(10-14-2009, 01:01 PM)آمون كتب:  مداخلتك يوتيوبية أكثر مما ينبغي يا نيوترال

كون إن هتلر كان يتوقع إنهاء العملية قبل حلول الشتاء فهذا صحيح طبعاً ولكن توقعه خاب مع إخفاق هجوم أكتوبر على موسكو، وبعدها كان تصور الجميع بمن فيهم هتلر أن أي هجوم تال على عاصمة البلاشفة لن يكون قبل عام 1942. يعني ابتداء من أكتوبر على أقصى تقدير أصبح واضحاً أن الحرب ستطول أكثر بكثير مما كان متوقعاً. فهل تعتقد أن موضوع الطقس وتأثيره المزعوم سيغيت عن تفكير الفيلدمارشالات في برلين؟
وأما ان الروس واخدين على جو بلدهم وبيستخدموا اساليب خاصة في تشحيم الأسلحة والحاجات دي يعني، فدا كلام مايصحش يتقال على حرب مثل هذه.

المسالة إن سير المعارك من بداية هجوم الفرماخت على الاتحاد السوفيتي وحتى استسلام ألمانيا لا يدل على أي دور مؤثر لعبه الطقس في الحرب. لا توجد معركة واحدة تدخل الطقس في تقرير نتيجتها بشكل واضح ولصالح طرف دون الأخر. الطين والثلوج كانا مشكلة مشتركة للطرفين وللمركبات وربما الخيول (على فكرة هذه حرب خيول أيضاً، والفرماخت استخدم أكثر من نص مليون حصان في غزوه المشئوم لروسيا). وإذا كان الجيش الألماني واجه مشكلة لوجستية خاصة بملابس الشتاء فهذه من حسابات الحرب تخص العمليات العسكرية والسيطرة على طرق الإمداد أكتر مما تخص الطقس.

فى البداية لى سؤالين عندك ياأمون; هل دخلت الجيش? وهل عشت مدة فى منطقة باردة?
أنا شخصيا تحقق لى الشرطين والتالى يحق لى الإجتهاد فى تلك المسألة.

وجهة نظرى الشخصية أنه لايمكن تعليق سبب الهزيمة الألمانية على سبب واحد فعملية كبارباروسا بهذه الضخامة والتعقيد غالبا فشلها بيكونmultifactorial وبشكل عام يمكن تلخيص وجهة نظرى فى الأتى;

لايمكن ذكر الفيرماخت بدون أن نضع فى إعتبارنا دائما أنه يتربع على قمته شاويش مضطرب نفسيا وهذا الشاويش المضطرب نفسيا ليس مجرد رئيس سياسي ولكن له مكانه فى حجرة العمليات بل وله الكلمة العليا بها ونتيجة لوجود هذا الشاويش حدثت أخطاء بل كوارث عسكرية وكأحد الأمثلة على ذلك هو ماحدث للجيش السادس بستالينجراد...... بعد حصار الجيش السادس أعتمد الشاويش هتلر على مدمن مورفين وهو جورنج بأنه سيتم إمداد الجيش السادس من الجو والعملية هنا ليست بلطجة ولافتح صدر بل يمكن حسابها بالورقة والقلم على أساس حجم القوات بستالينجراد وإحتياجاتها وهل لديك عدد الطائرات الكافى للقيام بتلك المهمة أم لا? مع الوضع فى الإعتبار الدفاع الجوى والطيران الروسى والمطارات اللتى يمكن الهبوط بها وكل شئ فى تلك المعادلة كان يصرخ بأنه لايمكن الإعتماد بشكل كامل على الإمداد الجوى لستالينجراد ومع ذلك وافق الشاويش على رأى مدمن الأفيون وطبعا فشلت العملية كما هو متوقع وفى نفس الوقت أضاع على الجيش السادس فرصة محاولة كسر الحصار والإتجاه غربا للإلتحاق بماينشتين الذى كان قد نجح فى الإقتراب من ستالينجراد وطلب من باولوس أن ينسحب بالفعل ويحاول الإلتحاق به لكن أوامر الفوهرر كانت القتال حتى أخر رجل بستالينجراد! وهذا مثال واحد فقط وهو الشئ الذى أوحى لى بفكرة فيلم عن تلك الحرب إسمه"هتلر فى غرفة العمليات" لتسليط الضوء على علاقة هتلر بجنرالاته والحماقات التى أرتكبها بسبب جهله بالإضافة لأن هتلر كان بيعانى من ضعف تجاه الخرائط العسكرية وأول مايشوف الخريطة من دول كأنه شاف واحدة عريانة وهاتك يابعبصة فيها وتحريك للقوات يمين وشمال وفوق وتحت فاكرها لعبة إبن القحبة!

