اقتباس: الدكتور المسيري يقول:
هذه حقيقة داخل أي صانع لأي إمبراطورية؛ حيث تكون البداية بفلسطين، ثم باقي الدول العربية..
وهو ما أدركه الفراعنة منذ آلاف السنين، فحينما كان يظهر فرعون قوي، كان أول شيء يفعله هو الاستيلاء على فلسطين والشام، ثم يتمدد بعد ذلك في بلاد العراق، ونفس الشيء بالنسبة للآشوريين والبابليين، فكانوا يستولون على فلسطين أول، ثم يحاولون الاستيلاء على مصر...
نفس الشيء بالنسبة لليونانيين والرومان، ذات الأمر تكرر مع محمد علي الذي كان لا يجيد العربية، ورغم ذلك أعلن ابنه إبراهيم باشا أن الجيوش المصرية ستضم كل الأماكن التي تتكلم بالعربية، وهكذا تتضح استراتيجية الاستعمار. لابد من الاستيلاء على فلسطين حتى يستولي على المنطقة كلها.
وقد أعجبني يوما تعبير لشاعر الإنسانية المؤمنة الأستاذ عمر بهاء الدين الأميري رحمه الله في نادي مكة الثقافي يرتبط بالسياق، حيث وصف فلسطين بترمومتر العالم الإسلامي!
وهو يصدق حديث رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في الطائفة الظاهرة ببيت المقدس وأكناف بيت المقدس لا يضرها من خذلها أو ناوأها، حيث جاء في الصحاح لدينا قوله صلى الله عليه وآله وسلم: (إذا فسد أهل الشام فلا خير فيكم)
أهل الشام هم الطائفة المنصورة في بيت المقدس وأكناف بيت المقدس، وهم مقياس حقيقي لعزة الأمة الإسلامية أو ذلتها، لا يشاركهم في هذا أحد!
كان الأستاذ الأميري يتحدث عن أن أجزاء من أمة الإسلام انحسر ظلها وتلاشى وجودها وذهب ريحها بشكل تباكى الشعراء في وصفه كما حصل مع سقوط الأندلس وياله من حدث جلل، غير أننا جميعا نعلم أن كارثة الأندلس لم تكن مؤشرا على سقوط هيبة المسلمين في كل مكان بدليل أنها هي هي ذات الفترة التي فتحت فيها القسطنطينية وأعز الله بها المسلمون في المشرق عزا لا يضاهيه عز!
نكبات كثيرة حلت في أصقاع من العالم الإسلامي لكن جسد الأمة كان في الغالب بخير ما لم تكن الجراح في القلب منه، وهذا ما يفسر قولنا بأن قضية فلسطين هي قضيتنا المركزية...
تابعوا التاريخ واستلهموا منه العبر، فما نال فلسطين يوما ضيم وبقية المسلمين بخير، ولا أصاب الفساد أو الخراب ديار الشام وكان في غيرها خير قط....
يوم دهمها التتار لم تكن مشكلة إقليم من الأقاليم كما في غرناطة، أبدا، بل كانت الأمة كلها تعيش في واقع الذلة والرغام..
في الحملات الصليبية لم يكن أبدا ما أصاب فلسطين بمنأى عن واقع الفرقة والهوان الذي عاشه المسلمون في مشرق عالمهم ومغربه...
وحتى في العصر الحديث لم تكن كارثة فلسطين إلا أحد أبرز علامات انهيار الرجل المريض وتهاوي الجسد الإسلامي كله....
وكما كانت فلسطين نقطة ضعفنا، فقد كانت دائما طوق النجاة وشرارة البداية في نهضتنا من واقعنا المتعثر...
حطين وعين جالوت والبقية تأتي بإذن الله.
لأجل هذا فهي ترمومتر مجد العرب والمسلمين وكرامتهم وعزتهم...
حيث عزت عزوا، وحيث ذلت ذلوا، وإذا فسد أهلها فلا خير فيكم، لأجل هذا كتب لكم يا شعب الجبارين أن تكونوا أملنا بعد طول يأس من واقعنا المرير
ولولا همة الأسود نراها في حرائركم وأطفالكم وشيبكم وصناديد رجالكم، لخشيت أن يهلك الله العرب بسنة حاصدة بعد إذ تركوكم وخذلوكم وقالوا لكم اذهبوا أنتم وربكم فقاتلوا إنا ها هنا قاعدون!!!
لولا عزة المؤمن نستلهمها من مقعديكم وأسراكم والمحاصرين في مخيماتهم منكم لكفرنا بربنا وتاريخنا وذلك الأمل الذي أفضتموه علينا حتى ظننا أننا ببعضه نجدد إيماننا ونبعث أحلامنا بالنصر والتمكين والحرية..
لولا بقية من نفاق وحساسيات (أمنسياسية) لقلنا لكم أنتم الأحرار دون العرب أجمعين.
فلسطين أنت القلب من هذه الأمة، ولا حياة للجسد دون قلبه
شعب فلسطين الجبار الله الله في أنفسكم، فأنتم ملح الأرض، ولا خير فينا إذا فسدتم
واسلموا شموخا في زمن الانكسار(f)