Array
ـ أ ـ
" مَا قيِمَةُ كِتابٍ ليسَ لَهُ حَتَّى مِيزَة حَمْلِنَا إلى مَا وَراء الكُتُبِ "
[نيتشه]
[1]
كَانَ الإغريق، حِينَ يَشُكُّونَ في متَانَة البِنَاء، يُهَدِّمُونَهُ كَامِلاً، للِتَّأَكُّدِ مِن صِحَّةِ الأَسَاسَاتِ، قبل إعَادَة بِنَائِهِ.
ليس البِنَاء، هُنا، هو المقصود، بل ما يَحْمِلُ هذا البِنَاء، أو ما عليه يَقُومُ البِنَاء. حِينَ تَكُونُ الأَسَاسَاتُ هَشَّةً، فإنَّ البِناءَ لا يَصْمُدُ، و يكونُ مُعَرَّضاً للِسُّقُوطِ، مُنذ أوَّل رَجَّة تُصِيبُهُ.
كانَ الفكرُ الإغريقي، وهو يُعَرِّضُ ظاهِرَ الأشْيَاء للاختبار، إنَّما يَخْتَبِرُ سَلامَتَهُ هو، ويختبرُ ما بِهِ سَيَبْنِي تَصَوُّرَهُ للعالم والأشياء.
[2]
النَّظَرُ في " الأصل " إذن، كانَ هو ما ذهَبَ إليه الإغريق، ومِنْ هذه المُراجَعة الدَّائِمَةُ، اسْتَمَدُّوا رَجَاحَةَ كثير من أفكارِهِم التي كانت بمثابة الزِّلزال الذي كشَفَ زَيْفَ بِناءَاتٍ كثيرَة، كانَ النَّظَر إليها كـ " أُصُـول "، لا يقبل الشَّـكَّ، أو حتَّى السُّؤالَ.
أليس الإغريق هُم مَنِ ابتكروا الأنساق الكُبرى للفكر الفلسفي...
[3]
لن أستعرضَ هُنا، قائمة أولئك الذين عَرَّضُوا الأُصُولَ للِشَّكِّ،واخْتَبَروا هَشاشَتَها. سأكتفي ببعض المُتَأَخِّرينَ مِنهُم، أو القريبينَ مِنَّا، أو مِنْ زَمَنِنَا بالأحرى.
أحد هؤلاء، ورُبَّما أبرزهم، في الفكر الحديث، فريديريك نيتشه. إنَّهُ أحد أولئك الذين لم يَتَهَاوَنُوا، ولَوْ للحظة واحدة، في تَقْلِيبِ الأشياء، والنَّظر فيها مِن جديد، أي باعتبارها بناءات قابِلَة للهدم، لأنَّ ما يتبدَّى في بعض هذه البناءات، يَشِي بِرَخَاوَةِ أساساتِها.
إنَّ تلك " المُحاوَلات الجَسُورَة " التي أَقْدَمَ عليها نيتشه، كانت كفيلةً بوضعه في مَهَبِّ الصَّيْرُورَةِ. فهو لم يكُن مُسْتَقِرّاً، أو قانِِعاً بما قد يبدو مُكْتَسَباً، في النَّظر وفي التَّفكيرِ، بل إنَّ يَدَهُ كانت كُلَّما لاَمَسَتْ بِناءً، أحالَتْهُ إلى رمادٍ، أو ما كان يُسَمِّيه هو نفسُه، بمُطارَدة الشَّمس في الظِّلِّ، أو " تَحَرِّي الظُّلْمَة ".
ولعلَّ نيتشه، في هذا، كانَ يَسْتَدْعِي شَكَّ الإغريق، وما كان هيراقليط يدعوهُ، بـ"مُراقَبة الصيرورة"،والتَّدَفُّق الدَّائِمُ للأفكار والأشياء، أي ما كانَ أحد أُسُس تفكير نيتشه، ومُراقَبَتُه لِما يَحْدُثُ مِن تَحَوُّلاتٍ دائِمَةٍ. فهذا العالم الذي نعرفُه، هو عالمٌ لا يعرفُ الهُدْنَةَ، فهو في زوالٍ مُسْتَمِرٍّ، لا شَيْءَ فيه ثابت، لأنَّه في صيرورَة مُتَوَاصِلَة، لا تعرفُ التَّوَقُّف.
