هل هذا المقال ينفعك يا البير
ينشرون فى بيوتنا نوعا جديدا من التدين لا يخجل من الهجوم على الأزهر وشيوخه
هل إسلام محمد حسان وأبوإسحاق الحوينى ويعقوب ومسعد أنور هو إسلام مكة والمدينة؟
الأربعاء، 2 سبتمبر 2009 - 22:01
محمد حسان وأبو اسحاق الحوينى
كتب محمد الدسوقى رشدى
نقلاً عن العدد الأسبوعى
هل كنت تتوقع كل هذا الاهتمام الشعبى بصحة الشيخ محمد حسان؟ هل كنت تتوقع هذه اللهفة والحسرة التى أصابت عشرات الآلاف حينما علموا بسقوط الشيخ مريضا؟ هل تتخيل أن اهتمام الفضائيات الدينية بمرض الشيخ كان أكثر من اهتمام التليفزيون المصرى بصحة الرئيس مبارك نفسه؟.. كثيرون لا أعلم إن كنت منهم أم لا، أصابتهم الدهشة فى مقتل بسبب هذا المشهد الملحمى الذى أثبت خطأ النظريات التى يروجها الإعلام بأن الشعب المصرى وسطى لا يحب أهل الذقون، ولا يرحب بريح التعليمات المتطرفة القادمة من المملكة العربية السعودية، كثيرون ممن لا يركبون المترو أو الميكروباص أو يسيرون فى الشوارع الشعبية أصابتهم الدهشة لأنهم لم يشاهدوا من قبل أغلفة شرائط مشايخ السلف وعلى رأسهم الشيخ محمد حسان فى كل مكان، ولم تساعدهم الظروف على السفر إلى المنصورة لمشاهدة عشرات الآلاف وهم يسعون لتقبيل يد الشيخ حسان بعد خطبته، أو كيف يحرص مستقبليه فى المحافظات المختلفة على تأجير بودى جاردات لتفريق الناس من حوله، أو الفرجة على كيف يتحول مسجد ابن تيمية فى كفر الشيخ إلى خلية نحل لا موضع فيها لقدم وقت خطبة الشيخ أبو إسحاق الحوينى، أو رؤية الجماهير وهى تسعى بأيديها لأخذ البركة من جلباب الشيخ محمد حسين يعقوب أو عطره الذى اعتاد أن يوزع منه على مريديه، وربما لم يشاهد أحد منكم تلك الجموع التى تأتى من محافظات مصر المختلفة لتحضر درسا مدته ساعة للشيخ مسعد أنور، ولذلك فمن الطبيعى جدا أن يندهش من هذا الاهتمام المليونى بالشيخ حسان ورفاقه لأنه لا يعرف أن هناك كتيبة سلفية تقود القطاع الأكبر من المتدينين فى مصر الآن وتأثير الأزهر فى الناس بجوارها يساوى صفرا على الشمال، وهذه الزيادة المطردة فى أعداد النقاب وأصحاب اللحى السائرة فى الشوارع يمكنها أن تفسر لك جانبا كبيرا من الأمر.. تفسر لك كيف تحول محمد حسان والحوينى ويعقوب وأنور ومحمود المصرى إلى أمراء جدد يقدمون للشارع المصرى نوعا جديدا من التدين يحمل الختم السعودى، لدرجة أن هؤلاء المشايخ يكتبون أسماءهم على الطريقة السعودية مثل (أبوإسحاقَ حجازىْ بنُ محمدِ بنِ يوسفَ بنِ شريفٍ الحوينىّ) ويمكنك أن تشم منه ريح التعصب والتطرف، نوع جديد من التدين لا يخجل من الهجوم على الأزهر وشيوخه، ولا يتمهل حينما يصف الدعاة الجدد بالتخلف والكفر، نوع جديد من التدين يرفض البنوك وتعليم البنات وخروج المرأة للعمل والمدارس المختلطة، ويكفر الفنانين، ويكره السينما، ويدعو إلى أن تصبح كل