هناك نقطة أخرى مهمة تتعلق بتكتيك البلتزكريج وهى أن البلتزكريج تكتيك ليس له plan B ولابد أن ينجح وفى حالة عدم نجاحه بتكون كارثة لعدم وجود خطة بديلة وبالرغم من النجاح الساحق لهذا التكتيك فى دول كفرنسا وبلجيكا وهولندا إلخ إلا أن روسيا بمساحتها الشاسعة وجوها وبدائية البنية التحتية بها شئ مختلف.

مما لاشك فيه أن البلتزكريج كان تثوير لفن الحرب فبدلا من الهجوم على جبهة من مئات أو ألاف الأميال بالمشاة على طريقة الحرب العالمية الأولى بيتم التركيز على نقاط محددة وإختراقها بحشد ضخم من المدرعات ثم يتولى المشاه بعد ذلك عملية تنضيف الأجناب وهذا تكتيك ثورى وفعال بالنسبة لدولة كفرنسا مثلا أما بالنسبة لروسيا فنظرا لشساعتها فالأمر مختلف قليلا..... البلتزكريج أشبه بسن سرنجة تحاول إختراق مجموعة من الأوراق موضوعة خلف بعضها, لو كان الموضوع خمس أوست أو عشر ورقات فستنجح إبرة السرنجة فى إختراقهم بدون مشاكل أما لو كانوا ١٠٠ ورقة فما سيحدث هو إن سن السرنجة سينجح فى تخطى مجموعة الورق المتواجدة على السطح لكن بزيادة الضغط سيلتحم باقى الورق مع بعضه وبالتدريج ستزيد المقاومة لسن السرنجة حتى تتوقف تماما وتعجز عن تحقيق أى تقدم وهو الشئ الذى حدث مع سن السرنجة الألمانى لعدة عوامل منها كما قلت ضخامة مساحة روسيا وبالتالى فكل ميل يتقدمه الفيرماخت للأمام يعنى إضافة ميل جديد لخطوط الإمداد والتموين الألمانية وتقصير خطوط الإمداد الروسية وطول خطوط الإمداد والتموين بيجعلها معرضة أكثر للهجوم وعمليات التخريب, كما أن هتلر حشد أقصى ماعنده لبرباروسا وهو حشد لم يتكرر مرة أخرى لأنه ليس لديه القدرة على تعويض الخسائر بنسبة1:1 كما أنه لم يحصل على شئ يذكر من الموارد الروسية وبالذات النفط مماجعل الوقت ليس فى صالحه وعندما وصل سن السرنجة الألمانى لمنتهاه بالقرب من موسكو كان خلاص جاب زيت وفى مواجهة دفاعات روسية متراكمة وفى حالة جيش منهك كهذا بالتأكيد الشتاء الروسى ممكن يكسر ظهره.

أنت لو شفت القوات الروسية الfresh التى كانت قادمة من سيبريا وقامت بالهجوم المضاد على الألمان بالقرب من موسكو ستلاحظ شيئين مهمين; أولا إنهم Well-camouflaged ولابسين معاطف بيضاء فوق زيهم العسكرى وثانيا أنهم لديهم زحافات على الثلج ولايمشون ولكن يتزحلقون على الجليد فى حين العسكرى الألمانى غرقان ببيادته فى التلج وبالتأكيد هذا أعطى ميزة كبرى للعسكرى الروسى.