لم يكُن نيتشه عَدُوّاً للمسيح، لِمُجَرَّد أنَّهُ كانَ يرفض قيود الدين على حُرِّيَتِهِ، بل إنَّهُ كانَ يَتَفَادَى رُؤيَةَ الشَّيخ المُسْتَقِرِّ، أو الذي أصبح مُسْتَقِرّاً، وهو ما كان وَجَّهَهُ من نَقْدٍ لاكْزِينُوفَانْ، في "اندفاعه نحو الواحد الثابت الأبدي".
هذه الرُّؤية الأبدية التي لا تَبْرَحُ هَوَاءَها، هي ما كان يُؤَجَّجُ في نفس نيتشه تلك الحُمَّى التي بها كان يُبَاغِتُ الآخرينَ، ويعصِفُ بِيَقِينِهِم، أو ما سَمَّاهُ فوكو، في تقديمه لأحد أعمال نيتشه بـ" تأثير الصَّدمَة" و" نوع الجُرح" الذي به تَطالُ مثل هذه الكتابات، كُل تلك البناءات والتَّشْيِيدَات المُطْمَئِنة لِسَلامَتِها.
اختبار الفرضيات، والعودة إليها دُونَ كَلَلٍ، كان عند نيتشه " أقوى من العقيـدة "، وأقوى من النَّظَر في نفس الاتِّجاه، أو السَّيْر في خَطٍّ مُتَوَاصِل دونَ وَضْع المُنْعَرَجَات في الحُسْبَانِ.
أليس العُمقُ، وفقَ هذا المنظور، هو أيضاً طريق، وهو نَظَرٌ نافذٌ في ضَـوْءٍ لا تُبَاغِتُهُ حُجُبٌ، أو تَحْجُبُهُ ظُلَـمٌ. فعُمْقُ الأشياء عندَ نيتشـه، يفرضُ علينـا أن"نُجْهِدَ بَصَرَنا باستمرار"،وهذا ما يجعلنا" ننتَهِي إلى العُثُور على أكثر مِمَّا كُنَّا نَرْغَبُ فيه ".
إنَّها،إذن،وبالدَّلالة النيتشوية المُخَاتِلَة دائِماً،" حَـرْبٌ.. على المفاهيـم القديمة"،أو على عالَمٍ تَشَكَّلَ، وفق منظور مُشْبَع باليقين، لا بالشَّكِّ والريبَةِ.
[4]
استعادةُ نيتشه تحديداً، لم يكن عَبَثاً في هذا النص، بل إنَّهُ جاء بِدَعْوَةٍ من طه حسين.
في الآوِنَةِ الأخيرَة،عادَ كتاب"في الشِّعر الجاهلي"للِظُّهور من جديد، في نَصِّهِ الذي كانت دَخَلَتْهُ تعديلات، جَرَّاء المُحاكَمَة التي طالَتْهُ. تَوَالَتْ طبعاتُ الكتاب، ولعلَّ من بينها النَّصُّ الذي صدر ضمن عدد مجلة" القاهرة"،ليبدأ سَيـْلُ النصِّ بعـد ذلك، بآخر ما صـدَر منه فـي المغرب، عن منشـورات " اتصالات سبو " ! دون تقديم، أو أي تَدَخُّل، وهو نَصٌّ مُصَوَّرٌ، فيما يبدو.
كُنْتُ قبلُ اطَّلَعْتُ على طبعة صدَرت عن " دار النَّهر " 2006 بتقديم الدكتور عبد المنعم تليمة، وكان يهُمُّنِي،كما حَرِصْتُ دائماً، العودة إلى الأصول،من جهة، وقراءة النصوص " المُؤَسِّسَة " من جهة ثانية. هذا النص كان من بين النصوص التي شَدَّتْنِي إلى الشِّعر، خُصُوصاً، وعَلَّمَتْنِي تأمُّلَهُ، دون حَصْر المفهوم في زمن دون غيره، أو في جيل دونَ آخَرَ.