الفضائيات ماركة قناة الناس، نوع جديد من التدين أصاب الناس بالحيرة هل هذا الدين الذى يقدمه لنا محمد حسان والحوينى ويهدم فكرة المواطنة والدولة ويتعامل مع المرأة على أنها جسد مصنوع من عجينة الغواية والإثم، هو نفسه دين سيدنا محمد عليه الصلاة والسلام الذى صنع إمبراطورية قائمة على العلم والمساواة، هل هذا الدين الذى يقدمه لنا محمد حسان ورفاقه ويحمّل كل من لا تطول لحيته إلى صدره، وكل من تطول جلبيته أو بنطلونه الأرض ذنوبا لا طاقة لنا بها هو نفسه دين النبى الكريم الذى أسس معنى أصيلا للحرية العامة والشخصية، هل هذا الدين الذى ينشره محمد حسان ورفاقه ويستسهل التكفير ويرفض إعمال العقل ويضع العلم فى مرتبة ثانية، ويرفض خروج المرأة من منزلها هو نفسه دين خاتم المرسلين الذى جادل النساء وأوصى بهن خيرا وقال للناس أنتم أعلم بشئون دنياكم؟ هل هذا الدين الذى يروج له الشيخ الحوينى ويسب ويلعن فى الشيعة ويكفر نصر أبوزيد والقمنى ويكره أى صاحب رأى مختلف، هو نفسه دين سيد البشرية أجمعين الذى علمنا ما قاله القرآن حول أن الدعوة لله تكون بالموعظة الحسنة؟ هل الدين الذى يقدمه لنا الشيخ أبو إسحاق الحوينى ومحمد حسين يعقوب ومسعد أنور ويطلب منا طاعة ولى الأمر ونبذ المظاهرات ومبايعة الرئيس مبارك، هو نفسه دين سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم الذى أمرنا بالثورة للحق ورد الظلم، وأن أمرنا لابد أن يكون شورى بيننا؟.
لماذا تترك الحكومة المساجد لأئمة السلف؟
من المؤكد أن ما يقدمه لنا الشيخ محمد حسان والشيخ الحوينى ومن معهما فى الشرائط التى تملأ الأرصفة والكتب التى توزع أمام المساجد، والخطب التى تبكى وتداعب أوتار الحماسة قبل أن تخاطب العقل يختلف عن دين نبينا محمد صلى الله عليه وسلم، ففى الوقت الذى نسمع الواحد من هؤلاء يخطب الجمعة ويسب ويلعن فى النصارى وهو يعلم أن العمارة التى بها المسجد تسكن بها أسرة مسيحية أو أكثر، لم نكن نسمع عن رسولنا الكريم إلا أنه زار اليهودى الذى كان يتعمد إيذاءه حينما علم أنه مريض، وفى الوقت الذى كان رسولنا الكريم يجهز أهل دينه لبناء دولة قوية، وينهاهم عن توافه الأمور نجد هؤلاء وقد نشروا دينا لا يهتم إلا بمعرفة رأى رجل الدين فى طريقة الدخول إلى الحمام، وطبيعة القبلة بين الزوج والزوجة.. هل تكون طويلة أم قصيرة، وكيف ننام.. هل ننام على الجانب الأيسر أم الأيمن؟، وكيف نسير؟ وكيف نركب السيارة؟، وأين نضع أيدينا ونحن نصلى؟، وهل نفتح باب الشقة قبل البسملة أم بعدها؟، وما هو الشكل الصحيح للذقن الإسلامية؟ وهل يمكن للطفل المسلم أن يشاهد الكارتون؟ وهل كرة القدم حرام أم حلال؟ وهل كانت النملة التى كلمت سيدنا سليمان ذكرا أم أنثى؟ وهل يعنى ذلك أن قتل النمل حرام على اعتبار أنها تحدثت مع نبى؟.. هذه الأسئلة وغيرها من قصص الثعبان الأقرع والعذاب المخيف، هى أغلب ما يقدمه لنا فريق الشيخ محمد حسان حتى أنهم عادوا بمصر إلى عصور الظلام فى أوروبا تلك التى كانت الحركة أو الهمسة فيها لا تتم إلا بإذن الكنيسة، هكذا فعل مشايخ السلف فينا وهكذا يسعون.. إلى أن يكون كل سؤال خاضعا لإجابة رجل الدين، شاهد الفضائيات واستمع جيداً لخطب الجمعة فى مساجد مصر لتكتشف أن الخطاب الدينى سواء كان يحمل الصفة الرسمية أو حتى الشعبية يثير فضول الناس ويتسبب فى خروج تلك الأسئلة من على الألسنة، قم بجولة بسيطة على الإنترنت على مواقع شيوخ السلف لتكتشف أنه لا حركة للإمام أو للخلف تتم الآن إلا بناءً على خطبة للشيخ فلانى أو فتوة للداعية العلانى.. والغريب فى هذا الأمر أن كل هذا الجمهور وكل هؤلاء الأتباع وكل هذا الزحام أمام مساجد هؤلاء المشايخ لم يشغل بال الحكومة التى انتفضت وصرخت وطردت عمرو خالد من مصر بحجة أن خطبه تغلق الطرق رغم أن أعظم خطبة لعمرو خالد لم يحضر بها ربع من يجلسون على باب مسجد يخطب به الشيخ محمد حسان أو أبو إسحاق الحوينى، هناك شبه اتفاق إذن -كما يقول بعض المتابعين لسير الأمور فى مصر- بين ممثلى التيار السلفى الوهابى القادم من المملكة السعودية أن يعمل بحرية ليطغى على الإخوان وينقل لمصر التجربة السعودية فى إخضاع المحكوم للحاكم بفقه عدم جواز الخروج على الحاكم.. شبه اتفاق منح مشايخ بهذه اللحى الطويلة حق الظهور على الفضائيات، وحق امتلاك المساجد والسيطرة عليها فى وقت تعتقل الحكومة فيه عشرات الإخوان لمجرد توزيع ورقة معايدة فى الجامعة.. شبه اتفاق كان سبباً فى ظهور هؤلاء المشايخ وتحويلهم إلى نجوم شباك إذا حاولت تتبعهم ستكتشف الكثير والكثير من الخبايا والكثير من التفاصيل عن هذا الدين الذى يحمل رائحة وهابية ولكنة سعودية، وستكتشف أيضاً أن البعض لم تسيطر عليه الأجواء السعودية بعد، مثل الشيخ محمود المصرى الوحيد منهم الذى مازال يداعب الناس بأسلوب الترغيب لا الترهيب.
الشيخ محمد حسان والشيخ أبو إسحاق الحوينى والشيخ محمد حسين يعقوب والشيخ مسعد أنور.. الأربعة يمثلون مجلس قيادة التيار السلفى فى مصر ربما لأنهم الأشهر أو لأنهم الأكثر سيطرة وظهورا على شاشات الفضائيات الدينية بداية من قناة الناس وحتى مشكاة الأنور، وإن كان هؤلاء الأربعة هم الأشهر فإن أشهرهم على الإطلاق هو الشيخ محمد حسان ربما لأنه أبلغهم أو يعود الأمر إلى كاريزما خاصة تميز الرجل الذى نجح فى أن يستغل دراسته بكلية الإعلام جامعة القاهرة جيداً فى صناعة صورة إعلامية مميزة له أصبحت مدرسة يدرس بها كل من أراد أن يخرج إلى الناس عبر شاشة قناة الناس أو الرحمة ليخطب فيهم.. فهو بالنسبة للسلف كما كتبوا عنه فى أحد المنتديات الإسلامية على الإنترنت الشيخ الأجل، أسد المنابر، خطيب الأكابر، السلفى الأثرى، المجاهد الصبور، المربى القدوة.
