{myadvertisements[zone_1]}
 
تقييم الموضوع:
  • 0 صوت - 0 بمعدل
  • 1
  • 2
  • 3
  • 4
  • 5
مصطلح قادم سينتشر كالعولمة
سيناتور غير متصل
عضو رائد
*****

المشاركات: 1,957
الانضمام: Mar 2007
مشاركة: #1
مصطلح قادم سينتشر كالعولمة
لم يتحدث عنه الكثير ولم يصبح موضة تحمل عمقاً معرفياً

وأنا أرشحة لاهميته ...
جمعت كتب كثيرة وموسوعات وقواميس باللغتين العربية والإنجليزية
ودرسته جيدا

أنه الثقافة









متاهات المفاهيم عند تعريف الثقافة - شيشر أول من سمي الفلسفة ثقافة الروح - عدنان المبارك
أصبحت الثقافة من المفاهيم الأساسية لما يسمي اليوم بالعلوم الإنسانية. وأكبر تعميم لقيه هذا المفهوم في القرن العشرين . وكلمة (الثقافة) العربية لاتملك ذات المعني القاموسي الذي تحمله الكلمة اللاتينية (كولتورا). إلا أن المفهوم السياقي للكلمتين، العربية واللاتينية، أصبح منذ أمد غير بعيد، واحدا علي وجه التقريب. ويعني الأصل اللاتيني للكلمة الزرع، إلا أن أول من إستخدمها بصورة مجازية كان شيشرو الذي سمي الفلسفة بـ(ثقافة) الروح. ومن الواضح أن هذا الفهم المبكر للثقافة إرتبط بتصور الجهد الداخلي الهادف صياغة التفكير بأسلوب شبيه بالتحولات التي تدخلها يد الإنسان علي الهيكل الطبيعي للعالم الخارجي. وقد شاع إستخدام الكلمة عبر قرون طويلة الي أن إستخدم الفرنسيون مصطلح (الحضارة) أو (المدنية) الذي قصدوا به كامل المنجزات الإجتماعية في مجالات التقنية والعلم والفن والأجهزة السياسية. وقبلها كانت تستخدم الصفة: متحضر، متمدن ومعها كلمتا (بولي) وتعني الصقل، والثانية جاء أصلها من كلمة(بوليس) اللاتينية وهي ذات منحدر يوناني (بوليتييا) أي النظام الإجتماعي المتعارض مع ما أسموه بشريعة الغاب والفوضي المزعومة في العلاقات الإجتماعية بين الأقوام البدائية. ويذكر هذا الأمر، بدوره، بالتعارض الأقدم بين (الزرع) و(الطبيعة).
في أوربا القرن الثامن عشر إعتبرت (الحضارة) نقضا للحالة (الطبيعية) التي تعيش فيها الأقوام الفطرية. وكان يؤخذ بهذا التعارض وفق المعاييرالأخلاقية الكنسية. فمرة كان يفسر لصالح الحضارة وفي أخري لصالح الطبيعة كما في مفاهيم جان ــ جاك روسو. ومن المرجح أن الفضل في إشاعة كلمة الثقافة يعود الي الشاعر والفيلسوف الألماني يوهان هيردير.
ففي مقدمة كتابه (أفكار حول فلسفة التأريخ) من أعوام 1784 ــ 1791 كان مترددا في حسم الطابع الإيجابي للثقافة.
وحصل ذلك، وعلي أكبر إحتمال، تحت تأثير فلسفة روسو حول التأثير الإنحلالي للفن والعلم علي الإنسان والطبيعة. فقد نظر هيردير الي الثقافة كأداة تعوّض عن النقص الفيزيقي للإنسان في صراعه من أجل البقاء.
كما نجده يرسم صورة دارونية لكفاح الأنواع ويحدد الشروط التي كان علي الإنسان أن يشق فيها طريق وجوده مستغلا مهاراته. ويري هيريدر أن الأسلوب الذي إتبعه الإنسان هو بمثابة تأريخ ثقافته التي تملك حصة فيها وحتي أكثر الشعوب بدائية. وإعتتقد هيريدر أن الآلية الرئيسية للثقافة توجد في التقاليد المعتمدة علي تحديد نماذج السلوك. وبهذا مهّد الطريق لعلم الإجتماع المعاصر القائل بأن الإنسان يتأنسن من خلال التربية.
كذلك وصل هيردير الي نتيجة تفيد بشمولية عامل الثقافة أي أنه لم يتكلم أبدا عن الثقافة بصيغة الجمع مؤكدا علي محاربته المعروفة للمركزية (الأثنولوجية) الأوربية في النظر الي ثقافات المناطق الحضارية الأخري.

