتصحيح الأخطاء وتفسير ما أعجز عن فهمه، وهكذا تعلمت اللهجة اللبنانية بسرعة. وأحياناً كنا نتراسل كعاشقين بكلمات أو مقتطفات فيروزية. منذ سنوات بدأت أراها عن قرب في المهرجانات، حين بدأتُ تغطية النشاط الموسيقي في لبنان كصحافية، والحقيقة احترمت موقفها هذا من الظهور الإعلامي، لأنه جنبها المهاترات، والقيل والقال ولَوك الألسن والأقلام لحياتها الخاصة، وأبقاها رمزاً للصفاء، وأيقونة ناصعة، لا خدش فيها، تزداد قيمتها كلما عتقت، لكن أيضاً بقيت مادة طازجة ولا تزال للبحث والكتابة والتحليل. عشرات المقالات والكتب في الوطن العربي، تتناول فنها الأسطوري وقليلاً شخصها كإنسانة. أي سر في هذه المخلوقة، المعشوقة، المنذورة، المأسورة، المرموقة، الساحرة، المسحورة، الأسطورة التي لن يأتي الزمان بمثلها إلى حين، تلك التي اسمها فيروز؟. http://www.al-jazirah.com.sa/culture/03072006/speshal13.htm لا تذهبي الى دمشق يا فيروز - بسام الخوري - 01-26-2008 إن التعاون بين فيروز والأخوين رحباني لمدة عقدين ونصف من الزمن أثمر عن ثروة إبداعية لم يسبق لها مثيل في العالم العربي. غنت أكثر من 800 أغنية، مثلت في أكثر من 20 مسرحية غنائية، ثلاثة أفلام وبضعة اسكتشات موسيقية، ناهيك عن الحفلات الغير معدودة، الجولات، والظهور المتعدد على امتداد الوطن العربي والعالم. كتبوا وغنوا لمواضيع عديدة متنوعة، خاطبوا قلب وعقل كل إنسان عربي. غنت فيروز البلدان، المدن والشعوب. لم تغني قط لأي رمز سياسي. غنت للحب، للفرح والحزن، للأمل والتفاؤل، غنت للشعب الفلسطيني ولقضيته، غنت للأمهات في الأرض، للسماء والنجوم والقمر، للأطفال،للأب والأم، للأخ والأخت، للبنت والابن، غنت قلبها لوطنها الحبيب لبنان، وحملته معها إلى كل العالم، وأكثر من ذلك صلت واعترفت بإيمانها. الله والصلوات تخيم على أغانيها لأنها مؤمنة ومخلصة. الرحبانيون وفيروز أبدوا إهتماماً بمواضيع عديدة حتى يصعب إيجاد موضوع معين لم يحظ بالذكر في أعمالهم وأغانيهم. لقد خاطبوا شعباً من كل الأعمار والطوائف والجنسيات. مرت علاقة فيروز بعاصي بمراحل مختلفة. عندما تعرض عاصي لأزمة صحية أصابت أحد شرايين دماغه، اضطر معها لأن يغيب عن التحضيرات لمسرحية (المحطة) عام 1973، غنت له فيروز "سألوني الناس"، التي تشتاق فيها إليه وتعبر عن أنه يعز عليها الغناء في غيابه خاصة وأنه الغياب الأول. كانت هذه الأغنية أول ما لحنه لها زياد ابنها. لكن علاقة فيروز بعاصي ومنصور تدهورت في أواخر السبعينات وعقد عملهم انكسر إذ جاءت مرحلة الخلافات الحادة بين عاصي وفيروز والتي أدت في نهاية المطاف إلى الانفصال. بعد تدهور عائد بحالته الصحية، توفي عاصي في 21 حزيران/يونيو 1986 وكانت فيروز وقتها تحيي حفلات ناجحة في لندن، بمرافقة زياد، وترتل في كنيسة ويست منيستر. شكل رحيل عاصي كارثة في مسيرة الفن العربي وفي حياة فيروز الشخصية. هذه المرأة العظيمة بصمتها والكبيرة وبحزنها، فجعت أيضاً بوفاة ابنتها ليال بعد وقت قصير من وفاة عاصي. ×?°ما بعد عاصي×?° قدمت فيروز أسطوانة إلى عاصي كهدية إلى روحه طوت وفاة عاصي تاريخاً من الإبداع المشترك لتفتح صفحات جديدة منه مع زياد الابن. فبعد عام واحد على رحيل عاصي، أصدرت فيروز اسطوانة معرفتي فيك التي جاءت لتستوعب الماضي الفيروزي العريق، ولتضيف عليه إبداعاً أكثر جرأة وأكثر انطلاقاً نحو التطوير. وفي العام 1995 قدمت فيروز وزياد أسطوانة إلى عاصي كهدية إلى روحه، استعادت فيها فيروز غناء مجموعة من الروائع الرحبانية بتوزيع وإشراف موسيقي لزياد، مع أوركسترا ضخمة كما كان يحلم عاصي أن تنفذ موسيقاهم، عبرت فيها فيروز عن حبها الكبير له، وتقديرها لفنه العظيم، فكانت أجمل هدية لراحة نفسه. استمرت فيروز في غناء الأغاني الرحبانية جنباً إلى جنب مع الأغاني الخلاقة والمتأثرة بشكل أساسي بموسيقى الجاز لابنها زياد. كما غنت أغان كان قد خبأها لها فليمون تحت وسادتها قبل رحيله. عملت أيضاً مع زكي ناصيف، ومؤخراً مع محمد محسن، بعد عقود طويلة من أول تعاون بينهما. أغاني فيروز تدين بالكثير للعبقرية الموسيقية والشعرية للأخوين رحباني. في السنوات الأخيرة عكست أيضاً موهبة التأليف لدى زياد الرحباني. بالإضافة إلى ذلك، عززت القاعدة الموسيقية الرحبة لفيروز التي تجمع ما بين الأداء الطقسي الكنسي و الغناء العربي التقليدي. من أكثر أعمالها الجديرة بالذكر مؤخراً، حفلتي بيت الدين عامي 2000 و2001 اللتان أقامتهما بالتعاون مع ابنها زياد. هاتان الحفلتان بشرتا بولادة عصر جديد في حياة وأعمال فيروز وأوضحتا اختيارها وتفضيلها التركيبة الزيادية. ألبومها الأخير ولا كيف، أيضاً بالتعاون مع زياد، وضع الختم الأخير على حصرية زياد في أية أعمال مقبلة. ×?°قالوا في فيروز...×?° الملاك الذي دخل كل القلوب وبدون الحاجة الى الاستئذان فيروز انها نبض القلوب. انها الملاك الذي دخل كل القلوب وبدون الحاجة الى الاستئذان لان صيته كان أكبر من أي استئذان فانفتحت له الابواب حين علمت انه قريب... ومازالت قلوب أخرى تنتظر... انها طفلة القمر الذي لا يكسف ولا يخسف ذلك القمر القابع داخل كل انسان... فدمت لنا يا فيروز القلب وقلب الفيروز... "منذ إطلالتها الأولى, قبل نصف قرن ونيف, جاءت متوّجة. إضافة إلى جمال صوتها وموهبتها الخارقة, هي ظاهرة لا تتكرر: فصوتها مميّز, وإطلاقة صوتها مميّزة, وكل ما جاء في هذا الصوت من خوارق, وما خلف هذا الصوت من صقل وتجارب خضع لها, جعل منه رمزاً من رموز هذا العصر, تأثر به الناس وحتى الشعراء في لبنان والعالم العربي, لأنه لم يكن مجرد صوت وحسب" - منصور الرحباني "ما أشهى الحديث عن فيروز... إن اللسان البشري, حتى الصدئ منه, يمسي فيروزيّ اللون إذا ما نطق باسم هذه المنشدة المسحورة التي هي أكثر كثيراً من مطربة, وأقل قليلاً من أسطورة... أجل, هي مسحورة... ترينها اليوم, يا زينة, فإذا هي وجه غريب الجمال, تبرز منه عينان سوداوان كبيرتان, عميقتا الغور, حادتا النظر, شديدتا التأثير, على شَعر خرنوبي مسدول, يخفي جزءاً من بشرتها ويظهر جزءاً آخر, وكأن وجه كوكب دريّ يسبح في الفضاء, تدهمه غيمة داكنة في ليلة خريفيّة... هي طيف أكثر مما هي جسد... هي نفسها لم تعد تعرف من هي... ولكننا كلنا نعرف أنها نهاد حداد..." - جورج إبراهيم الخوري "بعض الأصوات سفينة. بعضها شاطيء. بعضها منارة. وصوت فيروز هو السفينة والشاطيء والمنارة. هو الشعر والموسيقى والصوت, و... الأكثر من الشعر والموسيقى والصوت. وحتى الموسيقى تغار منه". - أنسي الحاج هي الأغنية التي تنسى, دائماً, أن تكبر. هي التي تجعل الصحراء أصغر. وتجعل القمر أكبر. - محمود درويش "إن صوت فيروز واحد من العشرين صوتاً الأول في العالم في القرن العشرين". - ناقد إنكليزي "هذه سفيرتنا إلى النجوم". - سعيد عقل وقد سألت احدي المذيعات الموسيقار الكبير محمد عبد الوهاب في أحد لقاءاته الإعلامية عن المطربات العربيات التي يستمع اليهن.. فذكر كل من نجاة الصغيرة، اسمهان، وردة.... ولكنه لم يذكر السيدة فيروز!! فسألتة المذيعة عن سبب عدم ذكره للسيدة فيروز؟ فقال لها: "انت سألتني عن نجوم الأرض وليس عن نجوم السماء.. فالسيدة فيروز نجمة السماء الساطعة!".. "صوت فيروز نسيج وحده في العمق والحساسية، صوتها قادر على التعبير عن أدق الخلجات والمشاعر .. ولن يجود القدر بمثل هذا الصوت المعجزة". - محمد عبد الوهاب ×?°ميلاد فيروز.. عيد قومي!×?° ×?°فيروز تبكي ×?° وقد طالب الشهر الماضي، عشرات من الكتاب والأدباء والفنانين في أكثر من دولة عربية الحكومة اللبنانية بإعلان يوم ميلاد المغنية اللبنانية فيروز عيداً وطنياً، ووُقّع البيان الذي يجري بمناسبة بلوغ السيدة فيروز العقد السابع من عمرها المديد والذين أطلقوا عليها لقب طفلة الدهشة، وجاء في البيان: من حق فيروز أن تشهد تكريماً لائقاً بها في حياتها، ومقترحنا هذا هو أقل القليل في حق شموخها المغتمر بالزهوّ راجين أن يكون يوم 21 تشرين الثاني من كل عام عيداً وطنياً للفيروز عيداً للمحبة وللحياة". "فرفش" يضم صوته لهذا المطلب.. فمن حق جارة القمر، صاحبة الاحساس الصادق، الصوت الدافئ والحنجرة الذهبية فيروز ألتي أمتعتنا عقودا طويلة أن تكرم بهذا اليوم... ومن الجدير أن مدرسة "الأنجيلية" أقامت، يوم الأثنين، يوما تكريميا للسيدة فيروز بمناسبة عيدها وتضمانا مع طلب إعلانه عيدا قوميا! لا تذهبي الى دمشق يا فيروز - بسام الخوري - 01-26-2008 إلى فيروز في يوم ميلادها السبعين ذات يوم خريفي من عام 1985 قررنا عدم الذهاب ـ نحن الممثلون في المسرح الجامعي بحلب ـ إلى تدمر كي نقوم بأداء أدوارنا ككومبارس في فيلم (وقائع العام المقبل) للمخرج سمير ذكرى إلا إذا وفرت لنا إدارة الجامعة الفرصة لحضور حفلة فيروز على مدرج بصرى قبل موعد التصوير بيوم واحد، كانت تدمر وما زالت تقع وسط سوريا تماماً بينما تقع بصرى جنوب سوريا، لذلك كان علينا بعد حضور حفلة فيروز الانطلاق ليلاً باتجاه تدمر كي نؤدي دور الجمهور الذي يحضر حفلاً موسيقاً لموسيقي سوري يعاني من البيروقراطية وتعنت المسؤولين، ونجح اعتصامنا غير المعلن بل واستطاعت إدارة جامعة حلب الحصول على بطاقات خاصة بنا لحضور الحفلة، ونظراً للفائض في البطاقات قررنا دعوة زملائنا الأدباء في الملتقى الأدبي ليذهبوا معنا، وكنت وقتها أنتمي إلى الطرفين معاً، وانطلق باصنا المجيد باتجاه دمشق. وكالعادة بدأت الانقسامات فور صعودنا، فجماعة الملتقى الأدبي اتخذت المقاعد الخلفية ملاذاً لها بعيداً عن الأضواء التي يسعى إليها الممثلون الذين احتلوا المقاعد الأمامية، وبدأ الممثلون بالتهريج وإطلاق النكات بينما كان الأدباء يرددون الأغاني الملتزمة بوقار شديد، فاختلطت الأصوات ببعضها البعض، ودخلت النكات بقوة كفواصل في قلب الأغنية الواحدة فكنا نسمع (واحد أحول طلق زوجة أخيه) على خلفية أغنية حزينة عن الشهيد لسميح شقير تقول كلماتها (رجع الخي يا عين لا تدمعي له) أو نكته عن (خمسة يمينين سموا أنفسهم الفرسان الثلاثة) على أنغام أغنية لمارسيل خليفة (جينا ع الدار جيناكي.. يمن الأحرار جيناكي)، وما بين التزام الأدباء ومياعة الممثلين كنت عصفوراً طائراً بين الفريقين تشدني نظرة صارمة من أحد الأدباء إلى فريق الأدب وتأخذني ابتسامة عاتبة من إحدى الممثلات إلى فريق الممثلين، لكنني كنت في باص كالجميع حدد لنفسه اتجاهاً جغرافياً واحداً هو.. فيروز.. وصلنا إلى جامعة دمشق ظهراً وهناك طلب البعض منا أن نبيعهم بطاقاتنا، ولكننا رفضنا بشمم وإباء رغم المبالغ الهائلة التي دفعوها لنا، لكن صديقي الممثل وديع عمسيح باع بطاقته بألفي ليرة "خمسمائة دولار" وقتها، وقال لي: "ستكون هناك فوضى وسيدخل الناس دون بطاقات". وصلنا إلى بصرى مساء، ودخل باصنا الجليل إلى المنطقة المحيطة بالمدرج فوجدنا أمَّة فيروز كلها بانتظارنا، آلاف وآلاف البشر من كل الأصناف، ضباط ومسؤولون وطلبة وأغنياء وفقراء ورجال ونساء وأطفال وشيوخ ورضع وبائعو مرطبات وحلويات وموالح وساندوتيش و..