RE: ما فائدة صلاة الكسوف و الخسوف و الإستسقاء و غيرها ؟
عن عائشة رضي الله عنها - أن رسول الله صلي الله عليه وآله وسلم قال - ( إن الشمس والقمر لا ينكسفان لموت أحد ولا لحياته , فإذا وأيتموهما فادعوا الله وصلوا حتي ينجلي ) رواه البخاري وغيره
فقد انكسفت الشمس يوم وفاة إبراهيم ولد النبي صلي الله عليه وآله وسلم , فقال الناس إنما انكسفت لموته ( حزنا عليه ) فقال عليه الصلاة والسلام : إن الشمس والقمر آيتان من آيات الله تعالي لا ينكسفان لموت أحد ولا لحياته , فاذا رأيتم شيئا من هذه الآيات فافزعوا إلي الصلاة وإلتجئوا إلي الله تعالي بالدعاء والصلاة ليذهب عنكم السوء , ويكشف عنكم ما نزل بكم .
ولكن ما فائدة ( صلاة الكسوف ) ؟
- فائدتها - أن يتمرن العباد علي إتيان الصلاة بخوف وخضوع يتجلي فيهما المهابة والخشوع التامان لله العظيم الذي لو شاء لأمسكها فلا تعود للظهور ثانية -- وفي هذا مافيه من الضرر علي العباد -- فلو لم يكن في هذه الصلاة سوي تعويد العبد علي الاذعان والخضوع لمولاه الذي لا يكشف السوء غيره -- لكفي ...
يقول البعض : أثبت العلم أن الكسوف أو الخسوف إنما يكون بحيلولة الأرض بين أحدهما وبين الآخر , ومعلوم أن الأرض كروية وبمجرد أن تأخذ الأرض حركتها ينجلي هذا العارض المؤقت , ولهذا أمكن للفلكيين أن يعرفوا بالضبط الوقت الذي ستنكشف فيه الشمس وقدره الدقيقة واللحظة والوصف الدقيق وكذلك الوقت الذي ستنجلي فيه ويظهر ضوئها كاملا كما كان ...
: (ويستطردون) الشمس ستنجلي بمقتضي العلم والحساب لا محالة , والصلاة بعد ذلك بقيت عملا تافها لا قيمة له , ومراسيم في الدين عديمة الأهمية ولو كنا من علماء الدين لأشرنا بمحو هذا الباب من كتب الفقه الاسلامي ... ( كذا )
فأقول لهم : -- الحمد لله -- لم تكونوا ولن تكونوا من علماء الدين , لأن الله جلت قدرته حال بين المستهترين في الدنيا وبين نور الحق فعزاهم الشيطان الرجيم وغرهم وزين لهم سوء أعمالهم فرأوه حسنا , وجوزوا لعقولهم الضعيفة التي لم تتأهل لهذا البحث بعد , الخوض بهذا الاسلوب المتمرد الذي لا يليق , لذا سأبين لهم ما هي الحكمة في صلاة الكسوف آنئذ وقد علمنا من كلامهم أن الشمس ستنجلي صلي الناس أم لم يصلوا .
الشمس والقمر والكواكب بل وكل شئ إما أن تكون صانعة نفسها وجارية بطبيعتها أو لها صانع صنعها وأوجدها وسيرها بأمره وقدرته وحكمته : فإن قلتم بالأول وهو أن الشمس مثلا ليس لها صانع يديرها ويخسفها ويكسفها إن شاء الله بل هي بذاتها وجدت بطبيعتها وباختيارها تتغير وتنكسف , فلا كلام لنا معكم فان الكفر العريض هو هذا
وإن قلتم لها صانعا يجريها بأمره ويمسكها إن شاء , ويعدمها إن شاء , كما سيكون يوم القيامة كما قال الله تعالي : ( إذا الشمس كورت وإذا النجوم انكدرت ) الآيات -- وقوله ( فاذا برق البصر وخسف القمر وجمع الشمس والقمر يقول الانسان يومئذ أين المفر ) فقدرة الله صالحة لاذهابها لو شاء خسفها دائما ( قل أرأيتم إن جعل الله عليكم الليل سرمدا إلي يوم القيامة من إله غير الله يأتيكم بضياء أفلا تسمعون , قل أرأيتم إن جعل الله عليكم النهار سرمدا إلي يوم القيامة من إله غير الله يأتيكم بليل تسكنون فيه أفلا تبصرون , ومن رحمته جعل لكم الليل والنهار لتسكنوا فيه ولتبتغوا من فضله ولعلكم تشكرون ) فكان لزاما علي العباد حين نزول هذه الانذارات بهم أن يضرعوا إلي ربهم بالصلاة التي هي صلة زلفي بين العبد وبين ربه حتي يكشف السوء عنهم .
