حافظ الشيخ صالح

ليستْ لنا من قضيّة مع الشعب الأمريكيّ، وليستْ لنا من قضيّة مع يهود العالم الـمُسالمين الساعين في الأرض، وليستْ لنا من باب أَولى من قضيّة مع إخواننا وأهلنا وذوينا طائفة الشيعة الإثنيعشريّة الذين في البحرين والذين في غير البحرين، فنحن أبناء المصبّ الرئيس غير عنصريين، كما أننا غير طائفيين، ولا يُمكن ابتداء أنْ نكون طائفيين، لأننا أصلاً لسنا طائفة، ولا يجوز تاريخيّاً وسوسيولوجيّاً (ولا لغويّاً إذْ لا يُنسَب الشيء إلى غير أصله)، أقول: ليس يجوز بهذا الاعتبار والمعيار تصنيفنا في أصناف الطوائف.

لذلك من الغريب سوء التأويل لبعض تعليقاتنا هاهنا في هذه الزاوية، وعُنف الامتعاض والغيظ منها، وشدّة الغضب عليها، وصولاً إلى التهديد الشخصيّ، من جانب البعض، في غير مرّة.

إننا فقط نحاول، في كلّ تواضع وما وسعنا الجهد، حماية ديارنا العربية الكُبرى، وحماية ذريّاتنا، من تهديدات وأخطار الإمبرياليات الناشطة والفاعلة الثلاث: الإمبرياليّة الأمريكيّة، والإمبرياليّة الصهيونيّة، والإمبرياليّة الفارسية/ الصفوية. وكلّ من هذه الثلاث هي الآن، في هذا الطور، في حال من الحيويّة والنشاط، وفي حال من التوغل والتغلغل البليغين في ديارنا العربية، ولكل منها استراتيجيتها البعيدة المدى وأجنداتها وبرامجها، وفوق ذلك لكل منها طابورها الداخليّ الخامس، في البحرين من بلاد العروبة وفي غير البحرين، ولذلك فالـمُمتعضون من هذه التعليقات في هذه الزاوية، والغاضبون عليها في شدّة، لا يُريدون منا سوى أن نصمت، وأنْ نغلق ونعلّق أقلامنا، وإلا أنْ نتواطأ وبذلك ندخل في المؤامرة، أيْ المؤامرة الأمريكيّة/ الصهيونيّة أو المؤامرة الفارسية/ الصفويّة، وبذلك نغفل عن أسلحتنا (على ما يقول القرآن الكريم) وعن مُستقبلاتنا وعن مصيرنا، ولا نعود نكترث للبحرين، ولا للإقليم، ولا للديار العربيّة، ولا لذريّاتنا، ولا لوجودنا في حاضره وبخاصّة في آتيهِ. إنّ هذه الإمبرياليات الثلاث الآن تجهد في البحث الحثيث، في الصحافة البحرينيّة وعلى كلّ منبر، عن الألسن والأقلام التي تسبّح بحمدها، وتثني عليها، وتزيّنها في عيون الناس، وتروّجها في عقول وقلوب الجمهور، لاسيما عقول وقلوب الأجيال الجديدة والناشئين واليافعين. وكل من الإمبريالية الأمريكية/ الصهيونيّة، والإمبرياليّة الفارسية/ الصفوية، هي اليوم في الواقع واجدة مبتغاها، ولكلّ واحدة طابورها الخامس، ونشطاؤها السرّيون وفي وضح النهار، ولكل منها ألسن محليّة خائنة وأقلام محليّة خائنة، قد مردتْ على الخيانة فلا تخشى أنْ يُقال لها إنها خائنة، ولكنّ هذه الإمبرياليات تطمع أيضاً في شيء آخر، هو أنْ يصمت عنها الوطنيون والقوميون وإسلاميو المصبّ الرئيس كيما تخلو لها الساحة وتحلو لها الأجواء.

أيْ أنّ هذه الإمبرياليات الثلاث تريد أنْ تواصل زحوفها، وتوغلاتها وتغلغلاتها، في أدنى درجة ممكنة من الضجيج، فلا يُزعجها مُزعج، ولا يعارضها معارض، ولا يُنبّهُ إليها مُنبهٌ، خصوصاً من صوب ذوي الألسن والأقلام، وبذلك تمرّ مؤامراتها من غير إعاقات ولا عقبات. هذه خيانة صرفة، وهذا دخول في المؤامرة، أرجو أنْ لا يتوقعهُ منا ألبتة الطابور الخامس للإمبرياليات الثلاث، ولا سفاراتها، ولا طوابيرها الخامسة المحلية. فالبادئ أظلم، والأمر مصيريّ ووجوديّ، وهُو جد لا هزل فيه.

http://www.akhbar-alkhaleej.com/ArticlesFO...=151659&Sn=shkh