{myadvertisements[zone_1]}
 
تقييم الموضوع:
  • 0 صوت - 0 بمعدل
  • 1
  • 2
  • 3
  • 4
  • 5
نبيل فياض يعود للكتابة ويدعي تعرضه لمحاولة إغتيال
بسام الخوري غير متصل
Super Moderator
******

المشاركات: 22,090
الانضمام: Feb 2004
مشاركة: #1
نبيل فياض يعود للكتابة ويدعي تعرضه لمحاولة إغتيال
الأصوليّون والأنظمة الناطقة بالعربيّة!
طباعة أرسل لصديق
نبيل فياض : كلنا شركاء
24/ 06/ 2010
رغم كل الألم القاتل الذي عشته على مدى أسبوعين وما تزال آثاره قابعة تحت الجلد وبين عظام الكتف الأيسر، رغم الأضرار الماديّة الكبيرة التي لحقت بي من جراء الحادث، رغم شعوري شبه اليقيني بأن أحداً ما لعب بسيارتي وهي مرميّة أمام بيتي ليلة الحادث: فإن أهم ما خرجت به من تلك المغامرة نحو موت مؤجل هو إعادة النظر في الحالة الأصوليّة التي أنتقدها منذ ربع قرن بلا كلل ولا ملل.
الحالة الأصوليّة، التي نرى أنها العائق الأكبر في وجه تحضّر شعوب المنطقة وانخراطها في منظومة القيم العالميّة ممثّلة في شرعة حقوق الإنسان التي أقرتها الأمم المتحدة، ليست وليدة ذاتها كما تريد الأنظمة الناطقة بالعربيّة تصويرها؛ وكأنها أحد أشكال البارميسيوم: الحالة الأصوليّة، كما يتبدّى لنا من التجربة الساداتيّة – وكنّا وقتها نعيش في مصر – هي وضع سياسي قابل للانتهاء أو التفاقم، وفق متطلبات النظم الحاكمة. ولأن النظم الحاكمة لا يهمها غير استمراريتها، فاعتقادنا أن الحالة الأصوليّة – مع حالة العداء لإسرائيل – هي الضامن الأول لوجود تلك النظم، التي تقف معاندة منطق الزمان والحريّة والمسار التصاعدي للتفكير البشري.
لماذا تريد تلك النظم، أعداء الصيرورة، الحالة الأصوليّة؟ وهل بالفعل أن هنالك تناقضات بين الطرفين، كما يحاول أن يظهر إعلام النظم والأصوليين على حد سواء؟ ولماذا تحصل صدامات بين الطرفين القمعيين بين فترة وأخرى؟ وهل نقط التلاقي بين النظم والأصوليين أكثر من نقط الافتراق، أم العكس؟ أسئلة لا بد من الوقوف عندها، بحياديّة تنطلق من تجارب معاشة مررنا بها، إن في مصر أو خارجها!! لن نتكلّم هنا عن التحالف الباكستاني ( ضياء الحق ) الأميركي ( ريغان ) السعودي، في خلق أشهر التنظيمات الإرهابية في التاريخ الحديث: القاعدة وطالبان! فهذا خارج إطار كرونولوجية المقال.
الأصوليون والأنظمة الناطقة بالعربيّة يلتقون استراتيجيّاً في قاسم مشترك أدنى، لا يمكن لأي طرف غير أصولي أن يشاركهم به: الاستبداديّة ورفض الآخر. من هنا، يبدو نشاطهم محموماً للغاية في محاربة التيارات الديمقراطيّة، سواء أكانت يمينية أم يساريّة.
الواقع المر يقول، إن المجتمعات الناطقة بالعربيّة، تنفر غرائزيّاً من فكرة التعدديّة والمجتمع الديمقراطي. ويبدو أن جينات هذه الشعوب، التي تآلفت مجتمعيّاً مع عقليّة الاستبداد منذ بزوغ الإسلام، تحوّرت بيولوجيّاً حتى صار الاستبداد جزءاً من تركيبتها بحيث أضحت تتوارثه جيلاً بعد جيل. وعلميّاً نعرف أن الطفرة التي تسببها البيئة للجينة يمكن أن يتم توارثها لتصبح جزءاً من تسلسل وراثي عام.
الواقع الأمر يقول، إن المجتمعات الناطقة بالعربيّة ترسانات لاهوتيّة لا يمكن اختراقها. المجتمعات الناطقة بالعربيّة، كالمجتمعات في القارة الهنديّة، تمتلك من المخزونات الميثولوجية الضاربة في أعماق التاريخ ما يجعلها عصيّة على أية مقاربة عقلانيّة للشأن اللاهوتي. ما يميّز الميثولوجيا الهنديّة إيجاباً مقارنة بتلك الموجودة عند الشعوب الناطقة بالعربيّة حاليّاً هي أن الطابع الأسطوري يبدو طاغياً للغاية في الهنديّة مقابل تلك التي في أقطارنا، حيث أن أساطير الشرق الأدنى القديمة التي تسللت عبر التوراة إلى القرآن والتراث الإسلامي عموماً عرفت صيرورة تأريخ مزيفة جعلتها في أذهان العامة أقرب إلى الحقائق منها إلى الخرافات. لذلك كان من السهل على الهندي التخلّص من ركامه الميثولوجي ( كالشنتو تماماً، يبدو أن الهندوس يتعاملون مع أساطيرهم باعتبارها فولكلوراً )، في حين أن الناطق بالعربيّة ما يزال يأخذ قصصه الخرافيّة على أنها وقائع لا سبيل إلى التشكيك فيها، حتى وإن كانت من نمط " الإسراء والمعراج ".
