جيهان السادات: حادث المنصة مؤامرة ومن نفذوه أداة لطرف غائب
حوار مجدى الجلاد - ونشوى الحوفى ٧/ ١٠/ ٢٠٠٩
تصوير - حسام دياب
جيهان السادات تتحدث الى المصرى اليوم
رغم بساطة لقائها وتلقائية حديثها الذى خصتنا به فى ذكرى نصر الأمة واغتيال الرئيس، فإن الحوار مع حرم رئيس الجمهورية، حتى ولو كان يحمل وصف «الراحل»، ليس بالأمر الهين، وذلك لعدة أسباب، أهمها أن قواعد وبروتوكولات القصور ليست كتلك التى تحكم حياة عامة الناس، كما أن صورتها التى اشتهرت بها فى حقبة حكم الرئيس الراحل، وقوة شخصيتها التى أثارت الكثير من الجدل عنها وحولها لا تزال عالقة فى الأذهان.
ورغم مرور السنوات وزوال النفوذ والسلطان، فإنك تشعر فى حضورها بهيبة يفرضها عليك إحساسك أنك فى بيت «الرئيس»، ترى صوره فى كل مكان، وتستشعر وجوده فى بعض اللمسات، وتؤكد هى استمرار سيرته وبقاء ذكراه، مدافعة عنه تارة، ومبررة مواقف له فى بعض الأحيان، ومقرة بخطأ بعض من رؤيته تارة أخرى، مؤكدة لك فى نهاية كل حديث أن دافعه فى كل هذا كان عشقه للبلد.
إلا أن الشىء الذى يلفت نظرك فى الحديث معها، هو تفرقتها بين حياتها معه كرئيس دولة عاصرت الكثير من الأحداث فى عهده، وبينه كزوج عارضت الجميع من أجل إتمام زواجها به، وهو المفصول من عمله، والمطلق لزوجته، والأب لثلاث بنات. فعند الحديث عن الرئيس تقول لك «السادات»، وعند الحديث عن الزوج تقول لك «أنور».
وأياً كان عن أيهما يدور حديث السيدة «جيهان» فإنك تلمس حالة من العشق والإعجاب بعصر رجل مضى، وهو ما فرض علينا نحن حالة من الالتزام بقواعدها لنفرق فى حديثنا معها بين الزوج والرئيس، فإليكم نص الجزء الأول من الحوار مع السيدة جيهان السادات.
■ تتحدثين دوماً عن علاقة حب رومانسية ربطت بينك وبين زوجك.. والسؤال الذى يفرض نفسه هو ماذا يلفت نظر فتاه فى الخامسة عشرة من العمر برجل فى ضعف عمرها وله مثل ظروفه؟
- لقد تعلقت بأنور حتى قبل لقائى به بسبب حكايات زوج ابن عمتى حسن عزت عنه، من أنه ضابط شاب فُصل من عمله فى الجيش أكثر من مرة نتيجة لإصراره على الكفاح ضد الإنجليز وأعوانهم، وقتها كان أنور خارجاً لتوه من السجن، بعد براءته من تهمة اغتيال أمين عثمان، وعند رؤيتى الأولى له فى عيد ميلادى الخامس عشر فى منزل ابنة عمتى، أعجبنى هدوؤه وطبيعته الصامتة التى تميل إلى الاستماع أكثر من الكلام.
وأذكر أننى سألته يومها الكثير من الأسئلة فكان يجيب عنها فى هدوء، فزاد تعلقى به، رغم أن كل المؤشرات تشير إلى استحالة الزواج، فهو مفصول من عمله، وسبق له الزواج وطلق زوجته عند خروجه من السجن وله ثلاث بنات، إلا أن إيمانى به فاق كل الحدود، وزاد ارتباطى به عندما رفض اقتراح حسن زوج ابنة عمتى بأن يدعى لوالدى أنه يمتلك ثروة تمكنه من الزواج وفتح بيت، فقال له إنه لا يستطيع خداع أبى. فاتفقنا على حل وسط، وهو أنه لا يبدأ بالحديث عما يملك، ولكن إذا سأله والدى فليقل له ما يريد، وتم الزواج رغم المعارضة الشديدة من الجميع، وكان لدى كلينا الرغبة فى نجاح تلك العلاقة التى استمرت حتى نهايتها بالحب.