نقطة أخرى مهمة وهى أنه وبالرغم من أن العملية ألمانية الصنع إلا أنه كان من ضمن الفيرماخت جيوش وفرق متحالفة مع ألمانيا كإيطاليا ورومانيا وكرواتيا ودول أخرى من أوروبا الشرقية.... عندك دولة كإيطاليا مثلا لم تكسب خناقة واحدة ناهيك عن معركة خلال تلك الحرب فمابالك بباقى الفواتير?! الجيش السادس بستالينجراد كان المسئول عن تأمين أجنابه وحدات رومانية وإيطالية إلخ وتلك الوحدات تبخرت خلال ٢٤ ساعة من الهجوم الروسى عليها مما مكن الروس من إحكام الحصار حول الجيش السادس.

---

اقتباس:تذكر كتب التاريخ واقعة موحية في تلك الأثناء ، فأثناء مباراة حربية للقيادات حضرها ستالين ، كان رئيس الأركان العامة يرمينكو يمثل القوات الحمراء و زوكوف يمثل دور العدو ( الأزرق ) ،و في بداية الحرب نجح زوكوف في إحداث تدميرات كبيرة بالأحمر ، مما دفع ستالين لتعيين زوكوف رئيسا للأركان العامة بدلآ عن يريمنكو الذي قاد تشكيل جبهة بعد ذلك .

أنا للأمانة لم أحضر مباريات عسكرية وفكرتى عنها ضبابية جدا ومشوشة وبالتأكيد مغلوطة ويهمنى بالفعل أن أعرف عنها أكثر لكن مشكلتى -حسب معلوماتى المتواضعة- هى أنه هناك مجموعة من الجنرالات يقومون بتحريك قوات وهمية على الورق أو الخرائط أو نموذج مجسم ولكن كما يقول المثل الكلام مفيش أسهل منه لكن على أرض الواقع هل بالفعل الكتيبة أو اللواء الذى حركه الجنرال على الورق سيقوم بتنفيذ المطلوب منه?
فى الجيش وحتى تتحرك عربية الشئون الإدارية علشان تجيب التعيين فيلم إبن وسخة هابط لا أول له ولا أخر فما بالك بتحريك كتائب وألوية وفرق كاملة بمعداتها وأسلحتها!!

اقتباس:أتمنى ان يكون لي تعليق على حكاية البرد الروسي و تأثيره على مجريات الحرب .

أحضرنا فى تلك المشكلة.

(10-16-2009, 10:35 PM)neutral كتب:  [أنا للأمانة لم أحضر مباريات عسكرية وفكرتى عنها ضبابية جدا ومشوشة وبالتأكيد مغلوطة ويهمنى بالفعل أن أعرف عنها أكثر لكن مشكلتى -حسب معلوماتى المتواضعة- هى أنه هناك مجموعة من الجنرالات يقومون بتحريك قوات وهمية على الورق أو الخرائط أو نموذج مجسم ولكن كما يقول المثل الكلام مفيش أسهل منه لكن على أرض الواقع هل بالفعل الكتيبة أو اللواء الذى حركه الجنرال على الورق سيقوم بتنفيذ المطلوب منه?
فى الجيش وحتى تتحرك عربية الشئون الإدارية علشان تجيب التعيين فيلم إبن وسخة هابط لا أول له ولا أخر فما بالك بتحريك كتائب وألوية وفرق كاملة بمعداتها وأسلحتها!

....................................

