بعد الضجة العارمة التي اجتاحت المنطقة منذ أيّام حول الكاريكتورات التي تسخر من رسول الإسلام ، والتي نشرتها إحدى الصحف الدانماركية عادت إلى ذاكرتي بعض الأحداث المشابهة.

كتاب نبيّ الموت أو "Prophet of Doom" * للمؤلف كريغ وين تناول الناحية القتالية أو العسكرية من الإسلام وامتلأ بالأحاديث المترجمة عن أهمية قتال الكفّار في الإسلام وما يلي ذلك من نعيم وجنات في الآخرة.

بعد صدور الكتاب قامت "ذات" القيامة التي قامت هذه الأيام "ولم تقعد" عندما احتج المسلمون بشتى الوسائل على الكتاب بحجّة أنه يتناول الإسلام دون حيادية وأن الكاتب قد انحاز إلى اليهود بشكل واضح. هذا واتخذت موجة الاعتراض هذه أشكالاً عدّة منها افتتاح موقع خاص لوضع الشكوى وتبادل الإيميلات التي تحث على الجهاد الالكتروني ضد نشر هذا الكتاب ، ورفع الموضوع عبر البريد الالكتروني إلى هيئة الأمم المتحدة.

حتماً لا يهمّني فعلاً إن كان ما يحتويه الكتاب صحيحاً أم خالياً من الصحة ، إنّما ما يهمني فعلاً هو الفائدة المريبة التي استفادها الكاتب من هذه الضجة التي اصطنعها المعترضون. فبيع من الكتاب عدد مهول من النسخ خلال فترة بسيطة فقط، واستقطبت الموجة جميع أنواع القرّاء من نقّاد للدين وحتى المتديّنين لقراءته.

أين تكمن المشكلة إذاً؟
طبعاً المشكلة في عدم وجود رد على ما يعترض عليه الجميع ، نعم يا أصدقائي الرد ليس هو ذاته الاعتراض. فلو أن واحداً فقط أو اثنان من هؤلاء الذين جنّدوا أنفسهم في سبيل الاعتراض على الكتاب قد قاموا بالرد عليه بكتاب آخر ولنفترض أن أسموه "Prophet of Peace" لتغيّر الرأي العام تجاه ما وجده في الكتاب الأول ، وللفت المعترضون النظر نحو ما جعلهم يعترضون على الكتاب الأول.

الآن تكرر السيناريو ، وها نحن نرى صور الكاريكاتور الدانماركية وقد ملأت الانترنت عدا عن بعض الصحف التي قررت إعادة نشرها للرد على موجة "القمع" كما تراها الديمقراطية الأوروبية. هل فكرتم يا أعزائي "المعترضين" بالخدمة التي أسديتموها للصحيفة الدانماركية -والتي تتهيأ الآن لعدد لا يستهان به من القرّاء الجدد- بهذه الحملة الدعائية؟
وهل تظنّون أن شركة نيدو قادرة على إيقاف هذه المجلة وغيرها عن إصدار رسومات مشابهة قريباً؟

لماذا لم يقم أحدكم بالرد على الرسوم برسوم أخرى توضح مدى خطأ الأولى؟ لماذا لم يقم أحدكم برسم مسلم يقوم بالتبرع بزكاة الفطر للفقراء مثلاً؟ أوبمسلم يذهب للقتال بعد أن اعتدي عليه وأخذ منه بيته وماله وتعرضت عائلته للقهر ردّاً على الرسوم التي تصور المسلمين بالمقاتلين الذين يفجرون أنفسهم في سبيل الحصول على عذراوات الجنّة.

سؤال واحدٌ أخير ..

بحق الله ماذا ربحتم من اعتذار المجلة الدانماركية؟


__________الهامش__________
* http://www.prophetofdoom.net/

اعتذروا لأنهم خافوا من الفقر يا خوية
خافوا على بقرهم ولبنهم وجبنتهم
السعودية ركعتهم وركعت حريتهم
ووضحت لنا أن المادة لدى الغرب فوق الحرية
وأزيدك من الشعر بيت ألتهي بنفسك وما دخلك بالمسلمين بليز
لأنهم ما طلبوا أفكارك الفذة !

لولو

كلام أكثر من رائع ، مثل هذا الكلام يجبرك على أن تحييه .

أما بخصوص سؤالك ، عزيزي ابن الشام :

اقتباس:بحق الله ماذا ربحتم من اعتذار المجلة الدانماركية؟

الجواب : لاشيء ألبتة . هم في البداية ، ظنوا ان الإعتذار مستحيل ، فوضعوا منه مطلبا . فلما تفاجئوا به ، كتبت الكثير من المواضيع التي تتعنون بـ " لن ينفعهم اعتذارهم " و " حتى إن اعتذرتم " .

فالمسألة ليست مطالبة بالإعتذار ، بقدر ما هي معاقبة . من حقهم أن يعاقبوا من يشاؤون بما يعتبرونه اعتداء عليهم ، بشرطان يعاقبوا بمثل ما عوقبوا به ، وها هم يفعلون ذلك مستخدمين سلاح " الحرية " .

لكن السؤال : هل للمنتجات جنسية في هذا الوقت " العولمي "؟

الدنمارك يا أكرم هي دولة رأسمالية، يتحكم أصحاب رؤوس الأموال في قراراتها السياسية، والديمقراطية والليبرالية هي المكياج لها.

الدنمارك دولة زراعية رأسمالية، تعتمد بشكل أساسي على الإنتاج الحيواني والمشروبات الكحولية الخفيفة في دخلها القومي.

قطاع الحليب هو أحد أهم القطاعات الانتاجية الدانمركية، وتسيطر عليه شركة آرلا.

شركة آرلا هي الحاكم بأمره، وهي التي تشكل الحكومة، وهي التي تجبر الصحيفة والحكومة على الاعتذار إن ارادت.