و.. نظر إلي وديع مبتسماً وهو يهدئ من روع نفسه "أرأيت.. سيدخلون الناس بدون بطاقات" قلت له أنا الصامد الذي رفض بيع بطاقته "بالعكس.. لن يدخل أحد دون بطاقة لأن المدرج لن يتسع لكل هذه الأمة"، ارتعد وديع من نظريتي واصفر وجهه من فكرة عدم حضور حفلة فيروز، تابعت بسادية، "لقد وضعوا مكبرات صوت في الخارج كي يستمع الذين لا يملكون البطاقات من خارج المدرج". امتقع لون وديع ونشف ريقه وهو ينظر إلي برعب، أخرجت بطاقتي من جيبي وتلمستها بحنان، نظر وديع إلى بطاقتي وبلع ريقه كجائع يقف أمام باب المطعم. وقف عناصر حفظ النظام أمام الباب الذي فتح لتوه وبدأوا بتنظيم عملية دخول أمة فيروز، كل بطاقته في يمينه، وطفرت دمعة من عين وديع اليمنى وهو يلاحقني كظلي. التحق بي صديقنا السوداني منتصر والممثلة لبابة يونس وشقيقتها سراب، قالت لبابة "اجمعوا بعضكم" وجمعنا بعضنا واتجهنا نحو الباب وكان وديع يدحش نفسه بيننا ممنياً نفسه بدخول جماعي لجماعة المسرح الجامعي. كان أصحاب البطاقات يقفون ممسكين بطاقاتهم بقوة كالهررة الممسكة بفخذ فروج مشوي وسط نظرات الحسد والحسرة من باقي أمة فيروز التي بلا بطاقات، قال لي وديع متحسراً "ندمان يالقمان.. والله ندمان" ابتسمت بشماتة وقلت له "تحتاج إلى ثورة كي يتم الدخول من دون بطاقات".. ثورة!!.. فكر وديع في الأمر ونظر إلى الحشود التي بلا بطاقات نظرة متأملة ذات مغزى، حزرتُ بم يفكر فأردفت "ولكن الثورة بحاجة إلى رجال.. وإلى قائد أيضاً"، نظر إلي وديع باهتمام وتابعنا مسيرتنا باتجاه الباب. وعلى الرغم من الزحام الهائل فإن رجال حفظ النظام كانوا يتعاملون بصرامة مع مجرد أن يفكر أحدهم بالدخول دون بطاقة، ولكن كان لأمة فيروز رأياً آخر، فقد اندلعت الثورة فجأة، ثورة الفقراء ـ هم ليسوا بفقراء بدليل أن وديع يملك خمسمائة دولار في جيبه ـ ولكنهم فقراء فيروز.. ثورة الذين بلا بطاقات، نظرت إلى جانبي فلم أجد وديع، بحثت عنه بين مجموعة المسرح ولكن لا أثر له.. اختفى، اقتربت حشود الثوار منا.. خبأت بطاقتي في جيبي خوفاً من أعمال النهب التي ترافق الثورات عادة، نظرت بهلع إلى رجالات الثورة فوجدت وديع يتقدمهم كذئب جريح وهم يرددون خلفه شعاراً واحداً فقط "عليهم يا شباب". صرخ بنا "عثمان عثمان" أن نتفرق كي لا نضيع وسط الفوضى، فأمسكنا بأيدي بعضنا البعض ونحن نتلقى الضربات من هنا وهناك، ولكننا قبلنا بالأمر الواقع ونحن نرى حال الوزراء وهم يتدافعون بشراسة دون مرافقيهم الذين هرعوا باتجاه البوابة تاركين أسيادهم لمصيرهم المجهول. حاول رجال حفظ النظام إيقاف وديع وثورته ولكنهم فشلوا أمام الشعار الحماسي اللاهب ألا وهو "عليهم يا شباب" والذي كان يصدر من الأمة الثائرة على شكل حشرجة جماعية لا على شكل هتاف، وبسرعة لا متناهية امتدت ثورة البطاقات ودخلت أمة فيروز كلها في الثورة بعد أن رمينا البطاقات وانجرفنا مع التيار الثوري ونحن نردد شعار الثورة العظيم "عليهم يا شبااااب". تراكضنا على المدرج الأثري ونحن نبحث عن مكان استراتيجي نجلس فيه، بينما حظي رجالات الثورة ومن بينهم وديع بأقرب الأماكن وأفضلها، وعاد رجال حفظ النظام إلى عملهم المعتاد بمساعدة الثوار أنفسهم لتنظيم عمليات جلوس الأمة، وجلسنا أخيراً لبابة وسراب وأحمد جمالي ومحمود الخطيب وأنا بجانب بعضنا البعض بانتظار الملائكة. أغلقت الأبواب ودخل أكثر من ثلاثين ألف إلى المدرج الذي لا يتسع لأكثر من خمسة عشر ألفاً، بينما بقي في الخارج ثمانون ألف شخص من أمة فيروز اللامتناهية العدد مكتفين بسماع صوتها من المكبرات الخارجية، تأخرت فيروز.. مرت ساعة ولم تظهر فيروز، لكن أحداً لم يتأفف، كانوا جميعاً راضين وسعداء، وكان العميد المسؤول عن التنظيم يتمشى مسروراً في أنحاء المدرج وهو يرقب جماهير السعادة بعين الرضا، ويمر بين رجاله.. رجال حفظ النظام الذين قهرتهم الثورة قبل ساعة ويرمقهم ـ مع ذلك ـ بفخر واعتزاز. ساعتان بالتمام والكمال والجماهير تنتظر على المدرجات ،على الأرض، على فواصل المشاة، تحت البيانو، بين العازفين، خلف المايسترو سليم سحاب ـ كم أعجبنا به يومها ـ وفيروز لم تظهر بعد، كان أعضاء الفرقة ينتظرون فيروز معنا، وكان يتفقون مع الجمهور الذي يجلس بينهم على المساحات اللازمة لكل عازف كي يعزف، فقد كانت الفرقة تحتل الأرض التي تحت المسرح مباشرة، وكان بين العازف والعازف أكثر من عشرة متفرجين، أما البيانو فقد جلس تحته أكثر من عشرين شخصاً بالانتظار. وظهرَتْ.. بيضاء، بيضاء.. بيضاء.. لا ينقصها شيء كي تكتمل، لكن لا شيء يكملها، سر من الكمال، سر من النقصان، بياض رهيب.. مخيف.. حنون.. جمال لا متناه أمامي، لكن بعيد.. بعيد، طفل يحبو وهو ينظر إلى الأرض ثم يرفع رأسه فجأة فيتجمد الجميع، تجمدنا جميعاً وصمتنا جميعاً، حتى دقات القلوب، وغنت فيروز، لم يصدق أحد أنه يرى ويسمع، لم يصدق أحد أنه كان موجوداً في هذا المكان في ذلك الوقت، تلمست جسدي.. ووضعت كفي على وجهي كي لا ترى لبابة دموعي، ثم خطفت نظرة فرأيت جميع الأكف وقد غطت جميع الوجوه. انتهى الفصل الأول وغادرت فيروز إلى استراحتها وبدأنا رحلة انتظار أخرى، لكن هذه المرة مع ثوار جدد، فقد اندلعت الثورة الثانية في الاستراحة، وكانت ثورة عبوات المياه البلاستيكية الفارغة إذ كان المتمردون الجدد يرمون بعبوات المياه البلاستيكية من الأعلى إلى الأسفل، فترتطم العبوة برأس أحدهم فيرميها أوتوماتيكياً باتجاه رأس آخر على الدرجات الدنيا، وبالطبع فقد نلنا نصيبنا عندما سقطت عبوة على رأس لبابة فأمسكت بها كي ترميها لكن كان لأحمد أن ينتزع العبوة وينال شرف رميها بنفسه، ويا لهول ما حدث، فقد ارتطمت العبوة برأس العميد الآمر الناهي في ذلك اليوم، نظر العميد إلينا فأشرنا بدون تردد إلى أحمد في لحظة خيانة تاريخية لا شعورية، وكانت ليلة القبض على أحمد. بعد اقتياد أحمد إلى سجن المسرح توسلنا