خسائر السيد نصرالله
GMT 6:00:00 2009 الإثنين 20 أبريل
نبيل شرف الدين
--------------------------------------------------------------------------------
لعل أسوأ ما في قصة "خلية حزب الله في مصر" هو أن الخوض في تفاصيلها قد يُصور ـ بدافع الابتزاز والإرهاب الفكري ـ وكأنه دفاع عن نظام حاكم شائخ، وشخصياً لا أراه رشيداً ولا مقنعاً بما يكفي للرهان عليه، لكن شأن مثيلاتها من القضايا الملتبسة تختلط فيها الأوراق، ويُضفي فيها البعض على شخص السيد حسن نصرالله هالة من القداسة الخرافية، خاصة بعد انتشار البروباغندا الإعلامية بأن حزبه انتصر على إسرائيل في حرب 2006، وهذا بالطبع غير صحيح، بالعكس فقد تكبد اللبنانيون ثمناً فادحاً لهذه المغامرة، والتي أفضت إلى وضع جيوإستراتيجي أسوأ مما كانت عليه الأمور قبل الحرب، كما أن لجنة "فينوغراد" الشهيرة لم تكن تتحرى أسباب هزيمة الجيش الإسرائيلي، بل ناقشت عدم تحقيقه الحسم الكافي.
والدتي التي تقف على عتبات السبعين ـ أمدّ الله في عمرها ـ واحدة من ملايين المصريين المعجبين بنصرالله، لكنني رصدت خلال الأيام الماضية، عقب الإعلان عن توقيف هذه الخلية، وجدتها مصدومة كمن خذلها حبيب منحته ثقتها خاصة بعد أن اعترف الرجل على الملأ بأن عناصر من الحزب بالفعل أعضاء في تلك الخلية، وبرر الأمر بتقديم الدعم اللوجيستي للمقاومة الفلسطينية في غزة، في إشارة لحركة حماس.
ورغم خبرة السيد نصرالله السياسية والحركية الطويلة فقد تصرف انطلاقاً من خطيئة فكرية تقليدية، يرى مقترفوها أن "نُبل الهدف يبرر الوسيلة"، بمعنى أن مساعدة حركة حماس ـ وهي مجرد جزء من الشعب الفلسطيني ولا تحظى بإجماعه ـ بمتزويدها بالأسلحة، يبرر اللعب بنيران تهريب السلاح من خلف ظهر دولة مركزية كمصر، ويمنحه الحق بالعمل السري، وتجاوز القوانين المعمول بها في شتى أنحاء العالم، والتي تحظر تهريب الأسلحة، ولو رأت مصر أن السلاح سيفيد في الحالة الفلسطينية المنقسمة، فضلاً عن عدم التكافؤ مع آلة الحرب الإسرائيلية، لجعلت من غزة أكبر مخزن للسلاح في المنطقة.
خسر نصرالله كثيراً حين فشل في قراءة "الكود النفسي" للمصريين، وهنا أقطع بأن عدد مريديه في مصر أكبر من عددهم في لبنان لأسباب تتعلق بالقنبلة السكانية، أما أول ملامح هذا "الكود النفسي" فهو أن المصريين لا يثقون عادة بالسلطة الحاكمة، ربما نتيجة تراكم خبرات مريرة مع محتلين من كل نوع، ولكن حين يتعلق الأمر بـ"الدولة المصرية" يتحول الأمر ليجتمعوا على قلب رجل واحد، فالدولة ثابت من ثوابت الشعوب التي نشأت على ضفاف الأنهار، أما النظام فهو متغير، ومجرد محطة في تاريخ الأمم، ولا أتصور أن السيد نصرالله لم يستوعب هذا الأمر وهو الإستراتيجي المسيّس بالفطرة والخبرة، لكن ربما تحت تأثير نشوة الإحساس المفرط بالذات، والتضخيم الإعلامي المفرط لصورته، جعل الرجل يتصرف خارج سياق اللياقة ومنطق رجل الدولة، بل يزهو بالتهمة وكأنما أرسل كوادره في بعثة دراسية، أو لقضاء عطلة على ضفاف النيل، ولم يرسلهم ليتجاوزوا حسابات دولة كبرى ذات سيادة، واختراق قوانينها وتهريب الأسلحة عبر حدودها، وممارسة العمل السري على أراضيها، وفي بقعة بالغة الحساسية وهي سيناء.
خسر نصرالله الملايين من مريديه بإطلالة تلفزيونية واحدة، فلو كان قد نفى التهمة لفتح باباً للجدل حول مدى جدية تلك الاتهامات التي ساقتها القاهرة في هذه القضية، لكنه وبثقة تشبه الفجاجة ظهر مؤكدا أن الموقوفين هم من كوادر الحزب، وأنهم كانوا يسعون لتقديم الدعم اللوجيستي للمقاومة الفلسطينية، وهذا سخف لا يمكن لأي دولة في العالم أن تتفهمه لأنه يمس سيادتها وأمنها القومي على نحو صريح.