حسان من مواليد قرية دموه بمحافظة الدقهلية من مواليد عام 1962 وبخلاف القصة التقليدية التى تحكى كيف كان نابغة فى صغره حفظ القرآن صغيراً، فقد بدأت شهرته منذ أول خطبة له حينما كان عمره 13 سنة فى مسجد قرية جده لوالدته، أما شهرته الحقيقية كخطيب سلفى مفوه فقد بدأت من مدينة السويس، حسان طبعاً وارد السعودية وتقفيل الثقافة الوهابية، فنظرة واحدة إلى الأسماء التى تعلم على يدها تخبرك ببساطة عن طبيعة تكوين الشيخ محمد حسان ونوعية الإسلام الذى يريده، فالرجل تعلم على أيدى أمراء الوهابية فى المنطقة وشيوخ التعصب الأكبر فى المملكة العربية السعودية.. الشيخ عبدالعزيز ابن باز وابن صالح عثيمين وعبدالله بن الجبرين وبالتبعية لمشايخه لإن حسان يرى أن المرأة سبة فى جبين المجتمع لا ظهور لها، ويرى أن قيادتها للسيارة نوع من الإثم, ومشاركتها فى أى شىء خارج نطاق بيتها ذنب لا يغتفر, وبالطبع هو يتمنى أيضاً وجود هيئة فى مصر تضرب أصحاب المحلات المفتوحة أثناء الصلاة وتستجوب كل شاب وفتاة يسيران فى الشارع، وتقتحم منازل كل من سولت له نفسه وفكر فى الاحتفال بعيد ميلاد أحد أولاده، وربما كانت هذه الصبغة السعودية هى السبب التى جعلت حسان مرحباً بإجراء حوارات وكتابة مقالات على صفحات الصحف السعودية بينما يرفض أى حوار لصحيفة مصرية اللهم إلا ما ندر.
الشيخ حسان كان أشهر من هاجم الدعاة الجدد ووصف بعضهم بالتخلف ضارباً مثلا لأتباعه عن كيف تكون السماحة ومدى تقبل الآخر، هذا بخلاف أن الشيخ حسان أعاد تقديم نموذج آخر للتعصب حينما تطاول على المسيحيين والإنجيل، وقال فى أحد شرائطه التى حملت عنوان «تحريف الإنجيل» وشريط آخر حمل عنوان «قصة الصليب» إن الإنجيل كتاب جنسى: (لو قرأت فقرات من مضمون الأناجيل.. لو قرأتها.. والله العظيم تستفرغ.. فقرات جنسية.. أنا بقيت خايف إن زوجتى تقرأ هذا الكلام.. كلام من أخطر كلام فى كتاب جنسى موجود فى السوق) مما دفع أحد المحامين الإسلاميين العاقلين أن يتبرع ليرفع دعوى على الشيخ سنة 2007 اتهمه فيها بالإساءة للإسلام قبل الإساءة للمسيحية.
العلم والعلماء مبيفهموش حاجة
وفى المسألة الدينية يبقى الشيخ حسان من هؤلاء الذين يضربون العلم بالجزمة ويسير على نهج الدكتور زغلول النجار، ففى خطبته الشهيرة عن الزلازل نفى العلم تماماً من قاموسه، وقال مهما تكلم العلماء، وخبراء الأرصاد، وعلماء الجيولوجيا، والمتخصصون فى الزلازل إلى غير ذلك، فإن الأمة تظل منتظرة، أن تسمع كلمة علماء الدين، تظل الأمة تنتظر أن تسمع الحق من كتاب الله، ومن كلام الصادق سيدنا رسول الله معتبراً أن ما يقوله المتخصصون عن أن الزلزال هزة أرضية تصيب الأرض، بسبب حدوث خلل فى بعض أجزاء القشرة الأرضية، أو بسبب فوران البراكين، تفسير لا معنى له وأن التفسير الحقيقى هو أن الزلازل والبراكين والعواصف الثلجية إلى غير ذلك، إنما هى آيات من آيات رب البرية، إنما هى جند من جند الله يرسلها الله تخويفا للكافرين وابتلاء للمؤمنين، وعتاباً للمقصرين والمذنبين، بل إنه عاد ودلل على ذلك بأن أحدهم حكى له أن الحيوانات فى حديقة حيوان دولة سيريلانكا لم تمت من الزلازل والأمواج فى الوقت الذى مات فيه كل البشر المتواجدين بالحديقة، وهو الكلام الذى يرد له أصل فى الأخبار الواردة وقتها، وكان مجرد شائعة منتشرة على المنتديات الإسلامية التى يقوم عليها أناس مؤمنون بأن الإسلام فى حاجة إلى مثل تلك الأكاذيب لكى يثبت وجوده، وهؤلاء هم جمهور الشيخ حسان الذى ظهر عليهم فى إحدى الحلقات وهو يتكلم عن قشرة لب مكتوب عليها لا إله إلا الله ليضعها فى دفتر سجلات إثبات صحة الإسلام.