والعلماء لم يعطوا من العلم إلا قليلا , ومن الذي علم الانسان ما لم يعلم , أليس هو -- الله الرحمن الرحيم -- وأليس هو الذي علمنا أن نضرع إليه ونلجأ عند نزول الشدائد والمحن ( أمن يكشف السوء ويجعلكم خلفاء الأرض أإله مع الله ) غريب منطق هؤلا .
صاحب الشرع الذي لا ينطق عن الهوي علم الأمة أن الشمس والقمر لا ينكسفان لموت أحد ولا لحياته حتي تتلاشي تلك الخرافات من أذهان الناس , كما ندبنا الشرع إلي صلاة ركعتين عند الفزع والزلازل والصواعق والوباء وما إلي ذلك من الأهوال التي هي آية من آيات الله ينذر بها عباده ليتركوا المعاصي ويرجعوا إلي طاعته فهي رحمة من الله بعباده في الواقع ونفس الأمر .
ثم ماذا ؟ أليس الله يقول ( واستعينوا بالصبر والصلاة وإنها لكبيرة إلا علي الخاشعين ) فبأي شئ نستعين علي إرجاع هذا الكوكب العظيم , مهما علمنا السبب في تغيره اللهم إلا بالتضرع والخوف من الله تعالي , ولنفرض أن هذه الأسباب المعروفة علميا أصبحت من المسلم بها , وأن المدة معلومة وستنكشف الشمس لا محالة -- أليس لله خرق العوائد -- وأليست قدرة الله فوق الأسباب والمسببات , فلو شاء لسلب السبب وسببيته , ولجعل المقتضي مانعا والمانع مقتضيا -- لأنه صاحب الأمر كله -- ولا يقع في ملكه إلا ما يريد ...
والحق , أن الايمان ليس ثرثرة ولا كلاما , وإنما هو شئ وقر في القلب واطمأن له , وبأن الله فعال لما يريد , يفعل ما يشاء ويختار , ويجب ذكره كلما غفل عن ذكره الغافلون
وإنني لأقول للذين لم يدرسوا الشريعة الاسلامية وأصولها , ولم يتغلغلوا في فهم أسرارها ومثلها العليا , وغرهم ما عرفوه من علوم الدنيا وزخرف القوانين الوضعية :
إن شئتم أن تتعلموا ما جهلتموه من الدين -- فاسألوا أهل الذكر في أدب وتقدير , ولا تتهجموا علي الشريعة بهذه الأساليب المنكرة , التي تجعلكم في عداد الملحدين أو أعداء الدين , واعلموا أن عقولكم ضعيفة ومحدودة ولن تعرفوا حكمة الخالق إلا إذا عرفتم أنفسكم .
واسمحو لي أن أقول لكم : أنني لو درست عشرة مجلدات في علم الطب فلا أجيز لنفسي أن أتكلم علي ضوء هذه الدراسة في علوم الطب موازنا , فكيف تسوغوا لأنفسكم الكلام بهذا الاسلوب في دين الله - غير مبالين - ولا متحشمين , أليس هذا تطفلا علي موائد لستم أهلها , مادمتم متغطرسين مغرورين تطنون أنكم علي شئ , ولستم هنا ولا قلامة ظفر , ورحم الله أمرأ عرف قدر نفسه .
قصصت حديثي ليعرف المتصفح أمثال هؤلاء فلا يغتر بهم , ولا يحفل بأمرهم مهما جري علي ألسنتهم من منطق فصيح وقول بليغ .. ولسوف يبدلهم الله بقوم غيرهم , ثم لا يكونوا أمثالهم .....,
( يا أيها النمل ادخلوا مساكنكم لايحطمنكم سليمان وجنوده وهم لا يشعرون((
|