ملاحظة:
نقصد بالهندي هنا الهندوسي حصراً، فالهندوس الذين تحولوا للأسف إلى الإسلام، صاروا أقرب إلى المسلمين الناطقين بالعربيّة عقليّة ونمط تفكير، حتى أنهم قدموا للعالم كثيراً من النماذج الأصوليّة التي لا تفتقد رائحة الإرهاب؛ أما تعبير " الناطقين بالعربيّة " فنقصد به هؤلاء من أتباع المذهبين الكبيرين في الإسلام: السني والإثنا عشري. وللأسف الشديد أيضاً، تعمل الدولة السورية بقصد أو دون قصد على تدمير آخر ما تبقى من لمع إسلاميّة مضيئة عبر هذا التبشير الفارسي الإثني عشري في آخر القلاع العلوية والاسماعيلية والمرشدية.
ماذا تقدّم الأصوليّة للنظم الحاكمة؟
من الأنموذج الساداتي الأشهر، الذي يبدو أنه ترك آثاره التي لا تمحى عند كل الأنظمة العربيّة، يمكن أن نتلمّس فوائد لا حصر لها، قدمتها الأصوليّة خدمة للنظم الحاكمة، ومن أهمها التالي:
أولاً:
الأصوليّة تشيع عقليّة الخرافة بين الناس، خاصّة العوام. وتنقل اهتمام المرء من هذا العالم إلى العالم الآخر. بغض النظر عن ركامها الميثولوجي الذي يعتبر أن مئة عام من حاكم ظالم خير من ليلة بلا حاكم. لذلك لا أهم عند الحاكم المستبد من وجود سلطة كهنوتيّة تمسك العوام من أنوفها بسلاسل الخرافة، ويمسك الحاكم المستبد برؤوس تلك السلطة في يده عبر مفاتيح المصالح.
ثانياً:
كما أشرنا من قبل، فمنطقتنا هي الأخصب للأفكار الخرافيّة؛ بل ربما يتبادر إلى ذهننا أحياناً أن هذه الشعوب عصيّة على المنطق. والتجربة الساداتيّة الشهيرة أطاحت ما بين عشيّة وضحاها بكامل إرث الاتحاد " الاشتراكي " العربي الناصري، لصالح أخوان الرئيس المؤمن. هذا يعني أن كل الاشتراكية الناصريّة المزعومة، رغم قناعتنا بصدق نوايا القائمين عليها، لم تستطع أن تتغلغل إلى أعماق الكائن المصري، وكان كافياً لعاصفة السادات الأخوانيّة أن تزيل بسهولة غبار الاشتراكية، ليظهر من ثم جبل الأصوليّة الراسخ. إذن، الأصوليون هم الأسهل تناولاً لأي حاكم ناطق بالعربيّة إذا ما أراد أن يقمع خصومه الديمقراطيين.
ثالثاً:
بالمقابل، الأصوليّة المتفشيّة سلاح متعدد الغايات يستعمله الحاكم المستبد كي يعلل لأية قوى ديمقراطيّة رفضه لأبسط متطلبات العمل الديمقراطي، بحجة أن صناديق الاقتراع، في ظل هذا التفشي المخيف للأصوليّات، لا يمكن أن توصل إلى إلا مزيد من التحكم الأصولي برقاب الناس. بمعنى أن الحاكم المستبد هو الذي يخلق العلة لمحاربة الديمقراطيّة، ومن ثم يستخدمها ضد القوى المطالبة بالتغيير الديمقراطي.
رابعاً:
الأخطر والأهم، أن الأصوليّة هي السلاح الذي يستخدمه الحاكم المستبد في مواجهته لأية ضغوط خارجيّة من أجل تعديل المسار باتجاه الديمقراطيّة. وها هو يحمل بيده عصا التهديد التي تصرخ: إن أي تبديل لي سلماً أو حرباً لا يمكن إلا أن يأتي بقوى الظلام إلى الواجهة. وكلكم اختبرتم هذه القوى وتعرفون خطرها على مسيرة الحضارة الكونيّة.
إن عملنا الدائم على الشارع السني أقله في منطقتنا يثبت على نحو متصاعد أن الدولة لو أرادت تغيير المعادلة لاستطاعت ذلك. لكنها لا تريد.

نبيل فياض : كلنا شركاء

http://all4syria.info/content/view/28403/104/
06-24-2010, 11:35 PM
زيارة موقع العضو عرض جميع مشاركات هذا العضو إقتباس هذه الرسالة في الرد
{myadvertisements[zone_3]}
بسام الخوري غير متصل
Super Moderator
******

المشاركات: 22,090
الانضمام: Feb 2004
مشاركة: #2
الرد على: نبيل فياض يعود للكتابة ويدعي تعرضه لمحاولة إغتيال
عن الله... وحزبه!!