الشيخ حسان الذى يتحدث عن الظلم والطغيان فى خطبه لم يجد أى مشكلة فى تلبية دعوة رئيس مشهور عنه ظلمه لشعبه وبعده عن تعاليم الإسلام فى التعامل مع شعبه، هو العقيد معمر القذافى حينما سافر إلى ليبيا فى 2008 بناء على دعوة من ابنة الرئيس الليبى معمر القذافى، لإلقاء سلسلة محاضرات ودروس دينية خلال شهر رمضان، واستقبله القذافى فى لقاء قالت عنه وقتها وكالة الأنباء الليبية «واج» إنه كان واحدا من ضمن المشايخ الذين أشادوا بدور القذافى فى نصرة الإسلام والمسلمين وإمامته آلاف المسلمين من مختلف أنحاء العالم فى الصلوات الجامعة بإفريقيا، وقيام الآلاف من المهتدين الجدد إلى الإسلام من مختلف أنحاء العالم، بإشهار إسلامهم على يديه.. وهو الكلام الذى أثار موجة من الغضب على الشيخ حسان على اعتبار أنه يخالف تعاليم الإسلام التى ترفض النفاق ورياء الحاكم، وهو نفس ما قرره الشيخ حسان، فبدلاً من أن يقول كلمة الحق فى وجه سلطان جائر فوجئ به الجميع يمدح الرئيس مبارك فى إحدى المرات أثناء فتح معبر غزة.
ومن الشيخ حسان إلى كاريزما أخرى اسمها الشيخ أبو إسحاق الحوينى الذى إذا قال أو حتى عطس، تحولت عطسته هذه أو كلمته إلى واجب إلهى يمرره الإخوة السلفيون إلى بعضهم على الإنترنت أو مقاطع فيديو أو عبر كتيبات صغيرة وكأنها صك الإنقاذ من الدنيا، ومفتاح أبواب الجنة.
الحوينى الذى كان يحمل اسم حجازى فيما مضى وقام بتغيير اسمه وكنيته لزوم الفخامة ومواءمة تعاليمه السعودية وتلمذته على أيدى كبار رجال السلف، بدأ طريق الدعوة كما يقول هو على موقعه الشخصى عن طريق صدفة جمعته بالشيخ كشك حيث حضر فى إحدى المرات خطبة للشيخ كشك الذى ذكر حديث تشكك فيه الحوينى فبحث عن ذلك فوجد أن ابن القيم ضعفه فذهب ليخبر الشيخ كشك فرد عليه كشك رداً أدهشه حينما قال له لقد أخطأ ابن القيم، ثم قال له الكلمة التى كانت سبباً فى أن يعلو أبو إسحاق الحوينى إلى قائمة مشايخ السلف فى مصر حينما قال له يابنى تعلم قبل أن تعترض، وهو المبدأ الذى يبدو أن الحوينى طبقه فقط على علوم الحديث على اعتبار أنه دائم الاعتراض على الآخرين وتصرفاتهم، حتى ولو كانوا أصحاب مجالات بعيدة عنه، ولكن ذلك لا ينفى أن أبو إسحاق الحوينى هو الشيخ الأكثر تأثيراً فى المجتمع السلفى المصرى، الكل يستشهد به والكل يأخذ كلمته دون أن ترد، ولمَ لا وقد نجح فى إقناع الناس بأنه تلميذ الشيخ الألبانى، أبو إسحق الحوينى لم يتوقف عند تقديس الأفكار السلفية القديمة، ولم ينادِ فقط بأن يتوقف العالم الإسلامى عند قرنه الرابع أو الخامس، بل هاجم بضراوة وبأسلحة التكفير كل من طالب بإعادة تنقية وتحقيق كتب التراث الإسلامى والفقه والحديث، أو تجرأ وتكلم خارج حدود النص القديم، ويمكنك بجولة بسيطة على الإنترنت أن تجمع مئات من مقاطع الفيديو التى ينشرها رواد الشيخ تحت عنوان ردود أبو إسحاق الحوينى على الجهال والمضلين من الشيوخ، حتى أن جمهور الشيخ بدأ يستحل تكفير خصومه فأصبح كل من يتعرض له الحوينى بالنقض فى خطبه جاهلا جهولا ومضلا ضالا وأحياناً كافرا.