العميد والملازم الفخور بمعلمه أن يخرج ولكن العميد رفض ذلك وقال بأنه لن يخرج إلا بعد انتهاء الحفلة كعقوبة يجب على أحمد أن لا ينساها طيلة عمره، وأية عقوبة؟!.. حرمانه من فيروز، وبالطبع فقد وافقنا نحن الخونة على التسوية، بل وسرعان ما نسينا أحمد مع الظهور الخيالي الثاني لفيروز. اندمجنا كلياً، وكانت سراب يونس أكثر المندمجين، كيف لا وهي التي تغني لنا أغاني فيروز كل يوم بصوتها المنتمي إلى أمة فيروز، بل إنها سجلت شريطاً مع ميادة بسيليس وهاسميك لأغان فيروزية قديمة وبتوزيع سمير كويفاتي ذلك الصديق الحنون وأحد أشاوس أمة فيروز الممتدة إلا ما لا نهاية، وذلك في العام 1985 أيضاً. انتهى الحفل ولم ينته، كانت كلما همت بالذهاب نعيدها إلينا، لو ظلت فيروز تستجيب لأصواتنا المطالبة بعدم ذهابها لبقيت واقفة على مسرح بصرى وسط بكائنا وتصفيقنا طيلة الزمان. لكن لكل حلم نهاية، وكانت نهاية حلمنا كابوس المغدور به "أحمد جمالي" القابع خلف القضبان يرزح في القيود والاصفاد والأغلال وهو يغني أغنية لفيروز تدعى "يا حرية" "يا زهرة برية"، هرعنا نبحث عن العميد لكن دون جدوى، اختفى العميد الظالم، وباص الجامعة ينتظرنا، رحلتنا إلى تدمر طويلة، والمخرج ينتظرنا نحن الكومبارس العتيد. أرسلنا الجميع إلى الباص بعد أن تبرعنا بإحضار أحمد أنا وعثمان، وفي غمرة بحثنا اليائس عن العميد عثرنا على الملازم قلنا للملازم بأننا نريد زميلنا، فقال لنا بعنجهية بأنه لا يستطيع إخراجه إلا بأمر شخصي من العميد.. ـ لكن العميد قال بأن تخرجه بعد انتهاء الحفل. ـ لا أستطيع. ـ والحل؟!.. ـ نذهب ونقابل العميد، قالها لنا وكأنه يشجعنا على ذلك، وافقنا.. ومشينا خلفه إلى حيث العميد ودخلنا في ممرات مظلمة واجتزنا دهاليز أثرية من دهاليز مدرج بصرى الروماني الشهير إلى أن وصلنا إلى بوابة فخمة مغلقة، كان هناك بعض الحراس الذين سمحوا لنا بالدخول مع الملازم إلى أجمل قاعة رأيتها في حياتي، ليس لأنها باهرة التصميم، وليس لأنها تضم نخبة النخبة من البشر الجالسين إلى مائدة عشاء طويلة، وليس لأننا شاهدنا أعضاء فرقة فيروز الجالسين إلى العشاء، وليس لأننا شاهدنا العميد شخصياً كي يفرج عن صديقنا أحمد، بل لأننا لم نشاهد كل هذا، لم نشاهد سوى حلمنا الوحيد منذ أن خلقنا وهو يتجسد في صدر المائدة، إنها فيروز بثوب خرافي وشعر سابل يكاد أن يكون موسيقا، بل إنه موسيقا. أشار الملازم إلينا وهو يحادث العميد ولكن العميد الذي نهض من على كرسيه البعيد عن فيروز وعوضاً من أن يتجه إلى الملازم وعثمان اتجه نحوي، نعم نحوي.. فقد كنت في تلك اللحظة قد أصبحت واقفاً بهيئة راكع بجانب فيروز، ووقف العميد إلى الجهة الأخرى من فيروز وقال لي: شو مشكلتك؟!.. نظرتُ إليه ثم قلت لفيروز "أنا بحب أبنك زياد"، نظرت إلى فيروز أنا ابن التاسعة عشرة عاماً وسبعة آلاف حالة ارتجاف وخمسة آلاف لون ممتقع وريق ناشف وملايين الملايين من ضربات آلة مسكينة تدعى القلب وقالت لي.. نعم.. قالت لي أنا لقمان ديركي ابن حسين وشاهي مواليد الدرباسية في 1/1/1966 ليلة رأس السنة في الساعة الثانية عشرة وثلاث دقائق.. نعم.. أنا هو الذي قالت له "وهو كمان بيحبك"، نظرتُ إلى العميد بفخر واعتزاز فوجدته في تلك اللحظة يحترمني جداً جداً.. نظر العميد إلى فيروز ثم قال لي بحنان، "شو القصة يا ابني"؟.. قلت له بأن صديقي سجين عندهم وهو لن يخرج إلا بأمر منه شخصياً وأنه وعدنا بإخراجه بعد انتهاء الحفل وأننا ممثلون ولدينا تصوير فيلم سينمائي في تدمر وأضفت بأنني شاعر أيضاً، قلت كل ذلك وأنا أنظر إلى فيروز، قالت لي فيروز.. نعم.. مرة ثانية قالت لي شخصياً "وليش محبوس" حاولت الإجابة ولكن سيادة العميد سبقني وقال لها باعتزاز شديد مبتسماً ومشيراً إلى نفسه "ضربني بقنينة المي على راسي"، نظرت فيروز إلي مستفسرة ومستنكرة ما حدث فخفضت نظري واعترفت لها بالذنب العظيم "أي مظبوط.. ضربه على راسه بالقنينة"، خاف العميد أن تزعل فيروز فقال لها "كانوا عم يلعبوا .. يعني مزح ست الكل"، نظرت فيروز إلي معاتبة وقالت لي بمزاح محبب بل وكادت أن تقرصني من خدي "أي بيستاهل.. لازم ينحبس.. معقول في حدا بيضرب الناس بالقناني بحفلتي"؟... ضحك الحاضرين جميعاً واكتشفتُ لحظتها أن أنظارهم وأسماعهم مشدودة إلى حديثنا بينما كان العميد يؤكد لهم بفخر شديد بأن العبوة وقعت على رأسه هو شخصياً. استغل العميد الحادثة كي يطيل المحادثة مع فيروز وقال لها "ست الكل.. أنا سامحته كرمالك .. وإذا بتسامحيه سيادتك رح بطلعه من الحبس"، نظرتُ إلى فيروز بتضرع كي تسامح أحمد.. استنجدت بعثمان فوجدته يمد يده إلى الطعام ويأكل ما تيسر منه.. بل وشاهدته يسرق حبتي أناناس ويضعهما في حقيبته الثقافية، تابعتُ نظرات التضرع ثم قلت لها.. لفيروز طبعاً.. "حضرتكم بتعرفوا أنوا أنا بحبو لزياد".. وفكرت .. طالما أنني أحب زياد فإنها ستعتبرني مثقفاً وبالتالي فإنها ستعتبر الحالة كلها لعب بلعب كما قال لها الضحية نفسه.. سيادة العميد.. نظرت إلي فيروز وقالت "خلص.. سامحته" ثم قالت للعميد "طلعوه".. انتفض العميد وأعتقدُ أنه ألقى تحية عسكرية لها وقال "حاضر سيدي" ثم قال للملازم "طلعوه" فألقى الملازم بدوره تحية عسكرية للعميد وقال "حاضر سيدي" وقال لي "يا الله أمشي معي" .. لم أمشي بقيت واقفاً، نظرت إلي فيروز مبتسمة وسعيدة بعد أن انتهت المشكلة وفجأة هجمت على يدها وقبلتها ووضعتها على رأسي ثم مضيت خلف الملازم ولمحت في غمرة سعادتي الخرافية عثمان وهو يأخذ صدر دجاجة على الماشي ويركض خلف الملازم. كانت الساحة في الخارج خاوية تماماً إلا من باصنا المنتظر، وكان