طباعة أرسل لصديق
نبيل فياض: كلنا شركاء
28/ 09/ 2010
" يتفق " الغرب المتقدّم والشرق الأقصى الأكثر تقدّماً - لا أتكلّم هنا عن رجال الدين أو عن بائعات العكوب - على أن الله غير موجود. ويتحدّث كتاب صدر مؤخراً لأحد أهم الفيزيائيين عن أن الإله الأوحد الذي عُرف أنه أهم ما اخترعه اليهود وسوقه المسلمون ليس غير خرافة مستوحدة. لم أقرأ الكتاب كي أحكم، لأني مشغول بإله المسلمين وكتابه المقدّس؛ مع ذلك، لا يحتاج واحدنا، الذي رضع حليب فويرباخ ونيتشه ودو بونوا إلى فيزيائي أو كيميائي كي يتأكد أن الله غير موجود. لا نتفق مع نيتشه على الإطلاق في أنه ربما يكون ثمة إله تهكمي خلف علامة الاستفهام الهائلة التي تحمل اسم " الكون ". فنظرية " السببية " التي يتبناها نيتشه هنا، يمكن تطبيقها على إلهه ذاته، لنصل من ثم إلى سلسلة من علة-معلول لا يمكن إحصاؤها. لكننا قطعاً نتفق مع جميع الفلاسفة اللا-دينيين في أن جميع من ادعى علاقة بالماوراء لا يمكن إلا أن نصفه بالمهلوس نفسياً.

بالمقابل، فشرقنا الأدنى المسكون بخرافات ترجع إلى ما قبل العصر الحجري، " يختلف " فيما بينه حول شكل الإله. وحتى الآن لا تساعدني قدراتي المعرفية على استيعاب " لماذا يهاجر الفرد اليهودي من بلدان ساحرة ، مثل هولندا أو فرنسا، إلى أرض متصحرة، مهما أعمت الأعين قداستها الكاذبة، كفلسطين. فلو كان أمري بيدي، لما بقيت في سوريّا [ أرض أخرى يزعم التلمود أنها مقدسة ] لحظة واحدة. حتى الآن لا يمكن أن أدرك كيف يستطيع اليهود أن يؤمنوا بصحة الكتاب المقدس العبراني، رغم أن معاول الهدم النقدية بدأت بدك أركان " التوراه " منذ زمن قديم قدم اسبينوزا. وأدنى تفعيل لطبقات العقل - لن أتحدّث هنا عن أية فعالية معرفيّة مثل أن يطلع واحدهم على فنكلستاين أو حتى غايغر - لا يمكن أن يوصل إلا إلى رفض أية حقيقة في ذلك الكتاب الأغرب المسمى بالكتاب المقدّس العبراني.
أفضل ما فعلته المسيحية هو أنها خرجت من بيئة الخرافة اليهوديّة في فلسطين إلى أرض العقل في الغرب الأوروبي. فلو أنها اختارت البقاء في أورشلايم، لما عرف العالم عبقريات من نمط شلايرماخر أو بولتمان أو حتى هانس كونغ؛ ولكان أضحى ملكوت الرب مقفلاً على أنماط من الحديقة الجوراسية، مثل البوطي أو الشعراوي أو القرضاوي. خروج المسيحية من أورشلايم إلى الغرب أنهى ثالوثها الأقدس كدين، وحولها إلى جمعيات خيرية ومؤسسات ثقافية وأحزاب مسيحية اسماً.
المسلمون كارثة العصر. فرغم تسلل العقلانيّة المتطرفة إلى كافة أركان العالم - تبدو فلسفة الجينات والبيوطيقيا آخر تجلياتها - المتحضر، يبدو أن العالم الإسلامي المستهلك للحضارة ليس إلا القلعة الوحيدة الأخيرة المحصنة ضد فيروس العصرنة. العقل المجرّد يعرف عبر آخر معطيات العلم أن ما من إله يقف خلف هذا العالم " الأغرب " في لا معقوليته. العقل المجرّد، إن تواضعنا أكثر، يعرف أن الأرضية السيكولوجية لمن يدعي اتصالاً بالماوراء لا ينقصها الخلل؛ مع ذلك لا يمكن أن نفهم إصرار المسلمين على التمسّك بما يؤمنون به إلا من زاوية الأرضية التي لا ينقصها الخلل بالذات.
ما هو الدليل على أن فلاناً كان نبيّاً؟ هو قال ذلك!! باستطاعة أي مفكّر عظيم أن يزعم أنه نبي. هيغل أو هايدغر مثلاً. لكن أياً من هؤلاء لم يدع قط أنه نبي، وكان ذلك من أسهل ما يمكن عليه، أقله لأسباب معرفيّة. أي مفكّر بالحد الأدنى من احترام الذات والتوازن النفسي لا يمكن أن يقبل مزاعم هلوسية من ذلك الصنف. الأتباع. ما أسهل أن تحصل على أتباع من الكائنات المستلبة فكرياً.
جوزف سميث، النبي المؤسس للديانة المورمونية، له من الأتباع اليوم ما يفوق الإثني عشر مليون " مؤمن ". بل إن عدد أتباع الديانة المورمونية يتضاعف كل عشر سنوات. فهل هذا " الدليل " على أن سميث نبي موحى له؟ وهل أن مئات ملايين الهندوس من عبدة الآلهة الكثيرة الدليل على أن الهندوسية ديانة لها علاقة بإله؟ وهل المانو سمرتي كتاب موحى به؟
مشكلة المسلمين معرفيّة. ليسوا فقط جهلة بدينهم - وبعقائد غيرهم طبعاً - بل يرفضون أية مقاربة موضوعية نقدية لا نقليّة إلى هذا الدين. ويستعمل مشايخهم كل ما بأيديهم من سلطات لمنع أو حجب أو حتى قتل كل من تسول له نفسه أن يقارب الدين إياه من غير زاوية القداسة. والقداسة هي إغماض العينين ذاتياً كي لا يرى واحدهم مشهد الزيف العضال.
