تحية
بقلم : سائل الرب ( د.نور العلوي )
خلق الإنسان في القرآن - رد على الدكتور البار وإعجاز 42 يوم - الجزء الثاني
الرد التاريخي
بعد تعرضنا للجانب العلمي ، وبعد أن بينا أن الحديث لا يتوافق مع العلم ، يبقى السؤال التالي مطروحا :
من أين أتى محمد بـ 42 يوم إذن ؟
يجب التنويه إلى أن عدد الأربعين هذا ، كان عددا أسطوريا مثله مثل الرقم سبعة (7) ، والأغلب أن قدسية هذا الرقم تعود للحقبة المصرية القديمة ، إذ عدد آلهة مصر كان يصل لـ 42 إله ، وهذا ما ينقله لنا " بردي آني" الشهير أو كتابالموتى الفرعوني ، -)
ونجد هذا في كتاب الموتى المصري المتمثل في بردية آني الشهيرة (1240 ق.م) (papyrus d'ani) , إن الميت أثناء رحلته في عالم الموتى يجتاز المراحل التالية :
1- يجتاز العالم السفلي حتى يبلغ مقر الإله أوزيريس
2- يجتاز الميت المقرات الإلهية السبعة , ذاكرا إسم كل مقر و إسم كل حارس من حراس الأبواب.
شاهد رسم البردي :
3- ويصل أخير لدار القرار , دار المحكمة الإلهية , دار أوزيريس , محكمة 42 إله (قاضي) ، ويقوم أمام كل قاضي وإله بعملية تسمى" الإعتراف السلبي " (إقرأ أسفل) .شاهد الميت في مجلس أوزيريس أمام 42 إله (قاضي)
, يدافع الميت عن نفسه أثناء الحساب قائــــلا :
إني لم أرتكب الزنى مع زوجة أحد, إني لم أسبب الرعب لأحد , إني لم أكن غضوبا , إني لم أصم أذني عن كلمات الحق والعدل , إني لم أنتقم لنفسي , إني لم أتعدى ولم أجدف ولم أغضب إلها , إني لم أختال متكبرا , إني لم أزد ثروتي إلا بما حق لي , لم أقتل ولا أمرت بالقتل لنفسي , إني لم أهاجم أحدا , إني لم أنطق بالأكاذيب إني لم أسرق , لم أرتكب العنف مع إنسان , لم أدفع إنسانا للبكاء , لم أرتكب تعذيبا للبشر .
4-و أخيرا أهم شىء " وزن القلب " شاهد رسم بردي آني :
القلب في كفة و ريشة الحق والعدالة في كفة أخرى , في حالة ميل الميزان من ناحية القلب الملىء بأدران النفس والخطايا , فجزاء الميت أنه يلقى لـ "
آكلة الأجساد"(عبارة عن وحش - أنظر الصورة)) و يرمى في برك النار , وفي حالة ميل الميزان نحو ريشة الحق فالثواب "حقول الفردوس تتخللها الأنهار من تحتها" . وتوفر له سبـــع بقرات وثور كل ما يحتاج إليه من طعام .
شاهد برك النار:
شاهد صورة الفردوس تتخلله الأنهار من بردية آني (1240 ق.م) :
http://www.egyptologica.be/papyrus_ani/p...i_pl34.jpg
شاهد الســــبع بقرات وثور الذين يرمزون لثروة الفردوس الحيوانية, فردوس على صورة مصر بحيواناته ونهر النيل :
المصدر : برت إم هرو -كتاب الموتى الفرعوني (عن بردية آني بالمتحف البرطاني) -ترجمة للعربية د.فيلب عطية -ص141
ملاحظة : صور البردي مأخوذة من السايت(
http://www.egyptologica.be ) لكنها نفس الصور الموجودة في كتاب- برت إم هرو -كتاب الموتى الفرعوني-
لاحظنا وجود الرقم سبعة والعدد أربعون في
المعتقدات الإسكتولوجية للمصرين القدامى ، إذ
لا يتم دفن الفرعون قبل مرور 40 يوم وهي المدة اللازمة لانفصال الجسد عن الروح والنفس ،
ويمر الميت أمام 42 إله في مجلس أوزيريس ، و بما أن مصر في القرن الثالث عشر والثاني عشر ق.م كانت تسيطر على كل بلاد كنعان ، فإن ثقافة المصرين تركت أثرا في المنطقة ، لذالك نجد أن الكتاب المقدس اليهودي زاخر بالرقم أربعين :
مدة الطوفان التوراتية 40 يوم (تكوين 7-17)
مدة بقاء اليهود في صحراء سيناء 40 سنة
مدة بقاء موسى في الجبل 40 يوم ( الخروج 24 ،18)
مدة مملكة داود وسليمان 40 سنة
المدة الفاصلة بين دعة النبي يونس وتدمير بلدة نينوى 40 يوم
امتدت هذه الثقافة المصرية ومعها رمزية هذا العدد الأسطوري للثقافة الإغريقية عبر كثير من العلماء الإغريق ، منهم طاليس و فيثاغورس ، هؤلاء العلماء الإغريق درسوا في مصر طيلة أعوام ، نذكرمنهم الطبيب المشهور أبوقراط ( 460 -351 ق.م. ) الذي قام بجولات عديدة عبر العالم ، و تتلمذ في مصر أين اطــــلع حتما على البردية الطبية المسماة
papyrus Edwin Smith
المصدر : Despierres (G.), 1979. Hippocrate, sa vie, son oeuvre. L'histoire et la légende. Journal de Médecine de Lyon, 60, pp.58.