■ وكيف ترين حياتك معه كزوجة بعد رحيله منذ سنوات طويلة؟
- كانت حياة رائعة بكل معنى الكلمة، كانت تحدث بيننا خلافات كتلك التى تحدث فى كل بيت، لكنها أبداً لم تخرج عن إطار المعتاد.. على سبيل المثال كنت لا أجيد فنون الطهى وأمور المنزل فى بداية زواجنا، فاستعنت بطباخ وخادمة لمساعدتى فى تلك الشؤون، خاصة أن أنور كان منظماً، ويحب كل شىء فى مكانه، و كان يغضب مثل أى زوج إن وجد زرار قميصه غير مثبت فى مكانه، فكنت أجرى وأخيطه له بسرعة وبنفسى، لأنه كان يحب أن أكون مسؤولة عن كل شىء يخصه حتى بعد أن بات رئيساً للجمهورية، لأنه كان يعيش فى بيته بعقلية الفلاح، وكنت أحرص على الصمت التام فى لحظات غضبه متحاشية الوقوف فى وجهه، فأتركه حتى يهدأ،
وفى بعض الأحيان كان يغضب من عدم التجديد فى الطعام، وكنت أقول له إنه يحيرنى فى طعامه، لأنه لا يأكل سوى طاجن الخضار مع اللحم فى الفرن دون أى دهون وبكميات قليلة جداً. وفيما عدا ذلك كانت حياتنا تسير فى إطار من الاحترام والتفاهم والمودة، وكان يحبنى بشدة، ولا يسمح لأحد مهما كان بالتطاول على ولو بكلمة، وكان هناك اتفاق بيننا قبل الزواج بعدم تدخل أى منا فى شؤون الآخر ومسؤولياته، فترك لى مهمة البيت والأولاد، ولم يسمح لى بالتدخل فى عمله أو السؤال عن تفاصيله،
حتى إننى لم أكن أعلم شيئاً عن تنظيم الضباط الأحرار ولا الترتيب لإعلان الثورة، وليلة ٢٣ يوليو كنت أنا وأنور فى السينما وعند عودتنا وجدنا بواب العمارة يعطينا كارت من جمال عبدالناصر يقول فيه لأنور: «المشروع يبدأ الليلة»، وبالطبع لم أفهم ولم أسأل عن مضمون الكارت حتى بعد صعود أنور معى وتغييره لملابسه وخروجه من المنزل، ولم أعلم بقيام الثورة إلا فى السابعة من صباح اليوم التالى عندما اتصل بى وطلب منى أن أفتح الراديو وأستمع إليه، لأكتشف قيام الثورة بعد إعلان أنور للبيان الأول لها.
■ عايشت الرئيس السادات وهو فى العديد من المهن، وعرفته منذ أن كان يعمل فى المقاولات مروراً بعودته للجيش، ثم عضويته فى مجلس قيادة الثورة، وتعيينه رئيساً لمنظمة المؤتمر الإسلامى، ومجلس الأمة، ثم كنائب لرئيس الجمهورية.. هل حدث اختلاف فى السادات الإنسان الذى تولى كل هذه المناصب؟
- لا فرق، السادات كان رجلا واحدا فى كل ما قام به من أعمال، كان هدفه الأول خدمة مصر، وكان عشقه الأول لها، ليس بالكلام ولكن بالفعل، لقد كان ضابطاً يحصل فى نهاية كل شهر على راتب مضمون، ويستطيع أن يشجب أو يكتب مقالات يهاجم فيها الأوضاع التى لا ترضيه، ولكنه انغمس فى العمل السياسى، ولا يفعل إلا ما يؤمن به، ولذا قاسى الكثير، ولم يكن أبداً يحسب المقابل أو المردود من أفعاله.
■ حتى لو انضم للحرس الحديدى وشارك فى اغتيال شخصيات سياسية مصرية؟
- دعينى أصحح أكاذيب تروى عن السادات من بينها قصة انتمائه للحرس الحديدى الذى نظمه الملك فاروق للتخلص من أعدائه، السادات لم يكن عضواً فى الحرس الحديدى فى أى يوم من الأيام، كما أنه لم يقم باغتيال أمين عثمان، من فعل هذا هو حسين توفيق، الذى كانت تربطه بالسادات علاقة قوية، بل إنه كان يدرب الخلية السرية التى كان يرأسها حسين توفيق، السادات فقط كان ضابطاً ثائراً ضد الإنجليز والاحتلال ومن يعاونهم، فكيف يكون فى الحرس الحديدى.
■ عندما تُذكر حادثة اغتيال الرئيس السادات يردد البعض مقولة «من قتل يقتل ولو بعد حين»، فى إشارة لمشاركته فى تنفيذ اغتيالات سياسية فى فترة الأربعينيات من بينها حادثة أمين عثمان ومصطفى النحاس. وهو قتل فى إطار من الخلاف السياسى. كيف ترين ذلك؟
- الرئيس السادات كان يجاهد فى سبيل وطنه ضد الإنجليز وكانت لديه رسالة وطنية لا يحيد عنها، بلده كانت محتلة ولذا لا ينطبق عليه ما يرددونه. لم يكن خائناً ولا عميلاً لأحد.