الأسير قد تحرر وهو يمشي بجانبي، صعدنا إلى الباص، وانطلق باصنا من جديد، جلس الجميع يستمعون إلى مغامرة أحمد في الأسر في سجون العدو الغاشم وهم يحيون صموده بينما كان عثمان يحاول أن يعرف كيف تؤكل حبات الأناناس دون جدوى، بينما كنت أفكر أنني قابلت الأميرة.. تحدثت مع الملكة.. بل إنها حدثتني أيضاً.. بل ابتسمت لي.. بل ضحكت لي.. كنتُ أنظر إلى الوجوه المرحة في الباص وأقول في نفسي.. "يا إلهي.. إنهم لا يعرفون من أنا.. لو عرفوا.. ماذا كانوا سيفعلون"؟.. نعم.. أنا هو.. بذاته.. من قابل الملكة.. بل وقبًّل يدها أيضاً.. نعم.. سأنجب الكثير من الأطفال.. فقط لأقول لهم أن والدهم فعل ذلك في ليلة خريفية من ليالي عام 1985. لقمان ديركي عن سيريا نيوز لا تذهبي الى دمشق يا فيروز - بسام الخوري - 01-29-2008 فيروز تفتتح صح النوم في دمشق GMT 13:15:00 2008 الثلائاء 29 يناير أ. ف. ب. -------------------------------------------------------------------------------- دمشق: عادت الفنانة اللبنانية فيروز لتحيي ليالي دمشق، وقدمت مساء الاثنين أول عروض مسرحية "صح النوم" امام 1200 شخص تعبت ايديهم من التصفيق وشكلوا كورسا ثانيا ردد معها حوارات المسرحية وأغنياتها. واكتظت دار الاوبرا بالمشاهدين وكان واضحا الحضور الكثيف للشباب، اضافة الى حضور عائلات بأكملها. وبكى بعض الحاضرين لشدة فرحهم بعودة فيروز بعد غياب استمر 23 عاما. وانتظر الجمهور في القاعة زهاء نصف ساعة أن يبدأ العرض بعد إغلاق الأبواب، وحبس أنفاسه وهو يترقب فتح الستارة. وكان التوتر والحماس يزدادان مع بث فاصل موسيقي تكرر مرتين، وفي المرة الثالثة جاء ايذانا ببدء العرض. وبمجرد فتح الستارة اشتعلت القاعة بالتصفيق. وشيئا فشيئا ظهرت فيروز واقفة الى يسار الخشبة تحت مظلتها وظهرها للحضور، فيما بدأ الكورس في الجهة الاخرى اول حوارات المسرحية، فخبا التصفيق تدريجيا وتحول الحاضرون آذانا صاغية. وطاب للعديدين ان يبرهنوا شغفهم بصوت فيروز، فصاروا يرددون حوارات المسرحية التي بدا أنهم حفظوها عن ظهر قلب. وكان البعض ينتفض ويبدأ بالتمايل، مفصحا عن اقتراب موعد احدى الاغنيات المعروفة في المسرحية الغنائية، ثم يسارع الى ادائها قبل صوت فيروز. وصار التصفيق مثل امواج، لا تلبث ان تعود مصحوبة بالاهات مع كل اغنية تصدح بها السيدة، وخصوصا اغنية "هب الهوى"، او مرفقة بالضحك اثر تعليقات ساخرة تصدر منها في الحوار، او مواقف وجمل طريفة للفنان انطوان كرباج (في دور الوالي) او الفنان ايلي شويري (في دور المستشار زيدون). وجاءت اللحظة الاكثف تعبيرا عن مدى تشوق الجمهور السوري لملاقاة صوت فيروز في ختام المسرحية. فاذا كانت البداية السريعة للمسرحية كبتت رغبة الحضور في الترحيب والتصفيق، فان شيئا لم يمنعه من اشعال القاعة بالتصفيق والصراخ والهتاف باسم فيروز، وهب الجميع واقفا دفعة واحدة عندما ظهرت لإلقاء تحية الختام. واستمر هدير الترحيب والشكر في القاعة حتى بعد إسدال الستارة. وأمل الحضور أن ترتفع مجددا من دون جدوى. وتواصل ابتهاج الجمهور بحضور عرض فيروز الاول وهو يغادر القاعة. فهنا مشاهد "لا يصدق حتى الان اذا كان ما حصل حلما ام حقيقة"، فيعاجله صديقه بتعليق أكثر إثارة: "الان يمكنني الموت وانا مرتاح بعدما تحققت أعز امنياتي". وشهدت المسرحية حضورا رسميا لافتا، ابرزه حضور فاروق الشرع نائب الرئيس السوري، وبعض الوزراء والدبلوماسيين العرب والاجانب، وعدد من الفنانين السوريين. وتم تمديد عروض المسرحية يومين اضافيين، لتصير ثمانية عروض بدلا من ستة، بسبب الاقبال الكثيف على بطاقاتها قياسا بضيق المكان المخصص للعرض. وتجاوز حضور فيروز الى دمشق مسألة عرض "صح النوم" ليصير احتفالا عاما بعودتها. فلم تتوقف وسائل الاعلام والسورية عن تناول الامر ترحيبا وتأهيلا، وفتحت الاذاعات السورية اثيرها لتقدم فواصل تتكرر على مدار الساعة، من اغنيات فيروز التي قدمتها الى دمشق. وكان لافتا ان التلفزيون السوري ختم نشرة اخبار منتصف ليل امس الاثنين بتقرير مصور من أجواء العرض الاول، إضافة الى لقاءات مع اناس تحدثوا عن صوت فيروز "الذي يبعث فينا الامل". وتضمن التقرير ايضا لقاءات مع اشخاص علقوا على "من انتقدوا مجيء فيروز الى دمشق"، في اشارة الى اصوات صحافية وسياسية لبنانية معترضة. وعلق احدهم "انهم (المعترضون على مجيء فيروز) لا يقرأون التاريخ"، وقال آخر "فيروز ملك للعرب كلهم، السياسيون يذهبون بينما صوتها باق". واستمرت اذاعة "شام اف ام" في تغطية اجواء العرض الاول مستقبلة اتصالات محبي فيروز حتى ما بعد منتصف الليل. وكانت الاذاعة غطت كامل تفاصيل حفلات فيروز، بدءا بوصولها الى الحدود السورية حتى باب الاوبرا، حيث لم يسمح لاي اذاعة او تلفزيون بالدخول. واحتضنت دار الاوبرا معرضا لصور لفيروز تزامنا مع عروض المسرحية، شاركت فيه مجموعة فنانين تشكيليين سوريين رسموا بورتريهات مختلفة للسيدة واهدوا لوحاتهم اليها. وبادر كثيرون ممن حضروا المسرحية الى كتابة رسائل حب وتقدير لفيروز، في مبادرة من بعض الشباب السوريين تحت عنوان "بطاقة حب دمشقية الى فيروز". ودعوا من يشاء الى كتابة رسالته لفيروز، مؤكدين انهم سيجمعون الرسائل في صندوق كبير يسلمونه لها شخصيا. لا تذهبي الى دمشق يا فيروز - بسام الخوري - 01-30-2008 تصفيق حار لجملها السياسية ... بعدما ساوت بصوتها بين السوريين ... فيروز تروي ظمأ الدمشقيين إلى بردى: ينسى الغفا عيوني إذا بنساكم دمشق - ابراهيم حميدي الحياة - 30/01/08// حدث غير عادي ان تضرب مدينة ما موعدا مع فيروز ذات مساء. وان تكون دمشق هذه المدينة، فهذا