مرحبا عزيزي بهجت
أنا سعيد لأنك أصبت بالملل من ساحة فكر حر ، لكي أستطيع أن أحظى باستضافتك في موضوعي، وقراءة كل هذه المشاركة الممتعة فعلاً ، والتي أثارت في الكثير من الأشياء التي أود كتابتها لك وسأحاول أن أفعل هذا الآن. وأستدرج منك المزيد من الردود لأبقيك هنا ، وبعيداً عن ساحة الفكر الحر حتى أقرأ المزيد

بداية، لم ألاحظ في حديثك الممتع ولا في كتابات الدكتور عبد الرحمن بدوي أن جئتما على ذكر نيتشه بتاتاً كوجودي، وعندما أقرأ لمؤلفين آخرين، أجد نيتشه يحظى بنصيب هام في دراساتهم، وأحدهم سماه : الحد الخارجي للوجودية. ( يعني مثل حدود الدولة أو الإقليم ) ، وهناك من وضعه في قلب الوجودية. على سبيل المثال، والتر كوفمان في كتابه عن الوجودية :

اقتباس:In the story of existentialism, Nietzsche occupies a central place: Jaspers, Heidegger, and Sartre are unthinkable without him, and the conclusion of Camus' The Myth of Sisyphus sounds like a distant echo of Nietzsche.
- Existentialism; Kaufmann, p. 21

كنت أتمنى أن أرى ، وأنا أقرأ كتاب د. بدوي بشغف عن الوجودية ، أن أراه يعقد مقارنة بين مراحل نيتشه " الجمل والأسد والطفل " وبين مراحل كيركجور " الإنسان الحسي التجريدي المستهتر - الإنسان الاخلاقي الدنيوي - الإنسان الديني الذي يبحث عن الخلود الأبدي " ، فقد بدا لي أن الإثنين اتخذا مسارات عكس بعضهما البعض. ولكن عدم تناوله لنيتشه حرمني من سماع مقارنة متخصصة جميلة من شخص مثله بين الإثنين.

الشيء الآخر الطريف ، والذي وجدته اليوم، بعد أن تفضلت بكتابة اسم مسرحية " سوء تفاهم" بالإنجليزية، أن عثرت على معلومة مفادها ، أن ألبير كامي حين كتبها ، كان المراد بها أن تكون قصة مكتوبة في جريدة قرأها " ميرسو" - بطل الغريب - في فترة وجوده في السجن عندما عثر على تلك الجريدة في الزنزانة .. مما ذكرني عندما كتبت لك أن نهاية " سوء تفاهم" تشبه نهاية الغريب أو نفسها تقريباً .

اقتباس:The plot of Le Malentendu partially resembles the article of a newspaper that the protagonist of The Stranger finds and excessively reads in his prison cell: the story of a man who became rich abroad and comes home to his village where his sister and mother have a hotel. He doesn't unveil his personality (in order to surprise them later), and books a room as a guest. Because he is wealthy, his mother and sister murder him while sleeping.


http://en.wikipedia.org/wiki/The_Misunderstanding

سأحاول أن أبحث عن المسرحية كاملة لقراءتها ، أشكرك على أن لفت نظري لها.
طبعاً كامي لم يكن فيلسوفاً مثل سارتر الذي كان فيلسوفاً أديباً ، ولكن كامي كان أديباً فقط ، كلاهما طبعاً نشأ في المسرح من خلال الكتابة والإخراج.
وهذا جعله أكثر سهولة في الفهم لغير المتخصصين في الفلسفة ، وإيصالاً لمبادئها للشخص العادي من خلال تجارب الحياة التي يسردها في رواياته والمواقف التي يضع فيها أبطال قصته.

هناك أيضاً قولك :

اقتباس: فمازلت أجد في ( الطاعون ) أهم رسائل ألبير كامو في عظمة تضامن البشر ضد المجهول و ضد الموت و ضد الأقدار العمياء

أتذكر أني قرأت في أحد تحليلات القصة أن كامي كان يقصد بالجرذان الإشارة إلى الجنود الألمان الذين اقتحموا فرنسا في الحرب العالمية الثانية . وهي أيضاً إشارة تؤيد ما تقوله.