حين عملت على تقديم فهم آخر لقصة الخلافة، ثارت ثائرة " ديوك الله الروميّة "؛ وسارعوا إلى تفعيل علاقاتهم الأمنية لمنع كتابي " يوم انحدر الجمل من السقيفة "؛ وحين أردت مقاربة غير تقليدية لقصة نبي المسلمين وزوجاته، خطف ما يسمى بحزب الله الناشر وقتها، وتوقفنا عن إعادة طباعة " أم المؤمنين تأكل أولادها ". ولمّا أظهرت بالقلم والورقة أن القرآن مأخوذ في جانبه القصصي على الأقل عن الأغاداه اليهودية، تمت مصادرة سلسلة الكتب في معرض كتاب الكويت، ومات العمل في بداياته. واليوم أعمل على التراث الإسلامي كي أثبت بالوثائق الدامغة أن القرآن كما نعرفه اليوم هو نتاج عثمان بن عفان وتحرير الحجاج بن يوسف الثقفي؛ وأن التراث الإسلامي بالذات يثبت بما لا يرقى إليه شك أن مصاحف المسلمين الأولى تختلف نصيّاً عن المصحف العثماني. وقد تلقى أكثر من منبر إعلامي في سوريا تهديدات لي بالقتل بسبب " فروقات المصاحف "؛ لا أدري - الدولة؟؟ لا يهمها طبعاً - إن كان حادثا سيارتي وقاربي من تجليات تلك التهديدات. لكن الأمر لا يهم. وكما دفع كثيرون حياتهم ثمن أفكارهم في مجتمع متخلف عقلياً، لا أمانع أن أدفع حياتي ثمناً لقناعاتي. والآن أعمل على مصحف سعيد بن جبير، حيث سأستكمل هذا الخريف كتاب الفروقات، لأبدأ " إن شاءت الآلهة أو أبت " عملي على كتابي شبه الجاهز، كمشة بدو.
يقسم المسلمون أنفسهم إلى سنة وشيعة. ولن نتحدث عن الانقسامات الأخرى لأنها مملة. فضمن كل مجموعة من المجموعتين الأكبر، هنالك تفرعات هي أقرب إلى تفرعات المقامات الموسيقية، مع فارق أوحد عن المقامات، كما أشرنا، هو أنها لا تبعث إلا على الضجر. السنة، كما عرفتهم، هم الأقرب إلى عاطفتي رغم رفضي لهم عقائديّاً وتاريخيّاً. أحب في السنة وضوحهم. نحن معاقون ونحب أن نكون معاقين. بخارينا ومسلمنا ومن دار في كنفهما مليئان بالتناقض، مع ذلك فنحن نؤمن بهما على عللهما. المبشرون بالجنة مثقلون بالفضائح والصراعات من أجل السلطة والمال، مع ذلك لا يمكن أن نقبل إخراج أي منهم من جنة الله " الموعودة ". علي يقتل طلحة والزبير، والنبي يقول ما اقتتلت فئتان من أمتي إلا وكانت كلتاهما في النار، لكننا كسنة نأبى إلا أن نضع علي والزبير وعائشة وطلحة في الصف الأول بعد الأنبياء في جنة الخلد.
كارثة السنة رجال الدين عندهم. كم الجهل الديني - وغير الديني طبعاً - عند رجال الدين السنة لا يمكن إلا أن نرفع له القبعة. مع ذلك، تجدهم يتدافعون عند أدنى محاولة لإظهار الذات. يفهمون في كل شيء، بدءاً من الغرانت صاحب، كتاب السيخ المقدس، وانتهاء بفن الطبخ المايكرونيزي. التقيت أحدهم قبيل مدة. وهو شيخ بارز جداً، أو على الأقل هكذا يصورونه. كنت أعمل على ثلة مصاحف ثانوية من تلك التي أوردها ابن أبي داوود في كتابه الشهير. اكتشفت - ياللهول !!! - أنه لا يعرف اسماً من الأسماء التي ذكرتها أمامه لأصحاب المصاحف الثانوية. بل اكتشفت أيضاً أنه لا يعرف أن شخصاً مثل سالم كان عنده مصحف خاص به. لن أتحدث شيئاً عن مقولات وجدتها عند السنة تبعث على الذهول، مثل العبارة التي كانت مكتوبة على قبر حجر بن عدي في منطقة عدراء شمال دمشق: " هذا قبر الصحابي الجليل حجر بن عدي ( رض )، الذي قتله الصحابي الجليل معاوية بن أبي سفيان ( رض )، لأنه رفض أن يشتم الصحابي الجليل علي بن أبي طالب ( رض )". لذلك أعتقد، أنه لو كانت حكوماتنا العربية تمتلك الحد الأدنى من الشرف، لتعلمن السنة كلهم. حكوماتنا العربية تريد للسنة أن يستوطنوا الجهل، لأنها دون الجهل لن تكون حكوماتنا.
الشيعة، وأتحدث هنا عن الإثني عشريين حصراً، هم مصيبة الزمان والمكان. ما هو التعريف الفلسفي للإثني عشرية؟ إنها المحاولة الساذجة لإضفاء طعم عقلنة حلو المذاق على الخرافة المرة من أجل تسهيل بلعها. عشت مع الإثني عشريين سنوات هي الأسوأ والأغبى من قبلي على الأقل: هل يجب أن نعيش الموت إن أردنا أن نفهمه؟ الإثنا عشريون هم العقبة الأخيرة في وجه علمنة الإسلام أو حتى عقلنته. الإثنا عشريون، بحنكتهم الدياليكتيكية الهائلة، التي أكسبهم إياها الزمان من صراعم كأقلية مع الغالبية السنية الحاكمة، هم سادة تسويق الخرافة بعد لفها بسولفان عقلاني. لذلك معهم وبهم يمكن للخرافة أن تظل تشهر سيفها فوق رؤوسنا، حتى ظهور المهدي الذي لا أنتظره.
