عزيزي فلسطيني كنعاني
ما اختلفنا! أنا قلت في العنوان من المأزوم أكثر؟..
الاثنان في أزمة، ولكن بعضهم يصور حماس في أزمة أكبر رهانا منه على إسرائيل وأمريكا والاتحاد الأوربي وبعض الحكومات العربية!
المقالات السابقة توضح من نبرة الخطاب أن فتح تترنح على وابل هذه الأزمة، بينما حماس حتى الساعة متماسكة
حمى الله الفلسطينيين جميعا، والفصائل جميعا مما يكون وبالا على القضية
وأشكر لك تواصلك(f)
المحترم طارق
كنت أود أن أصغي إلى درسك في الحياد والموضوعية لولا أنني أستطيع أن أعكس لك الاتهام، وأصنفك في دائرة نصرة إخوانك ظالمين ومظلومين أيضا!!
دعنا من موضوع التصنيف، فلا أنا ادعيت الحياد، ولا أحسب أن فينا من هو محايد بالمطلق!
من حقك أن تنظر لفتح كأم للجميع، ترسخت فيها الهوية الفلسطينية بأبعادها الإسلامية والقومية واليسارية والليبرالية أيضا...
ومن حقي أن أرى ذلك محض ادعاء تكذبه الحقائق على الأرض!
فتح تزعم أنها فجرت الثورة الفلسطينية والثورة تفجرت قبل تأسيس فتح بثلاثين سنة! منذ ثورة القسام، وقد كان الإسلاميون الفلسطينيون والمصريون والسوريون والأردنيون والعراقيون في طليعة من خاض المعارك ضد عصابات الهاجانا، وأول من اختلط دمه بثرى الأرض المباركة...
وحين خاضت فتح مخاض الولادة العسير، فقد صنفت ابتداء بأنها خرجت من الرحم الإخواني! وعاداها اليسار وعبد الناصر لذلك، وكانت فاتحة بياناتها الاستفتاح ببسم الله الرحمن الرحيم- إنا فتحنا لك فتحا مبينا...
وفي سنوات نضالها الأولى فتحت معسكراتها في الأردن للشيوخ تدريبا ونضالا..
ولازلت أذكر الزيارات المتكررة من عرفات –رحمه الله- لفضيلة المرشد العام لجماعة الإخوان المسلمين في مصر حتى بعد أوسلو!
غير أن هوية فتح تلونت يمينا ويسارا حتى صارت (فتوحا) كثيرة، تشرذمت بين أقصى اليسار وأقصى اليمين!
تسلقت فتح منظمة التحرير الفلسطينية حتى تماهت المنظمة بها!
ثم تسلقت على الشرعية العربية ففرضت منذ مؤتمر فاس على المؤتمرين العرب أن تكون بصيغتها المطروحة ممثلا شرعيا ووحيدا للشعب دون أي تفويض أو شرعية شعبية إلا الشرعية الثورية التي كانت تسود المنطقة حين كان رياح اليسار تعربد شرقا وغربا!
ثم تسلقت الانتفاضة بما أسمته يومها بالقيادة الموحدة للانتفاضة، وكانت انتفاضة الشعب وجراحاته بالنسبة لها سلما تهدد فيه إسرائيل لتقبل بالتفاوض معها كأهون الشرين، تماما كما يطرح عباس مشروعه في الضفة بديلا لمشروع حماس في غزة!
تسلقت بعد ذلك مدريد لتكون أسبق من دول الطوق تنازلا في قضية شعبها، وجاءت أوسلو وواي ريفر وكامب ديفيد لتحول فتح صحابة الثورة حتى النصر، إلى المفاوضات حتى آخر رمق من الكرامة!
تسلقت المنظمة، وطوتها تحت جناحها حتى حولتها للجان كرتونية لاطعم لها ولا لون ولا رائحة! وبما أنها أصبحت هي المنظمة والمنظمة هي، فلم يكن عسيرا عليها أن تعدل ميثاق المنظمة في غمضة عين لتلغي منه الفقرات التي تدعو للكفاح المسلح وتدمير الكيان الغاصب! وصفق المناضلون لهذا القرار وقوفا كأنما رفع شبل من أشبال فلسطين أو زهرة من زهرات القدس علم فلسطين فوق مآذن القدس وكنائس القدس وأسوار القدس!!
لكن المتسلق قد يتعثر، وهذا ما حصل مع فتح أكثر من مرة!
