{myadvertisements[zone_1]}
 
تقييم الموضوع:
  • 0 صوت - 0 بمعدل
  • 1
  • 2
  • 3
  • 4
  • 5
وشهد شاهد من أهلها : وأخير كتاب (التشيع الصفوي والتشيع العلوي للمفكر الإيراني الشهيد علي شريعتي /الجزء الثاني
عزالدين بن حسين القوطالي غير متصل
عضو فعّال
***

المشاركات: 220
الانضمام: Jun 2007
مشاركة: #1
وشهد شاهد من أهلها : وأخير كتاب (التشيع الصفوي والتشيع العلوي للمفكر الإيراني الشهيد علي شريعتي /الجزء الثاني
مختصر كتاب
"التشيّع العلوي والتشيّع الصفوي "
للدكتور علي شريعتي
(1933 –1977)


اسم الكتاب : التشيّع العلوي والتشّيع الصفوي
اسم المؤلف : د. علي شريعتي
اسم المترجم : حيدر مجيد
تصحيح لغوي : نوال سعادة النيحاوي
الطبعة الأولى : 1422 هجرية - 2002 ميلادية
الناشر : دار الأمير للثقافة والعلوم ش . م .
عدد الصفحات الكتاب: 336 صفحة



الجزء الثاني





الحيلة الشرعية = خدعة الله !
الروحاني الصفوي حلاّل مشكلات لا نظير له في هذا المجال ، إنه قادر على قلب الحلال إلى الحرام والحرام إلى حلال بطريقة يشيب منها رأسك ، دون أن تتمكن من تسجيل هدف في مرماه لا قانوني ولا شرعي !
ألا ترى إلى الربا الذي عدّه القرآن من أعظم حرمات الله سبحانه ، يتحايل الروحاني الصفوي للالتفاف على الحكم الشرعي للربا بحذاقة ورشاقة بحيث يعجز أكبر خبير في الأحكام الشرعية عن تسجيل إيراد قانوني عليه بالرغم من علمه وجداناً بأن القضية لا تعدو كونها حيلة ! أمّا كيف تسنى لهم ذلك ؟
الجواب: بسهولة تامة ، أولاً بزعم أن العملة الورقية ليست من النقدين وانتهى الأمر إذ أن الربا لا يتحقق له مصداق إلاّ عندما يتضمن المورد مبادلة للنقدين ، وعليه فمبادلة العملات الورقية والأوراق المالية أمر جائز ولا إشكال فيه.
وثانياً ، ما هو الربا أصلاً ؟ أنه الفائدة المأخوذة عن رأس المال ، فلو أقرضت شخصاً مبلغ مئة ألف تومان على أن يعيدها إليك آخر السنة مئة وعشرين ألف تومان ، فإن المبلغ العشرين ألف تومان الزائد سيكون ربا وهو حرام إذا كان القرض بهذه النيّة منذ البداية ، بل من أشدّ أنواع الحرام وهو بمنزلة إعلان الحرب على الله ورسوله بمقتضى الآية القرآنية .
ولكن عقد المعاملات ليس بحرام بل هم مستحب ، والكاسب حبيب الله ، حسناً جداً اذهب إلى (الآقا) ليعلمك طرق تبديل الربا إلى معاملة لكي تتجنب الوقوع في الإشكال الشرعي ، كيف؟ بمنتهى السهولة ولا يحتاج ذلك إلى عبقرية ، هذه المرة إذا أردت أن تستريح ما عليك إلا أن تحوّل نيّتك من الربا إلى البيع المشروط ، تقرض صاحبك قرضاً (حسناً) قدره مئة ألف تومان ، ومقابل العشرين ألف تومان الإضافية عليك أن تبيع له مثقالاً من ملح الطعام!
أرأيت كيف تم ذلك بمنتهى السلطة ؟ والآن افترض أنه قامت القيامة ووقفت أمام محكمة العدل الإلهي ، ماذا بوسعهم أن يقولوا لك ، هل بوسعهم أن يقولوا أن معاملة البيع المشروط حرام ؟ كلا بالطبع ! هل سيقولون أن ليس من حق الإنسان أن يبيع بضاعته بالسعر الذي يروق له ، لن يقولوا ذلك بالطبع ، لأن بمقدورك أن تجيبهم فوراً بأن البضاعة هي ملكك ومن حقك أن تفعل بها ما تشاء والشريعة ليست شرطياً يعمل على مراقبة الأسعار !
وإذن فالشخص الذي يبتاع بضاعة من مؤمن هو داخل معه في معاملة ، ولا يحق لأحد أن يقول خلاف ذلك ، بالعكس هذا الشخص متفضل على الدين لأنه تحول من مرابٍ إلى كاسب والكاسب حبيب الله ويستحق الثواب وليس عدواً لله ورسوله !
هل يستطيع أحد أعضاء محكمة العدل الإلهي أن يعترض على هذه المسرحية ، إن اللغة الشرعية للروحاني الصفوي توصد كل الأبواب وتلجم كل الألسنة !
ربما تقول أنك تعمل في جهاز تابع للسلطة الظالمة وبالتالي تواجه مشكلة إعانة الظالم وأخذ الأجرة لقاء ذلك ، هل في عملك هذا إشكال ؟ نعم ، بالطبع فهذا العمل مشكل جداً ، فالإسلام يستنكر على الفرد المسلم أن يرى الظلم يقع على الآخرين ويقف مكتوف الأيدي ، وهذا هو السّر في أن الشيعة ما زالوا بعد أربعة عشر قرناً يلعنون كل من سكتوا أمام جريمة قتل الحسين ولم يتحركوا للدفاع عنه ، ويعتبرونهم شركاء في دم الإمام ، فكيف يمكن أن يسمح بالعمل رسمياً ضمن أجهزة الحكم الظالم أو أن يصبح المسلم مرتزقاً في جهاز الخلافة الغاصب ، وكيف يمكن تجويز استلام الأجرة غير المشروعة من يد غير مشروعة بطرق غير مشروعة ولقاء عمل غير مشروع ! – إذن ماذا أصنع ؟ هل أنسحب؟
كلا هناك طريقة للحل ،ما هي ؟ - التدوير – وماذا يعنى ذلك ؟
إنها عملية سهلة للغاية و لا يتقنها سوى الروحانى الصفوي وهي أنه فور استلام الأجر الذى يمنح لك ستذعن لحقيقة أن هذا المال غير مشروع و مجهول المالك ، إذن ما من الذى يجب أن يستلمه ؟ لا شك أنه الحاكم الشرعي وهو الروحانى الذى تصبح الأموال بحوزته ،وبعد ذلك سوف يرى أنك مستحق و لديك زوجة وأطفال فيقرر منحك ما يكفيك من بيت مال المسلمين ، وسوف ترى فجأة أن نفس الأجر الذى استلمته بالأمس من جهاز الحكم الظالم يأتيك بعنوان مساعدة من الشرع ! جل البارى تعالى !