■ ولماذا لم تردى على الإساءة التى وجهتها دكتورة هدى، ابنة الرئيس الراحل عبدالناصر، للرئيس السادات واتهمته فيها بالخيانة والعمالة لأمريكا؟
- أنا أعتبر هدى كواحدة من بناتى ومنذ سنوات طويلة كنت أنظر أنا والسادات لأبناء عبدالناصر على أنهم إخوة لأولادنا حتى من قبل أن يكون رئيساً، ولذا فعندما قالت ما قالته لم يكن من الممكن أن أرفع ضدها دعوى قضائية، هل هناك أم تذهب بابنتها للمحكمة؟
ولكننى عاتبتها بشدة فى هذا الموضوع وكنت أعلم أنها قالت ما قالت بتأثير من حسين الشافعى الذى كان يردد هذا الكلام لسنوات بلا دليل.
وقلت لها إنها متعلمة ومثقفة وعندما تقول شيئًا يجب أن يكون موزوناً وموثقاً وبدليل وليس اعتباطاً، فقالت لى إنها ليس لديها غير ما قالته.
فرددت عليها بأننى لن أقول شيئًا غير أن هذا عيب، ولا يصح فى حق شخص كالسادات كان رئيساً لمصر. وأؤكد أن من لديه كلمة أو اتهام للرئيس فليوثقها بدليل. فالسادات لم يكن أبداً عميلاً، حتى إنه عندما قرر طرد الخبراء الروس من مصر كنا فى الإسكندرية وقلت له إنه كان يجب عليه أخذ ثمن هذا القرار من الأمريكان، فأجابنى بأنه لا ينتظر ثمن ما يقوم به لمصلحة البلد من الأمريكان؟
وأكد لى أن مصلحتنا فى طرد هؤلاء الخبراء وبخاصة أننا كنا مقدمين على معركة حاسمة لم يكن يريد أن يعلموا بها ولا أن يقولوا إن لهم دوراً فيها.
■ للكاتب أنيس منصور مقولة يتعجب فيها من المصريين الذين حولوا الرئيس المنهزم إلى بطل والرئيس المنتصر إلى خائن، كيف ترين ذلك؟
- هى حقيقة، وأعتقد أن من يفعل ذلك قلة حاقدة على إنجازات السادات، وهالها أن يظل الحاضر الغائب رغم الرحيل، فالأيام تثبت كل يوم عمق رؤيته وصحة قراراته، حتى وفاته التى تحمل رائحة المؤامرات كتبها الله فى يوم نصر أكتوبر الذى لا يمكن لمصر والمصريين أن ينسوه وكأن الله منحه الشهادة التى لم ينلها فى يوم النصر.
■ هل كانت نظرتك لحادث الاغتيال فى العام ١٩٨١ هى نفسها تلك النظرة وبنفس التبرير؟
- بالطبع لا، يومها كنت أقول لماذا يا رب فى هذا اليوم، هذا يوم نصره وعزه، كانت أياماً صعبة وغير متوقعة، ولكن بعدها تذكرت أنه فى الشهر الأخير قبل وفاة السادات كان يتكلم كثيراً عن النهاية كمن كان يشعر بشىء مقبل، كان يقول لى أنا أشعر أننى أديت واجبى نحو بلدى وقمت بكل ما كان ينبغى علىّ فعله، وسوف ألقى ربى بضمير مرتاح.
وكان هذا الكلام على عكس طبيعته المرحة، لم يكن من طبيعته الحديث عن الموت على الإطلاق، وكنت أتعجب مما يقوله وأضحك معه وأقول ربنا لم يقل لأحد متى سيلقاه يا أنور، فكان يضحك ويقول لى: أعلم ولكنها مشاعر بداخلى.
وفى يوم استشهاده حدث أكثر من موقف غريب، فقد رفض ارتداء القميص الواقى من الرصاص، وقال لى عندما أحضرته له: لا أريد يا جيهان ولا تخافى علىّ، واعلمى أن مشيئة الله نافذة، والقميص لن يحمينى لو جاءت الرصاصة فى رأسى، حينما يأتى القدر لن تستطيعى منعه. كما نسى عصاه. ثم حدث كل شىء بسرعة.