يبهر الإثنا عشريون السني العادي بنقدهم للصحابة من أعداء أبي تراب؛ وأنا هنا أوافق الإثني عشريين في بعض ما كتبوا، وأخالفهم في كل ما اعتقدوا؛ يبدون أكثر تماسكاً وهم ينتقدون عثمان بن عفّان أو عائشة أو حتى أبي بكر وعمر. لكن قشرة عقلانيتهم الهشة ما تلبث أن تطير في الهواء حالما تصل معهم إلى شخصية فضائحية عمليّاً مقدسة عندهم نظرياً، مثل الحسن بن علي. الإثنا عشريون سادة العقلانية ما داموا في حقل النقدية السنيّة. لكن ما أن تنتقل إلى ساحات " لامعقوليتهم " الدينية، حتى تبدو أظافرهم الطويلة وأنيابهم الملونة بالقرمزي أوضح من أن يخفيها الكلام المنمق.
مهما حاول إخوتنا الإثنا عشريون إيهام الناس بأن الحسن العسكري أنجب من الست نرجس ابنه المهدي، كل الحقائق تشير في الاتجاه المعاكس: نرجس لم تلد من الحسن العسكري لا مهدي ولا غير مهدي. وحتى لو أنجبت السيد مهدي، فإن أدنى احترام للحشمة العقلانية لا يمكنه أن يقبل بالقصة التي سرقها الإثنا عشريون عن الزرادشتيين، حول السوشيانت، والتي تقول إن هذا الكائن ما يزال على قيد الحياة، وسوف يظهر يوماً ليقوم بأشياء كثيرة. وحين نربط أمورنا الواقعية بشخص خرافي، تلك هي الطامة الكبرى: حين " ندوزن " ساعتنا اليدوية الفعلية على ساعة ما ورائية لا دليل عليها سوى الظنون والخرافات، فذلك يعني أننا خرجنا من الزمان.
مع أن الله غير موجود، إلا أن حزبه الإثني عشري موجود جداً. كيف؟ هل يعقل أن تنتفي العلة ويبقى المعلول؟ حزب عنوانه الكبت وشعاره الخرافة وبرنامجه الداخلي التعالي الفارغ: الوهابية بنسختها الفارسية. وأين؟ في وطن الجمال والحرية! تتمنى أن يكون الله موجوداً كي تحقد عليه! تتمنى أن يكون الشيطان كائنا فعليّاً كي تلبسه إثم تناثر الشادور الإيراني المقزز على رؤوس حفيدات إليسار وكركلا.
لا أتحمل التلفاز! لا أتحمل الوجوه المريعة التي ينقلها لنا التلفاز! أنصاف الآلهة من أنصاف العقلاء الذين لا يجيدون غير الحذلقة المتعالية لاعتقادهم واهمين أنهم يرقدون على الحقيقة، كما ترقد دجاجة خرقاء على بيض فاسد. استعضت عنه بالحاسوب، ينقل إلي أصوات اللبنانيين الجميلة، من زمن ما قبل نواف الموسوي وأفيغدور ليبرمان. الزمن اللبناني الجميل. أحزاب الآلهة تريد الانتصار لآلهة يعرف القاصي والداني أنها غير موجودة. أحزاب الآلهة عند كل الأطراف المتناحرة تتصارع فيما بينها من أجل مقدسات لا أساس لقداستها. بيت همقداش أو بيت المقدس؟ أسطورة غبية، كتلة حجر أرهق في سبيلها بحار من دماء البشر!! وحده الزمان مقدس! وحده الجمال مقدّس! وحين نوحد الزمان بالجمال ندخل قدس الأقداس. الزمان مقدس؟ زماني " أنا " مقدس: لأني أعرف وأدرك وأثق ان ما من عالم غير عالمي هذا؛ ما من زمان خارج زماني هذا. الجمال مقدّس؟ لأن زماني قصير، أقصر من لحظة في عمر الكون، لا بد أن أعيشه بجمالية تفوق كل جمال. وحين أضيع زماني-جمالي في الحروب، في أنواع من محظورات أوجدها كهنة مرضى؛ في قصص اخترعها أفاقون لاستغلال البسطاء - هذا يعني أني أرمي لحظات جنتي في الجحيم.