حدث هذا مع الكثير من المشايخ الذين حاولوا تبسيط الأمور إلى الناس مثل الدكتورة سعاد صالح ومن بعدها عمرو خالد الذى وصفه الشيخ الحوينى قائلاً: (رجل يقال عنه داعية مشهور وهو فى الفضائحيات مشهور، هو مفتى الفنانات، هؤلاء الملايين الذين يسمعونه على منهج ردىء وسيئ ويطيل الطريق على دعاة الإصلاح).
أمراء الترهيب والتكفير
أبو أسحاق الحوينى يتبع المنهج القديم فى الخطابة.. ترهيب ولا شىء آخر حتى إنه قال فى إحدى الخطب: ( اللى يهتدى يهتدى واللى يروح فى داهية يروح فى داهية).
وهو واحد من الذين وصفوا «تسونامى» بأنها غضب من الله وتمنى كذا تسونامى غيرها حتى يفيق الناس، وقال إن إبادة الشعب البوسنى كانت خيراً لأنه كان يعيش طبقاً للعادات الأوروبية حسب وجهة نظر الشيخ.. تحريم الحوينى لهمسات وحركات الناس وإصراره على تضييق الحياة ومتعها عليهم جعل من شيخ سعودى مشهور بتطرفه أن يقول رأيه التالى فى أبو إسحاق الحوينى وهو رأى صادم إذا وضع فى اعتبارك المنطقة القادم منها.. الشيخ هو مفتى جنوب المملكة أحمد بن يَحيى النَجمى وقال حينما سأله أحدهم عن رأيه فى أبو إسحاق.. «الذى أعرفه أن أبو إسحاق الحوينى تكفيرى».
شيخ جزائرى سلفى هو عبدالمالك رمضانى قال عن أبو إسحاق الحوينى: (أما الشيخ أبو إسحاق الحوينى فأنا أخشاه على مصر كما كنت أخشى على أهل بلدنا الجزائر «على بلحاج»، يتبع نفس المنهج فى الإثارة والدغدغة بالعواطف، وكثرة التهييج السياسى).
أبو إسحاق الحوينى هو القائد الأول لمدرسة التحريم فى مصر، يأتى من بعده الشيخ محمد حسان بآراء مشابهة ترفض عمل المرأة، وتؤكد على عورة صوتها لدرجة أنه وأبو إسحاق وصفا مذيعات قناة الحافظ المنتقبات بـ «العو» والعفاريت ورفضا فكرة عملهن من الأساس، ومن بعدهما يأتى القائد الثالث لكتيبة مشايخ السلف الشيخ محمد حسين يعقوب، ويمتاز يعقوب عن بقية الكتيبة بأنه النسخة الشعبية من مشايخ اللحى الطويلة وإن تشابه معهم فى حصوله على الختم السعودى بتعلمه على أيدى أمراء التعصب.. ابن باز وابن عثيمين.