امر ترتعش له جوارح قلوب السوريين. عاد صوت فيروز الى «عاصمة الامويين». وعاد اهل الشام على جناح الشوق الى فيروز... واستراحوا. مساء الاثنين، كان استثنائيا في»بوابة التاريخ». كانت قلوب آلاف السوريين تخفق مع اقتراب شهب الليل. بعضهم حاذى بردى الى «مجده»، ونزل آخرون من قاسيون حيث تغفو دمشق. بعضهم بللته قطرات البرد، واستحم آخرون بعطر الياسمين. نسيوا جميعا فروقاتهم وحزموا في معاطفهم الكثير من العواطف لرشها في «دار الاوبرا» على مرمى التاريخ من ساحة بني امية. في الحارات الضيقة من بوابة «دار الاوبرا» الى صالة العرض، استذكر بعضهم اللقاء الاخير بين فيروز ودمشق قبل ثلاثين عاما، وبينها وبين السوريين قبل 21 عاما في «مسرح بصرى» (جنوب البلاد). بينما كان آخرون، وما أكثرهم، متسمرين في منازلهم يتذكرون مواعيد ضربوها مع فيروز قبل عقود وعقود في الهواء الطلق في مسرح معرض دمشق الدولي. واكتفوا بالذكرى والاشرطة المسجلة والحنين، طالما ان الاجراءات والاسعار (بين 20 و200 دولار اميركي) تحول دون تكرار التجربة. تخلى الجميع، ربما الجميع، عن هواتفهم وكاميراتهم. جلبوا هوياتهم الشخصية وارقامهم الوطنية. ووقفوا في خط طويل. تأبط بعضهم بعضا. الغوا مواعيدهم المهمة وامتيازاتهم وجلسوا في المقاعد المتسلسلة في الانتظار. لم لا؟ فيروز تفرض هيبتها، تذيب الفوارق وتكسر الحواجز وتفتح نوافذ للحوار تساوي الجميع في الانتظار والتأهب. كان الموعد الغنائي لفيروز مع «احبابها في الشام اواخر الصيف، ان الكرم يعتصر». لكن المفاجأة انها جاءت في «برد الشتي» وما اعظم هول المفاجأة. ترفع الستارة. تقف «قرنفل» في الزاوية اليمنى لمسرح «دار الاوبر». تحمل مظلتها وتدير ظهرها الى الجمهور. وما ان تلف كتفها، حتى تهتز القاعة بألفي وأربعمئة يد تصفق لفيروز. دوي يصل الى ينابيع بردى حيث جاء «صوتي منك مثلما نبعك من سحبي» وتعرجات قاسيون حيث «ينهمر الصباح». كان التصفيق الاول امتنانا للقاء الاول وتمرينا للموجات الآتية والمرتدة طيلة عرض مسرحية «صح النوم» على مدى ساعة ونصف الساعة. ولعل العنقودة الثانية من ارتجاف جدران الاوبرا كانت عندما فاجأت اهل الشام بقولها «ينسى الغفا عيوني اذا انا بنساكم»، وكأنها تستذكر انها «بالفعل غابت عن اهل الشام، لكن مالي بالغياب يد». بعدها استسلم الحاضرون جميعا الى حضور فيروز، الى هيبتها. وبين الحين والاخر يتجاوبون مع الحوارية النقدية القائمة بين الوالي وقرنفل والجمل السياسية. وعندما صحا من النوم الوالي ( انطوان كرباج) ليقول ان اهالي امارته التي ورثها، أباً عن جد، يتمتعون بـ «حرية التعبير» وعندهم «الحق بأن يصرخوا (في مطالباتهم) والسلطة عندها الحق في سد اذنيها»، راح الحاضرون يصفقون كما هو الحال مع قول مستشار الوالي (ايلي شويري) ان «الدولة تستطيع كشف السرقات عندما تريد» حتى لو لم تكن موجودة. وبدا ان الحاضرين استظلوا فيروز ليرووا ظمأ الاشتياق الى تلك الكلمات المرهفة للاخوين رحباني. تلك المفردات البسيطة التي تلهب المشاعر: لم تسرق قرنفل خاتم الوالي كي توقع فرمانات الموافقة على طلبات فقراء الامارة، بل انه هو «الذي سرقني لأنه ضجران»، وكان يريد اللعب مع الريح. صحيح ان الوالي لم يستطع عقاب قرنفل سارقة الختم لأن القرار غير ممهور بختمه الضائع في «دولة الخشب» لكن «القمر بضوّي دون ختم». ألم تغني فيروز الى سماء الشام: «خذني بعنيك واهرب ايها القمر». يستسلم الوالي الى رحيق قرنفل. ويقرر الخلود الى «النوم كي تختمي (طلبات) الناس كما تريدين». وتنتهي «صح النوم». لتبدأ الجولة الكبرى من التصفيق. يقف الجميع. في الصف الاول الذي ضم نائب الرئيس فاروق الشرع ووزير الثقافة رياض نعسان اغا والصفوف التالية التي جلس فيها كبار قادة الدولة ورجال اعمال كبار وسفراء، حيث ترتفع موجة كبيرة من التصفيق الى فيروز. تقابل الود بتحيتها الملائكية. ولسان الحال كل عضو في «حزب فيروز» يقول: «يا قلب تحملني هم الأحبة ان غابوا وان حضروا». ***************************************** غابت السياسة وحضر الفن الجامع ... فيروز في دمشق... العرض للنخبة وأشواق الجمهور بلا تلبية دمشق - ابراهيم حاج عبدي الحياة - 30/01/08// فيروز في عرض «صح النوم» الدمشقي (أ ب) لم تشأ فيروز، التـي بدأت عروض مسرحيتها «صح النوم» أول من أمس في دار الأوبرا الدمشقية، أن تحقق آمال المؤيدين لحضورها في العاصمة السورية، أو توقعات المعترضين على هذا الحضور. لم تقل كلمة في بداية العرض قد يتم تأويلها سياسياً، واكتفت، كذلك، في نهاية العرض، بالانحناء للجمهور الكبير الذي عبر عن تقديره لها بالوقوف دقائق، وبحرارة التصفيق الذي لم يتوقف إلى أن غادرت فيروز الخشبة. ظهرت كطيف رقيق قادم من زمن البراءة، من أرض عذراء لم تعرف يوماً بشاعة القتل والدماء. حاولت أن تنثر الحب والصفاء في القلوب، وغادرت الصالة في شكل طقوسي. وسيحظى بحضور فيروز حتى 4 شباط ( فبراير) نحو عشرة آلاف شخص فقط، لأن دار الأوبرا لا تتسع لأكثر من 1200 شخص. هنا يحتدم النقاش حول مكان عرض المسرحية، وحول سعر البطاقة التي تصل إلى عشرة آلاف ليرة سورية (نحو 200 دولار أميركي)، فالبسطاء، وذوو الدخل المحدود، الذين لا يرقى راتبهم إلى ثمن البطاقة الواحدة، وجدوا أنفسهم خارج الدائرة المحظوظة؛ تلك الدائرة التي اقتصرت على أصحاب «الياقات البيضاء» القادرين على شراء البطاقة، بينما أولئك الذين عشقوا فيروز في البيوت الطينية النائية، والحقول المقمرة، والمقاهي «المفروشة بالأسرار»... لن يتسنى لهم أن يعيشوا هذا «الفرح المخملي» مع فيروز. وصوتها الذي يغني للبساطة