لم يعد هناك مشكلة شرعية إلا ولها حل عند التشيع الصفوي ، و قد ترسخت هذه القناعة لدى الؤمنين حتى صارت مضربا ً للمثل وموردا ً من موارد التندر ، ويقال في هذا الصدد أن أحدهم جاء إلى فقيه من فقهاء التشيع الصفوي و أدى رسوم الطاعة والولاء – و بتعبير العلامة النائينى رسوم الاستبداد الدينى – فركع أمام الفقيه وقبل يديه وعاد القهقرى ، وما أن بلغ الباب إذا به يخرج من جيبه قارورة خمر ، وقال للشيخ الفقيه : أنتم الذين تحللون الحرام وتحرمون الحلال ، فلماذا لا تمن علي بتحليل هذه القارورة الصغيرة ؟!
وثمة أمر أخر يتعلق بقضية استرقاق العبيد التى حاربها النبي وعلي بشدة ، ومع ذلك استمرت الروحانية الأموية والعباسية و الصفوية بتدريسها لقرون ذلك أن الحكام و السلاطين والتجار والإقطاعيين ما زالوا بحاجة ماسة إلى الغلمان و الجوارى لإستخدامهم كحيوانات صامتة تمشى على رجلين لتسيير أمور مزارعهم و قصورهم وتلبية حاجاتهم ( النفسية والجسدية ) .
إننا اليوم أمام مفارقة غريبة تقول أن العملات الورقية ليست نقداً ، ولكن العبيد هم بضاعة تباع وتشترى ! ( سبحان الله !)
لا يوجد كلام حول حقوق الشعب في نفطه بينما يكثر الحديث عن حقوق السيّد على عبده ! الفقه الإسلامي ليس له حضور في مجال الدراسات حول الرأسمالية والبرجوازية والاقتصاد الاستعماري والعلاقات الطبقية وحقوق العامل والمستثمر ، والفلاح وصاحب الأرض والمنتج والمستهلك وفوائد رؤوس الأموال وغير ذلك ، بينما نجد مئات النظريات والبحوث الفقهية الدقيقة حول مسائل غير عملية من قبيل حكم العبد الذي اشترك في شرائه سيدان وقرّرا أن يعمل لأحدهما يوماً وللآخر يوماً ، وكيف يتم توزيع الدية بين السيّدين فيما إذا وقعت أثناء العمل صخرة على رأس العبد المسكين فمات!
أعرف أن هذه التجاوزات تثير حفيظة البعض من الأكابر وعلماء الدين ، واعتذر عن ذلك ، ولكن أرجو أن ينصفوني ويعطوا الحق لي وأمثالي في أننا وكثير من الأحرار في العالم نتوسم في الإسلام وفي الله ورسول الله وفي عليّ وتشيّع عليّ مفاهيم الحرية والعدالة والنجاة . ونعتقد أن هذا الدين وهذه الأسماء اللامعة لها قصب السبق والريادة في مجال الدعوة لتحرير الإنسان واحترام كرامته ، ومع ذلك نرى وبكل حسرة وألم أن شرف تحرير العبيد صار من نصيب العالم الغربي وأن فتوى تحريم الاسترقاق يصدرها الرئيس الأمريكي وليس مرجعاً من مراجع المسلمين ؟ وما زالت هناك أصوات تعلو في الحوزات الإسلامية تتحدث عن السيد والعبد والجارية والغلام ، والأغرب من هذا وذاك أن أسواق المسلمين خلت من الرقيق ولم يعد العوام يستسيغون هذا النوع من المعاملات بينما ما زالت جامعة الإمام الصادق منهمكة في البحث عن هذه الأمور !
الكيمياء القديمة حولت النحاس إلى ذهب والبتروكيمياء الحديثة حولت النفط إلى أسمدة ، أما بترو كيمياء الاستحمار الصفوي فقد صنعت من الدم ترياقاً ! ومن الشهادة عوامل ذل، ومن الشهيد
الحيّ لحدَ ميّت ، ومن تشيّع الجهاد والاجتهاد والاعتراض تشيّع تقية وتقليد وانتظار قوامه الهرب من المسؤولية والخوف من مواجهة الحياة والفراغ من المحتوى والمضمون !
ما الذي لم يصنعه هذا السحر الأسود ؟! لقد حوّل عليّ إلى رستم في الشاهنامه !ليس في ميدان الحرب بل في الخانقاه .
ومن فاطمة صنعت الكيمياء الصفوية امرأة لا يشغلها شاغل عن الندب والبكاء على قطعة أرض صادرتها الحكومة بغير حق ، وهي مشغولة إذن باللعن والدعاء بالويل والثبور ولا غير !
أما الحسن ، فأستحي أن أقول !
والحسين لا أطيق الكلام بشأنه !
بعد شهادة جميع أصحابه وأهل بيته واختيارهم للموت بعزّ وشرف رافضين للذلّ والهوان ، يخرج الحسين بعد ذلك كله وبين يديه طفله الرضيع ليتحدث إلى القوم بلهجة استرحام ويلتمس الماء من مرتزقة الجهاز الأموي وأتباع يزيد !
أما زينب ، المرأة التي علّمت الرجال معنى الجولة ، المرأة التي أدركت أن الثورة قد انطلقت فبادرت إلى تطليق زوجها والتضحية بولديها ، ومن ثم تجهزت بلسان عليّ ورسالة الحسين وعبء الأسرى وانقضّت كالصاعقة على عاصمة الفسق والفجور والقساوة وأطلقت صيحتها المدوية والتي ظلّت طوال ألف سنة تقض مضاجع بني أمية والعباس وسلاطين الترك والتتر والغزاونة والسلاجقة والمغول وبعد أن عجزوا بأجمعهم عن خنق نطاق هذه الصيحة جاءت منابر العزاء الصفوية وتمكنت من ذلك عبر تحويل هذه الصيحة إلى نوحة !
وماذا بالنسبة للعباس بن علي أخ الحسين وبطل المعارك الفريد ، الوجه الذي لم يسجل له التاريخ إلاّ وقفات العزّ والشرف والحماسة ! لقد حوّلوه إلى بطل رمزي في محافل النسوة !
والإمام زين العابدين الرجل الذي جعل من الدعاء خندقاً للجهاد والمواجهة تحوّل إلى إنسان عليل لا يجيد إلاّ النوح والأنين حتّى أن المجلسيّ وهو أبرز وجوه التشيّع الصفوي يرسم له صورة اعتقد أن أعداء عليّ الذين نصبوا لهم السيف يخجلون من نسبتها إليه فإن العزّ والوقار والهيبة والبهاء صفات معروفة لبني هاشم لا تنكرها حتى جاهلية العرب !
و… لا أطيق مواصلة الحديث ليس فقط عمّا صنعته الصفوية من صور مشوهة للأئمة على لسان عوام الناس ، بل لست أستطيع تجسيم صور للأئمة تتضمنها كتب معروفة ومعتبرة لدى الشيعة !