نزعات شتي في عملية تعريف الثقافة

كان مفهوم تنوع وتكافؤ الثقافات الذي أصبح العنصر الجوهري للنظريات المعاصرة قد شق طريقه ببالغ الصعوبة في فترة سيادة مفاهيم عصر التنوير الأوربي والأخري المرتبطة بنظريات التطور والقائلة بالتطور (التقدمي) ذي الخط الواحد للتأريخ.
وقد وصف المؤرخ الألماني غوستاف كليم الثقافة، وتحت تأثير فولتير, بأنها مجموعة الظواهر التي نلمسها في العادات والمعتقدات والأشكال النظامية.
وهذا المفهوم أصبح نموذجا للكثير من المفاهيم الأثنولوجية والإنثروبولوجية عن الثقافة وخاصة في ألمانيا وإنجلترا. وكانت كلمة (الثقافة) شائعة في الأدب الإنجليزي رغم تعدد التفاسير. ولنذكر هنا المعركة التي دخلها ماثيو أرنولد في ستينيات القرن التاسع عشر مهاجما أنصار الثقافة الشائعة التي أسماها بالبريق السطحي للتحصيل اللغوي التقليدي.
أما هو فوجد الثقافة الحقيقية فضولا فكريا وسعيا غير نفعي صوب الكمال ومنطقة للقيم الأخلاقية والجمالية المتناقضة مع قبح حضارة الفحم والفولاذ أخلاقيات الركض وراء الثروة والسطوة السياسية، وعالم البرابرة الأرستقراطيين ومادية البوروجوازيين و(الرعاع) أيضا.. فالثقافة هي كل ما يكون الأفضل.
يعتبر كتاب الباحثين الأمريكيين كريبير وكلوك حول مفاهيم الثقافة وتعاريفها من أفضل المؤلفات في هذا الحقل (1).
ووفق هذين المؤلفين هناك ستة تعاريف للثقافة أو بالأحري ستة أبعاد تبرزها شتي التعاريف، وهي الوصفي والتأريخي والسايكولوجي والبنيوي والمعياري والتكويني. ومن الواضح أن هذا التصنيف ليس بالدقيق
. فالطراز الوصفي هو شكل كلاسي للتعاريف الأثنولوجية المبكرة وبينها تعريف أدوارد تايلور القائل بأن الثقافة أوالحضارة هي كلّ مركب يشمل المعرفة والمعتقدات والفن والأخلاق والقوانين والأعراف كذلك القدرات الأخري والعادات المستحكمة لدي الناس كأعضاء في المجتمع. ونقطة الضعف في هذا التعريف هي جانبه التعدادي. كذلك لايبتعد تايلور، بالأساس، عن تعريف كليم.
ونلقي التعريف ذاته لدي علماء أنثروبولوجيا الثقافة المعاصرين أمثال الأمريكية رث بينيدكت مؤلفة كتاب (نماذج الثقافة). أما التعريف التأريخي فيؤكد علي عامل التقاليد كمشرّع للثقافة التي تصبح، هنا، إرثا وحصيلة.
وفي التعريف المعياري تكون القواعد هي الخاصية الأساسية للسلوك الثقافي إضافة الي ما يسمي وحدة أسلوب الحياة المميّز لهذه الثقافة عن تلك. أما التعريف السايكولوجي فيراعي الآليات النفسية الناشطة عند تشكيل الثقافة أي عملية التعلم ونشوء العادات. وبين التعاريف السايكولوجية هناك التي تصف الثقافة كجهاز مكيّف (بكسر الياء).
أما التعاريف البنيوية فتتميز بالتركيز علي الطابع الكلي للثقافات وترابطاتها الداخلية. فهذه التعاريف تتكلم عن ثقافة معيّنة أو ثقافات مختلفة وليس عن الثقافة عامة. وما يميّز التعاريف التكوينية تأكيدها علي إيضاح أصل الثقافة ومنحدرها وقضية تعارضها مع الطبيعة، وطابعها كنتاج للتعايش الإجتماعي. ونلقي لدي تايلور التعريف نفسه رغم بعده عن النزعة البنيوية
. فتايلور وجد أيضا أن جوهر الثقافة يكمن، رغم كل شيء، في الأصل الإجتماعي للعادات والأعراف.
يري عالم الأنثروبولوجيا الأمريكي الكبير رالف لينتن أن الثقافة تشمل طائفتين أساسيتين من الظواهر هما السلوك البشري والأشياء التي تعتبر نتاجا له (2). وهو أمرمفهوم أن نطاق الثقافة لايشمل جميع أنواع السلوك بل تلك التي صارت عادة إجتماعية أي السلوك الذي يتميز بالإنتظام ومصدره عملية التعلم المميّزة للجنس البشري والتي تعتبر إحدي الآليات الرئيسية لنشوء الثقافة وبقائها وتطورها.