حصل معها في الأردن، وسورية، ولبنان، بل وحصل في نهاياتها بتونس يوم أن تسلقت أزمة صدام مع الكويت يوم أن ظنت بأن احتلال صدام للكويت لا رجعة فيه، ولكن العثار كان كارثيا أصاب الأبرياء مثلما أصاب الرفاق المغامرين سواء بسواء..
عثرات فتح قريبا من تسلقاتها ومغامراتها غير المحسوبة، وهذا سر بعثرتها في قرابة العشر فصائل آخرها (فتح الياسر) التي أعلن عن تشكيلها يوم أمس!
دعنا من موضوع تسلق فتح، فما كنت أريد الخوض في هذا كله، ولكنني فقط كنت أعلق على تسلق العصبة المتسنمة قرار فتح حيث فتحت المزاد الديني والوطني والقومي على مصراعيه، واللحى التي كانت تحيط بأحمد حلس أمين السر في القطاع تذكرك بلحى طالبان، واللغة التي يبكي فيها تلفزيون فلسطين على المصحف المحروق في المنتدى تذكرك بتراث الصحابة والأئمة الطاهرين!!
لنأتي لموضوع الشرعية الفلسطينية التي تسألني عنها!
هل الشرعية في نظرك مزدوجة لهذا الحد؟ وهل أنت بالفعل محايد هنا؟
عباس منتخب ديمقراطيا، وحماس تقر بشرعيته، مع أنه من وجهة نظري لا يمثل إلا صورة ديمقراطية لا جوهر لها!
دخل انتخابات شارك فيها فصيل واحد، فهل تصنف انتخابات كهذه، كالانتخابات التي يتنافس فيها فصيلان عريقان يطرحان برنامجان مختلفان فيختار الشعب واحد دون الآخر!
ومع هذا فدعني تنزلا، ومن منطلق إقرار مشعل بشرعية عباس، فلن أكون ملكيا أكثر من الملك، ولكن...
أوليس شطر الشرعية هو أن المجلس التشريعي منتخب أيضا، وفي انتخابات تعددية وشفافة شهد العالم لها، وهو يمثل (السلطة التشريعية)، فشرعية السلطة إذا هي شرعية السلطة التنفيذية وشرعية السلطة التشريعية، وفي السلم تتربع السلطة التشريعية في أعلى الهرم، لكم ما علينا! لنقل أن للسلطتين ذات الشرعية، ولنقل أن حماس تعلن بلسان رئيس مكتبها أنها تعترف بشرعية السلطة التنفيذية، في حين ان مراسيم عباس وأبواقه الأمنية والسياسية والإعلامية تقول بأنه لا يعترف بشرعية المجلس ممثلا في أغلبيته ورئاسته (الأسير عزيز دويك) ونيابتها (أحمد بحر)! كل هؤلاء ليسوا بشرعيين في نظر فتح دحلان!!
على أنني أزيد قولا بأن الاعتراف بشرعية عباس لا يعني الاعتراف بشرعية كل ما يصدر عنه! فعباس في النهاية انتخب وفق نظام أساسي لا يجوز له ولا لغيره أن يتجاوزه، وحين تقول حماس بأن إجراءات الإقالة من حق عباس، وإجراءات الطوارئ كذا من حقه، فإنها تقول بأن النظام الأساسي ينص على أن الحكومة التي تسير الأعمال في فترة الطوارئ هي الحكومة المقالة، إلى حين مصادقة المجلس التشريعي وإعطاء الثقة لحكومة عباس المرشحة...
حين يقول الرئيس الشرعي بأن لديه مراسيم –لها حكم القانون- تتضمن تعيين حكومة دون أن تنال ثقة المجلس التشريعي، بل وينص المرسوم على أن تعيينها لا يتطلب موافقة التشريعي، فإن هذا متناقض مع النظام الأساسي الذي بنو مقامه ليحاجوا فيه حماس وغير حماس إن خرجت عن (دستورهم) ثم ما رعوه حق رعايته بل كانوا أول من ينقلب عليه، ولسان حال المنقلبين في جلساتهم الخاصة: (ما احنا دافنينو سوا!! )
لم تنعدم السياسة عزيزي طارق، لكن السياسة لا تكون بغير أمن، فهل لك أن تقول لي من أجبر وزراء للداخلية ثلاثا متوالين على الاستقالة، أولهم فتحاوي هو نصر يوسف، والآخر حمساوي هو سعيد صيام، والثالث مستقل هو هاني قواسمي..