إلغاء التشيّع بواسطة التشيّع !
إنّ أكبر الأخطار التي كان من الممكن لها القضاء على الصفوية كانت وليدة التناقضات التي تحمل الحركة الصفوية بذورها في الداخل ، لأنه كان على الصفوية أن تحمل شعار الإسلام في حال كونها كياناً استبدادياً قاسياً على غرار الأنظمة الكسروية والقيصرية، هذا من جهة، ومن جهة أخرى ، كانت الصفوية تصرّ على حمل لواء التشيّع في حين أنها تعتمد نظام خلافة شبيهاً بأنظمة الخلافة الأموية والعباسية ، وكان هذا التناقض يتجلّى في اتجاهين يدعو الأول منهما الحركة الصفوية إلى العمل من أجل بناء إسلام خالٍ من الإسلام ،فيما يدعو الثاني منها الى تحقيق مهمة أكثر صعوبة تتمثل في العمل على إلغاء التشّيع ولكن باسم التشّيع نفسه !
والسؤال الذي يطرح نفسه حينئذ: ما هو السبيل إلى تحقيق هذين الغرضين المتهافتين ؟!
بشكل إجمالي يمكن القول أن الإسلام هو دين التوعية والعقل والمسؤولية ، وله أبعاد وجوانب اجتماعية و اقتصادية ونظرة واقعية معاصرة للأمور ، ومن ثم فهو يدعو إلى العزة والشرف والاقتدار والمركزية السياسية ويعترف بشخصية الإنسان وبحقّه في العيش الكريم والحرية الفكرية وتحمّل الوظائف الاجتماعية اللائقة به كموجود اجتماعي ، وبالتالي فإن الإسلام دين لا يقبل التفكيك عن السياسة ، ما يجعله غير مناسب بهذه المواصفات لأن يكون ديناً رسمياً للأنظمة والحكومات الاستبدادية الوريثة لأنظمة كسرى وقيصر والقائمة على أساس التضاد الطبقي والتميز العرقي ، وتبعاً لذلك يجب العمل لتهميش دوره وإلغاء أثره الاجتماعي وجر الناس إلى اعتناق دين يحضّ الأفراد على الاقتصار بالحديث على ما يتعلق بعالم ما بعد الموت ويغذّي التوجهات الاجتماعية ذات النزعة الباطنية في التعاطي مع الأشياء والداعية إلى إشاعة المنحى الأخلاقي الفردي والسلوك الرهباني والاتجاه السلبي في ترويض النفس على القناعة والزهد والكفّ عن التدخل بأمور الدنيا وبدلاً من الانشغال بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر واحترام مبدأ الجماعة ، عكفت الصفوية على إيجاد منهج انعزالي صوفي يميل إلى تجاهل الواقع والغياب عن مسرح الأحداث بنحو ينهمك فيه كل إنسان بمشاكله وهمومه الذاتيّة وتكون رسالته في الحياة هي العمل على إنقاذ نفسه من سجن الدنيا والفرار بها من جهنم الحياة ! ولا ريب في أن هذه الحالة تعدّ حالة مثالية لمثلّث التحكم بالناس والمؤلفة أضلاعه الثلاث من الاستبداد والاستعمار والاستحمار:
(( الأول يربط الإنسان من رأسه والثاني يقوم بتنظيف جيبه والشريك الثالث يشرع بتقديم النصائح والمواعظ قائلاً بلسانه الرّباني العطوف : اصبر يا أخي ! افرغ جوفك من الطعام واجعل من جوعك
رصيداً لك يوم القيامة ليخفّف لك من ذنوبك ، وبالله استعن على هؤلاء فسوف يلقون جزاءهم في الآخرة !)).
إن لوعاظ السلاطين وخدّام أروقة البلاط سياقاً عاماً مشتركاً في خلق توجّه ديني تخديري من شأنه شلّ الحركة الاجتماعية الهادفة ، ويعتمد هذا السياق عادة على تحريف المفاهيم الدينية وتفسيرها تفسيراً سلبياً يفرغها من مضمونها الحقيقي ، وبالطبع فإن لكل حركة دينية طيفاً من المفاهيم والقضايا العقائدية ذات الطابع الإيجابي البنّاء على صعيد الحركة الاجتماعية العامة ، كما أن لها قضايا ومفاهيم ذات طابع فردي ، وفي حالة كهذه تعمد أجهزة الإعلام والدعاية الدينية التابعة للسلطات على تسليط الأضواء أكثر على النوع الثاني من القضايا والمفاهيم وترويجها على حساب قضايا ومفاهيم النوع الأول حتى تتلاشى الأخيرة تدريجياً ولا يبقى في أذهان أتباع الدين أو المذهب سوى المفاهيم السلبية المندرجة تحت إطار النوع الثاني من القضايا المشار إليها أعلاه.
وما نراه اليوم على صعيد الإسلام ، هو مصداق بارز لهذه الظاهرة ، إذ من الواضح أن الأحكام والمسائل الفردية لهذا الدين من قبيل الطهارات والنجاسات والعبادات والمعاملات الفردية تطرح باهتمام مركّز أكثر من الاهتمام الذي يولى لسائر القضايا ذات الطابع الفكري والعقائدي ، أو المسائل الاجتماعية والسياسية والتاريخية بما في ذلك سيرة النبي والأئمة ، بيْدَ أنّ مشكلة الصفوية كانت تكمن في حاجتها هي بالذات إلى عناصر التأليب وتأجيج المشاعر والنعرات الطائفية والمذهبية وعلى خلاف بقية الأنظمة وهياكل الحكم ، لم تكن الصفوية تقتنع وتكتفي بدور الدين والمذهب في تبرير الوضع القائم وإضفاء القدسية على ما هو كائن وموجود ، بل كانت تطمح إلى ما هو أبعد من ذلك في استخدام المذهب كقوة تحريكية وآلة للانتقام من المذهب السنّي الحاكم في الدولة العثمانية ، ومن هنا وجدت الصفوية نفسها مضطرة للحفاظ على التشيّع بشكله العلويّ الأصيل وتسليط الضوء على أكثر منعطفاته وقضاياه خُطورةً وحساسية بدلاً من الانشغال بالقضايا الجُزئية أو المنعطفات غير الحادة !
للوهلة الأولى ربما يقول قائل أنه كان على الصفوية أن تعتّم على حادثة كربلاء وكل ما يرتبط بها لتزول من الأذهان تدريجياً ، وكان ينبغي لها بالمقابل أن تسلّط الضوء أكثر على موقف الإمام الحسن في الصلح مع معاوية ولن تحتاج حينئذ إلى أكثر من تحريف فلسفته وتجريدها من العمق وتحويلها إلى آلة تخدير والتعاطي مع الصلح من زاوية تساوميّة محضة ! غير أن الصفوية لم تقنع بهذا المستوى من التوظيف الديني وسعت إلى تحقيق هدف إعجازي عظيم تمكنت خلاله من الإبقاء على تشيّع الدم والشهادة والثورة والرفض وجعلت من الحسين محوراً لكل نشاطاتها الدعائية ومن عليّ شعاراً لكل النهضة ، وحافظت على الحالة الثورية وعلى نزعة التمرّد والعصيان لدى الإنسان الشيعي ، واستمرت في شحذ الهمم وتأجيج المشاعر على مدى شهرين كل عام ( محرم وصفر) بل على مدى عام كامل وأصبح كل يوم عاشوراء وكل أرض كربلاء ، وروّجت لعليّ وشخصيّة عليّ وخصاله المتجسدة في الثورة والشهادة والجهاد ورفض خلافة الجور ، ولكنها في الوقت ذاته، عملت بذكاء على توجيه كل المشاعر الانتقامية والعواطف الملتهبة للتيار الشيعي الرافض للاستبداد والتمييز نحو الجبهة التركية وضد عموم أبناء الأمة الإسلامية !
وبغية تحقيق هذا الغرض كان على التشيّع الصفوي أن يلجأ إلى أسلوب معقد وشائك يجمع فيه بين تعظيم، وتقزيم أئمة الشيعة الذين قادوا نهضة المقاومة على مدى قرنين ونصف من الزمن وقد قضوا ما بين مقتول أو مسموم في هذا الطريق الجهادي الرامي إلى تخليص الناس من ممارسات الجهل والجور .