الثقافة هي في قابلية التعلم وتخطي التجربة الشخصية وفق التعاريف المذكورة وغيرها يكون الإنسان قد تعلم جميع الأنشطة الثقافية أي أن السلوك الغرائزي هو خارج نطاقها. ومن الطبيعي أن ليس كل ما يتعلمه الإنسان يعتبر نشاطا ثقافيا. فقابلية التعلم مشتركة، وعلي نطاق كبير، بين الإنسان والحيوانات الأخري. إلا ان التعلم لدي الحيوان يبقي تجربة مستقلة لاعلاقة لها بالتجارب السابقة والمقبلة علي السواء. فقابلية التعلم وتخطي التجربة الشخصية جعلتا الإنسان خالقا للثقافة ومتكيفا لشروط الحياة فيها. وكما يقول السلوكيون فقابلية خلق الرموز وإستخدامها في الإتصال البشري هي السبل المميزة للإنسان في سعيه الي توسيع نطاق معرفته وكسب مهارات عملية. ومعلوم أن الحصيلة الثقافية كانت تتجمع قبل ظهور (الإنسان العاقل).
فالقدرة علي الأخذ والعطاء فيما يخص التراث والتي يتميز بها الإنسان، سواء أخصّ الأمر الأشياء أم قواعد السلوك ونماذجه، تكون قائمة في أسس الطابع التراكمي للثقافة. ويجد ميرتن أن هناك نموذجين للثقافة : المغلق والمكشوف (3). أما كلود ليفي ــ ستروس قد صنّف الثقافة الي ستاتيكية ودينامية (4). وفي الجوهر يكون هناك تعريفان أساسيان.
الأول حدّده تايلور وأنصار مدرسته، وبينهم معاصرون كثيرون، والثاني المناويء له والذي يرفض إطلاقا التعامل السوسيولوجي مع الثقافة أي تفسير الظواهر الثقافية كنوع معيّن من السلوك الإجتماعي ونتاجاته
. ولا يمكن، بالطبع، تجاهل حقيقة أن الثقافة هي واقع خارجي ذو تأثير طاغ علي الإنسان. وهناك تعاريف وسط بين التعريفين المذكورين. وأكثرها إنتشارا التعريف الذي حدد صيغته النهائية رالف لينتن، وهو يعتمد علي التفرقة بين الثقافة الفعلية والأخري(التجريدية). ويقول إن الثقافة هي نظام التصرفات المكتسبة ونتاائج الأخري التي تكون عناصرها الأساسية مشتركة لدي أعضاء المجتمع والمطروحة في نطاقه.
وهناك تعاريف أكثر تعقيدا. مثلا تكون الثقافة مضامينا ونماذجا لقيم وأفكار، وغيرها من الأنظمة المهمة رمزيا، يتم خلقها وطرحها كعوامل تشكل سلوك الإنسان أيضا. فهي أشياء (مصنوعة) تكون نتاجا للسلوك.
والملاحظ أن التباين في التعاريف نابع من التباين بين مجموعتين من العلوم الإجتماعية والإنسانية. فالثانية تتفرع تماما للأبعاد الإبداعية في نشاط الإنسان بينما تتكرس الأولي لكل ماهو عاد وشائع وتقليدي ويومي، وكما يقول رالف ردفيلد : فاحصو الأدب والفن معنيون بأجمل أزهار الشجرة التي يفحص جذورها الخبير الانثروبولوجي (5). من ناحية أخري تكون الثقافة مدركة كمظهر ووظيفة للعالم الفيزيقي. إلا أنها وظيفة ذات أشكال متنوعة.