هناك أيضاً ، وأخيراً ، كولن ولسون.
لقد جعلتني أعود إلى البريد الخاص بي، لأني تذكرت منذ ثلاثة أعوام أنني راسلت البروفيسور الوجودي الذي كتبت لك صفحته سابقاً ، وسألته : لماذا لم تضع كولن ولسون في قائمة المفكرين الوجوديين في صفحتك ؟ ألا تعترف به ؟
وجدت رده الذي أرسله لي عام 2006 ، وأضعه لك هنا :

اقتباس:On Oct 01, 2006, at 13:57

I certainly do not discount Wilson or any other thinker not yet mentioned on the site. I wish to first "complete" as best I can those thinkers about whom the university demands I teach and explore with students. Once I have completed the core figures, I have any number of individuals I believe should be added to any study of existential thought.

- C. S. Wyatt

ما لفت انتباهي في هذه الرسالة هو التوقيع الذي ذيل به البروفيسور بريده حيث كتب تحت اسمه مباشرة :

اقتباس:I am what I am at this moment, not what I was and certainly not all that I shall be.

وقد عنون صفحته التي وضعت عنوانها سابقاً بالعبارة التالية :

The Existential Primer: A Guide to Nothing in Particular

أكثر ما أعجبني في كتاب كولن ولسون عن اللامنتمي ، هو تناوله لفازلاف نيجنسكي ، راقص الباليه الروسي الأسطورة ، وتحليله الرائع لنفسيته ، وشرحه لكيفية انتهائه نهاية مشابهة لنيتشه ، حيث كان يجلس في الطريق ممزق الملابس في آخر حياته ، ويقول للمارة أنه المسيح.
لا زال أمامي كتاب آخر اسمه " مابعد اللامنتمي" لم أجد الوقت لقراءته حتى الآن. ومن الواضح أن يذهب إلى ما وراء كتابه السابق "اللامنتمي" إلى مرحلة أشد عمقاً .

كنت أتمنى لو أنني لم أجد كتبه مثلما حصل معك ، لأني أصبت بالحسرة لاحقاً ، بعد أن دفعت فيها الكثير فعلاً ، إذ وجدتها كلها مرفوعة على الإنترنت مجاناً بعدها بسنة أو اثنتين ..

وسوف أضع لك مجموعة كتبه هنا ، وكلها جاهزة للتحميل :

1- اللامنتمي

http://www.4shared.com/file/35274917/756...e.html?s=1


2- ما بعد اللامنتمي - فلسفة المستقبل

http://www.4shared.com/file/82082038/aa0..._.html?s=1


3- أصول الدافع الجنسي

http://www.4shared.com/file/35267799/7f4..._.html?s=1

4- سقوط الحضارة

http://www.4shared.com/file/35280417/708...e.html?s=1

5- راسبوتين وسقوط القياصرة

http://www.4shared.com/file/40855259/c1f..._.html?s=1

6- رواية الشك

http://www.4shared.com/file/35279239/5ed...e.html?s=1

7- إله المتاهة

http://www.4shared.com/file/35277891/47a...e.html?s=1

8- ما بعد الحياة

http://www.4shared.com/file/35877071/76a...e.html?s=1

9- الشعر والصوفية

http://www.4shared.com/file/35273853/8a7...e.html?s=1

10 - الإستحواذ

http://www.4shared.com/file/35269020/fbd...e.html?s=1

11- فكرة الزمان عبر التاريخ

http://www.4shared.com/file/35285231/988...e.html?s=1

12- الحالم

http://www.4shared.com/file/35272634/f06...e.html?s=1

13- طقوس في الظلام ( رواية )

http://www.4shared.com/file/18789266/427..._.html?s=1

14- عالم العناكب - البرج ( رواية )

http://www.4shared.com/file/34555420/b1f..._.html?s=1

15- عالم العناكب 2 - الدلتا ( رواية )

http://www.4shared.com/file/35282946/d82...-.html?s=1


كل هذه المجموعة أعلاه ، لا تشمل الكتب التي لا تحبها ، والتي تتناول الأرواح والظواهر الخارقة...
وإنما كلها روايات وجودية من تأليفه ، او دراسات حول الوجودية ، والتاريخ والحضارة والفلسفة وعلم النفس كما هو واضح من عناوينها .