يعقوب إذن هو النسخة الشعبية لهذا الدين الذى يقدمه مشايخ السلف فى مصر بنكهة سعودية، ولهذا فمن الطبيعى أن تسمع أن الخطبة الفلانية هى لؤلؤة الشيخ يعقوب ومن الطبيعى أن تكون أسماء خطبه وشرائطه على النحو التالى (الإسعاف، الاعتكاف عقد احتراف، العناية المركزة، ساعة لقلبك وساعة لربك، أهوال يوم القيامة، وحكم الاستمناء وأسبابه وعلاجه) وأن تأتى تعبيراته فى الخطب على نفس الوتيرة بشكل صنعت منه نجما شعبيا كان سببا فى أن ظهر داخل مصر جيل جديد من السائقين الملتحين ويرتدى الجلباب بعد أن كان الوسط الميكروباصى لا يعرف لجملة السلام عليكم ورحمة الله وبركاته «كاملة» طريقاً إلا عبر راكب مستشيخ، ويمتاز يعقوب عن بقية المشايخ بمعاركه مع الفنانين والمشاهير وسخريته منهم. الانتشار الذى حققه يعقوب جزء منه يعود إلى خطبه التى تشبه مسلسلات الإذاعة بتاعة زمان، يعقوب ينتمى للمدرسة السلفية ويهاجم بضراوة دعاة التجديد، وربما يكون هو أكثر من قال للناس كلمة حرام عبر سلسلة شرائطه.
لماذا أصبح التليفزيون حلالا الآن؟
سلفية يعقوب وتشدده تتوافق تماماً مع كون والده أحد المؤسسين للجمعية الشرعية، ومع حياته فى السعودية، ونشأته فى منطقة إمبابة التى ولد بها عام 1956 وشب فيها ونشأ فى عز انتشار الجماعات الإسلامية، وعلى نفس طريق يعقوب يسير آخرون يتقدمهم الشيخ مسعد أنور. والشيخ مسعد أنور على وجه التحديد له صولات وجولات ليست فقط مع الفنانين ولاعبى الكرة ولكن مع الشعب المصرى كله، فالرجل له خطبة شهيرة تحولت إلى سلسلة فيما بعد قام من خلالها بإثبات أن نصف الكلام والأمثال التى يتحدث بها المصريون إما أنها تدخل فى نطاق الشرك الأصغر أو أنها تحملهم الآثام الكبرى بداية من المثل الشهير «طور الله فى برسيمه» وحتى كلمة «يالهوى»، طبعاً قد يكون لدى الشيخ مسعد أنور بعض الحق بسبب جهل الناس بمعانى هذه الكلمات أو الظروف التى قيلت فيها، ولكنه ليس له أى حق فى أن يحمل سياط الترهيب ليرهب بها الناس لأن الدعوة كما علمنا الله تكون بالموعظة الحسنة لا بالتهديد، وهو نفس المبدأ الذى تسير عليه بقية الكتيبة كما قلنا، وإن كنا نلمح ابتسامة دائمة على وجوههم، ولكنها ابتسامة غير مقتنعة فى ظل وجودها طوال الوقت، حتى أنك تشعر أنها هى والبكاء أصبحا شعارا رسميا لكل شيخ سلفى إن كان أو حتى من كتيبة عمرو خالد، وإن كنا نستثنى منهم كما قلنا الشيخ محمود المصرى لا لشىء سوى أن الرجل مازال محافظا على خط الترغيب والتجديد، ولم يكن واحدا من هؤلاء الذين حرموا التليفزيون وأطلقوا عليه «المفسديون» (راجع خطب يعقوب ومسعد أنور والحوينى) قبل عشر سنوات، ثم عادوا الآن ليطلوا على الناس عبر شاشاته بعد شرح طويل يؤكد أن التليفزيون مش حرام خاصة تلك الشاشات التى تأخذ الناس للجنة كما تقول قناة الناس، بينما الواقع يقول إنها تأخذ الناس إلى العزلة، وانظر بنفسك لجيرانك وأصدقائك وسوف تدرك كم من مدرسة بارعة خسرها التلاميذ بسبب نقاب، وكم من مهندس ذكى ترك عمله بسبب الاختلاط، وكم من طالب موهوب ترك المسرح أو دراسة النحت أو الفن لأنه حرام.. راجع شريط ذاكرتك وسوف تكتشف أن صديقا أو قريبا قد سقط من دفتر الحياة بسبب تلك الشاشات التى تعدهم بشىء لا يعد به سوى الله سبحانه وتعالى.. الجنة!
لمعلوماتك...
◄2008 سافر الشيخ حسان إلى ليبيا بدعوة من القذافى
◄1962 ولد الشيخ محمد حسان فى الدقهلية
http://www.youm7.com/News.asp?NewsID=132959