■ هل تعتقدين أن اغتيال الرئيس السادات جاء نتيجة مؤامرة أكبر من تلك المجموعة التى نفذتها؟
- بالطبع من نفذوا حادث المنصة كانوا مجرد أداة، ولكن المخطط الحقيقى لها غائب حتى الآن. وقد ظللت لسنوات بعد حادث الاغتيال أبحث أنا وجمال ابنى عن الفاعل الحقيقى أو المخطط لهذه العملية لكننا لم نصل لشىء. وخشيت وقتها أن أخسر ابنى كما خسرت أباه.
فكففت عن محاولة البحث عن الحقيقة. وذات يوم سألت «تشانسلر شميت» الألمانى عمن يكون الفاعل، هل هم الأمريكان أم اليهود أم جهة ثالثة، فقال لى: لن تعرفى ولكن سيأتى اليوم الذى نعرف فيه جميعاً ما حدث، فلا شىء يخفى للأبد فى هذا العالم.
والحقيقة أنه كان يسيطر على عقلى لفترة أن أمريكا هى من فعلت ذلك وأنهم تخلصوا منه بعد أن حققت فى المنطقة ما تريد كما فعلوا مع الشاه فى إيران، لكننى عدت وتذكرت أن السادات لم يكن يتعامل مع الأمريكان بنفس طريقة الشاه الذى كان قد سلم نفسه بشكل تام لهم.
حتى إننى أذكر أنه بعد اندلاع الثورة الإسلامية ضد نظام الشاه فى نهاية السبعينيات ومجيئه لمصر، اقترح السادات على شاه إيران أن يطلب من البحرية الإيرانية المجىء لمصر لتساعده فى العودة لإيران كما حدث مع الرئيس الإيرانى الأسبق مصدق، فقال له الشاه إنه لا يستطيع فعل ذلك حتى لا يغضب الأمريكان. فسكت زوجى وحزن من رده وقال لى إنه لم يكن يتخيل أن يكون الشاه قد سلم لهم نفسه إلى هذا الحد.
■ وإلى أى مدى وصلت علاقة الرئيس السادات مع الأمريكان إذن؟
- لم تتعد علاقته بالأمريكان حدود عمله كرئيس لدولة يبحث عن مصلحتها، كان يتعامل معهم بكرامة وعزة ويحافظ على مصر. على سبيل المثال لا الحصر عندما تم نفى الشاه من إيران وخروجه منها، وبعد أن رفضت غالبية دول العالم بما فيها الولايات المتحدة الأمريكية استقباله على أراضيها، ذهب إلى بنما وكان فى حالة مرضية شديدة تتوجب إجراء عملية جراحية، فحادثتنى زوجته «الشهبانو فرح» تبث لى همومها كصديقة، فاندفعت وقلت لها: ولماذا لا تأتون لمصر؟
فسكتت وقالت لى أن أسأل الرئيس السادات أولاً حتى لا أسبب له مشكلة مع الولايات المتحدة.
لحظتها شعرت بالورطة التى وضعت زوجى ونفسى فيها، فذهبت له فى مكتبه وبادرته بالقول: إننى ارتكبت خطأ، فقال لى: وما هو؟ فأخبرته بما حدث، فقال لى: وأى خطأ فى هذا؟ فليأت الرجل على الرحب والسعة، إنه صديق فى أزمة ويجب أن نكون بجواره.
ثم طلب من أشرف غربال إرسال طائرة خاصة لبنما وإحضار الشاه وزوجته، وطلب منى أن أسأل الشاه بانو أن تختار الفريق الطبى المعالج له كما ترى سواء من المصريين أو الأجانب، وهو ما حدث.
وأذكر أنه كان عندى اجتماع فى اليوم التالى فى قرية SOS وكان الكاتب الراحل موسى صبرى عضو مجلس إدارة فيها، فقررت جس النبض فى قصة الشاه وسألته عما يحدث لو طلب الشاه المجىء لمصر فانزعج جداً وحلفنى ألا أكرر هذه الكلمة لأن فى هذا تعارضاً مع مصالحنا مع أمريكا ودول العالم ومع الإسلاميين فى مصر.
فصمت٠ُّ ولم أذكر له شيئاً عن قرار الرئيس، ولكن السادات تعامل مع الأمر بشهامة أبناء البلد. وبعد إعلان خبر استقبال مصر للشاه وأسرته، تحدث الرئيس جيمى كارتر وترك للسادات رسالة بألا يتم استقبال مصر لشاه إيران، ولكن السادات قال يومها: «هل سنأخذ الأوامر من أمريكا؟ أنا أقف مع صديق فى محنة، ولن أنسى أنه زودنى بالبترول فى حرب أكتوبر وناصرنى بلا شروط».