[5]
لن أعُودَ إلى ما طَرَأ على النص، مِنْ نَظَرٍ في بعضِ تَشْييداتِهِ، فالنصُّ صدَر سنة 1926، أي ما يجعلَهُ كتاباً قابِلاً للاختِراق مِنْ كُلِّ جِهاتِهِ، ما دامَ الزَّمَنُ شَهِدَ ارْتِجَاجاتٍ، في كثير من التَّصَوُّرات والأفكار ذات الصِّلَةِ بالموضوع.
يَعُودُ بي هذا إلى حوار لليفي شتراوس، الذي فيه عَرَّضَ أهَمَّ أعمالهِ للشَّكِّ، والمُساءلة، دون أدنى نَدَمٍ. يقول، بصدد كتاب " الأنتربولوجيا البنيوية" الصـادر سنـة 1958،"إنَّ به ما يجعلُني اليومَ أرتَجِف، نظراً لما تحتوي عليه بعض المقالات من مُجَازَفَة، وأنا اليومَ لا أجْرُؤ على كتابة مثل هذه الكُتُب التي رُبَّما ساهَمَت، نظراً لمحتواها التبسيطي، في صَدْمِ القارئ،وفي نشر أفكاري ".
إنَّ مـا يَشْغَلُنِي في هذا السِّياق،هو جُـرأة الكتاب، وذهـابُ صاحبـه إلـى "الأسَاسَاتِ "، دُونَ أنْ تَشْغَلهُ تشْييدَاتُ البناء.
سيَعْبَثُ طه حسين بـ"المفاهيم القديمة"،وسَيَأْتِي الشِّعْرَ مِنْ مكانٍ لَمْ يَتَوَقَّعْهُ. سيأتي مِنْ نفس الشُّقوق التي منها دخل نيتشه زَمَنَهُ، كما إلى باقي الأزمنة، شَاكّاً في كُلِّ ما كانَ مَحْفُوفاً باليقينِ، مُقيماً في المُعْطَى، أو في ما هو مُسَلَّم به.
كانت قراءة طه حسين زِلْزَالاً،أو كانت بتعبير فرويد "جُرْحاً" في الثقافة العربية الحديثة، وهذا ما كان طه حسين على وَعْيٍ به، وبما سَيَتَرَتَّبُ عنه مِنْ نتائِج، وتلَقِّيَاتٍ.فهو كان مُدْرِكاً لحدود الخطـر في ما هو مُقْـدِمٌ عليه، وكانَ يعرف أنَّ يَدَهُ خاضَتْ في ماءٍ، لا أحدَ كان يجرُؤ على تَجَاوُز سطحه.
ظلَّ الظَّاهِر أو المعروفُ، هو ما يحكُمُ رُؤيَةَ السَّابقين للموضوع، لأنَّ لا أحَدَ كانَ يقوى على تَحَرِّي الظُّلْمَةِ، أو مُطارَدة الشَّمس في الظِّلِّ، كما يقول نيتشه.
كانَ رهانُ طه حسين علـى تلك " الطَّائفَـة القليلة من المُسْتَنيـرِينَ"، هـو ما يُضِيءُ جُرْأَتَهُ، ويفتَحُ طريقَهُ، في اتِّجاهِ مزيدٍ من الطُّرُقِ.
المُنْعَرَجَاتُ، هي ما كانَ يشغـل تفكيرَهُ، دونَ أيّ اعتبـار، لِما يَبْدو عـادَةً، أو ما كانَ اتِّفاقاً، أو بناءً بالأحرى.