الثقافة بين التحسس الميتافيزيقي
والعقل التقني

إن جميع ظواهر الثقافة تتصل بالإنسان كمسهم في علاقات المجتمع وخاضع لمراتبه. وهذا هو المنطلق الرئيسي لسوسيولوجيا الثقافة التي أصبحت اليوم حقلا متميزا ومستقلا عن الحقول الأخري لعلم الإجتماع. ورغم تباين المدارس يبقي التعريف السوسيولوجي هو الأساسي للثقافة كمجمّع (بفتح الميم) للتصرفات الخاضعة للقواعد والنماذج ونتائجها. كذلك تقسّم الثقافة، أنثروبولوجيا، الي ثقافة التصرفات وثقافة النتاجات. ومما لاشك فيه أن هذه التعاريف تتداخل تلقائيا بالإشكالية الأولية المتعلقة بأحوال التفرقة بين مصطلحي الثقافة والحضارة. وأكثرها شيوعا هو المعتمد علي التعارض بين نشاط الإنسان ونتائجه والذي يذكرنا بالتعارض الآخر بين الثقافتين المادية والروحية.
إن أساس التفرقة فلسفي، ويعود الي فلسفة هيغل رغم أن هذا الفيلسوف لم يستخدم مصطلح الثقافة في محاضراته المعروفة عن فلسفة التأريخ كتأريخ للروح المطلق. وقد وصف الفيلسوف الألماني فلهلم ديلتي العلوم الإنسانية كعلوم للروح حيث وجد إصطلاح (علوم الثقافة) محدودا لايشمل نطاق نظرية الواقع الإجتماعي ــ التاريخي.
إلا أنه إستخدم مصطلح أنظمة الثقافة مع تمييز لأنظمة مثل اللغة والأخلاق والفن والدين والمعرفة (6). وهناك من إستبدل فكرة (علوم الروح) بعلوم الثقافة. فلديه تكون الثقافة منطقة قيم تتعارض مع الطبيعة. والملاحظ أن عددا من علماء الإجتماع، الألمان خاصة، يأخذون بالتفرقة علي أساس المواجهة بين الحضارة والطبيعة
. فالجهاز الذي يتموضع فيه الإنسان في العمليتين الداخلية والخارجية للحضارة إنما يشمل، علي السواء، وسائط السيطرة علي الطبيعة مثل التكنيك وجميع الأدوات المادية أوالأجهزة الإقتصادية والإجتماعية والسياسية كالدولة والقانون إلي آخره.
وفيما يخص التعارض بين الثقافة والحضارة هناك مقولة تفيد بأن الثقافة تتعارض مع الحضارة من خلال إستقلاليتها عن جميع الضرورات الحياتية، فحين تتحرر الحياة من الضرورات وتتحول الحاجات الي هيكل يعلو الإنسان تنشأ حينها الثقافة .
ويجد عالم الإجتماع والثقافة الألماني ألفريد فيبير أن الثقافة تقوم علي الإستعداد للقيام بالنشاط غير النفعي (بالنسبة للوجود الفيزيقي للإنسان) وحتي أنها تتطلب التضحية بهذا الوجود وبإسم مهام تعتبر الأرفع وتمثل المعني الجوهري للحياة البشرية. كما يري أن هناك عدة ميادين تعتبر عناصرا أساسية للثقافة بالمعني المذكور.
أولها يتمثل بالنشاط الفني المعتمد علي قيام الفنان بـ(التشبع) بالعالم ثم طرحه في نتاج مركب ذي شكل حر. وثانيهما هو الفكرة التي تكون هيئة جديدة لصورة العالم لاتملك، لغايتها، أيّ مماثل في الواقع الخارجي إلا أنها تفرض (بضم التاء) عليه من أجل تحويله ودفعه بالإتجاه المنشود. وثالثهما هو الدين.
وهناك تكون الثقافة ذلك المعادل للروح المطلقة الهيغلية. ويعتمد جوهر الثقافة المدركة بهذه الصورة علي التحسس الميتافيزيقي وليس العقل التقني الذي يكون ميزة الحضارة. إن الثقافة تنمو دائما وفي كل مكان صوب القيم الخالدة والجليلة والخيّرة. وطبيعي أن إدراك هذه القيم يتغير مع العصور إلا أنه مجرد تغيير وليس تقدما، وعلي العكس من الحضارة التي يكون فيها معيار التقدم هو درجة تلبية الحاجات الطبيعية والتوسع الوجودي. كذلك فالحضارة، وفق فيبير والمدارس التابعة، ليست إلا نظاما تكنولوجيا يحوي طبيعة الأداة حيث يشمل،علي السواء، الأجهزة المادية والتنظيم التقني والمجمّع (بفتح الميم) المؤسساتي، وبضمنه التنظيم الإقتصادي والسياسي(7). بعبارة أخري تتكون الحضارة من النشاط البشري النفعي والآخر المنظم الذي يتحكم بشروط الوجود البشري.