خسر نصرالله بدعوة المصريين للعصيان الشعبي، وخسر أكثر بتحريضه للجيش على الانقلاب، فمثل هذه المسائل ليست في وارد الاختلاف بين المصريين، الذين قد يلتهمون بعضهم البعض، لكنهم حساسون للغاية تجاه تدخل "الغرباء" بشؤونهم، لاسيما في أمور تتعلق بالمؤسسات الوطنية كالجيش والأمن القومي، وهنا لن تجد معارضاً في مصر، اللهم إلا بعض شذاذ الأفاق ممن يدخل أمرهم في نطاق اختصاص الطب النفسي
وبالطبع هناك "مقبلات سخيفة" اكتنفت تفاصيل هذه القضية، كتهمة نشر التشيع في مصر، لأن المصريين تحديداً هم أكثر أهل السنة تصالحاً مع التشيع، فهناك ظلال شيعية لا يمكن تجاهلها في الوجدان الجمعي للمصريين فهم يهيمون بآل البيت، ولا يجدون أي غضاضة في زيارة القبور والتبرك بالأضرحة، والاحتفال بعاشوراء وغير ذلك من المظاهر، وبالطبع فكل هذا استقر في وجدانهم منذ عهد الدولة الفاطمية، وبالتالي فإن الأزمة الراهنة لا تتعلق بالمذهبية، قدر ارتباطها بحسابات سياسية معقدة، كما أن عدة أطراف إقليمية تلعب فيها أدواراً غير بريئة.
باختصار خسر السيد نصرالله مكانته الأسطورية في نفوس الملايين، ومنح خصومه فرصة هائلة لشيطنته وتصويره كمجرد "بندقية للإيجار"، ولو كنت مكانه لبادرت بالاعتذار للشعب المصري، والتعهد بعدم تكرار هذه الخطيئة، وساعتها أتوقع أن تنتهي القضية ويسدل عليها الستار، لكن قاتل الله الكبر والمكابرة والكبرياء التي تقف حائلاً دون عودة المرء لجادة الصواب، باعتبار أن الحكمة ضالة المؤمن.
Nabil@elaph.com
أية اعادة نشر من دون ذكر المصدر ايلاف تسبب ملاحقه قانونيه
5 :عدد الردود تعليقات القراء
الآراء الواردة في التعليقات تعبر عن آراء أصحابها وليس عن رأي إيلاف.
GMT 6:37:12 2009 الإثنين 20 أبريل
1. العنوان: please read elaph
الإسم: dr bassam al-khouri
و خلال الأيام الماضية التي استغرقتها الازمة بين مصر وحزب الله خاصة طرحت إيلاف استفتاءً لقرائها حول الطرف الذي كان أكثر إقناعاً بين إتهامات مصر لـحزب الله ورد السيد حسن نصرالله. فكان عدد المشاركين في الاستفتاء كبيراً بشكل لافت، إذ وجد مانسبتهم 50% (6494) أن حزب الله كان الأكثر إقناعاً في خطابه من مصر. بينما وجد مانسبتهم 41% (6518) أن الخطاب المصري أقنعه اكثر من خطاب حزب الله. ورأي مانسبتهم 9% (1187) أن لا أحدَ من الطرفين أقنعه خلال هذه الأزمة. ووصل عدد المشاركين في الاستفتاء 12995.
GMT 7:21:12 2009 الإثنين 20 أبريل
2. العنوان: تحية للشيخ نصر اللة
الإسم: المحمدي مبروك
أمبارح البحيري واليوم شرف الدين وبكرة جار اللة واللي بعدة خير اللة والأخ خضير وتكر السبحة.يا اخوان لن نكترث مهما شتمتم وذميتم وأستخدمتم أسلوبكم المعروف في القدح والذم والتخيلات.ستبقى المقاومة في لبنان المقاوم العربي تدعم المقاوميين في كل شطر عربي ولن تبالي بالحكام وكتبتهم فالمقاومة تعرف الصراط المستقيم وتعلم جيدا كلام آخر المرسلين سيدنا محمد ( القابض على دينة كالقابض على الجمر )حسبنا اللة نعم المولى ونعم النصير
GMT 7:25:33 2009 الإثنين 20 أبريل
3. العنوان: vive hassan
الإسم: christian
نصرالله لم يخسر حب الملايين العرب ...من المغرب الى اقصى المشرق كله يجلل سيد المقاومه...انزل الى شوارع مصر و اسالهم...حتى الاسرائيليون يحترموه و يهابوه و يصدقوه...اما الذي يقعد وراء حاسوبه ٢٤ ساعه و ينظر ببث الفتن ..فليس بمقدوره ان يعرف المقاومه اللبنانيه...