يقولُ في مقدّمة كتابه:
" لقد اقتنعتُ بنتائج هذا البحث اقتناعاً ما أعرفُ أني شعرتُ بمثله في تلك المواقف المُختلفة التي وقفتُها من تاريخ الأدب العربي. وهذا الاقتناع القوي هو الذي يحملني على تقييد هذا البحث، ونشره في هذه الفصول، غير حافِل بسخط السَّاخط ولا مُكترث بازْوِرَارِ المُزْوَرِّ. وأنا مطمئن إلى أنَّ هذا البحث وإنْ أسْخَطَ قَوْماً وشَقَّ على آخرين، فسيُرضي هذه الطائفة القليلة من المُستَنيرينَ الذين هُم في حقيقة الأمر عُدَّةُ المُستقبل، وقوامُ النَّهضَة الحديثة، وذُخْر الأدب الحديث ".
[6]
وَضْعُ " اليقينِ " مَوْضِعَ " شَـكٍّ "، كانَ أحد أسباب جَرِّ الكتاب إلى المُحاكَمَة.
لَمْ يُحَاكَم طه حسين لأنَّهُ مَسَّ البناء، بل لأنَّ يَدَهُ طالت الأساسات. فهو حُوكِمَ على رُؤيَتِهِ وطريقته في النَّظر التـي لم تكن طريقة الذين خاضُوا موضـوع "الأدب" و" تاريخه" قبله، أو لم تكن هي رؤية "الماضي"ذاتها، التي كانت تُضَاعِفُ طبقات البناء، ولا تقبلُ أيّ هَدْمٍ، أو ما قد يكونُ شُروعاً في الهدم، أو إيحاءً بالشُّروع فيه.
" فنحن [يقول طه حسين] بين اثنين: إمَّا أن نقبل في الأدب وتاريخـه ما قال القدمـاء، ولا نتناول ذلك بالنقد إلاَّ بهذا المقدار اليسير الذي لا يخلو من كل بحث والذي يُتِيحُ لنا أن نقول: أخطأ الأصمعي أو أصابَ، وَوُفِّقَ أبو عبيدة أو لم يُوَفَّـق،واهتدى الكِسَائـي أو ضلّ الطريق؛ وإمَّا أن نضع عِلْمَ المُتَقدِّمينَ كُلَّه مَوْضِعَ البحث. لقد أُنْسِيتُ، فلستُ أريدُ أن أقولَ البحثَ، وإنما أريدُ أن أقولَ الشَّكَّ. أريدُ ألاَّ تقبلَ شيئاً مما قال القُدَماء في الأدب وتاريخه إلاَّ بعد بحثٍ وتَثَبُّتٍ إنْ لم يَنْتَهِيا إلى اليقين، فقد ينتهيان إلى الرُّجحانِ ".
فحين نضَعُ عِلْمَ المُتَقَدِّمِينَ كُلّه [الأصُول أو الأساسات] مَوْضِعَ شَكٍّ، ولا نقبلُ [بيقينٍ أعمى] شيئاً مِمَّا قال القدماء في الأدب وتاريخه، فَيَدُنا تكونُ شَارَفَتِ المَحْظورَ، ووَضَعَتِ الأُصُولَ في المَهَبِّ.
رغم ما يذهَبُ إليه طه حسين مِنْ " رُجْحًانٍ "، فهو، في عمله هذا، فَتَحَ جُرْحاً في ثقافةٍ لم تَأْلَفِ الجِراح، رُبَّما كانت تقبلُ بالخُدُوش، ولا تسمح بما هو أكثر منها. هذا ما جَرُؤ عليـه طه حسين، وخَاضَهُ بيقيـن المُتَشَكِّكِ، أو الشَّـاكِّ. أو بتعبير نيتشه، بيقينِ " الوَاثِقِ مِنْ كُلِّ شَكٍّ ".
لم يكن المُتَقَدِّم، بالنسبة لطه حسين، يملكُ حقيقةً مّا، ولم يكن هو أصل الأشياء، بل كانَ بدايتها،أي إنَّه، وفق تصور نيتشه، كانَ يُمَيِّزُ بين "الأصل" و"البداية"، أو أوَّل الشيء.