ولكن حتى أضع كل شيء ، سأكمل المجموعة بكتب الماورائيات التي ألفها :

الإنسان وقواه الخفية

http://www.4shared.com/file/35144008/322..._.html?s=1

موسوعة الألغاز المستعصية

http://www.4shared.com/file/35293326/633..._.html?s=1

الحاسة السادسة

http://www.4shared.com/file/31075521/bf0..._.html?s=1

تحياتي لك.

---

الزميلة نادية
شكراً جزيلاً لك على لطفك وعلى مرورك


مرحبا نورسي
المستوى المطلوب هو أن تكون إنساناً ، وهذا يكفي ، لذا لا تعتذر عن أي شيء.
فأنت في المستوى ومشاركتك هامة مثل أي مشاركة أخرى في الموضوع
مرحبا بك زميلي العزيز ، ولك خالص التقدير

عزيزي ألبير كامو .
أشكرك أن أشرت إلى دور نيتشه في تأسيس الفلسفة الوجودية ، و أرى أن هذه النقطة جديرة بالتعليق ، رغم أننا بذلك قد نكون نقلنا الموضوع إلى فضاء جديد ، و لكن لو تذكرنا أن الندم رذيلة نيتشاوية ، لوجدنا أننا لم نبعد كثيرا !.
يا عزيزي .. لعلك لا تعرف أني أنتمي كبعض الزملاء في النادي إلى اتجاهات فلسفية مختلفة ، فمنذ سنوات طويلة توطنت في الفلسفة التحليلة (الأنجلو ساكسونية) ،و التي ترى الميتافيزيقا نوعا من اللغو و أشباه القضايا ، و أخشى أني استغرقت في الوضعية إلى حد بعيد بحيث أهملت باقي الإتجاهات الفلسفية بتعالي يليق بالهواة ، و الآن تبدوا لي فلسفات مثل الوجودية برموزها و مفاتيحها و قضاياها نوعا من الذكريات الحميمة و لكنها البعيدة ، شيئا أشبه بحب الشباب الباكر ، يهتز له الوجدان ولكن بلا خطط ولا أمل ، في مداخلة عن تعقد العالم ذكرت واقعة حدثت في الستينات من القرن الماضي ، عندما عقد مؤتمر تاريخي غير مسبوق بين كبار الفلاسفة في الغرب ، دعي إلى هذا المؤتمر عظماء الفلاسفة الإنجليز و الأمريكيين لمقابلة نظرائهم من القارة الأوروبية من أجل تبادل الأفكار و مناقشتها بشكل مباشر ، و من المعروف أن الإتجاهات الفلسفية الأنجلوساكسونية ذات طبيعة تحليلة بينما الأوروبية ظواهرية ( فينومينولوجية ) ، خلال هذه الإجتماعات حاول الفيلسوف الفرنسي الشهير ( جابرييل مارسيل ) شرح أفكاره لجمهور من التحليليين الإنجليز و الأمريكيين ، و كي يكون مفهوما بذل مارسيل جهده في محاولة لصياغة أفكاره بإستخدام تعبيرات و صيغ مألوفة لمستمعيه و مستمدة من الفلسفات التحليلة ، و من أجل ذلك تخلى عن لغته المنبثقة من الفلسفات الوجودية و الظواهرية ، بالرغم من ذلك الجهد و النوعية المتميزة لمستمعيه من النخب المفكرة في أوروبا واجه مارسيل مقاومة منذ البداية ، فلم يكد يتقدم في مداخلته ، حتى بدأ الجمهور المتململ يصيح ( هل تقصد هذا حقا ؟) ، ( كيف يكون ممكنا ما تقوله ) و هكذا ،وفي النهاية سأله أحدهم مباشرة " لماذا لا تقول ما تريد بطريقة محددة و مفهومة ؟ " ، و لأن ذلك ما كان مارسيل يعتقد أنه يفعله منذ البداية ، أي يعبر عن أفكاره بطريقة محددة و مفهومه ، فقد أجابه محبطا :" ربما لا أستطيع شرح أفكاري لك و لكن لو كان لدينا بيانو لقمت بعزف ما أريد " ، غالبا ستبدوا هذه العبارة الأخيرة فكاهية ساخرة ،و لكنها أيضا عبارة جادة موحية و حتى يمكن أن نراها عبارة يائسة تعكس استحالة الحوار بين الأطر المعرفية ، بعد إجتماعات طويلة عاد كل فريق إلى عالمه دون أن يحدث بينهم أي اتفاق حقيقي ، وظل كل فريق من المجتمعين يستخدم نفس التعبيرات و يدور في ذات الأفكار ، ففي الجانب