كان عليهم أن (يعظموا) هؤلاء الأئمة لكي يظهروا أمام الناس بمظهر المدافع عن أهل البيت والمطالب بإرجاع حقهم وإحياء مذهبهم ، وكان عليهم في ذات الوقت أن (يقزّموا) أهل البيت لكي يفقدوهم الطابع والصفة الرمزية بين الشيعة والتي من شأنها أن تلهمهم السير على خطاهم والتأسي بسيرتهم في رفض الذل والعبودية والمطالبة بإقامة العدل وتحكيم الحق والالتزام بمظاهر الورع والتقوى ونبذ الظلم والحيف والتمييز الطبقي والعرقي والتأكيد على ممارسة الفرد لدوره الإيجابي البنّاء على الصعيد الاجتماعي … وفي ظل ذلك سوف يصبح بوسع الشيعي أن يُنادي بالأئمة ويعتقد بمحمد وعليّ وفاطمة والحسن والحسين وينتظر ظهور منجي البشرية والثائر المصلح الكبير ويمضي ليله ونهاره في الحديث عنهم وعن بطولاتهم وإيثارهم وسيرتهم ، ومع ذلك لا يشعر بأي ضرورة تدعو للتأسي بهم والعمل بوصاياهم والإقتداء بمنهجهم في مقاومة أو على الأقل مشاكسة النظام الصفوي الوارث لأنظمة الخلافة في الحقبتين الأموية والعباسية سواء على صعيد النمط المعاشي أو على صعيد العلاقة بالناس ، وتلك- لعمري – كانت مسؤولية شاقة تحملتها الكنيسة الصفوية في الجمع بين النقيضين : تعظيم أئمة الشيعة وتقزيم أئمة الشيعة!
أما كيف تم ذلك ؟ فوفق معادلة دقيقة محسوبة على وتيرة واحدة ومنوال ثابت :
فمن جهة يجري العمل على رفع مقام ومنزلة الإمام إلى مرتبة الألوهية ، ويتحول الإمام الذي هو وصيّ النبي في التشيّع العلوي وهو الأتقى والأعلم الذي يتولى مهمة مواصلة قيادة المسيرة بعد النبي وهو الشخص الذي يجب أن يكون المرجع في الفهم الصحيح للقرآن والسنة ( الإسلام بمعنى آخر )،يتحول هذا الإمام من عبد طاهر وقائد من جنس البشر إلى موجود غير بشري شبيه بالآلهة الصغار الذين يحيطون بالإله الأكبر في الأساطير وفي معتقدات الأديان الوثنية ولهذا الموجود خصائص إلهية كالخالق والرازق والمدبّر والمهيمن على مصائر الناس ، ويتمتع بولاية تكوينية على حدّ ولاية الله !
ومن جهة أُخرى ، فإن إمام الشيعة الذي يشهد له التاريخ كله والناس قاطبة ، مؤمنهم وكافرهم ، بأنه مظهر التقوى والورع والعدل والحق والعلم والحرية والجدارة في قيادة النهضة ومقاومة الظلم والجهل والجور والترف والاستبداد ، وهو المرآة التي تتجلّى فيها مضامين الإنسانية والفخر والاعتزاز والفضيلة والشرف والنزاهة والوعي والصمود والتحرر وعدم المساومة على الحق ، هكذا شخصية بهذه المواصفات السامية يتحول بفعل الجهد الصفوي إلى كائن ضعيف عاجز مساوم خائف أناني انتهازي منعزل ، يعارض منطق الشهادة ويستنكر على الناس تفكيرهم بالخروج على النظام الفاسد ومقارعة الظلم ، ويدعو إلى الحفاظ على موقع الخليفة حيال التيارات المتطرفة حتى ما كان شيعياً منها ، ويروج مبدأ الرضا والتسليم للأمر الواقع ويفتي لمصلحة الجهاز الحاكم ولو كان ذلك على خلاف الشرع عملاً بالتقية ! وهو في نهاية المطاف إنسان محتقر عديم الشأن ينظر إليه الخليفة نظرة احتقار وسوء ظن ، وهو بالمقابل مستعدّ للقيام بأي شيء لمجرد إرضاء الخليفة وتغيير نظرته إليه ! يتشرّف بالانتساب إلى الخليفة أكثر من انتسابه إلى النبي ، ولا يتورع عن الانضمام إلى قافلة المتزلّفين إلى الخليفة ممّن يتأملون أن يجود عليهم الخليفة بالعطايا والهبات ، يتشرّف بالوقوف على بلاط(أمير المؤمنين يسبّح بالثناء عليه و تقديس موقعه والدعاء له واستلام الثمن !
وبغية إرساء قواعد حكم رجعي على دعائم نهج ثوري وتأسيس حكومة الزور والزيف والاستبداد السياسي والاستغلال الطبقي على دعامتي (العدل) و(الإمامة) !…
وبغية تبديل ماهية ( التشيّع الأحمر )- وذلك لونه على الدوام – إلى تشيّع أسود –وذلك لون الموت الذي ارتدته الصفوية بحجة العزاء – ومن أجل أن يتخذوا من ( الولاية ) سنداً قوياً ومقدساً (للخلافة) وسيفاً قاطعاً بيد (الخليفة )، ومن( عاشوراء) أفيوناً مخدّراً للإيرانيين ومادّةً لتأليبهم على العثمانيين !…
نعم من أجل هذا وغيره كان على ماكنة السحر الأسود الصفوي أن تنتج سائلاً يصلح لجعل الشيعي قوياً وضعيفاً في آن ، وحاضراً وغائباً في كل مكان ! وينجح في إدخال أكثرية الناس في المدن والقرى إلى المذهب الشيعي جبراً أو اختياراً بالعدول عنه إلى مذهب آخر ! في ظل هذا النتاج الغريب سوف تظلّ المنابر تلهج باسم (كربلاء) ليل نهار وفي كل عصر ومصر ، وفي نفس الوقت لا يُسمع هذا الاسم من على تلك المنابر إطلاقاً !
الشيعي بفضل هذا الإكسير الكيميائي ، يستغرق الوقت ليل نهار في إنشاد الشعر وكتابة النثر في مدح الأئمة والثناء عليهم والإشادة بخصالهم ونقل مناقبهم وكراماتهم وأفعالهم الخارقة والخصوصيات الغيبية والمعجزات التي ظهرت على أيديهم قبل الخلقة وبعدها وقبل الولادة أو أثناءها وعند الموت وفي القبر وفي عالم الرؤيا والمنام واليقظة والانتباه … ولكن هذا الشيعي لا ينبغي له –تحت مفعول هذا الإكسير – أن يتطرق لذكر حديث تربوي عن الأئمة يوضّح طريقة عيشهم ومنهجهم في التفكير والسلوك والتعاطي مع قضايا المجتمع والزمان ، وما هو الأثر الذي خلّفه كل واحد منهم بعد الوفاة والرسالة التي حملها أثناء الحياة…
وهكذا نجد أن كل إيراني لا بدّ وأن يكون سمع أو يسمع مئات أو آلاف المرّات بأن الإمام الجواد يدخل الغرفة وبابها مغلق! ولكن أياً من هؤلاء لم يحفظ حديثاً واحداً عن الإمام ولم يحدّثه أحد بشيء حول الأنشطة التي كان يزاولها الإمام في سياق رفضه لنظام الخلافة القائم . الجميع يبكون في كل عام بمناسبة استشهاد الإمام الجواد ، ولكن أحداً لا يعرف لماذا استشهد الإمام الجواد؟
كان لا بد من سلوك منهج خاص من أجل تحقيق هذا الهدف المتناقض الذي تريد الروحانية الصفوية من ورائه أن يتحدث الناس دائماً عن الإمام دون أن يعرفوا شيئاً عنه ، ويتمثل هذا المنهج في ترويج مبدأ تقديس الإمام دون معرفته !
إن الفن الأكبر للروحانية الصفوية تجلّى في إبدال علاقة الناس بالإمام من (المعرفة) إلى ( المحبة) !
دون شك إن المحبة هي حالة طبيعية وشعور إنسانيّ سامٍ ينبثق في الروح في ضوء معرفة الإمام ، وهذه المحبة وليدة المعرفة والإتصال المباشر مع أناس نموذجيين ذوي نفوس سامية وزكيه ،وهي –المعرفة-نوع من الإحساس الوجداني الفطري وعامل من عوامل التربية على الفضيلة وعنصر تحرك واقتدار من شأنه أن يشكل خطراً على قلاع الظلم والرذيلة بيد أن المحبة تحتلّ – في التشيّع الصفوي مكان المعرفة ، هي محبة قبل المعرفة لا بعدها . والغرض الداعي إلى ترويج هذا النوع من المحبة هو تجريدها من آثارها ، ذلك لأن حبّ الإمام المجهول –ولو كان هذا الإمام هو عليّ –لن يكون له أي فائدة أو ضرر أو تأثير ، ومن هنا فإن النظام الصفوي وأجهزته الدعائية تسعى عبر تلقين المواعظ والخطب والمراثي والأشعار إلى مضاعفة حبّ الإمام في القلوب وتضعيف معرفته في العقول .

