كنت دائماً أتساءل:
متى سيدخل الفكر السلفي الإقصائي إلى لبنان؟
ومتى سنرى أصحاب اللحى الشرهين للطعام وحور العين والموت، يحملون أسلحة أمريكية تباع لمموليهم من قبل تجار يهود بأموال الزيت العربي؟
ولماذا تأخر ظهورهم إلى هذا الحد بالرغم من توفر الدولارات السعودية والإمداد العسكري الأمريكي والمباركة الضمنية الإسرائيلية، وتوفر الظروف المواتية منذ ثلاث سنوات بعد انسحاب السوريين؟
وكنت قد رأيت بصيص جواب في أحداث فتح الإسلام. وهي أحداث تعلم منها تيار السعودية أن عليه ألا يعتمد على إسلاميين سنة خرجوا من سجون الأعداء (سوريا). ولكن زوال تنظيم وسلاح هذه الجماعة على أيدي الجيش اللبناني الوطني لم يقنعني بأنها سحابة صيف أو غلطة شاطر وقع فيها تيار المستقبل.
واليوم وأنا أقراً في موقع إيلاف، وقعت عيني على مقال منقول عن صحيفة لوس أنجلوس تايمز الأمريكية "يشرشح" الخطة البديلة التي لجأت إليها السعودية كي تحارب حزب الله.
الخطة تتلخص في تجنيد لبنانيين سنة لا علاقة لهم بسوريا تحت غطاء شركة أمريكية "Security Plus" وتربية جيش "جهادي" يطلب الموت في قتاله ضد العدو حزب الله!
ومن الذي يقوم بتنفيذ هذه الخطة؟ إنهم الأمريكان.
المقال:
http://65.17.227.80/ElaphWeb/Politics/2008/5/330218.htm
أكثر ما لفت نظري في هذا المقال هو:
"أما رئيس الشركة الأمنية التقليدية في بيروت والذي تحدث بصفة مجهولة نظرا لحساسية القضية فقد قال بأن القوة السنية لم تكن مستعدة في حقيقة الأمر. فلا يمكنك أن تنفق ملايين الدولارات لبناء جيش في عام واحد. إنهم بحاجة إلى تحفيزهم ويكون عندهم شيئ يؤمنون به و تكون لديهم الرغبة في الموت من أجله."
أي أن:
1- لقد بدأ إعداد هذا الجيش منذ عام. أي أن الخطة بدأت بعد فشل "فتح الإسلام" مباشرة.
2- لقد أصبحت العقائد عبارة عن وجبات يطعمها رجال البزنس إلى المجاهدين، حيث بات بمقدورهم زرع "رغبة الموت" في من يراد له أن يرغب به!
وطبعاً نظراً لهذا الفشل الذريع (للمرة الثانية) الذي منيت به القوى السنية في لبنان بالرغم من استعداد أقوى وأغنى دول العالم لمساعدتها، فكان لا بد لقائد تيار المستقبل، طفل السياسة المدلل الذي لا يعرف كيف يقرأ ورقة مكتوبة أمامه بأسلوب خطابي، ولا حتى بأسلوب نحوي... كان لا بد له من ترقيع الصورة بادعاء المدنية والمسالمة إلى حين... وهذا الخبر:
http://www.elaph.com/ElaphWeb/Politics/2...330102.htm
وتأكيداً على ما قلته في البداية، أنا لا زلت غير مقتنع بالأداء السني في لبنان. فهو لا يناسب الأداء السني في أي مكان آخر من العالم، وخاصة مع وجود المغناطيس الذي يسيّل لعاب كل عاشق للموت كرمال عيون حور العين، ألا وهو الشيعة!
لا أظن بأن الظروف الاقليمية والحاجة الأمريكية الملحة لرد الصاع صاعين على إيران ستسمح لأمريكا وعملائها أن ينتظروا محاولة ثالثة لبناء جيش جهاد سني في أي مكان في لبنان، خاصة وأن حزب الله بعد الأحدث الأخيرة قد وسع رقعة انتشار عيونه وحقق اختراقات جغرافية ليس من السهل التنازل عنها بالنسبة له، ووسع نقاط خطوطه الحمراء حيث وضع البنية التحتية موضع السلاح... أي أنه بات أقوى مما قبل.
إن تيار المشروع الأمريكي في المنطقة يشعر بأنه لم يعد لديه ما يخسره في لبنان، وقد وصلته رسالة واضحة كل الوضوح بعد الأحداث الأخيرة مفادها أنه يبني أحلاماً من سراب طالما أنه لا يمتلك قوة عسكرية على الأرض.
وأنا أتوقع بعد هذين الفشلين لأمريكا وحلفائها العرب في لبنان، أن تلجآ السعودية إلى تنفيذ الخطة الأمريكية الآخيرة البديلة، وهي محاولة زعزة تماسك الجيش الوطني اللبناني. لا بد وأن يكون في جيش لبنان خلايا سعودية أمريكية نائمة تنتظر دورها في إحداث التغيير وقلب الطاولة من الداخل. وبالطبع هناك خلايا بالمقابل سورية إيرانية جاهزة للرد من قلب الجيش نفسه. وإن نفذت الأوراق السعودية الأمريكية ولجأوا إلى هذا "الحل"، فعندها لات حين مناص من الحرب الأهلية.
مخاوفي وتحياتي