يا صديقي .
طبقا للتقسيم الإنجليزي فالمباريات الحربية نوعان نوع بقوات و نوع بدون قوات ،و الأخيرة يطلق عليها إختصار (تويت tewt ) وهو اختصار لtactical exercise without troops ، و هو ما يعرف في النظام الشرقي بتمرين تدريبي للقيادات ، وهذا هو الأسلوب الرئيسي في تدريب القادة و هيئات القيادة و اختبار الخطط الحربية و أساليب القتال و .... الخ ، وهو شائع في كل جيوش العالم بلا استثناء ، الأمر ليس بالبساطة التي يبدوا عليها ، فهناك معايير و معدلات و حسابات قتال معقدة ،و هناك أيضا هيئة عليا لتخطيط التمرين و إدارته ،و هناك محكمون مستقلون لتقييم تصرفات القادة و ضبط وتائر التمرين ، و في العصور الحديثة أصبحت تلك التمارين أكثر تعقيدا بدخول الخرائط الرقمية و الحواسب الآلية و أنظمة القيادة و السيطرة الآلية .... الخ .
لا تتعامل كل جيوش العالم مع مثل هذا النوع من التدريبات بنفس الجدية ،و لكن ليس نادرا ما يتم اخنيار القيادات العليا ، أو تعديل الخطط الحربية ،أو إختيار أساليب قتالية دون أخرى ، أو ..... بناء على نتائج تلك المباريات ، و المثال الذي ضربته عن استبدال يرمينكو و تعيين جوكوف رئيسا لهيئة الأركان السوفيتية العامة قبيل الغزو الألماني مباشرة ، يوضح الأهمية التي كان يوليها ستالين لتلك التمارين . أثناء الحرب العالمية تم اختبار كل خطط العمليات الكبرى بواسطة تمارين القيادات ، و كلما كانت تلك التمارين دقيقة و ( متعوب عليها ) كلما كانت النتائج مبهرة ،و أذكر أني قرأت لقائد إحدى تشكيلات البانزر ( هويبنر ) أنه قال -أثناء غزو فرنسا- بأنه لم يجد فارقا يذكر بين تسلسل العمليات الحربية أثناء تمرين القيادة و بين ما حدث بالفعل ، حتى أنه استخدام أوامر القتال C.O's. التي أعدها أثناء التدريب في توجيه قواته أثناء الحرب مع تعديلات بسيطة .
هناك أيضا مباريات حربية ، تعد بدقة بالغة بناء على نتائج الحروب الماضية ، و الهدف منها هو التدريب على تطبيق مبادئ الحرب بشكل واقعي ، و أيضا لدراسة معارك الماضي بشكل دقيق و تفصيلي ، منها مبارة شهيرة باسم ( بارباروسا ) وقد مارستها بالفعل مع أصدقاء ،و ستدهش عندما تعلم أن من اتخذ جانب الألمان لم يستطع تفادي الخطأ القاتل الذي وقعت فيه القيادة الألمانية عندما حولت جهودها الرئيسية جنوبا في اتجاه أوكرانيا بدلآ من تركيزها في اتجاه المحور الأوسط في اتجاه موسكو ، رغم معرفته مسبقا بهذا الخطأ الذي يضرب مثلآ كلاسيكيا في تجاوز المبدأ الأول من مبادئ الحرب هو ( المحافظة على الهدف ) .

الف شكر للعم نيوترال لفتح هذا الموضوع الشيق و انا احب تسجيل متابعة....وقد وليت منذ زمن اهتماماتي للموضوع و ياما قضيت أيام بالفكيبيديا و اليوتوب لقراءة و مشاهدة أحداث تلك الحرب الكونية... وكان لي الحظ, للحصول على معلومات ميدانية, ان عمي (ابو زوجتي) قد خاض تلك الحرب و قضى 5 اعوام في سيبيريا و كان من القلائل الذي وافاهم الحظ و عاد بعد عشر سنوات من الحرب و الاسر الى عائلتة سالما معافيا...عمتي, اي اخته, التي ربحت فيما بعد الميدالية الفضية بأولمبياد هلسنكي, عانت ايضا كثيرا وكادت ان تكون احدى الضحايا على سفينة Wilhelm Gustloff اكبر كارثة بحرية بالتاريخ في Januar 1945 الذي ذهب فيها مايراوح 9000 أنسان بين نساء و اطفال بعد تدميرها من الغواصة الروسية س 13 وللمقارنة كان تعداد ضحايا التيتانيك الشهيرة ما يقارب 1500, حيث رفض فريق بحارة سفينة غوستلوف هروبها مع والدتها على انه لا يوجد مكانا شاغرا بعد...
اهتميت مؤخرا بالحرب من زاوية ثانية و كنت اسأل نفسي, ماذا حل بعائلات و اولاد قادة الرايش؟
عن العم speer مثلا; كان لديه 6 أولاد..منهم شخصيات مشهورة في المجتمع الالماني, فمثلا ابنه البرت, أصبح مثله مهندس معماري, و حاصل على الدكتوراة, وكان بروفسور في جامعة كايزرس لاوترن..وقد حاز على جوائز عالمية في مجاله, أخت البرت, كانت عضوا في برلمان مقاطعة برلين و حاصلة على جائزة موسى ماندل سون التي تمنح لأشخاص أنجزوا أعمال في الفلسفة أو على صعيد اعمال انسانية للتقرب من الانسان الذو خلفية ثقافية مختلفة....للعم speer كان ايضا له ولد أسمه ادولف, والذي غير أسمه مؤخرا...
وللكلام بقية...
تحياتي