شبنغلر : حين تشيخ الثقافة تتحول
الي حضارة

وهو أمر واضح أن التعارض بين الحضارة والثقافة لايحصل إلا في المجتمعات (المتطورة). مثلا يدخل روبرت مكلفر تعارضا بين مؤسسات ذات طبيعة أدواتية كالمصرف والمصنع، وأنشط
06-24-2007, 05:06 PM
زيارة موقع العضو عرض جميع مشاركات هذا العضو إقتباس هذه الرسالة في الرد
{myadvertisements[zone_3]}
سيناتور غير متصل
عضو رائد
*****

المشاركات: 1,957
الانضمام: Mar 2007
مشاركة: #2
مصطلح قادم سينتشر كالعولمة
http://www.aljazeera.net/NR/exeres/EA851EC...15B2ED03306.htm




و




سؤال الثقافة
المؤلف:
علي أومليل

سؤال الثقافة الذي يطرحه علي أومليل في كتابه الجديد «سؤال الثقافة: الثقافة العربية في عالم متحول» يرتبط بالتنمية، من جهة أن الثقافة استثمار، يخلق القيمة الأساسية التي تتأسس عليها التنمية، وهي الانسان، حيث تختلف المجتمعات في نوعية الرأسمال الإنساني، مع أنه ليست كل ثقافة استثماراً منتجاً للتنمية، وهناك ثقافات غير منتجة لها.


وعلي أومليل مفكر وكاتب وديبلوماسي مغربي، له العديد من الدراسات والمؤلفات الفكرية والثقافية، منها: «الخطاب التاريخي: دراسة في منهجية ابن خلدون»، و«في شرعية الاختلاف»، و«موقف الفكر العربي من المتغيرات الدولية»، و«السلطة الثقافية والسلطة السياسية»، و«الاصلاحية العربية والدولة الوطنية»، و«التراث والتجاوز»، و«التكامل الثقافي العربي في عصر العولمة».


وفي كتابه الذي بين يدينا، يتناول علي أومليل المسألة الثقافية من جوانب عديدة، وكذلك النظرة إلى الثقافة، مستعرضاً وضع الثقافة العربية في عالم متحول، ومعللاً من منظورات ثقافية مختلفة فكرتي الحرية والعدالة. ثم يقيّم حوار الثقافات وعوائقه وآفاقه، وأخيراً يناقش علاقة الدولة النامية بمجتمعها والأسس الثقافية لهذه العلاقة. وفي ضوء المستجدات التي عرفها العالم منذ العقدين الآخيرين من القرن العشرين، أصبح الحديث عن الثقافة أمراً مختلفاً عن ذي قبل، وغدت المسألة الثقافية مثار نقاش واسع. فقد غيرت ثورة تكنولوجيا الاتصالات من طبيعة الأشياء، وصارت المعلومات والمال ورؤو�� الأموال تنتقل في زمن حقيقي، مخترقة الحدود والفضاءات.


ونتج عنها أن الثقافة أصبحت بضاعة معولمة الانتاج، تتحكم في انتاجها وتسويقها شركات عملاقة. وساد تنميط للبضاعة الثقافية وتسويقها عبر شبكات تتحكم فيها شركات عالمية تنتمي في الغالب إلى بلدان الشمال، ويتحكم فيها عدد من المتنفذين الذين حولوا المنتج الثقافي والإعلامي والترفيهي إلى سلعة معولمة.