يريدون النضال من أجل إله لا وجود له؟ فليناضلوا! ليذهبوا هم وربهم للقتال فنحن ها هنا قاعدون. نحن نريد العيش. نحن نرفض أية شهادة ممهورة بالدم. الدم أسوأ شاهد على الحقيقة. بعرفهم نحن ذاهبون إلى جهنم. فقط: نرجوهم أن لا يستعجلوا علينا. ليتركونا نسمع نوا ونقرأ عموس عوز حتى تزيد ذنوبنا ومن ثم يضمنوا لنا مكاناً أفضل في الجحيم. نضال ما بين يهوه والله؟ ما علاقتنا نحن؟
ما أقصر العمر حتى نضيعه في النضال؟
نبيل فياض: كلنا شركاء


http://all4syria.info/content/view/32738/104/
09-30-2010, 12:03 AM
زيارة موقع العضو عرض جميع مشاركات هذا العضو إقتباس هذه الرسالة في الرد
{myadvertisements[zone_3]}
بسام الخوري غير متصل
Super Moderator
******

المشاركات: 22,090
الانضمام: Feb 2004
مشاركة: #3
الرد على: نبيل فياض يعود للكتابة ويدعي تعرضه لمحاولة إغتيال
http://all4syria.info/content/view/33203/104/

الإلحاد الأخلاقي والأديان اللاأخلاقيّة
طباعة أرسل لصديق
نبيل فياض - كلنا شركاء
08/ 10/ 2010


الإلحاد مبدأ وحداني، والأديان تعددية، إن لم نقل وثنية. الإلحاد واحد: لا وجود للإله، لأي نوع من الآلهة. والإنسان جاء إلى الكون عبر عملية بيولوجية طويلة معقدة، لا أميل إلى وصفها بالارتقاء. الأديان تعددية. كلّ دين يزعم أن لديه تصوراً لإله يخصّه. وكل دين يزعم أيضاً أن تصوره للإله هو الأصح، والأكثر تلبية لمقولات " العقل "! لا يختلف الملحدون فيما بينهم حول لا شكل الإله، لأنه ببساطة غير موجود؛ بالمقابل، لا تختلف الأديان فيما بينها حول إذا ما كان الإله واحداً أم أكثر فحسب، بل تختلف حتى الأديان التي تعتبر أن لا وجود إلا لإله أوحد فيما بينها حول شكل هذا الإله ونمط عيشه. لا يتقاتل الملحدون فيما بينهم حول أحقيّة هذا التصوّر للإله أو ذاك؛ في حين يقتل المتدينون أحدهم الآخر لأنه خالفه في تصوّره لإله يعرف القاصي والداني أن الأدلّة عليه ظنيّة.
يجب أن ينتهي عصر الأديان: الأديان استهلكت ذواتها في عصر علت فيه – كما يفترض – حقائق العقل على مزاعم الغرائز. بلغتنا الدوائيّة: الـ expiry date للأديان انتهى منذ أمد طويل؛ لذلك صارت أضرارها أكبر بكثير من فوائدها، إن بقي فيها فوائد أصلاً. جاؤوا لإكمال مكارم الأخلاق؟ كلام خرافة يا أم عمرو! فبعد أن قتلوا الرجال واستحلوا الأموال والنساء واستعبدوا الأطفال تحت عناوين مقدّسة مريعة، هاهم اليوم يستديرون إلى أنفسهم – الآخر غير المتدين محمي بقوة العقل والتكنولوجيا – بانقسامات غبية، ليتقاتلوا حول مسائل لا يقبل بها منطق أو عقل. – هل سمعتم بدولة اسمها لبنان؟ أو مجموعات بشرية اسمها العراقيون؟
ليس الإلحاد مسألة سهلة: إنه يحتاج إلى جهد هائل إن على صعيد التنمية المعرفيّة أو على صعيد التغلّب على القيود الداخلية الموروثة أو المكتسبة. وقناعتي الشخصيّة، أنه حتى نيتشه، الذي قد يعتبره بعضهم نبي الإلحاد الأبرز، لم يستطع أن ينكر بالمطلق وجود الله. أنكر نيتشه أن تكون ثمة واسطة للتواصل مع الإلهي، لكني لم أشعر قط أنه أنكر الإلهي ذاته. ربما فويرباخ، الرقم الأصعب في تاريخ الإلحاد العقلاني اللاشعري، كان أول من أدلج رفض وجود الله بطريقة فلسفية. وجاء بعده من ثم ماركس والشيوعيون. فرويد، من ناحية أخرى، رفض الإله من منطلق آخر، وإن لم يبتعد كثيراً عن التأمل الفلسفي، لكني لم أشعر يوماً أن رفض فرويد للإله كان واضح السمات دون أي التباس.
الأديان، دون أي التباس، مسألة بيئة ومحيط. كيف؟ أذكر من تجاربي الكثيرة بين أتباع الأديان، أن ثلاثة رجال من أديان مختلفة، الأول لبناني ماروني، الثاني دمشقي إثنا عشري، والثالث يهودي سوري أرثوذكسي، زعموا أنهم جميعاً خرجوا ذات يوم من أديانهم، درسوا الأديان كلها، ليكتشف واحدهم من ثم أن الديانة الصحيحة، بل المذهب الصحيح، هو الذي ولد عليه. إذاً، الدين ليس حقيقة مطلقة. الدين مسألة نسبية. فمن يولد في طوكيو لا يمكن أن يكون مارونيّاً؛ لأنه لا يمكنه اعتناق شيء لا يعرفه. ومن يولد في مكة، لا يمكن أن يؤمن بأحد آلهة الهنود الحمر، للسبب ذاته؛ أما من يولد في عائلة يهودية في القدس فلا يمكن على الإطلاق أن يكون من أتباع ديانة الشنتو، لأنه لا يمكن أن يسمع بها، باستثناء قلة من اختصاصيين نادرين.