لهذا نجد أن الرقم سبعة و العدد أربعون يشغلان حيزا مهما في أعمال أبوقراط ،
يقول أبوقراط :
"
أن مدة الحمل هي سبعة أربعيـــــــــــنيات أي 280 يوما "
المصدر : l'anatomo-physiologie de la generation chez galien -christine bonnet,p6
كما
يقول أبوقراط كذالك في المقالة الثانية من كتابه شيئا مهما يبين لنا منشأ ومنبت معتقد 42 يوم وتحديد الجنس ، يقول أبوقراط :
"
ثم يتركب ويتم الذكر إلى 32 يوم والأنثى إلى 42 ويوم ، وربما زاد على الايام قليلا ، وربما نقص قليلا ، إلى أن تنقى في 42 يوم عند ولادة الأنثى "
المصدر : كتاب تحفة المودود في احكام المولود - إمام الإسلام ابن قيم جوزية،
معارف أبوقراط وجالينوس كانت معروفة جدا في العالم القديم ، بل كانت المرجع الوحيد الأـوحد في الطب بجانب الطب البدوي والنباتي الخاص بكل بلد
وقد انتقلت هذه المعارف للجزيرة العربية مثلا عبر أطباء عرب درسوا الطب الإغريقي مثل الصحابي الحارث ابن كلدة ، درس في مدرسة "جندشابور" الفارسية التي أسسها الملك كسرى عام 555 م ، وهذا موثق في كتاب جواد علي
" المفصل في تاريخ العرب قبل الإسلام " الجزء الثامن ص 381 ، هذا الصحابي درس الطب هناك وكان النبي يستشيره ويبعثه ليداوي بعض المسلمين ( راجع نفس كتاب جواد علي ) ، وقيل أنه مات في عهد أبوكر ، طبعا ،
الحارث ابن كلدة مثال واحد فقط نستدل به على وجود عرب أطباء درسوا الطب الإغريقي في مدينية جندشابور اين كان هناك قساوسة نسطورين ، مثل القس "segius " ( الذي قام بترجمة حوالي 30 نص للطبيب جالينوس من اللغة الإغريقية إلى السريانية وانتقل لمدرسة جندشابور الفارسية هروبا من وجه المسيحين الذي اضطهدوا النسطورين ) تجد هذا في
كتاب " introduction of the history of science-wilams and wilkins 1927"،
لكن حتما يوجد أطباء آخرين لم تصلنا أسماءهم .
و الأربعينية الفرعونية مازالت باقية حتى أيامنا هذه !!! في كثير من البلدان العربية يتم تجهيز الأكل و عزم الناس للعشاء بعد مرور 40 يوم على وفاته .
كما أن أحاديث محمد تدل على رمزية عدد 40 ، وذكر خمس مرات في القرآن
الحديث الأول
أخرج
البخاري عن أبي هريرة
قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " ما بين النفختين أربعون. قال: أربعون يوماً؟ قال أبو هريرة: أبيت. قال: أربعون شهراً ؟ قال: أبيت، قال: أربعون سنة؟ قال: أبيت0 أي أن أبا هريرة أبي أن يحدد الأربعين هل هي يوماً أو شهراً أو سنة ) قال: ( أي أبو هريرة يرفعه إلى النبي صلى الله عليه وسلم ): " ثم ينـزل الله من السماء ماء، فينبتون كما ينبت البقل، ليس من الإنسان شيء إلا يبلي إلا عظماً واحداً، وهو عجب الذنب، ومنه يركب الخلق يوم القيامة " (
صحيح البخاري، كتاب التفسير، سورة الزمر الآية 86 ج8/551 وسورة النبأ الآية 18 ج8/689 الطبعة السلفية بمصر تصوير دار المعرفة بيروت).
الحديث الثاني
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( أربعون خصلة أعلاهن منيحة العنز ، ما من عامل يعمل بخصلة منها رجاء ثوابها وتصديق موعودها ، إلا أدخله الله بها الجنة ) قال حسان : فعددنا ما دون منيحة العنز ، من رد السلام ، وتشميت العاطس ، وإماطة الأذى عن الطريق ونحوه ، فما استطعنا أن نبلغ خمس عشرة خصلة . الراوي: عبدالله بن عمرو بن العاص - المحدث: البخاري -
المصدر: صحيح البخاري - الصفحة أو الرقم: 2631 - خلاصة حكم المحدث: [صحيح]
الحديث الثالث
" عن أبي عبد الرحمن عبد الله بن مسعـود رضي الله عنه ، قال : حدثنا رسول الله صلي الله عليه وسلم – وهو الصادق المصدوق - إن أحـدكم يجمع خلقه في بطن أمه أربعين يوما نطفه ، ثم يكون علقة مثل ذلك ، ثم يكون مـضغـة مثل ذلك ، ثم يرسل إليه الملك ، فينفخ فيه الروح ، ويـؤمر بأربع كلمات : بكتب رزقه ، واجله ، وعمله ، وشقي أم سعيد ؛ فوالله الـذي لا إلــه غـيره إن أحــدكم ليعـمل بعمل أهل الجنه حتى ما يكون بينه وبينها إلا ذراع فيسبق عليه الكتاب فيعـمل بعـمل أهــل النار فـيـدخـلها . وإن أحدكم ليعمل بعمل أهل النار حتي ما يكون بينه وبينها إلا ذراع فــيسـبـق عليه الكتاب فيعمل بعمل أهل الجنة فيدخلها)
رواه البخاري [ رقم : 3208 ] ومسلم [ رقم : 2643 ].
من هذه الأحاديث نلاحظ رمزية هذا العدد عند محمد
شكرا