إذن، أصبحت الثقافة في عالم اليوم قضية استراتيجية. والمعروف أن الثقافة مستويان: مستوى أنثروبولوجي، حيث تكون الثقافة تراثاً من عادات وقيم وتقاليد تطبع الوجدان وينبني عليها السلوك، ومستوى أخر تكون فيه الثقافة شأن نخبة تتداول فيما بينها ثقافة عالمية. ومع العصر الحديث جرى ربط التعليم بالثقافة، لكن التمايز ازداد في بلداننا العربية بين نوعين من التعليم، ارتبطا بمستويين وسرعتين متباينين: تعليم خاص يستوجب المعرفة الحديثة المطلوبة مهنياً في عالم اليوم، وآخر عام ترعاه الدولة، ويؤدي إلى مهن متدنية إن لم يؤد إلى البطالة.


وأصبحت الثقافة تقسم المجتمع المتخلف إلى قلة قادرة على مواكبة التطور ومسايرة الاقتصاد الجديد، وكثرة لا ينفعها تكوينها العتيق في الاندماج في النسيج الاقتصادي. وهذا الانشطار الحاصل على مستوى المجتمع الواحد حاصل على المستوى العالمي، حيث لم يعد التعليم وسيلة لتجديد النخب، بل لتجديد التفاوت الاجتماعي والتوارث الطبقي للسلطة والثروة، وبالتالي لم يعد وسيلة لنشر الديموقراطية، ولم يعد كذلك وسيلة للتربية العمومية على الحداثة، إذ أصبحت الحداثة شأن أقلية مجتمعية، الأمر الذي يفسر ضعف القاعدة الاجتماعية للحداثة في بلداننا.


وبالعودة إلى الفكر الاصلاحي، وكذلك إلى الحركات التحررية الوطنية، نجد أن للثقافة أهمية خاصة، وكذلك لتحديث القيم الثقافية. وكان التعليم أولوية من أولوياتهما، بسبب الدور الذي لعبه في إطلاق النهضة الأوروبية ونشر الوعي والتنوير والتحديث، وباعتباره وسيلة مهمة لخلخلة البنى الاجتماعية التقليدية وبروز نخب جديدة.


لكن حين دعا طه حسين الذي كان أكثر المفكرين العرب دفاعاً عن فكر الأنوار وأكثرهم اهتماماً بمسألة التعليم، إلى تأميم التعليم الديني وإخضاعه لاشراف الدولة ومراقبتها، لم يكن يدرك أن الدولة التي منحها كل ذلك الدور على التعليم كوسيلة لبناء الديمقراطية والحداثة في العقول، لم تكن هي نفسها ديمقراطية ولا حداثية أو حديثة. وبالتالي فإن فاقد الشيء لا يعطيه.


ويرى علي أومليل أن الليبراليين العرب ـ أمثال طه حسين ـ كانوا يأملون أن يحدثوا تأثيرهم في الدولة القائمة، وأن تطبق أفكارهم بسلطتها، وقد يكون موقفهم هذا بمثابة تبرير لاحتلالهم مناصب في أجهزة الدولة، حيث كانوا عملياً جزءاً من جهاز الدولة القائمة التي لم تكن ديمقراطية بأي مقياس.


وقد كان طه حسين من أولئك الذين اعتبروا أن المسألة الثقافية أعمق في تأصيل التنوير والحداثة. وآمن بعالمية الثقافة الغربية، معتبراً أنها نسخت كل الثقافات والحضارات فأصبحت هي الحضارة، ودعا إلى تبنيها، وإلى تغريب مصر. لكن للدور الحاسم الذي أعطاه للثقافة أهمية في دلالته، خصوصاً وأن الثقافة تطرح في عالم اليوم في علاقتها بالتنمية. وهنا يسترجع علي أومليل السؤال الذي طرحه «ماكس فيبر» قبل نحو مئة عام من الآن، وهو: كيف تصنع الثقافة التنمية؟ وهو سؤال لا يقبله الماركسيون، لأن التشكيلة الاجتماعية الاقتصادية هي التي تحدد عندهم الثقافة.


وفي أطروحته حول الأخلاق البروتستانتية وروح الرأسمالية، حاول «ماكس فيبر» إثبات العلاقة بين القيم الثقافية للبروتستانتية وبين الاقتصاد الرأسمالي الذي خلق الثروة واقتصاد السوق، معتبراً أن العقلانية الحديثة اختصت بها حضارة الغرب دون باقي الحضارات، وأن الأولى هي التي أرست دعائم الدولة الحديثة بدستورها المكتوب وقوانينها المجردة.