القاري ظلت الوجودية و الظواهرية متربعة على عرشها ، بينما على الجانب الآخر من القنال و المحيط كانت الوضعية النقدية و التحليلة و البراجماتية سائدة بلا منافس ، نعم كان الجميع متعاصرين ينتمون لنفس الحضارة الغربية و يهتمون بذات القضايا و يستهدفون بجهودهم نفس الأهداف التي تدور حول الإنسان و مصيره ، و لكن ذلك لم يحول دون إفتقاد الرؤية المشتركة بل و حتى فهم كل فريق للآخر ،و أخشى أن هذا هو ما يحدث في كل مكان ، فالمدارس الفكرية ليست فقط أفكارا مختلفة بل مدلولات لغوية مختلفة .
بالطبع لم أتعمد أن أكتب تاريخا للوجودية أو حتى سردا لفلاسفتها ،و لكني حتى لو فعلت فغالبا لم أكن لأذكر فريدريك نيتشه سوى عرضا ، فمن المألوف في الأدبيات الفلسفية المتداولة لدينا في مصر أن يذكر الفيلسوف الدانيماركي سورين كيركجارد من فلاسفة القرن 19 بمثابة الأب المؤسس للوجودية ، فكيركجارد أول الفلاسفة الذين جعلوا من القضايا الوجودية محور فلسفته كلها ، وذلك دون ذكر لنيتشه كمؤسس مشارك لوجودية القرن 20 ، و لكني أتفق معك أن الموقف مختلف كثيرا في الكتابات الغربية الحديثة ، و أنني وجدت اسم نيتشه في أهم المواقع الإليكترونية التي تحدثت عن الوجودية ، و أنت تعلم يا صديقي أنه حتى نيتشه و كيركجارد لم يعرفا بكونهما فيلسوفين وجوديين في حياتهما ، فهذا المصطلح و تقسيم الفلاسفة على أساسه ظهر بعدهما ، و من المعتاد أن يكون هناك خلاف في إلحاق مفكر ما بمدرسة بعينها ظهرت بعد موته .
لو اعتمدنا مقياس الاستغراق في قضايا الوجود الإنساني بديلآ عن التناول العلمي الموضوعي للمدركات ، سنجد أن تصنيف نيتشه كوجودي مبرر تماما ، لنيتشه تأثير واضح على الفكر الوجودي ، كما يمكن أن نراه الأب الروحي للعدمية Nihilism التي ترى أن الحياة بلا غاية ، و يمكننا أن نرى تأثير نيتشه في الوجودية يشمل عدة عناصر ، أهمها أنه جعل فكرة موت الإله فكرة ذات شعبية بين المفكرين ، و أن الحياة تصبح عديمة الجدوى طالما لا يوجد إله ، كذلك النظرة الدونية للقيم المسيحية و أنها تسوق إلى الضعف و الإنحطاط ، و عدم الثقة في الحقيقة و القيم ، ضرورة القوة الشخصية ، مبدأ الإختيار ، كل ذلك أصبح من القضايا التي تناولها فلاسفة الوجودية في القرن 20 .
عن كولن ويلسون ..
أبدي تقديري لإهتمامك الكبير بالقضايا الفكرية و رموزها ، و أتمنى أن تكون لي يوما المقدرة على متابعتها في منابعها كما فعلت أنت ، عدم توقفي طويلآ عند كولن ويلسن لا يعني حكما على إنجازاته و أفكاره ، فمثل هذا الحكم يفوق كثيرا إمكانياتي ، و لكني مثل صديقك الفيلسوف أعبر عن نفسي الآن ، لا كما كنت ولا ما أسكونه ، فقد تأثرت بكتاب كولن ويلسون طويلآ في وقتها ، و لكن هل تتصور ما سيقوله ( شيوخي ) من الوضعيين أمثال (هيوم أو باركلي ) لو علموا أني أقرأ كتابا كاملآ يتحدث عن عالم مابعد الموت ، أو كررت عبارة نيتشه بموت الإله ؟، سوف أصدع رأسي بتحليلات طويلة عن معنى الإله و تعريف الحياة و الموت لأجد أنني مجرد ثرثار يهذي بعبارات لا معنى لها ، ثم يلقون بي و بالكتاب خارجا ، أخشى يا صديقي أن الإنجليز أفسدوني بما لا يمكن إصلاحه ، رغم هذا مازلت أحاول التلصص على محبوبتي القديمة بالرغم سمعتها السيئة بين أصدقائي !.
...............................................
العزيزة نادية .
دائما أجدك في الموضوعات الراقية .