دعني أستثني الوزير الحمساوي حتى لا أنصر أخي ظالما أو مظلوما، ولأبدأ بالوزير المستقل لنقرأ خطاب استقالته، فهو يوضح حقيقة السياسة التي تحدثني عنها، والتي جوهرها في فلسطين تنفيذ اتفاق مكة ومحوره الخطة الأمنية، أرجو أن تسمع بقلب صاف، وحياد وموضوعية، حيث يقول القواسمي:
(وأول هذه المعوقات وأهمها أن صلاحيات السيد/ مدير عام الأمن الداخلي هي كل الصلاحيات، وأنني كوزير ليس لي أي صلاحية إلا من خلال السيد مدير عام الأمن الداخلي. وأقلها أنني لا أملك مطلقاً استدعاء شرطي أو ضابط ملازم لمقابلتي إلا من خلاله، وإن رفض فله الحق في ذلك، فما بالكم في استدعاء مدير عام الشرطة أو الوقائي أو إلزامهم بأي عمل يتعلق بمصلحة الوطن.
والأمثلة على ذلك:
وُبِخَ العميد/ محمد حمدان، لأنه حضر إلى مكتبي لمقابلة مدير أمن مدير عام الوكالة، وهو شخصية أجنبية، كان يبحث معنا آلية حراسة السيد/ جون كينج، وخرج العميد من مكتبي وهو يصرخ ويقول أنا عارف إجت في راسي وكان منظري أمامه كوزير محرج جداً.
والثانية/ تعليمات خطية لمدير عام الشرطة اللواء/ علاء حسني بمنعه من تنفيذ تعليمات بنقل ثلاثة من الشرطة للعمل معي في الحراسة.
والثالثة/ تعميم صارم يفرض على كافة العاملين بالأجهزة الأمنية، بعدم الاتصال أو تلقي التعليمات من أي مستوى في الوزارة إلا منه شخصياً.
والرابعة/ كانت عندما طلبت العقيد/ أحمد ساق الله لمقابلتي في مكتبي، لتعيينه مدير مكتبي للشؤون العسكرية، إلا أنني فوجئت بأنه يمنعه واتصلت مع العقيد، لماذا لم تنفذ تعليماتي وأوامري، فيقول لا تضعوني بين الرجلين.
من هذا المنطلق فإن الأمور لا تبشر بخير إطلاقاً، فإذ كان هذا من الصغائر ليس لي أي صلاحية، فما بالكم في مصلحة الوطن الذي يحترق والشعب الذي يموت ويصرخ.
وثاني هذه المعوقات:
أنني لا زلت أسمع وعوداً، "والشعب يطالب فوراً"، والأحداث تزداد، فإنا لن نستطيع العمل إلا بناءً على أفعال وليس أقوال، فالإمكانيات والاحتياجات والقوة المشتركة من كل القوى الأمنية العاملة على الأرض هي الأهمية الأولى وهي عنوان النجاح.
كما أنني أذكر أنني حدثت دولتكم عن موضوع مهم جداً، وهو من أشد المعوقات (التنظيم والإدارة والإدارة العامة للمالية المركزية) إن لم يتخذ بهم قراراً "سريعاً" وأن وزارة الداخلية لها استقلاليتها، فسنبقى ندور في حلقة مفرغة ويبقى الوضع على حاله مذكراً سيادتكم أن معالي وزير المالية قد حوّل لنا أمراً مالياً بقيمة مليون ومائتي ألف شيكل، طرف السيد/ رضوان الحلو مدير عام الإدارة المالية في الأمن العام، وهذا مخالف لما اتفقنا عليه مع معالي وزير المالية، وفوجئت الآن، وأنا أعد هذا الكتاب بمراسيم رئاسية مفادها تبعية الإدارة المالية للداخلية للسيد/ رضوان الحلو وتشكيله هيئة لذلك.
مرفق طيه صورة عن هذه المراسيم.
وتأسيساً على ما تقدم، فإنني أقولها وبصراحة، وإضافة إلى ما ذكر، فإنني لا أستطيع العمل البتة مع الأخ/ مدير عام الأمن الداخلي بهذا الشكل وعلى هذا النحو.
لذلك أعلن أمام دولتكم الموقرة استقالتي من حكومتكم الرشيدة.
آملاً قبولها وسأتوجه الآن إلى بيتي.)
انتهى كلام القواسمي..
أما الوزير الفتحاوي فقد استجوب في المجلس التشريعي الفتحاوي -قبل فوز حماس-، وكان هذا تعليقه في الاستجواب:
(اعترف اللواء نصر يوسف، وزير الداخلية الفلسطيني، اليوم الخميس، بعلاقة الأجهزة الأمنية الفلسطينية المباشرة مع دولٍ أجنبية. وقال إنّه بفضل تدخّلٍ أمريكيّ تمّ وقف الاتصالات المباشرة بين دولٍ أوروبية وأجهزة الأمن الفلسطينية المختلفة.