GMT 7:27:23 2009 الإثنين 20 أبريل
4. العنوان: غير صحيح
الإسم: osama
من قال أن السيد نصرالله خسر مكانته الأسطورية في نفوس الملايين هذا الكلام غير صحيح تماما وتستطيع ان تتأكد من خلال أيلاف على نسبة مصداقية السيد نصر اللة في العالم العربي أما أن يكون قد خسر بعض (الكتاب)في البلاط فذلك لايهم في شيء
GMT 7:37:17 2009 الإثنين 20 أبريل
5. العنوان: نصحية للمصريين
الإسم: الجلاد
مشكلة المصريين انهم يكذبون الاكاذيب ويصدقوها ولديهم اعتقاد راسخ بانهم الاصح دائما مع انهم ليسوا كذلك لكن عزلتهم الاعلامية عن بقية دول العرب واكتفائهم باعلامهم فقط كونهم يعتقدونه الافضل كعادتهم مع كل شئ مصري حجبت اعينهم عن رؤية الصحيح او ان شخصيتهم النرجسية جعلتهم يعتقدون انهم لايخطئون ..فحتى لو مسكت طفلا في الشارع واخبرته من الذي حرر بلاده من اجبر العدو على الخروج منها بالقوة وبدون شروط ام من ذهب يتسولها من عدوه فاعطوه اياها بشروط مخزية لا يستطيع مع هذه الشروط ان يحرك جندي واحد في سيناء التي هي ثلث مساحة ارض بلده ولا يستطيع حتى ان يضع فيها دبابة واحدة لا ادري يامصريين تقنعون من بحكاياتكم الغبية هذه غير المصريين فالاخ ربط النصر بالخسائر اذن والحال كذلك فأن لندن في الحرب العالمية الثانية لم تبق فيها بناية واحدة قائمة توحد الله فهل يعني انهم هزموا لا ادري كاتب مثلك كنت احترم طروحاته لانها تحترم عقلي كيف استحال الى مثل هذا لا لشئ الا لان الامر تعلق ببلده ياسيدي صدعتوا دماغنا بخدمة مصر للقضية الفلسطينية وانتم المصريين السبب الرئيسي في ما وصلت اليه الامور اليوم في فلسطين بعد ان توقعتم في انفسكم اقل من قدرتها فأصبحتم محترفي هزائم من 1948 الى 56-67واخيرا 73 ثم جعلتكم اسرائيل تعرفون قدركم الحقيقي بعد ان جثا رئيسكم على ركبتيه في الكنيست طالبا العفو ومعلنا الاستسلام نظيرا اعادة سيناء وبالشروط التي تريدها اسرائيل الا تستحون بربكم بعد كل هذا وتتحدثون عن انتصارات؟!! ثم ناتي الى حزب الله فمن اولى بداياته حسم امر وطنيته وقوته بعد ان جعلت باكورة اعماله في ال82 اميركا تركض هاربة من لبنان بعد ان فجر حزب الله موقع المارينز وقتل 300 جندي اميركي في ضربة واحدة ..ثم بدات سلسله انتصاراته الحقيقية وليس انتصارات على الطريقة المصرية الصلاح جاهينية ..انتصارات حزب الله اذاقت الاسرائيليين مر الهوان وباعترافهم انفسهم تكللت بتحرير الجنوب من اسرائيل رغما عنها وبدون شروط وبفرار مخزي للجندي الاسرائيلي وباعتراف كبار قادته ثم لم يكتفي حزب الله بذلك بل استمر في عملياته وقام بخطف جنود اسرائيليين لمبادلتهم بكل الاسرى والسجناء العرب الموجودين في اسرائيل وتم له ذلك وتاتي انت بعد كل ذلك لتعلمنا كيف يكون النصر وشكل المنتصر وانتم اخر من يتحدث عن شئ له علاقة بمفردة اسمها النصر لانكم لم ولن تعرفوا ما يعني كونكم لم تجربوه يا اخي العزيز نصيحة لكم ان تقللوا من كثرة الكلام وتبداوا لغة الفعل يوما واحدا في حياتكم وكذلك ان تقللوا من حركات الارتماء تحت اقدام العدو كي يضمن لكم لقمة خبز وحاولوا ان تاكلوا من خبزكم كي لايذلكم احد فيحيلكم الى ما انتم عليه اليوم
http://www.elaph.com/Web/ElaphWriter/2009/4/431758.htm