المبدأ الأساس في التشيّع العلوي يقول :
(( من مات ولم يعرف إمام زمانه مات ميتة جاهلية )).
غير أن هذا المبدأ ، تعرّض لعملية تحريف (بسيطة ) فأصبح هكذا : (( من مات ولم يحب إمام زمانه مات ميتة جاهلية)) .
وهكذا تم بمهارة إنتاج هذا الإكسير السحري المتناقض في التركيبات (( المعجون الثلاثي الصفوي )) وقامت الروحانية الصفوية بتعبئته في كبسولة التشّيع ومهره بختم (ولاية علي ) وتوزيعه لى محبّي أهل البيت وعشاق علي وكل معتقد ب(الإمامة)وذلك لضمان تخدير الشيعة وتثويرهم ! وتعظيم الأئمة وتقزيمهم في آن واحد ، وبذلك تكون الروحانية الصفوية قد اكتشفت معادلة تركيبية دقيقة شكّلت في الواقع سرّ نجاح التشيّع الصفوي وفي الوقت ذاته سبب انكسار التشيّع العلوي والعلة الرئيسية في انقلاب وجه التشيّع بشكل مروّع ، وهي العامل الأساس في قدرة الصفوية على تسويد لون التشيّع الأحمر وتبديل ثقافة الاستشهاد بثقافة الموت ومذهب الإمام الحسين بمذهب الشاه سلكان حسين ! ليتحول التشيّع الذي ظلّ مظلوماً عبر ألف عام إلى تشيّع يقف في خندق الظالم ويسنده ويعتمد عليه!
هذه المعادلة معادلة ثنائية الأبعاد ، معادلة متضادة ذات معلومين !
الإمام في السماء :شريك الله !
وهو في الأرض : أجير للخليفة !
الإمام في الحضرة الإلهية : ظلّ للإله وربّ للنوع (وربّما أسمى !)
وهو في حضرة السلطان : أحد أفراد الحاشية ، ومستشار ديني للشاه ، مساوم متزلّف متملّق (وربما أخس!).