وقال يوسف، الذي استُجْوِب أمس في جلسةٍ ساخنة للمجلس التشريعي الفلسطيني، إنّ دولاً معيّنة ومخابراتها كانت على اتصالٍ مباشر مع الأجهزة الأمنية الفلسطينية، متجاوزة الطرق الشرعية.
وأشار يوسف، في معرض حديثه عن ما أسماهم مراكز القوى في الأجهزة الأمنية، إلى أنّ تدخّلاً مباشراً من المبعوث الأمني الأمريكيّ أوقف هذه الاتصالات، حين طلب المبعوث الأمريكيّ، وضمن خطّة إصلاحات، من هذه الدول وقف الاتصالات المباشرة مع الأجهزة الأمنية، وذلك لتعزيز دور وزارة الداخلية.
وقال: "نحن نحاول القضاء على مراكز القوى داخل الأجهزة الأمنية، ولكن الأمور بحاجةٍ إلى وقت". وكانت علاقات الدول الأجنبية مع الأجهزة الأمنية معروفة على مستوى الشارع الفلسطيني، وكانت كلّ دولة تقدّم دعماً لوجستيّاً وتدريباً لهذا الجهاز أو ذاك، ووصل التنسيق بين كلّ جهاز والدولة التي تدعمه إلى مراحل متقدّمة.
واستُجْوب يوسف أمام المجلس التشريعي، في جلسة عقدت في رام الله وغزة، عبر نظام الـ(فيديو كونفرنس)، على خلفية الفلتان الأمني الذي شهدته مدن فلسطينية مثل مدينة رام الله، التي وقعت فيها حوادث إطلاق نار وتخريب مطاعم ومحلات للمواطنين، والإجراءات التي اتخذتها وزارة الداخلية لضبط الأمن.
وقال يوسف إنّ مراكز قويّة كثيرة تعيق عمله، مشيراً إلى أنّ هناك من يتاجر بكلّ شيء بدءاً من الدماء حتى المخدرات. )
انتهى حسب الوكالات وللمزيد انظر الرابط:
http://www.qudsway.com/akhbar/arshiv/2005/...9&14143.htm
آتي لسؤالك البريئ: هل هذه طرق الحل التي يعدنا بها الإسلاميون حين الاختلاف إذاً؟ حين ينزعجون يقتلون ويقتلون وينقلبون؟
فها هنا مقال لفهمي هويدي ما أظنني سأزيد عليه:
http://www.al3asefah.com/forum/index.php...opic=13815
تصويرك كل جرائم فتح على أنها هفوات، بينما سلوكيات حماس حتى ولو كانت فردية تدخل في إطار إراقة الدم والقتل والانقلاب هو منتهى حيادك وعدم نصرتك لإخوانك ظالمين أو مظلومين، وسلامة تسلمك!
قولك بأن فتح جاءت بحماس مغالطة، فالشارع الذي تبين للقاصي والداني أنه مع حماس بالرغم من خمسة وعشرين الف مسلح فتحاوي من أجهزة الأمن عدا الكتائب والميليشيات والزعرنات، ومع هذا فغزة تهدأ بعد يوم واحد من فرار دحلان وزمرته، بينما الضفة التي تعيث بها ميليشيا الوقائي لا تزال تخوض حربا تطهيرية تطال المستشفيات والمدارس والمساجد والمؤسسات الحكومية والعامة حتى الساعة!
من أتى بحماس هو الشارع الفلسطيني، وهو من أسقط فتح في الانتخابات، مثلما أسقطها ولم ينصرها في أحداث غزة الأخيرة...
أما قولك: ما هي السلطة لولا عرفات، فاسأل دحلان الذي كان يرفضه عرفات عن هذه المقولة، عموما أنا لست من أنصار نظرية (أنا الدولة)!! أظن أن هذه النظرية أكل عليها الدهر وشرب!
شيئ آخر أنت تطالب باسم الديمقراطية بالتزام أول بنود الدستور! وأنا أقول لك باسم الدستورية والديمقراطية والحياد بل التزام الدستور كله لا أول بنوده فحسب، لأن أصحابك هناك في رام الله اعترفوا بأول بند وهو شرعية رئيس السلطة، وكفروا بباقي بنود الشرعية وهي حق المجلس التشريعي في الرقابة والمحاسبة ونزع الثقة أو إعطائها!
عموما ....