هل الله موجود؟ السؤال الأهم في تاريخ البشرية. هل تمتلك الحيوانات الراقية التي نتشارك معها في شكل وظائفنا الحيوية عدا الدماغ الذي يبدو أنه أخذ عند الإنسان منحى آخر، أي شكل من أشكال التفكير الماورائي؟ ما يظهر لنا حتى الآن، أقله في مسألة الموت، أن الحيوانات الراقية لا تمتلك أي شعور بالماوراء. إذن: إن وضع دماغ الإنسان الذي أتاح له مزيداً من الإحساس بوجوده " هو " والذي أوصله إلى اختلاق ميثة الماوراء. وفي اعتقادنا أن الموت وتفاصيله المزعجة للبشر تحديداً هو ما أوصل الإنسان إلى ميثة الماوراء. الإنسان حيوان اجتماعي. وربما أن هذا الميل الغريب عند الإنسان نحو " المجتمعية " سببه الضعف البشري الأوضح أمام التحديات الخارجية ووعي تلك التحديات. وبالمناسبة؛ زادت فردانية الإنسان مع ازدياد قوته وسيطرته على العالم: بمعنى أنه كلما ارتفعت القدرات التكنولوجية لمجتمع، كلما ارتفعت فيه نسبة الفردانية؛ والعكس صحيح. الإنسان لا يشهد موته: بل موت غيره. وفي اعتقادنا فإن ألم الأنا أمام موت الهوَ ناجم أساساً عن إحساس الخوف وحيداً في متابعة مواجهة العالم. والواقع أن طقوس الموت الشعورية تتراجع حدتها أيضاً مع ازدياد الإحساس بالفردانية. موت الهوَ يبعث في الأنا رعب الخوف من الآتي. والحقيقة أن اختلاق العلل المطمئنة هو أحد خواص الدماغ البشري. كيف؟ الإنسان كحيوان أقرب إلى الجبن، يخشى على الدوام السببيات الباعثة على الرعب. لذلك يعمل باستمرار على ابتداع سببيات تبعث على الاطمئنان الداخلي، ضمن آلية نفسية معقدة. فلو سمع أحدنا صوت انفجار بعيد، غالباً ما يحاول اختلاق سببية مطمئنة، إلا في حالات الخلل النفسي، كي يبعث في ذاته السكينة. قيامة الموتى هي أبرز السببيات المطمئنة التي لفقها الإنسان كي لا يدمر أمانه الذاتي. في بلاد القبط ( اسم مصر = مصرايم العبرية، غير دقيق ) نجد أن السكان قبل ألوف السنين كانوا يؤمنون بحياة ما بعد الموت، مع أن إيمانهم بالألوهة كان مشوشاً. مفهوم أوحد لما بعد الموت، مقابل مفاهيم عديدة للإله. ونحن هنا نرجح أن الإيمان بالقيامة سبق الإيمان بالآلهة، ومن ثم بالإله الأوحد، الذي يقال إن أخناتون أول من اخترعه. الأنا تخشى على الذات من مغادرة أبدية للهوَ عبر فعل الموت. وضمن الآلية النفسية التي يمكن أن نسميها بالسببية المزيفة، تقنع الأنا ذاتها بإمكانية عودة الهوَ للحياة. ولما كان الوقت يمر على الدوام دون أن يعود الهوَ إلى الحياة، لفقت الأنا لذاتها عالماً آخر يمكن أن تلتقي فيه مع الهوَ. وبسبب عجز الأنا عن إعادة الهوَ للعيش، تم تلفيق كيان أكثر قوة لإكمال العملية. وهكذا جاءت الآلهة، ومن بعدها الله، إلى الوجود.
تبدو اليهودية في الشرق الأدنى، مقابل الهندوسية في الهند، خزّان الأديان والمذاهب الذي خرج منه عدد غير قابل لأن يحصى من العقائد. تاريخ اليهودية ما قبل السبي غامض تماماً؛ وفي نهاية القرن العشرين ثارت معركة معرفية بين من قال إن اليهودية ( أرجح أنهم قصدوا ما قبل السبي ) جاءت من جزيرة العرب، ومن ادعى إن اليهودية فلسطينية الأصل. لكننا نعتقد أن اليهودية، بناء على التقويم العبراني، نشأت رعوية – مثل الإسلام تماماً، حيث كان التقويم قمريّاً – ثم انتقلت إلى بيئة زراعيّة، حيث تم اعتماد التقويم الشمسي. واليهودية، كديانة توفيقية، ما تزال إلى اليوم تحتفظ بالتقويمين. بل إن بعض أعياد اليهودية ( البيساح، روش هاشناه، يوم كيبور ) ما يزال رعوي السمة، في حين أن أعياداً أخرى ( مثل السوكاه، الشبعوت ) زراعية تماماً. اليهودية لم تكن على الإطلاق ديانة توحيدية كما هي الآن: التوحيد جاء في مرحلة متأخرة من تاريخ تلك الديانة. يهوه، إله العبرانيين، كان إلهاً خاصّاً بالشعب العبراني، مقابل الآلهة الأخرى التي كان كل منها يخص شعباً بعينه. كان ثمة صراع بين يهوه وإيل، أهم إله في منطقة الشرق الأدنى. والصراع التاريخي بين يصحك ( يهوه يضحك ) ويشماعإيل ( إيل يسمع )، الذي انتهى بطرد سارة الأميرة وابنها يصحاك ( اسحق ) لهاجر الجارية وابنها يشماعإيل ( اسماعيل ) من الأرض المقدسة، هو التمثيل الرمزي عبر هذه الميثة الشهيرة لانتصار يهوه على إيل. لكن الإلهين سرعان ما تصالحا فاندمجا في إله واحد، كان أبرز تمثيل له ميثة أخرى اسمها إيلياهو ( النبي اليهودي الخارق )، الذي يعني اسمه، إيل هو يهوه.
تموضع يهودية ما بعد السبي بين حضارات المدن-الدول السورية شمالاً، وحضارات الممالك الميزوبوتامية في الشمال الشرقي، والتراثات الشفوية لبدو شبه الجزيرة جنوباً، وحضارات بلاد القبط في الجنوب الغربي – كل ذلك جعل يهودية ما بعد السبي الديانة التوفيقية الأكثر غنىً بعناصر لا حصر لها من ثقافات مختلفة. وكان الدور الأهم لليهود في تلك المرحلة التوفيق بين التناقضات: تناقضات تبدو صارخة للعيان في الأسفار الأولى من كتاب العبرانيين المقدّس. دون أن ننسى الأهمية الفائقة للكتاب المقدّس العبراني في أنه حفظ لنا نسخة عبرانية عن أساطير المنطقة.