الإمام في السماء مع الله وفي الأرض مع الخليفة

أود هنا أن أنقل إليكم التناقض الشديد في تصوير (الأئمة) في التشيع الصفوي ، فتارةً يصوّرون (الأئمة ) آلهة يخلقون ويرزقون ويعلمون الغيب ، وتارةً أخرى يصورونهم تابعين ومتذللين للحكام والخلفاء .
وقد حرصت على أن أنقل هذه الصورة من مصدرين هامين من مصادر التشيّع الصفوي لأعلام هذه الحقبة وهما :
1-بحار الأنوار للعلامة المجلسي وهو من أوائل حقبة التشيّع الصفوي .
2-جواهر الولاية لآية الله البروجردي الكاظميني وهو من أواخر هذه الحقبة ، وكذلك من بعض آثار آية الله الآقا الشيخ علي أكبر النهاوندي ، وهو من المعاصرين .
واختياري نموذجين أحدهما من أوائل هذه الحقبة ، والآخر من آخرها ، فرصة للقارئ والباحث الكريم أن يدرك حجم التحول الذي طرأ على التشيّع الصفوي في غضون القرون الثلاثة حيث نرى المجلسي وهو من المتقدمين يورد نصوصاً تصور الأئمة بمظهر الخانع الذليل ، في حين تنقلب الصورة رأساً على عقب عندما يصور البروجردي الكاظميني وهو من المتأخرين –الأئمة آلهة يخلقون ويرزقون ويعلمون الغيب .
وإذا كان لدى البعض تحفظ وانتقاد حيال ما سأنقله بدعوى أنه غير مطروح الأن ، فإننى أعتقد خلاف ذلك ، وأرى أن هذا موجود وبقوة ، وخاصة هذه الأيام .