والفرح والطفولة ويواجه الجشع والاستغلال والتسلط، لن يتمكن كثيرون من تحقيق حلمهم في رؤية البنت الشقية «قرنفل» (تجسد شخصيتها فيروز) وهي ترفع صوتها، بجرأة، في وجه الوالي البليد المستبد الذي يتحكم بأقدار البشر، ويبتز فقرهم وحاجتهم، فلا يختم في الشهر، بعد يقظته من السبات الشهري في «قصر النوم»، سوى ثلاثة طلبات، لئلا يستهلك الختم الأثري المصنوع من خشب الجوز العتيق، الذي يرمز إلى سلالة الوالي القوية، ذات الجبروت. قرنفل التي انتظرت ستة اشهر، تحت المظلة، للموافقة على طلبها ببناء سطح لمنزلها المهدم، فشلت في الاهتداء إلى طريقة تقنع بها الوالي كي يختم الطلب، فتضطر إلى سرقة الختم، ولا تكتفي، عندئذ، بختم طلبها فحسب، بل تختم طلبات جميع الأهالي، ثم ترمي الختم في البئر. حين يصحو الوالي في الشهر التالي يجد أن معالم الساحة قد تغيرت إثر أعمال البناء والهدم، والزراعة، فيخبره مستشاره بأنه قد ختم الطلبات، جميعها، في المرة الماضية، لذلك ظهرت هذه التطورات. يندهش لهذا الخبر، ويهم بفتح الصندوق المغلق الذي يحتفظ فيه بالختم الثمين، فلا يجد شيئاً. تحوم الشكوك حول قرنفل التي تعترف بفعلتها، فيحكم عليها الوالي بالربط على فرس وحشية تسير بها هائمة في الطرقات والوديان طوال العمر. لكن الحكم يحتاج إلى ختم، وببساطتها المعهودة، تقبل قرنفل النزول إلى البئر لتعود بالختم المطلوب لتنفيذ الحكم الصادر في حقها. هنا يرق قلب الوالي الذي يعفو عن قرنفل، ويكلفها بالختم على الطلبات، منذ الآن، بدلاً عنه. حكاية بسيطة، ككل الأغاني والمسرحيات التي أبدعها الرحابنة، غير أنها تنطوي على مقدار عميق من ثقافة التسامح. وبقليل من المجازفة يمكن القول، هنا، أن فيروز تدرك أهمية تقديم هذه المسرحية، مرة أخرى، في دمشق بعد مرور 37 سنة على عرضها، للمرة الأولى، في هذه المدينة. خلال هذه السنوات جرت مياه كثيرة في نهر العلاقة السورية - اللبنانية، وتعرضت المنطقة لتحولات دراماتيكية، بيد أن هذه السنوات وصلت، الآن، إلى أفق يصعب التفاؤل حياله في ظل الفراغ السياسي الذي يعيشه لبنان، ووسط الاتهامات المتبادلة بين بيروت ودمشق، في حين يشهد هذا الاحتفاء الواسع بفيروز على أن ألاعيب السياسة لن تؤثر في التقارب الوجداني والروحي الذي يجمع بين الشعبين، ولعل هذه المسرحية تسهم قليلاً في إنجاز «صحوة»، طال انتظارها! وفي الوقت الذي حظي العرض الافتتاحي بحضور رسمي لافت تمثل في فاروق الشرع نائب الرئيس السوري، ورياض نعسان آغا وزير الثقافة، وبثينة شعبان وزيرة المغتربين، وسعد الله آغا القلعة وزير السياحة، لوحظ غياب رموز المعارضة السورية التي تحتج أصلاً على مجمل نشاطات احتفالية دمشق عاصمة للثقافة العربية، إذ تتساءل: كيف لدمشق أن تكون عاصمة للثقافة، بينما يقبع المثقفون السوريون في المعتقلات؟ ولا بد من الإشارة إلى أن منظمي الحفلة لم يسعوا إلى استثمار اسم فيروز على نحو سياسي، فقد خلت أروقة دار الأوبرا من أية لافتة أو صورة أو شعار، وحتى الحضور الرسمي كان هادئاً، ومن دون أي ضجيج. واللافت أن حضور العرض المسرحي لفيروز انطوى على تشدد أمني (منع الكاميرات، أجهزة التسجيل الصوتي، الهواتف النقالة... وأي شخص تضبط معه هذه التجهيزات سيتعرض لغرامة مالية، ولمغادرة العرض فوراً. إغلاق الأبواب قبل نصف ساعة من بدء العرض. إبراز البطاقة الشخصية أو جواز السفر عند الدخول...). هذه الإجراءات «المشددة»، ولّدت لدى بعض الصحافيين، مثلاً، انطباعاً بأنهم ذاهبون إلى «مؤتمر قمة» لا إلى سماع الصوت الحنون. لا تذهبي الى دمشق يا فيروز - بسام الخوري - 02-04-2008 http://www.syria-news.com/readnews.php?sy_seq=70706 لا تذهبي الى دمشق يا فيروز - بسام الخوري - 02-04-2008 فبراير 2, 2008 قول “سيادة الرئيس” يا حيوان! صُنِّف تحت: ثقافة, حريات, خربشات على جدار العالم — Free Man @ 2:06 مساءاً حدثني أحد أصدقائي عن أمر حصل أمام ناظره مباشرة، بأن مواطناً تملكه الانزعاج من معاملة رجال الأمن لجميع الذين كانوا واقفين في الدور للوصول إلى غايتهم، وإذ بهذا المواطن يخرج عن هدوئه ويحتج بأن قال: والله الرئيس ما بيرضى بهيك تصرفات. وهنا كان بالتحديد الخطأ الذي لا يمكن أن يغتفر من قبل رجال الأمن المنتشرين في كل مكان، فتقدم إليه أحدهم وبكل تواضع واحترام رد عليه: قول “سيادة الرئيس” يا حيوان، ثم (شحطه) من ثيابه (شحطاً)،أريد هنا التشكي لجمعية الرفق بالحيوان، وقام بضربه والـ (دعوسة) عليه بمساعدة بعض من زملائه المعنيين بالحفاظ على الأمن في ذلك المكان، واقتدادوه إلى داخل غرفة مغلقة وبعد عدة دقائق خرجوا وهم (يشحطوه) من حزامه (يعني قشاطو) من الخلف وفتحوا صندوق سيارة الستيشن ليضعوه هناك، لكن للأسف لم يكن هناك أي مكان له بسبب تراكم الدواليب، فما كان منهم إلا أن استأذنوا من (معلمهم) أن يسمح لهم بإجلاسه داخل السيارة على الكرسي، فحن قلب ذلك (المعلم) ووافق على طلب الالتماس ذاك. ثم انطلقت سيارة السيتيشن إلى مكان ما. حدث ذلك سيداتي سادتي أمام دار الأسد للأوبرا، وكإحدى فعاليات، عفواً، خلال فعاليات دمشق عاصمة الثقافة العربية وتحديداً أثناء الحجز لحضور حفل فيروز “صح النوم”. http://thefreemen.wordpress.com/2008/02/02...88%d8%a7%d9%86/ لا تذهبي الى دمشق يا فيروز - بسام الخوري - 02-04-2008 دراما تحيط بتواجد المغنية اللبنانية الشهيرة في الشام GMT 16:00:00 2008 الإثنين 4 فبراير خدمة نيويورك تايمز -------------------------------------------------------------------------------- فيروز خانت لبنان أم حسنت صورة سوريا ؟ دراما تحيط بتواجد المطربة اللبنانية الشهيرة في الشام ترجمة محمد حامد – إيلاف : منذ ظهور الفنانة فيروز على خشبة مسرح دار الأسد للأوبرا في ليلة الأحد، واجهت المطربة ذات الشعر الأحمر والرداء الأخضر عاصفة من التصفيق حيث إنها المرة الأولى التي تعود فيها فيروز إلى دمشق خلال ثلاثة عقود. وبعيدا من المسرح كانت فيروز تقوم بدور البطولة في عمل درامي آخر، وقد كان من الصعب عليها أحيانا أن توفق بين العملين. كانت عودة فيروز التي بلغت السبعين من عمرها، نصرا لسوريا حيث حاولت الحكومة السورية أن ترقى بأدائها كجزء من المهرجان الثقافي الذي يستمر لعام من أجل أن تحسن صورتها المشوهة في الخارج. وبالنسبة إلى بعض اللبنانيين الذين يتهمون سوريا بأنها السبب في الأزمة السياسية في لبنان، فإنهم يرون أن ظهور فيروز هناك يعد خيانة . حيث كتب أحد السياسيين اللبنانيين الشهر الماضي في احتجاج عام على ظهور فيروز في سوريا قائلا : إن أولئك الذين يحبون لبنان لا يغنون لسجانيهم " . وهناك آخرون يقولون إنها جاءت إلى هنا لتوصيل رسالة ضمنية. حيث إن العمل الكوميدي الغنائي الذي اختارته اسمه " صح النوم " وهو عن دكتاتور قاسٍ وفاسد، وتقوم فيروز بدور المرأة التي تخبر الدكتاتور بالحقيقة وتعمل على إصلاحه. ومهما كانت الحقيقة فإن أداء فيروز قد أبرز صعوبة الفصل بين الفن والسياسة في سوريا التي تحاول فيها أعمال الأوبرا إلقاء الضوء بشكل خفي على النقد الاجتماعي المحظور. وعلى الرغم من انفضاض السوريين بعد ليلة الترحيب الهائلة بالفنانة في مبنى الأوبرا ، إلا أن ظهورها في سوريا يمكن الاختلاف في تفسيره حسبما يرى المشاهد. حيث قال نبيل سوكار، رجل الاقتصاد، بعد نهاية الحفل: " إن ظهور فيروز هنا يعد رسالة لجيراننا في لبنان. فها هي أعظم مطربة لبنانية قد جاءت إلى دمشق على الرغم من جميع المشكلات." أما رافد زاكوت الممثل الناشئ فيرى رسالة مختلفة حيث يرى أن المسرحية هي رمز للحكم الفردي، حيث قال مشيرا إلى تواجد العديد من المسؤولين السوريين بين المشاهدين: " أعتقد أن بعض من حضروا هذه المسرحية كانوا جالسين في الصف الأول." أما حنان حسن مخرجة المهرجان فقد قالت إنها حاولت جادة أن تمنع ظهور العرض بشكل سياسي، حيث قالت للنقاد اللبنانيين في مكتبها إنهم يحاولون أن يبرزوا صراعهم على أكتاف فيروز. ولكن فيروز بعيدة كل البعد عن أي مظهر سياسي. كما أضافت حنان حسن أن المطربة فيروز رفضت في البداية أن تأتي إلى دمشق بسبب التوترات السياسية بين سوريا ولبنان. ولكني أعرف فيروز منذ سنوات وقد قلت لها إن هذا الوضع قائم منذ عشرين عاما، ولكننا لا يمكن أن ننتظر إلى الأبد. وأخيرا وافقت فيروز. والحفل الذي يقام بمناسبة اختيار اليونسكو لدمشق كعاصمة الثقافة العربية هذا العام قد ضم زيارات قام بها مخرجون من المجر وفرق العروض اليابانية وفرق الأوبرا الفرنسية بالإضافة إلى فنانين عرب وسوريين. وإن أحد أهداف المهرجان، كما ظهر في كتيب المهرجان الذي نشره المنظمون للمهرجان تحت عنوان " النتائج السياسية" هو تغيير صورة سوريا والتأكيد على الانفتاح والتنوع والتواجد والأمن الثقافي. هذا الهدف لن يكون سهلا حيث إن كثيرا من علاقات سوريا قد تجمدت مع بعض الدول العربية التي اتهم المسؤولون فيها الحكومة السورية بإعاقة انتخاب رئيس للبنان، مع وجود تفجيرات واغتيالات في لبنان خلال الأعوام الثلاثة الماضية. وقد قيل إن السعودية ومصر ترفضان حضور القمة العربية هذا العام لأنها سوف تعقد في دمشق. وفي الحقيقة فإن ظهور فيروز في سوريا تزامن مع القبض على السياسي السوري المنادي بالديمقراطية رياض سيف الذي يعاني مرض سرطان البروستاتا. حيث قال حسن عباس مدير المعهد الفرنسي للشرق الأوسط في دمشق: " إنني باعتباري شخصا قريبا من المفكرين السوريين، فإنه لا يمكنني أن أشارك في هذه الاحتفالية لأن أصدقائي يوجدون في السجن." وقد كان عباس مشاركا في التخطيط للاحتفال قبل أن يعتزل ذلك العام الماضي. ولم توجه الدعوة لبعض الفنانين الذين ينتقدون الحكومة للمشاركة في الاحتفال أو حتى حضور مراسم حفل الافتتاح. حيث قال عثمان محمد، المخرج الذي فازت أفلامه بجوائز في أوروبا ولكنها ممنوعة من العرض في سوريا: " هذا هو أسلوبهم كي يقولوا لي بأني غير معروف هنا. هل يظنون أني سأقف في يوم الافتتاح وألقي خطابا يهاجمهم؟" أما بالنسبة لفيروز فقد قال إنها بعيدة عن الأمور السياسية ومن المحتمل أنها لا تخفي في عقلها أي انتقادات في المسرحية التي اختارتها. لقد مثلت مسرحية "صح النوم" في أماكن أخرى. ومع ذلك فإن أغانيها قد فسرت على أنها تحمل رموزا سياسية مرات ومرات في السنوات الأخيرة. فأثناء الحرب التي وقعت عام 2006 بين حزب الله وإسرائيل، مثلا، وفي إحدى مسرحياتها التي مثلت فيها دور فتاة تطالب بالقصاص من أجل قتل والدها، قد قام راديو حزب الله بإذاعة هذه المسرحية في لبنان مرات ومرات في محاولة لربط فيروز بموقفهم. ولقد كانت أغنيتها "سنعود" النشيد غير الرسمي للاجئين الفلسطينيين، ثم تغنى بها اللبنانيون الذين فروا من البلد أثناء الحرب الأهلية. وهناك أكثر من سبب كي تقرأ الأمور السياسية في أداء فيروز: فلدى سوريا تراث من المسرحيات والأفلام والعروض التلفزيونية التي تقدم رموزا سياسية أو تشير بتلميحات إلى الحكومة السورية. وأفضل تلك الأعمال المسرحية الأخيرة للكاتب المسرحي سعدالله ونوس، التي تمزج التهكم برؤى عن قوة الخوف في مجتمع الحكم الفردي. إن تلك المسرحيات لا تعد تهديدا لأي طبقة حاكمة. ولكن الناس يحبون فيروز، ولهذا فإنهم قد يعتقدون أنها تنادي بما في المسرحيات التي تقدمها. |