(10-16-2009, 10:35 PM)neutral كتب:  فى البداية لى سؤالين عندك ياأمون; هل دخلت الجيش? وهل عشت مدة فى منطقة باردة?
أنا شخصيا تحقق لى الشرطين والتالى يحق لى الإجتهاد فى تلك المسألة.

أينعم دخلت الجيش وخدمت كجندي في قاع الحياة العسكرية، مش زيك ملازم أول طبيب خريج فايد وهي فندق 5 نجوم بالمقارنة بمراكز تدريب الجنود، وبتاكل في ميس الظباط وتنام في غرفة خاصة نظيفة وتقضي يومك في عيادة أو مستشفى. ووالله يا نيوترال عندي ذكريات عن البرد ما زال جسدي يقشعر منها. أعوذ بالله من الأربع ساعات خدمة على تبة مدفع أو في برج حراسة، وبالذات خدمة الكينجي.

عموماً احنا متفقين على تأثير ما للطقس الروسي، لكني كنت أرد على الأخ سهيل الذي يرى أن بارباروسا كانت ستنجح لولا قسوة الشتاء.

اقتباس:هناك نقطة أخرى مهمة تتعلق بتكتيك البلتزكريج وهى أن البلتزكريج تكتيك ليس له plan B ولابد أن ينجح وفى حالة عدم نجاحه بتكون كارثة لعدم وجود خطة بديلة

هذا هو الكلام، حروب البليتس تعتمد على قوة دفع أولية momentum المفروض ألا تصل لأخر مداها إلا بتحقيق الهدف المباشر للهجوم وإلا اتلخبطت الحسابات وظهرت الحاجة لاستراتيجية كبرى جديدة انطلاقاً من ظروف مختلفة، وهذا عنصر مجازفة في هذا النوع من الحروب.
يمكن تشبيه المرحلة الأولى الكاسحة من الهجوم الألماني بحرب إسرائيل الخاطفة في 67، طبعاً من فارقين أساسين واحد يخص المهاجم وهو إن الهجوم الإسرائيلي توقف بعد أن حقق كل أهدافه، والأخرى تخص المدافع وهو أن مصر تحارب بسلاح مستورد على خلاف روسيا، وبالتالي احتاجت فترة من الوقت لتعيد تسليح جيشها وتعيده إلى ساحة الحرب. لو كانت مصر تملك قاعدة صناعية عسكرية معقولة، أظن ما كانت حرب 67 توقفت حيث توقفت، وخصوصاً أن الخسائر البشرية في القوات المصرية لم تكن بهذه الضخامة، وكان ممكن إعادة تجميع القوات وبناء هيكل قيادي جديد ومواصلة القتال في خلال شهور معدودة وربما أسابيع.