1- الإمام في السماء مع الله !
 الإمام يوحى إليه : ((أنه محدث ، يسمع صوت ملك الوحي (جبرائيل) ولكن لا يراه ! لأنه من اللازم كلٌّ من الرسول والإمام مستوي الخلقة والهيئة . وفي ضوء ذلك يجب أن يولد كل منهما مختوناً ، ويكون على طهارة دائمية وليس له ظلّ ! وله قدرة على رؤية الأشياء من جميع الجهات وبنفس الوضوح ، تنام عينه ولا ينام القلب ولا يجوز عليه الأحلام!))
(جواهر الولاية –ص101)
 ((عندما يولد الإمام يهوي فوراً إلى السجود ويشهد الشهادتين وتحدّثه الملائكة وينطبق درعه على بدنه ، ومعه صحيفة فيها أسماء كل أتباعه إلى يوم القيامة ..
((نحن أسرار الله المودعة في هياكل البشرية ، نزّلونا عن الربوبية وادفعوا عنّا خطوط البشرية فإنا عنها مبعدون وعما يجوز عليكم منزّهون ، ثم قولوا فينا ما استطعتم!)).
(جواهر الولاية ص98)
 لا تنحصر قدرة أولياء الله بموارد معينة ونقاط محددة وكيفية خاصة بل إن تسلطهم شامل لكل مسرح الوجود ، وقد شبّه الحكماء الإلهيون ذلك بالقول إن هيولى العالم ومادته الأولى تكون في أيدي أولياء الله مثلما يكون الشمع بيد الإنسان يصوّره كيف يشاء ، وفي الحديث المشهور عن المعصوم :
(( إن رجالاً إذا أرادوا أراد وإذا أراد أرادوا )).
(جواهر الولاية-125)
ومن ثم فإن موضوع الولاية يكون على هذه الشاكلة بلا أدنى تفاوت ، لأن هذا هو مقتضى عمل الوليّ والمدبّر للأمور الإلهية بأمر من الله والموكل إليه مهمة الوزارة والنظارة على مملكة الوجود من علم ورزق وموت وحياة …
عن الصادق(ع) ما مضمونه أن جميع أمور القيامة هي بيد النبي محمد (ص)والإمام علي(ع) ،إذ أن تدبير الأمور يكون بأمر النبي (ص) كما أن مالك ورضوان (خادمي النار والجنة ) يأتمران بأمر علي(ع) ، وهذه المنازل من مكنون العلم فاحفظها !
… أما نواب الإمام العامّون (مراجع التقليد) فليس لديهم ولاية مطلقة ، غير أنه من الممكن أن يجري على أيديهم بواسطة الإمام كرامة أو عمل خارق للعادة وذلك من أجل إثبات النيابة وتصحيح انتسابهم للإمام ، وتبقى المرتبة الأعلى والأعظم هي الولاية الكلية المطلقة التامة الحقيقية على مسرح الكائنات منحصرة في كل زمان بفرد واحد هو واسطة الفيض الذي له ولاية وسلطنة –نيابة عن الله – على جميع ما سواه ، ولا يشاركه أحد في هذه المرتبة ، وهو الإمام وحجة الله على الخلق أجمعين .
(الجواهر –126)
 منصب الزعامة على الأمور التكوينية لا يمكن رؤيته عند أولياء الله ، إلاّ إذا هم أرادوا ذلك، كما لو أعادوا الشمس بعد مغيبها بإشارة واحدة ، أو أمروا السماء بأن تمطر ، أو التجاء الغزال إلى الإمام الرضا خوفاً من الصيّاد ، وهذا يعني أن الشمس والغيوم تتحرك دائماً على سبيل الامتثال لإرادة الولي والحجة في كل زمان ، وأن جميع الحيوانات تعرض حاجاتها على أولياء الله ولا تتحرك إلاّ تبعاً لأوامرهم .
 في بعض الأحايين يستخدم أولياء الله إرادتهم الولائية للحيلولة دون تأثير السمّ أو السيف في أبدانهم ، كما روى ذلك العلامة المجلسي في المجلد التاسع من البحار بشأن أمير المؤمنين (ع) في قصة الطبيب اليوناني الذي طلب منه المعجزة فتناول (ع) السمّ دون أن يؤثر في بدنه ..ومثل ذلك ما يروى من أن المأمون أمر ثلاثين شخصاً من جلاّدي قصره بأن يقطّعوا أوصال الإمام الرضا (ع) بالسيوف وقد فعلوا ذلك دون أن يلحق الإمام أي ضرر!
 ثمة أفراد يتمرّدون على الأوامر الإلهية ويخالفون الأئمة ، ومع ذلك فإن أمورهم التكوينية تبقى تحت هيمنة أمراء الحق (الأئمة ) سواء على مستوى الجهاز التنفسي أو الجهاز الهضمي أو الدورة الدموية . وفي هذا يقول القرآن :
(لله يسجد من في السماوات والأرض طوعاً وكرهاً ).
ويقول أمير المؤمنين في حديث النورانية :
(( ويطيعنا كل شيء حتى السموات والأرض والشمس والقمر والنجوم ولجبال والبحار والشجر والدواب والجنة والنار)).
(الجواهر-159)
 روى صاحب كتاب (بصائر الدرجات ) عن الإمام الخامس محمد الباقر (ع) أنه قال أن كل شيء فيه روح فهو يطيعنا ويسمع لنا أكثر من بني آدم .
وعندما استعرض المتوكل جيوشه قبال الإمام الهادي (ع) بقصد إرعابه وتخويفه ، ما كان من الإمام إلاّ أن أمر جيوش الغيب والملائكة فظهرت للمتوكل حتى غشي عليه.
ويروى أن هارون بعث بجارية إلى الإمام موسى الكاظم (ع) لتخدمه وهو في السجن !، فأشار الإمام بيده فظهر أمامها عدد ضخم من الجواري والغلمان يؤدون الطاعة للإمام ، فغشي على الجارية أيضاً .
 وذات يوم كان الإمام الصادق مع بعض أصحابه في البيداء وأصابهم عطش شديد فوضع الإمام (ع) رأس عصاه المباركة في حلقه فجرى الماء!
 نظير ذلك قصة الإمام الرضا مع المأمون إذ لجأ (ع) إلى استخدام ولايته التكوينية ضد سعيد بن مهران الذي أراد أن يسخر من الإمام في مجلس المأمون فأشار (ع) إلى صورة أسد في سجادة معلقة على الجدار فتحولت الصورة إلى أسد حقيقي هجم على سعيد وابتلعه !
عندها تدخل المأمون لدى الإمام الرضا طالباً منه أن يأمر الأسد باسترجاع الفريسة ! فقال الإمام لو أن عصا موسى النبيّ أرجعت أفاعي السحرة لكان ثمة أمل بأن يعود ابن مهران ، أي أن المسألة مسألة معجزة إلهية .
( لاحظ عزيزي القارئ أن هذا الأسد يهجم على (سعيد) المسكين ويترك الرجل الذي بجنبه (المأمون) مع أنه غاصب للولاية !)
 وفي رواية أخرى أن أمير المؤمنين قال لعمار بن ياسر أن يأخذ حفنة من التراب بأمر منه ويذكر عليها اسم الأمير فتتبدل إلى ذهب !
 وحينما طلب علي الأكبر من أبيه وهو في المسجد أن يأتي له بشيء من العنب مدّ الإمام الحسين يده إلى أحد أعمدة المسجد وأخرج منه عنقود عنب !
 ذات يوم وفد المعلّى بن خنيس على الإمام الصادق في المدينة ، فمسح الإمام بيده على عيني المعلّى فرأى أنه ذهب إلى الكوفة ودخل منزله والتقى بزوجته وأبنائه وتحدّث إليهم ، ثم مسح الإمام بيده مرة أُخرى على عيني المعلّى فوجد نفسه بجنب الإمام في المدينة!
 (إنا عرضنا الأمانة على السموات والأرض والجبال فأبين أن يحملنها وأشفقن منها وحملها الإنسان إنه كان ظلوماً جهولاً) .
المقصود هو ولاية محمد وآل محمد تكويناً وتشريعاً ، وقد روى المفضّل بن عمر، عن الصادق (ع) أن الله خلق الأرواح قبل خلق الأجساد بألفي عام … ومن ثم عرض ولاية أهل البيت على السموات والأرض ، وقال من الذي يدعي القدرة على حمل هذه الأمانة فتخلّى عن حملها السموات والأرض وتخوّفوا من حمل هذه الأمانة الثقيلة وكان آدم وحواء في الجنة… فوقع نظرهم فجأة على مقام المعصومين الأربعة عشر فسألوا : لمن هذا المقام ؟
فجاءهم الجواب من الجليل بأن هذا المقام لمحمد وفاطمة والحسنين والأئمة إلى المهدي (عج)ولولا هؤلاء لما خلقتكم … وحذار أن تنظرا إليهم بعين الحسد وتتمنّيا المقام الذي أعطاه الله إليهم . لكن الشيطان وسوس لهما فتمنّيا مقام الولاية المطلقة الكلية … وعندما أرادا التوبة أمرهما الله سبحانه بأن يتوسلا إليه بتلك الأنوار المقدسة ففعلا وتاب عليهما.
وفي مضمون كثير من الروايات أن ولاية أهل البيت عرضت على المياه ، فكل ماء رضي بهذه الولاية صار عذباً سائغاً شرابه وكل ماء أبى قبول الولاية صار ملحاً أجاجاً ، وقد عرضت الولاية أيضاً على الثمار ، فكل ثمر قبل الولاية صار حلواً طيباً وكل ثمر رفض الولاية صار مرّاً ، وكل نبات لم يقبلها كان كريه الشكل والرائحة والطعم . وأخيراً فإن كل حجر قبل الولاية صار حجراً جيداً كالعقيق والفيروز والحجر الأسود .
04-16-2008, 02:57 PM
عرض جميع مشاركات هذا العضو إقتباس هذه الرسالة في الرد
{myadvertisements[zone_3]}
حسين مهدي غير متصل
عضو فعّال
***

المشاركات: 55
الانضمام: Mar 2007
مشاركة: #2
وشهد شاهد من أهلها : وأخير كتاب (التشيع الصفوي والتشيع العلوي للمفكر الإيراني الشهيد علي شريعتي /الجزء الثاني
مسوي مسلسل مكسيكي الاخ !
Get a life
04-17-2008, 08:17 PM
عرض جميع مشاركات هذا العضو إقتباس هذه الرسالة في الرد
{myadvertisements[zone_3]}
عزالدين بن حسين القوطالي غير متصل
عضو فعّال
***

المشاركات: 220
الانضمام: Jun 2007
مشاركة: #3
وشهد شاهد من أهلها : وأخير كتاب (التشيع الصفوي والتشيع العلوي للمفكر الإيراني الشهيد علي شريعتي /الجزء الثاني
Array
مسوي مسلسل مكسيكي الاخ !
Get a life
[/quote]

جواب

ولكن مسلسل مكسيكي هادف في هذه المرّة يتعلّق بالحركة الصفوية العنصرية الحاقدة وهو مسلسل من تأليف وإخراج المفكّري الإيراني الشهيد علي شريعتي ....
04-18-2008, 07:24 PM
عرض جميع مشاركات هذا العضو إقتباس هذه الرسالة في الرد
{myadvertisements[zone_3]}
SH4EVER غير متصل
بحراني
*****

