1-حزب الله انتصر فعلا لأن القرار لم يحقق النتائج المرجوة من العدوان الإسرائيلي على لبنان، وهذا بحد ذاته انتصار في ظل التآمر الأمريكي البريطاني مع اسرائيل خلال الأزمة وظل وجود الفيتو الذي يتصدى لأي قرار ليس من صالح اسرائيل.. ومن المعطيات المطروحة القرار ليس من صالح اسرائيل، إلا في حالة واحدة، لو أن اسرائيل لم تلتزم بالقرار وفاجأت لبنان بعدوان مباغت.

2-حسن نصر الله وحزب الله أثبتا أنهما يحاربان من أجل قضية عادلة، لقد كان الهدف الأول من أسر الجنديين الإسرائيليين إثارة النقاش حول "من هو المعتدي والإرهابي الحقيقي" وهكذا فقد أثارت القضية السؤال: لماذا خطف حزب الله الجنديين؟؟ وبذلك لفت نظر الجميع إلى 11 ألفا من اللبنانيين المسجونين بدون تهمة في اسرائيل منهم أطفال!!

3- لبنان صارت أقوى بعد الحرب. وهذا ما ستؤكده الأيام. الدول الخليجية ستبني لبنان وتجعله أجمل بالمليارات التي ستتدفق عليها (وهذا كل ما تستطيع فعله هذه الدول- إعادة بناء لبنان من أجل متعة أمرائها وملوكها وحبهم الشخصي للبنان). الحكومة اللبنانية صارت تعي أهمية الوفاق والتوحد في الموقف الذي حققته في فترة الحرب. الخطورة الوحيدة تتمثل فيما يتردد من استعداد بعض الفصائل اللبنانية لإشعال حرب أهلية هدفها الأول الحزب وحسن نصر الله شخصيا مما قد يجر على لبنان حرباً أهلية جديدة.

4-لقد تقهقرت الأصوات التي تبحث عن نقطة حياد في الصراع الإسرائيلي العربي.. فقد تبين دون شك أن الحياد لا مكان له في قضية تبدو فيها الأطراف متشابكة ومتقاطعة.. إسرائيل تقف ورائها كل قوى الشر (بما في ذلك الحكومات الديكتاتورية العربية) مما يجعل من الشارع العربي مرغما على الإيمان بأن ما يحدث ورائه تآمر للشر ضد طرف آخر.. وبالتأكيد هو طرف الخير في معادلة (الشر ضد الخير) وبالتالي فقد تحول حزب الله إلى رمز للخير بيد اسرائيل لا بيده. وما زاد من قوة هذه المعادلة أن حزب الله حما أرضه وشعبه من الدمار عندما قاوم وحارب على الأرض. وأثبت رجاله أنهم لوحدهم مستعدون لتحمل مسؤولية هذه العملية وما ورائها، فأعفت نفسها من جمائل الغير.

5- لقد حققت حزب الله نصرا تاريخيا أكبر أثرا.. وهو إعادة الحوار والقبول بين المسلمين شيعة وسنة... بل أنها أدت إلى نبذ الفئات التي تخلق الفتنة بين الطرفين أساسا (السلفية تحديداً). ربما العراق فقط لازال يعاني من الطائفية، وربما أن الطائفية ليس لها أساس بل أن من يغذيها ويخلقها عناصر أخرى تقف في الوسط بينهما وتشعل الفتنة لأغراض محددة. ولكن بشكل عام دعاء السني للشيعي وفخره بمنجزاته كان أمراً محرما في العرف العام وتتم تغذيته في الأجيال.. أما الأجيال القادمة فستتذكر حزب الله وأمجاده دائما.. وهذا ما يعني أن الإسقاط الفكري لكراهية الشيعة سيتقهقر إلى حد كبير. ولا ننسى أن هذه الأزمة جددت الكراهية العربية والإسلامية لإسرائيل وهو الأمر الذي حاولت الحكومات العربية الديكتاتورية تغييره من خلال المناهج الدراسية والحملات الإعلامية المستترة والتوجه الإخباري العربي لتقويض عمليات المقاومة في الأراضي المحتلة.