المُتَقَدِّمُ أعْمَلَ فكرَهُ، خاضَ المَعْرِفَةَ الشِّعريَةَ بما كان يقتضيه زَمَنُهُ، أو بما كانت تقتضيه آلياتُ تفكيره. لم يذهَب إلى الشَّكِّ أو الرُّجْحَانِ، في أقصى الحالات، فهو وضع تفكيرَهُ مَوْضِعَ"الحقيقة"و"اليقيـن"، وعَمِـلَ علـى " تكييف الأدب وتاريخه "، وِفْقَ مَنْظُور فكرٍ لاَحِقٍ، هو الفكر الديني، المُصَاحِبِ لِما جَاء به القرآن،وأصبح هذا الفكرُ، بالتالي، هو معيار تقييم الأشياء، والحُكم بقيمتها، أو بما هو أدنى.
هذا ما أدرَكَهُ طه حسين،ووَضَعَ يَدَهُ عليه، حين غَيَّرَ من رؤيته التي كانت، من قبل، رُبَّما، محكومة بما مضى، أو بما كانَ أصْلاً، لا بِدَايَةً.
لم يَكُنِ المُتَقَدِّم، في بناء تفكيره، يقبل بـ"القلق و الاضطراب"،أو بالفكر القَلِقِ المُضْطَرِبِ، لأنَّه كان يُؤسِّسُ لِلْمُسْتَكِينِ، ولا يَدَعُ الرِّيحَ تَعْبَثُ بِشَجَرِهِ.
فـ"المذهبُ الأوَّلُ يدعُ كل شـيء حيث تركه القدمـاء لا ينالُـه بتغيير ولا تبديـل ولا يمسه في جملته وتفصيله إلاَّ مَسّاً رفيقاً. أما المذهبُ الثاني فيقلبُ العلمَ القديمَ رأساً على عقب. وأخشى إن لم يمح أكثره أن يمحو منه شيئاً كثيرا".
أليس هذا ما قامَ به الإغريق، حين أقدموا على قَلْبِ البنـاءات " رأساً على عقب"،وعلى "المحو" الذي هو أوَّل طرُق النَّظر في "حقيقة" الأشياء؟
[7]
لم يكن طه حسين مُحْرَجاً،لأنَّهُ كان" مُنْشَغِلا جِدّا "بموضوعه.فـ"الذي يكون دائماً منشغلا جدّا يكونُ بعيداً عن أيِّ إحراج ".
هذا ما قاله نيتشه، وهو يُزَاوِلُ جِراحَاتِهِ بلا تَعَبٍ. ليس هَيِّناً أن نذهَبَ إلى الأصول، أو ما تَمَّ " تأسيسُه " كأُصُول، فنحنُ نكونُ:
أ. نُزَاوِلُ الحَفْرَ في أرضٍ طَبَقَاتُها سَميكَة.
ب. نقلب، بتعبير طه حسين، البناء رأساً على عقب.
ت. ونَتَعَقَّبُ الأساسات في مَصَادِر خَلَلِها.
هذا ما يجعل يَدَنا تكونُ عُرْضَةً لِلَجَاجَاتِ أولئك الذين أقاموا في التثبيت،لا في المحو. والباحث، أو الشَّاكُّ، كما استدرك طه حسين الفَرْقَ بينهُما، حين يكون مُنْشَغِلاً بالحفر، أو بـ " تفكيك "،أو هَدْمِ ما توالى من بناءات، فهو لا يعبأ بما يطالُهُ مِنْ حَرَجٍ، أو هَرَجٍ بالأحرى.
[8]
مِن نفس السُّلالَة كان يأتي طه حسين، أعني سُلالَة هيراقليط. هذا القادم من المُستقبل، أي من الصَّيْرُورَة والسَّيَلانِ، عكسَ اكزينوفان، الذي أقامَ في مُكْتَسَبِهِ، واختارَ ماضيهِ كمعيار للنَّظر في ما يليه.
ـ ب ـ
أ. " ماذا يعني هذا ؟ ألا تُرِيدُ مُقَلِّدِينَ ؟ "
ب. " لا أَرِيدُ إطلاقاً أن أكونَ مَثلاً يُحْتَذَى، أُريدُ أن يُحَدِّدَ كُلُّ واحدٍ لنفسه شيئاً مّا كمثال، مثلما أفعلُ أنا تماماً ". [نيتشه]
عن الأوان
[/quote]