أما «الليبراليون الجدد» فقد أخذوا بفرضية الامتياز الاستثنائي للثقافة الغربية، معتبرين أن الحداثة، متمثلة في الديمقراطية واقتصاد السوق، ما كان لها أن تكون ممكنة خارج القيم الثقافية الغربية. وهي أطروحة مرفوضة، نظراً لأن دعوى الامتياز الغربي لم تعد شيئاً مسلماً به بالقياس إلى التطورات الحاصلة في اليابان والصين وفي شرق وجنوب شرق آسيا، بما فيها دول مثل ماليزيا وإندونيسيا. وإذا كان لهذه الأطروحة ما يبررها والغرب يهيمن على العالم، ذلك لأنه رسخ في أذهان الشعوب المستعمرة، ونخبها بصفة خاصة، أن قوة الغرب راجعة إلى قوة مؤسساته ومصداقية قيمه الثقافية، لذلك دعت الحركات الإصلاحية في البلدان الواقعة تحت حكم الاستعمار الأوروبي إلى تبني قيم الغرب واقتباسها.


وينظر الليبراليون الجدد، كما نظر أسلافهم التقليديون أو الكلاسيكيون، إلى السلوك الانساني بدافع المنفعة الشخصية، وهم يعممون هذا المبدأ النفعي على مجمل السلوك الإنساني وليس فقط على السلوك الاقتصادي. لذلك يرفضون مبدأ التضامن والعدالة الاجتماعية، على مستوى المجتمع الواحد أو على مستوى العالم. فهو عندهم من مخلفات عصر الإيديولوجيا والمثاليات، باعتباره غير منصف للذين يبذلون جهداً أكبر، والذين هم الأقدر على المبادرة ومخاطرها. من هذا المنطلق يعارضون دولة الرعاية والكفالة.


ويختزل الليبراليون الجدد مسألة العدالة في جانبها القضائي، عبر مطالبتهم بقضاء سريع نزيه ومتخصص ليخدم مقاولاتهم واستثماراتهم. وتجد هذه الليبرالية الجديدة صدى لها لدى العديد من رجال الأعمال وأساتذة الاقتصاد في العالم العربي. وعليه أصبح ليبراليونا التابعون بدورهم يختزلون أيضاً الحريات كلها في حرية المبادرة الاقتصادية، ويطالبون بتحرير الاقتصاد من تدخل الدولة، وكأنهم، في نهاية الأمر، يريدون أن يقتصر دور الدولة فقط على حفظ الأمن، نظراً لضرورته للاستقرار وضمان سير الأعمال وجلب الاستثمار. فيما لا تعنيهم العدالة في شيء، سوى كونها عائقاً ضد الفعالية الاقتصادية.


إن ليبراليينا المقلدين، كما يصفهم علي أومليل، يفهمون من إنهاء دولة الرعاية على أنه تقليص للضرائب وللحقوق الاجتماعية للعمال، وهم يريدون من إعطاء الحرية للقطاع الخاص كسب امتيازات واعفاءات، وبيع القطاع العام لهم تحت مطلب الخصخصة. لكنهم يتناسون أن الليبرالية كل متكامل، ويكتفون بالمطالبة بحرية المبادرة الاقتصادية مفصولة عن منظومة الحريات، لذلك فإن هدفهم هو تحرير الاقتصاد وليس تحرير المواطن.


في حين يكرس الليبراليون الجدد نوعاً من العرقية الثقافية، حينما يرادفون بين التحديث والتغريب، ويجعلون القيم الغربية هي الوحيدة التي تكرم الانسان، وتبني الديمقراطية الحقة، وتؤسس اقتصاد السوق الذي وحده يخلق الثروة. ورغم كل ذلك فإن الثقافة الغربية قدمت للإنسانية عبر تاريخها مكاسب حاسمة، إلا أنها تبقى ثقافة من ضمن ثقافات متواجدة في عالم اليوم، وعليها أن تتفاعل وتتحاور وتتوافق على قيم إنسانية مشتركة.


لأن حوار الثقافات لا يمكن أن يؤول إلى مجرد مناظرة ثقافية أودينية، ولا يمكن أن يكون ذا جدوى إذا ما تمسك كل طرف بخصوصيته المطلقة. وهذه بالضبط حال كل »الأصوليات«، بما فيها أصولية الليبراليين الجدد.