الحقيقة طرح ممتاز , وموضوع أكثر من ممتاز فى الأضافة - وأحب أضيف ليه سطر او اثنين تعليقا على جزء كتبه الاستاذ بهجت بخصوص " ستالين ومعرفته بالهجمة ؟ " .. من وجهة نظرى البسيطة , أن الروس نفسهم طريقة الحرب بتاعتهم أن يحتموا خلف أراضيهم الواسعة - وممكن أتكهن وأقول من أول محاولة بطرس الأكبر الامتداد بالتأثير العسكرى خارج روسيا بائت بالفشل - وأنا مش متأكد الحقيقة - لأنه يمكن كانوا على علم بنقطة " كل ميل بعيد عن موسكو بيجعلك قريب من العدو كما ذكر نيوترال " . وبالتالى معرفة ستالين او عدم معرفته لم تكن لتغير من الوضع شئ , لأنها تنتطبق عليه انه ستالين يستطيع الاختباء وراء مساحته الشاسعة وبرد روسيا القارس وأراضها الطينية , وعلى المعتدى ان يقطع كل هذا من اجله , فى مشهد يذكرنى بمقولة مشهورة " let them come "

الجنرال الشتاء .
لن أضيف كثيرا لما قدمه آمون و نيوترال عن تأثير الشتاء على تطور عملية بارباروسا ، فهناك وجهتان نظر حول هذا التأثير ،و قد أفاض آمون في عرض الأولى بينما أفاض نيوترال في عرض الثانية ، أود هنا أن أشير أن شتاء روسيا ليس كغيره ، فقد شاهدت بعيني رأسي ترمومتر الحرارة يشير إلى 40 تحت الصفر ، عندما كنت أسير في (الكراسني بلوشات) أو الميدان الأحمر ، بينما كانت السوائل تتجمد في أنفي رغم ارتداء (الشبكا) أو غطاء الرأس الروسي الشهير ، و لن يسعفك في مثل هذا الجو المدمر سوى شراب أهل الجنة (زجاجة فودكا كاملة) .
سيكون لدي فقط تعليقان صغيران .
أضاع الألمان وقتا ثمينا في بداية الربيع ، فلم يبدأ الهجوم سوى في 22 يونيو ، و كان من المتوقع لتفادي القتال في الشتاء أن يبدأ الهجوم في 15 مايو طبقا للتوجهات الأولية التي صدرت للعملية في شهر ديسمبر 1940 ، أي أن هناك 5 أسابيع ذهبية فقدها الألمان ،و لم يمكن استعواضها قط ، و ينسب قادة ألمان كبار فشل عملية باربارسوا لهذا التأخير ، من هؤلاء القادة فون رونشتدت و وفون باولوس ، و من المصادفة التاريخية بالغة الغرابة أن ذلك التأخير يعود لحادث عرضي تماما ، ففي محاولته لتأمين جبهة البلقان سعى هتلر لضمان ولاء يوجوسلافيا ، و نجح بالفعل في توقيع معاهدة ضم بمقتضاها يوجسلافيا للمحور ، و لكن مجموعة من ضباط القوات الجوية قاموا بانقلاب عسكري أيده الجيش في معظمه ، كما لاقى دعما شعبيا جارفا ، و نتيجة نجاح الأنقلاب أعلن ولي العهد ملكآ ،و طردت الحكومة السابقة الموالية للألمان ، و في الحال اعتبر هتلر هذا الإنقلاب إهانة شخصية ضده ، لهذا و بقرار متسرع أمر هتلر قواته بسحق يوجسلافيا و اليونان بعملية عسكرية ساحقة ، مصاحبا لهذا القرار أمر هتلر بتأجيل عملية بارباروسا لمدة 4 أسابيع زادت أسبوعا بعد ذلك ، و بالفعل نجح هتلر في محو بلجراد من الوجود كما أراد ، و اكتساح يوغسلافيا و اليونان في 3 أسابيع فقط ،و لكن النتيجة النهاية كانت كارثية لأنها أضاعت الوقت الثمين في عملية ثانوية تماما بدون تأثير كبير على العمليات الرئيسية ، لهذا يرى البعض أن هذا التأجيل هو أكبر خطأ مفرد وقع فيه هتلر ،و أنه أتاح فرصة لروسيا كي تنقذ موسكو و تعكس اتجاه الحرب ،و هو ما أدى في النهاية إلى سقوط الرايخ الثالث .
التعليق الآخر هو أننا ننظر لعامل المناخ كقدر إلهي لا يمكن تقديره ، و هذه نظرة ( مدنية ) أكثر منها فهما لطبيعة التخطيط العسكري ، فعند تخطيط أي عملية عسكرية هناك تقدير موقف دقيق لعناصر موضوعية و هي الأرض و المناخ ،و عناصر شخصية هي القوات المعادية و الأهالي المحليين ، أي أن هناك آلية تحتم أن يجري تقدير دقيق للمناخ و تأثيره على العمليات القتالية ،و أيضا الإجراءات الواجب اتباعها لتحييد عامل الطقس أو حتى لتوظيفه ، و فشل الألمان في التعامل مع الطقس هو نقطة سلبية هائلة في تقدير الموقف الألماني ،من الغريب أن تسقط فيه هيئة أركان عالية الإحتراف مثل الأركان العامة بقيادة القدير ( الجنرال هالدر ) ، يمكننا القول مبدئيا أن المناخ الرديء يعمل لصالح المدافع أفضل من المهاجم ، فالمدافع له خطوط مواصلات محدودة ، كما يمكنه استخدام المباني المحلية لحمايته ، بينما تمتد خطوط المهاجم لمسافات طويلة ،ولا تتوفر له السواتر ، هذا الحقائق لا تعني هزيمة المهاجم بالضرورة ، بل هي اعتبارات يجب ان يتم تقييمها بكل دقة ، و من العجيب ان نقرأ انه بمجرد ظهور نوايا هتلر لغزو روسيا شرع رئيس الأركان الألمانية في دراسة غزو نابليون لروسيا ، خاصة مذكرات جنرال فرنسي كان مرافقا لنابليون ،و فيه يشرح أهوال الشتاء الروسي ،ووزع هالدر نسخا من الكتاب على كبار مساعديه ،و ربما كان ذلك سببا في اعتراض هالدر في البداية على خطة بارباروسا ،و لكن إصرار هتلر و عناده قضى على أي اعتراض .