اليهوديّة أخذت معتقداتها وأساطيرها عن الأديان التي سبقتها، والتي توصم اليوم بالوثنية. بما في ذلك مفهوم خلود النفس الذي ظل بدوره محط جدل بين فئات اليهود إلى زمن متأخر، أي صراع الصدوقيين والفريسيين. ( في كتابي الجديد عن ابن ميمون مناقشة حول القيامة من منظور هذا العلامة اليهودي الأبرز، والتي تظهر أن جدل " القيامة " ظل محتدماً حتى زمن متأخر كزمن ابن ميمون ). لكن الأهم هو أن اليهودية أخرجت من رحمها، كما أشرنا في غير بحث وكتاب، ديانتين هما المسوقتان الحقيقيتان للإرث اليهودي، أي المسيحية والإسلام. إذن، باستثناء المسيحية التي أضاعت ملامحها الأصلية في عملية تيونن طويلة الأمد، اليهودية والإسلام ليسا أكثر من عقائد قديمة أضفيت عليها صبغة التوحيد.
الإلحاد وحدة والتدين شرذمة. لا إله الملحدين واحد؛ في حين يختلف أتباع الأديان والمذاهب بين بعضهم حتى القتال على شكل لإله لا وجود له. وإذا أخذنا العلاقة البيانية بين التدين والسلام فسوف نلحظ أنه كلما تناقص التدين في منطقة ما من العالم، كلما ارتفعت سوية السلم والأخلاق؛ والعكس صحيح. الأخلاق الإلحادية لا علاقة لها على الإطلاق بأخلاق الأديان، خاصة منها الشرق-أوسطيّة، التي يبدو أن الكبت بكافة أنواعه بؤرتها؛ الأخلاق الإلحادية، باعتبارها نتيجة تثاقف عالي السويّة، تتمحور حول حقوق الإنسان، حدود الإنسان مقابل الإنسان الآخر. بل يمكن القول إن معظم الفلسفات الحقوق-إنسانية التي عرفها العالم في القرن الأخير كانت إلحادية قلباً وقالباً.
قال فويرباخ ذات تأمل: " الإله هو الإنسان المتأله " – تلك هي قمة الأخلاق. المتدين في أي فعل إنساني يقترفه إنما يفعل ذلك ( غالباً ما يكون فعله الإنساني مقصوراً على بني جلدته الدينيين ) من أجل تسجيل نقاط له في دفتر يومياته الماورائي. بمعنى آخر، إذا أخذنا الفرد المسلم على سبيل المثال لا الحصر، فإن أي فعل خيري يقوم به الفرد المسلم، إنما يأتي نتيجة رغبة هذا الفرد في تسجيل نقاط له في دفاتره الأخروية تضمن له مكاناً أفضل في جنة إلهه المتخيلة؛ أي أن الفرد المسلم يستعمل الآخر كموضوع من أجل شيء ذاتي بالمطلق. في الفعل الإنساني عند المتدين، الآخر المفعول به إنسانيّاً ليس غير وسيلة لهدف ذاتوي. في الفعل الإنساني الإلحادي، الآخر الذي يقع عليه الفعل الإنساني هو الوسيلة والهدف. فالملحد لا يمتلك دفاتر أخروية يمكن أن يسجل نقاطاً لصالحه عليها من أجل آخرة مرغوب بها. إذن: الفعل الخيري عند المتدينين ليس أكثر من أنانية تحت أسماء براقة.
السويد، الدانمارك، سويسرا، فنلندا، آيسلندا، هولندا؛ مقابل الباكستان، لبنان، اليمن، إسرائيل، سوريا، مصر، إيران، العراق، دول الخليج العربي: كم يبدو إنسانيّاً أن ننتهي من الآلهة وذيولها.
نبيل فياض : كلنا شركاء
10-09-2010, 10:06 AM
زيارة موقع العضو عرض جميع مشاركات هذا العضو إقتباس هذه الرسالة في الرد
{myadvertisements[zone_3]}


المواضيع المحتمل أن تكون متشابهة…
الموضوع الكاتب الردود المشاهدات آخر رد
Rainbow انفراج في العلاقات بين السعودية و”حزب الله" . والفضل يعود لـ........ الإبستمولوجي 15 892 10-10-2014, 11:42 AM
آخر رد: على نور الله
  أحمدي ‌نجاد يعود إلى عمله السابق في الجامعة على نور الله 4 870 09-14-2013, 01:34 AM
آخر رد: الإبستمولوجي
  شبيح يعلن إعتزاله الإعلامي بعد تعرضه للضرب مرتين على حاجز للنظام demon 0 429 03-15-2013, 11:03 AM
آخر رد: demon
  ديلسبس يعود من جديد لبورسعيد رضا البطاوى 0 505 08-29-2012, 07:37 AM
آخر رد: رضا البطاوى
  براءة نبيل رجب من قضية سب رضا البطاوى 0 471 08-25-2012, 04:50 PM
آخر رد: رضا البطاوى

الانتقال السريع للمنتدى:


يتصفح هذا الموضوع من الأعضاء الان: بالاضافة الى ( 1 ) زائر
{myadvertisements[zone_2]}
إتصل بنا | نادي الفكر العربي | العودة للأعلى | | الوضع البسيط (الأرشيف) | خلاصات التغذية RSS