ويتساءل علي أومليل: لماذا ظل «الليبراليون» العرب أفراداً معدودين، ولم يتحول الفكر الديمقراطي الليبرالي إلى حركة سياسية فاعلة في الواقع العربي؟


ترتبط الاجابة بطبيعة الثقافة السياسية للقوى التي طالبت بالتغيير، ذلك أن قضية الديمقراطية لم تكن قضية مبدئية أو اختياراً استراتيجياً عند قوى السلطة أو المعارضة، بل كانت الأولوية عندهم هي قضية السلطة، التي تلحق بها كل القضايا؛ فالحريات الشخصية ملحقة بالحريات العامة ومندمجة فيها، سواء إبان النضال من أجل الاستقلال، أو في ظل دولة الاستقلال التي تبنت سياسات التعبئة لتصبح دولة سلطوية شمولية.


وتكبر المشكلة مع الدولة في البلدان النامية، التي تشكلت وفقاً لإيديولوجيا تقدس الوحدة وتنبذ التعددية، وتقرّ بمركزية الإدارة والسلطة على حساب التعددية واشراك المنظمات الأهلية أو منظمات المجتمع المدني. وهذا يعود إلى طبيعة الثقافة السياسية للسلطة السياسية التي قامت على العقلية الانقلابية، وعولت على «الثورة» لانجاز التغيير الشامل، وطي التخلف في زمان مختزل. وفيما يتجه الوضع الحالي للدولة نحو العولمة، فإنه يتأثر على نحو عميق بطبيعة النخب الليبرالية المتحمسة لاقتصاد السوق، ولا تهتم بالحريات التي تعني كل المواطنين، أي الحريات المدنية والسياسية.


لقد أدى ذلك الاخفاق إلى صعود هويات كانت مكبوتة إلى السطح، ثم جاءت العولمة لتشكل تحدياً خطيراً لما ادعته السلطة من هوية ثقافية متجانسة. وفي العالم العربي على وجه الخصوص، صار للمسألة الثقافية أهمية كبرى، من جهة كونها رهاناً أساسياً في خلاف قد يصل بالرأي العام والنخب إلى حد الانشطار؛ سواء حول المسألة الدينية أو حول علاقة الدين بالسياسة، أو فيما يتصل بقضية المرأة وسواها.


ويخلص علي أومليل إلى تحديد الاشكال في بلداننا العربية، المتمثل في كيفية انجاز تراكمين متكاملين: تراكم اقتصادي لارساء الديمقراطية على قاعدة اقتصادية، وتراكم سياسي ديمقراطي لتصبح الديمقراطية هي بنية النظام الاجتماعي والسياسي. ويبدو أن هذا الاشكال المركب لن يحل إلا بتضافر جهود حثيثة ومخلصة، والمرجح أنه لن يجد الحل في المنظور القريب.


عمر كوش


الكتاب: سؤال الثقافة: الثقافة العربية في عالم متحول


الناشر: المركز الثقافي العربي


بيروت ـ الدار البيضاء 2005


الصفحات: 159 صفحة من القطع المتوسط
06-24-2007, 05:10 PM
زيارة موقع العضو عرض جميع مشاركات هذا العضو إقتباس هذه الرسالة في الرد
{myadvertisements[zone_3]}


المواضيع المحتمل أن تكون متشابهة…
الموضوع الكاتب الردود المشاهدات آخر رد
  مراجعة فكرية حول مصطلح الفلول wahidkamel 1 881 08-29-2012, 09:44 PM
آخر رد: فارس اللواء
  براون قادم ! Awarfie 2 625 05-15-2007, 11:54 AM
آخر رد: Awarfie
  رحيل بطل ... وثأر قادم إن شاء الله الطوفان الأخضر 43 7,700 01-02-2007, 04:20 PM
آخر رد: الطوفان الأخضر
  مصطلح " مستودع البارود" : إعادة كتابة تاريخ البلقان العاقل 7 1,866 12-23-2006, 02:59 PM
آخر رد: العاقل
  مصطلح الغرب mind 1 2,321 01-18-2006, 08:43 PM
آخر رد: mind

الانتقال السريع للمنتدى:


يتصفح هذا الموضوع من الأعضاء الان: بالاضافة الى ( 1 ) زائر
{myadvertisements[zone_2]}
إتصل بنا | نادي الفكر العربي | العودة للأعلى | | الوضع البسيط (الأرشيف) | خلاصات التغذية RSS