حكم - سابقة للقضاء اللبناني: تسجيل زواج فلسطينيّة ــ إسرائيليّة من لبناني
الخميس, 29 يونيو, 2006
لأن قانون مقاطعة اسرائيل يحصر منع التعامل معها في المجالات التجارية والمالية والعسكرية. ولأن قانون العقوبات اللبناني ينص على عقوبات تطال كل تعامل عسكري أو استخباراتي أو معلوماتي مع دولة اسرائيل.
ولأن زواج اللبناني من اسرائيلية لا يدخل ضمن الموانع والمحظورات التي حددها قانون مقاطعة اسرائيل وقانون العقوبات.
لهذه الاعتبارات أصدر القضاء اللبناني حكماً ــ سابقة هو الأول من نوعه في لبنان قضى بتسجيل زواج لبناني من امرأة اسرائيلية الجنسية، عربية الهوية، فلسطينية الانتماء والمولد، واعتبارها زوجة له، وبتسجيل ابنتهما على خانة جنسية الأب اللبنانية.
القصة تبدأ في 17 آب 2004 حين تقدم اللبناني الخوري أمين الياس آغا باستدعاء لدى محكمة جديدة المتن طلب فيه تسجيل وثيقة زواجه من الاسرائيلية راوية كيرلس عوكل وتسجيل ولادة ابنتهما آسين في سجل نفوسه، وقد أبرز آغا يومها نسخاً عن شهادة زواجه صادرة عن بلدية روما وشهادة مطلق حال صادرة عن متروبوليتية عكا وحيفا والناصرة وشهادة ولادة راوية صادرة عن دولة اسرائيل وكذلك عن جواز سفر اسرائيلي عائد لراوية عوكل.
كما قدم يومها صورة عن إقامة عائدة لزوجته صادرة عن الأمن العام اللبناني بتاريخ 7 آب 2002 وصورة عن إشارة دخول عائدة لزوجته كذلك صادرة عن سفارة الفاتيكان في لبنان بتاريخ 9 أيار 2000 اضافة الى وثيقة زواج أمين وراوية صادرة عن السفارة اللبنانية في روما بتاريخ 12 أيار 2003.
إلا أن كثرة الوثائق والشهادات وتعدد الايضاحات أفضت الى نتيجة مختصرة أصدرها القضاء اللبناني وهي: رد الطلب وتضمين المستدعي أمين آغا الرسوم والمصاريف.
لم تنفع المراجعات وتكرار الاستدعاءات التي تقدم بها الخوري آغا والتي كانت تنتهي الى حيث انتهت سابقاتها لاعتبارات عدم الصحة وعدم القانونية وعدم الثبوت ومخالفة الفقه والاجتهاد المستقر في اتجاه استحالة تسجيل زواج لبناني من زوجة تحمل الجنسية الاسرائيلية كما هو ثابت من مطالعة هيئة التشريع والاستشارات في وزارة العدل تحت الرقم 1610 تاريخ 24/1/1989 والمرتكزة الى وجود حالة حرب قائمة بين لبنان واسرائيل، فضلاً عن عدم ثبوت وعدم قانونية استجابة طلب المستدعي الخوري آغا لجهة تسجيل ولادة ابنته آسين في سجلات النفوس لعدم ارتكازه على أساس قانوني.
ملامح حلحلة
إلا ان القضية أخذت تسلك منحى "انفراجياً" بدأت ملامحه تبرز من قانون مقاطعة اسرائيل وقانون العقوبات اللبناني ذاتهما. فالقانونان لا يتناولان سوى ما ينبغي الامتناع عنه, منعاً لالحاق الضرر بالمصلحة الوطنية اللبنانية, من دون ان يأتيا على منع ما قد ينشأ مع الأشخاص الذين يحملون جنسية دولة إسرائيل من علاقات محض شخصية لا علاقة لها بالمصلحة الوطنية كما انها بعيدة كل البعد عن الاضرار بها.
الى ذلك, فإن التحقيق الذي أجرته المديرية العامة للأمن العام اللبناني يؤكد عدم صلة زوجة المستدعي بدولة إسرائيل لأي ناحية كانت فضلاً عن انها كانت قد منحت تأشيرة دخول الى لبنان من قبل الأمن العام اللبناني.
يضاف الى ذلك عامل آخر وهو ان عدداً كبيراً من المواطنين العرب في فلسطين رفضوا ترك أرضهم تحت وطأة التهديد الإسرائيلي باجتياحها العام 1948, وارغموا في ما بعد على اكتساب الجنسية الاسرائيلية لضرورات البقاء في أرضهم ووطنهم, فأصبحوا يعرفون بـ "عرب 1948" المتمسكين بخيار استعادة أرضهم المحتلة, مع الاشارة الى ان زوجة المستدعي راوية كيرلس عوكل ولدت سنة 1957 أي بتاريخ لا يتعدى التسع سنوات على وقوع نكبة 1948.
الحكم ــ السابقة
وبعد أقل من سنتين على تقديمه طلب تسجيل وثيقة زواجه بتاريخ 17 آب 2004 تبلغ الخوري أمين الياس آغا منذ يومين الحكم ــ السابقة الذي أصدره القاضي المنفرد المدني منصور القاعي والذي يقضي بتسجيل زواجه في لبنان.
الحكم تناول المعطيات والحيثيات الآتية:
ــ عدم وجود صلة لزوجة آغا بأية منظمة يهودية او اسرائيلية او أي عمل من الأعمال المحظر القيام بها تعاملاً مع دولة اسرائيلي.
_ عدم انطباق وضع الزوجة المتعلق بأحوالها الشخصية على احكام قانون مقاطعة اسرائيل.
ــ لا علاقة للزوجة بالقومية الاسرائيلية وخطرها على لبنان والا لما منحت تأشيرة دخول الى لبنان.
ــ تركيز الحكم على ان القضاء العدلي هو حامي الحريات الشخصية ومنها حرية الزواج كما هي الحال بزواج المستدعي من راوية عوكل, شرط عدم المس بالأمن والمصلحة القوميين اللبنانيين الأمر الذي ينطبق على الحالة المعروفة.
http://www.albaladonline.com/new/modules.p...order=0&thold=0