العزيز بهجت.
أعجبتني كثيراً قصة المؤتمر هذه، واختلاف لغة واهتمامات ومصطلحات فريقي الحوار من خلا ل ما حصل مع مارسل.
طبعاً لم أكن أقصد أن أثقل عليك وأجعلك تكتب تأريخاً ، يعني فعلاً مستمتع بسردك للغاية، ولكن ليس إلى درجة أن أتسبب في إجهادك بالتأكيد.
أنا بس حبيت أسألك في نقطة نيتشه هذه تحديداً ، لأني لاحظت أنك على علم كبير بالأسباب التي قد تجعل مفكراً كبدوي يكتب أو يتجاهل شيئاً ما، لأن اطلاعك على المفكرين المصريين كبير وتعلم عن اتجاهاتهم الشخصية.
شخصياً أنا لست متخصصاً في الفلسفة ، ولهذا أنا أطرح مواضيعي هنا على استحياء في الإجتماعية، ولا أطرحها في ساحة الفلسفة وعلم النفس.
كما أني دائماً ما أتحدث على شكل رواية أسرد أحداثها ، وليس على شكل موضوع. ولهذا السبب أحببت كامي واقتفيت أثره.

تخصصي الأساسي هو البرمجة وتصميم صفحات الإنترنت، وقد وجدت نفسي مدفوعاً عنوةً إلى الإطلاع على مشكلة ما يسمى ( الكليات ) في الفلسفة أو Universals والإطلاع بشكل عام على المدارس المختلفة فيها ، تلك التي تقول بحقيقية الكليات ، وتلك التي تقول بأنها مجرد أسماء لا وجود حقيقي لها ومنها ما يسمى بمدرسة Universals Nominalism ، والتي حصل جدال بينها وبين برتراند راسل في مجموعة من الحجج الرياضية التي لم أهتم كثيراً بالتوغل في تفاصيلها.

هذه الدفعة كانت سريعة بسبب دراستي للتصنيف ، ومفاهيم الصنف Class و الشيء Object . حيث كنت أريد أن أعثر على شيء يقول أن الكليات لا وجود مستقل لها خارج العالم، وأنه لا يوجد شيء إلا وجوداً فعلياً (متعيناً) فقط. وهو أيضاً ما تقول به الوجودية، حيث تبدأ من الموجود الفعلي في المكان والزمان، ولا تعترف بما هو غير ذلك. ولم أمكث في بحثي هذا كثيراً أو أتوغل أكثر من الإطلاع العام حيث عثرت على بغيتي في المدرسة الإسمانية أو Universals Nominalism أو بمعنى أدق Resemblance Nominalism.

فيما عدا ذلك ، فقد دخلت إلى الوجودية من باب ذاتي وجداني ، وليس تجريدي، وجئت من ناحية الأديان بكل ما تحمله من رمزية وشاعرية، لا من ناحية المنطق بما يتطلبه من تجريد ، وقد عانيت في الأديان بشكل شخصي، لأني كنت أبحث عن الإله ، وهذا قادني للبحث عن معنى. وهذا الأخير انتهى بي إلى الوجودية وكامي كان الأقرب إلى ميلي الشخصي سواء من ناحية أفكاره الأساسية ( عبثية العالم ، ورحلة الإنسان السيزيفية فيه - وتمرده على هذا بأن يقبل به ويستمر ! ) أو من ناحية طريقته في إيصال رسالته من خلال القصة.

أخيراً لا أعتقد أن الإنجليز أو غيرهم قد أفسدوك في شيء، فلا زلت تتحدث بطلاقة رائعة عن الإتجاه الآخر الذي ابتعدت عنه بشكل أفادني كثيراً شخصياً وأشكرك على هذا