---

بهاء .
لا شيء يؤلمني مثل تضخيم الخلافات العرضية التي يمكن أن تظهر بين منتسبي نفس الفكر الحداثي ، هناك أقلية بالفعل تتبنى هذا المقترب من التفكير ، و بالتالي فلدينا معارك كافية ضد جحافل الأصولية ،و هذا يجعل من المعارك البينية بيننا استنزافا للجهد فيما لا يفيد بل يضر ، لهذا يسعدني يا صديقي أن نضع سوء التفاهم خلف ظهورنا كجزء من ماضي عبثي غير قابل للتكرار .
إن معرفة ستالين و القيادات السوفيتية بنية الغزو الألماني و موعده كان بالغ الأهمية ، فكي يستغل ستالين المميزات الطبيعية التي يحققها العمق الكبير لبلاده ، كان عليه ان يضع الخطط التفصيلية التي تحقق له ذلك ،و هذا يستتبع أن تحدد خطوط القتال الرئيسية و أن يجهزها هندسيا ، و أن يمركز القوات بشكل يوفر له الإحتياطات المناسبة ضمن خطط عمليات منسقة ..... الخ ،و هذا يعني القيام بالفتح الإستراتيجي لقواته على مسرح العمليات في وقت مبكر ،و هذا لم يحدث بالشكل المناسب نتيجة تحقيق الألمان لمبدأ المفاجأة بسبب أخطاء القيادة السوفيتية و ستالين بشكل خاص ،و النتيجة نجاح ساحق للقوات الألمانية في بداية الحرب ،ولو سارت الأمور كما خطط لها حتى النهاية لسقط الإتحاد السوفيتي في قبضة النازي ، لقد وصلت الطلائع الألمانية إلى حدود موسكو بالفعل ، و قد شاهدت بعيني بعضا من موانع الدبابات القنفذية التي جهزها السوفيت على خطوطهم الأمامية و تركوها للذكرى ، ووتقع تلك الموانع في ضواحي موسكو الحالية ،و لكن بسالة المقاتل السوفيتي غيرت التاريخ و هزمت من لا يقهر .