المشاركات: 2,057
الانضمام: Mar 2005
مشاركة: #4
وشهد شاهد من أهلها : وأخير كتاب (التشيع الصفوي والتشيع العلوي للمفكر الإيراني الشهيد علي شريعتي /الجزء الثاني
يعني تعترف أن سيناريوهات المسلسلات المكسيكية السابقة التي كتبتها تعتبر كذب و تدليس ؟؟؟
04-18-2008, 08:56 PM
عرض جميع مشاركات هذا العضو إقتباس هذه الرسالة في الرد
{myadvertisements[zone_3]}
Awarfie غير متصل
متفرد ، و ليس ظاهرة .
*****

المشاركات: 4,346
الانضمام: Dec 2001
مشاركة: #5
وشهد شاهد من أهلها : وأخير كتاب (التشيع الصفوي والتشيع العلوي للمفكر الإيراني الشهيد علي شريعتي /الجزء الثاني
Array
يعني تعترف أن سيناريوهات المسلسلات المكسيكية السابقة التي كتبتها تعتبر كذب و تدليس ؟؟؟
[/quote]

البعض يا SH4EVER ، مثل الانابيب ، ان صببت فيها سوائل من جهة و قلبتها ،تجدها تسكب السائل في الاتجاه الآخر !!! و صاحبنا القوطالي بدا مسيرة حلقاته ضد المحتل الامريكي الى ان اصبح المحتل الامريكي صديق سنة العراق ن و موزع النعم على الصحوات ن و عندها تغيرت نظرة سنة العراق و اختلفت الاولويات و اصبحت ايران هي الفعدو الاول و المباشر ، و هنا بدا الكتاب الانابيب بصب الفكرة في هذا الاتجاه ! لكن المشكلة ، ان بعض كتاب الانابيب قد يحملون فكرا قومجيا ضد ايران ويتحدثون من منطلق المصالح بين البلدين ( العراق و ايران ) ، لكن انابيب هذا النادي تتحدث بطائفية و شوفينية قل نظيرهما . فهم اقل ثقافة من ان يدركوا ان المصالح هي التي تصنع الاصدقاء اذا توزافقت ، او تولد الخصوم ، اذا تنافرت . فتراهم يخبطون في هجومهم خبط عشواء ، لا يميزون بين المصالح و الدين و العرق و الطائفية !

تحياتي .


:Asmurf:
04-18-2008, 11:02 PM
عرض جميع مشاركات هذا العضو إقتباس هذه الرسالة في الرد
{myadvertisements[zone_3]}
عزالدين بن حسين القوطالي غير متصل
عضو فعّال
***

المشاركات: 220
الانضمام: Jun 2007
مشاركة: #6
وشهد شاهد من أهلها : وأخير كتاب (التشيع الصفوي والتشيع العلوي للمفكر الإيراني الشهيد علي شريعتي /الجزء الثاني
Array

البعض يا SH4EVER ، مثل الانابيب ، ان صببت فيها سوائل من جهة و قلبتها ،تجدها تسكب السائل في الاتجاه الآخر !!! و صاحبنا القوطالي بدا مسيرة حلقاته ضد المحتل الامريكي الى ان اصبح المحتل الامريكي صديق سنة العراق ن و موزع النعم على الصحوات ن و عندها تغيرت نظرة سنة العراق و اختلفت الاولويات و اصبحت ايران هي الفعدو الاول و المباشر ، و هنا بدا الكتاب الانابيب بصب الفكرة في هذا الاتجاه ! لكن المشكلة ، ان بعض كتاب الانابيب قد يحملون فكرا قومجيا ضد ايران ويتحدثون من منطلق المصالح بين البلدين ( العراق و ايران ) ، لكن انابيب هذا النادي تتحدث بطائفية و شوفينية قل نظيرهما . فهم اقل ثقافة من ان يدركوا ان المصالح هي التي تصنع الاصدقاء اذا توزافقت ، او تولد الخصوم ، اذا تنافرت . فتراهم يخبطون في هجومهم خبط عشواء ، لا يميزون بين المصالح و الدين و العرق و الطائفية !

تحياتي .
:Asmurf:
[/quote]


جواب

ملاحظتك يا صديقي مضحكة للغاية أتعلم لماذا ؟؟ لأن أصدقاء الغزاة الأمريكيين معروفين للقاصي والداني ولا يحتاجون الى من يعرّف بهم كالجعفري والحكيم والصدر والمالكي والصغير والهاشمي وغيرهم من العملاء والقوّادين سنّة كانوا أم شيعة ... وأعلم يا سيدي أن ما يسمّى بالصحوات هم صنيعة الإحتلال تماما كأحزاب الدعارة والنفاق السياسي مثل حزب الدعوة والمجلس الإسلامي والحزب الإسلامي ومنظمة العمل الإسلامي والحزب الشيوعي وغيرهم من الأحزاب التي جاء قادتها الى العراق على ظهور الدبابات الأمريكية .
تتحدّث عن الأولويات وكأنّك تريد أن تفرض عليّ الحديث فقط عن الإحتلال الأمريكي مقابل إهمال الإحتلال الصفوي الفارسي العنصري الحاقد ولكن لن تنال مرادك يا صديقي فالإحتلالين سواء بالنسبة لي ولن أتوانى عن فضح المشعوذين الدجالين القابعين في قم ومشهد وطهران وعملائهم المكشوفين في النجف وكربلاء والمنطقة الخضراء ...


04-19-2008, 01:38 PM
عرض جميع مشاركات هذا العضو إقتباس هذه الرسالة في الرد
{myadvertisements[zone_3]}


المواضيع المحتمل أن تكون متشابهة…
الموضوع الكاتب الردود المشاهدات آخر رد
  النواصب والتشيع الاثني عشري والسياسة خالد 142 12,914 04-23-2013, 03:31 PM
آخر رد: على نور الله
  التشيع الاثني عشري وفقه النوازل، ونازلة سوريا خالد 28 2,141 03-16-2013, 01:15 PM
آخر رد: خالد
  الجيش العلوي السوري؟ the special one 0 816 10-17-2012, 11:35 PM
آخر رد: the special one
  الهيروغليفية الاسلامية ومعركة سورية.. الاغتيال الثاني للشيخ حسن البنا أم انقاذه؟ فارس اللواء 0 814 07-20-2012, 01:13 AM
آخر رد: فارس اللواء
  حتمية الإلتصاق الجزء الأخير فخري الليبي 1 778 12-13-2011, 01:14 PM
آخر رد: حائر حر

الانتقال السريع للمنتدى:


يتصفح هذا الموضوع من الأعضاء الان: بالاضافة الى ( 1 ) زائر
{myadvertisements[zone_2]}
إتصل بنا | نادي الفكر العربي | العودة للأعلى | | الوضع البسيط (الأرشيف) | خلاصات التغذية RSS