■ شاركت الرئيس رحلة عمر طويلة بدأت منذ أحلك سنوات حياته، ولكن إلى أى حد كان تدخلك فى القرار السياسى بعد أن صار رئيساً للجمهورية؟
- كانت حدود الزوجة المحبة لزوجها، وليس صحيحاً ما قيل عن أننى كنت أتدخل فى تعيين وزراء أو عزل آخرين لأن السادات كان «رجل فلاح» لا يسمح لزوجته بالتدخل فى شؤونه بقرارات، ولكن عندما كنت أرى شيئاً أو أسمع عن أى شىء أعود وأتحدث معه فيه.
■ جيهان السادات «سيدة القصر»، هل أخذت وقتاً للتوازن مع حياتها دون إطار الرئاسة بعد وفاة الرئيس السادات؟
- على الإطلاق لأننى شخصية تستطيع الحياة والتمتع بها فى أى ظروف وأرى الجمال فى كل شىء وأرضى بكل الأوضاع، وأحمد الله على نعمة الله أيا كانت، ولم أشعر بأى فارق بعد رحيل أنور إلا بفقدانه وقضائى بقية سنوات عمرى من دونه، ولا يؤنس قلبى سوى مقابلة الناس لى فى الأماكن العامة وتذكرهم له بالخير.
■ بصراحة هل ظلمت أحداً وقت أن كنت زوجة للرئيس؟
- لا أتذكر شيئاً كهذا لأننى لا أستطيع ظلم أى كائن.
■ حتى أسرة الرئيس من زوجته السابقة إقبال ماضى؟
- إطلاقاً، وأذكر أنه بعد وفاة أنور جاءتنى آمال عثمان تتحدث فى قصة معاشى، فقلت لها إنه من الضرورى أن يكون لزوجته السابقة معاش هى الأخرى لأن أنور كان متكفلاً بها وبكل ما يتعلق بها حتى يوم وفاته رغم طلاقهما الذى وقع قبل زواجنا بعدة أشهر فى العام ١٩٤٩.
■ وماذا عن قرار دكتور صوفى أبوطالب رئيس مجلس الشعب الأسبق بتخصيص معاش الرئيس السادات لك ولأبنائك منه فقط من دون بقية أبناء الرئيس من زوجته السابقة؟
- لا علم لى بشىء كهذا ومعاشى من أنور لم يتجاوز وقتها مبلغ ٩٠٠ جنيه، وصل على مدار السنوات الماضية إلى ٣٥٠٠ جنيه. رغم أن قرار تعيينه كرئيس جمهورية كان يتضمن قراراً بأن يكون معاشه بنفس قيمة راتبه وكان وقتها ٥٠٠٠ جنيه. ولكن لم ينفذ أحد هذا القرار، وأنا لم أطلب شيئاً من أحد.
ولا أخجل من أن أقول إن ابنى وزوج ابنتى محمود عثمان كانا يساعداننى، وخرجت للعمل ودرست فى جامعة القاهرة ثم جاءنى عرض للتدريس فى إحدى الجامعات الأمريكية براتب مغر فكنت أسافر للتدريس هناك.
■ البعض يظن أن الرئيس السادات ترك ميراثا ضخما لعائلته؟
- غير صحيح ولم يترك أنور سوى ألف جنيه كانت ديناً عليه للبنك الأهلى وكان قد سحبها بضمان راتبه وسددها زوج ابنتى محمود، أنور كان إنساناً غاية فى الشهامة ودماثة الخلق، لم تكن الثروة تشكل له أى أهمية وأذكر بعد حصوله على جائزة نوبل للسلام، أنه قرر التبرع بمبلغ الجائزة كله لبناء منازل لبيوت الفلاحين الفقراء فى ميت أبوالكوم، فقلت له إننى زوجته وأم أبنائه وأنه كان يجب أن نجلس سويا ونقرر مصير هذا المبلغ، فقال لى إنه سيترك لى ولأبنائنا ثروة أكبر من المال، هم الأصدقاء، وهو ما حدث فبعد وفاته لم أجد بجوارى غير أصدقائه فى كل مدن العالم.
■ هل عانى أبناؤه بعد رحيله مادياً؟
- لا فبناتى الثلاث كن متزوجات من رجال أعمال، واحدة متزوجة من محمود عثمان نجل عثمان أحمد عثمان، والأخرى متزوجة من حسن مرعى ابن الوزير سيد مرعى، والثالثة من عبدالخالق عبدالغفار وليس لديها مشكلة، وكان جمال يعمل فى شركة زوج أخته محمود عثمان.
http://www.almasry-alyoum.com/article2.a...eID=228415&IssueID=1551