الأرثوذكسية والحكم الرشيد
عصام خوري
etccsy@hotmail.com
الحوار المتمدن - العدد: 2139 - 2007 / 12 / 24
الأرثوذكسية واحدة من أعرق المذاهب الدينية في الطائفة المسيحية، وتأتي معنى كلمة الأرثوذكسية من معني "الدين القويم". ولطالما مثلت هذه الطائفة روح التزمت في الطائفة المسيحية، لدرجة بات شبابها المتطلع للتجديد يصفها "بسنة المسيحية" كتعبير عن مدى تشددها والتزامها مقارنة مع بقية المذاهب الأخرى في الدين المسيحي.
وهذا إن دل على شيء فإنه يدلل على غياب ثقافة التجديد في هذه المؤسسة التي تجمع الفئة المسيحية الأكبر في المشرق العربي "1".
غياب الحكم الرشيد في المؤسسة الأرثوذكسية:
السلم الكنسي ينقسم إلى عدة مراتب ويأتي تواليا وفق الآتي:
o الشماس
o الخوري
o الارشمندريت
o المطران
o البطريرك
ويتوقف تطور السلم الكنسي في حالة الزواج عند حد الخوري "القس، الأب" حيث لا يرتسم الشماش قساً إلا في حالة زواجه من امرأة.
وقد يبدو هذا السلم السلطوي في هذه المؤسسة مقنع لدى البعض، إلا أن المتمعن في تفاصيل العلاقة بين هذه المراتب سيجد مدى انعدام الحكم الرشيد، وغياب الإدارة الناجعة، وهيمنة السلطة الأعلى، وعدم تداول السلطة.
فهذه المناصب لا يتم تبديلها دوريا، وتستمر عند الخادم فيها كمنصب حتى يوم وفاته.
وفي أمثلة واقعية يلامسها أبناء الطائفة ندرج ما يلي:
المطران يوحنا "مطران اللاذقية //سوريا//": رغم هرم المطران يوحنا "الذي نكن له كل الاحترام" إلا أنه لم يتوقف عن متابعة الرعية، رغم عدم قدرته على إدارة قداس، وتعثره بالكلام نتيجة الكبر والهرم، مما يستدعي العديد من الآباء لمؤازرته في إدارة القداس...
وفي أغلب الاحتفالات الدينية ترى المطران في حالة صحية يرثى لها، على اثر الإزدحام والضجيج من المصلين، والحرارة العالية التي تأتي من أنفاسهم وعددهم. لكن يفترض به ان يتمم الحفل حتى نهايته. وفي أغلب كلماته للرعية تراه مرتجف الصوت غير واضح الكلام أمام رعيته، فهل يعقل أن يستمر في منصبه!!.
أب كنيسة قرية اشتبغو "قضاء الحفة" محافظة اللاذقية //سوريا//: تعرض الأب لفالج أدى به للتعثر بالكلام، واللدغ بعدة أحرف كحرف"القاف" الذي بات يلفظه "خاء". ما أدى لسخرية من العامة التي لا تدري مرضه عند ذكر بعض الكلمات في احتفالية عيد السيدة في قريته. ككلمة قرية أكثر من مرة.
لم يزر بطريرك انطاكيا وسائر المشرق البطرك هزيم مدينة اللاذقية منذ وقت، وهذا ناجم عن عدم دعوته من قبل المطرانية، فلا يجوز قدوم البطريرك ألا بموافقة المطرانية ودعوتها له، على الرغم من أن منصب البطريرك أعلى من منصب المطران!
مشكلة الآباء العرب الأرثوذكس "الأرشمندريت عطا الله حنا" مع الآباء اليونانيين ومطران القدس اليوناني الأصل "البطريرك ارينيوس الأول" الذي قام ببيع أوقاف كنيسة القدس "أراضي، ومتاجر"لليهود، دون المشاورة مع أبناء رعيته "مجلس الرعية" "2" .
إن البشر جميعهم غير معصومين عن الخطيئة، ومهما بلغت معرفة الفرد منهم ووصلت ثقافتهم، فإنهم مع الأمراض والكبر بالسن، قد يخطئون هدفهم. وإن غياب التجديد في إي مؤسسة سيصيبها بالروتين القاتل، ويقوض الإبداع والاجتهاد في تطويرها. ولعل هذا الأمر هو الأكثر وضوحا في المؤسسة الكنسية الأرثوذكسية.
فقد تداركت هذا الأمر الكنيسة المارونية.
المرأة في المؤسسة الأرثوذكسية:
لا يمكن للمرأة المشاركة في المراتب الدينية سالفة الذكر، وتقتصر مشاركتها في الكهنوت بحالة الرهبنة في الأديرة وحدها. مما يبين قصور المؤسسة الأرثوذكسية على احتضان المرأة "نصف المجتمع" في السلطات الدينية النافذة على الأرض. وقد نجد مدى التشارك في هذا المفهوم بين عديد من الطوائف من أهمها (الإسلام بكل مذاهبه ومدارسه، اليهودية بكل مدارسها، والمسيحية بكل طوائفها).
مما يبين أن هذه الأديان تعاملت مع المرأة في أساسية أنها جالبة الخطيئة للرجل "آدم" عبر الحية في قصة التفاحة والجنة...
ووفق هذا المبدأ تجنبت المؤسسات الدينية جميعها مشاركة المرأة في السلطات الدينية. رغم احترام الكثير لها، وعدت المرأة دائما أنها قادمة "كضلع من الرجل" حسب النصوص الدينية على اختلافها. مما يبين أن هذه المؤسسات تميز الرجل عن المرأة، وتوليه الكثير من الأهمية مؤكدة أن العصر الذي ستنفذ فيه هو عصر ذكوري بامتياز.
ولعل بعض المدارس الدينية في الإسلام قد سعت لتطوير هذا الأفق بصورة أفضل من الأرثوذكسية، ففي كثير من المرات ينشط الحديث حول السعي لإقامة مساجد خاصة للنساء يديرها مجموعة من النساء الملمات بالعلوم الفقهية النسوية "في باكستان كمثال". وقد تكون ظاهرة القبيسيات من دمشق نحو فلسطين مؤشر على تنامي التفكير في تطوير نشر الفكر الديني من خلال المرأة دون تسيدها إحدى المراتب الدينية، ومن اللافت مدى نجاح هذه التجربة ونفاذها في الحياة الاجتماعية السورية والفلسطينية، مما يؤكد على خصوبة المرأة في إنجاح المؤسسات الدينية.
إن معايير الحكم الرشيد التي ترتكز على الشفافية والمساءلة والمشاركة، هي معايير لا ترتبط فقط بسياسات الدول، بل تبدأ من المؤسسات الصغيرة الفاعلة بالمجتمع، ومنها المؤسسات الدينية. فنتيجة تماس أعضائها ومريديها مع هذه المعايير والتفاعل الطويل معها، فإنها لا ريب ستأسس لثقافة مجتمعية واسعة في عموم الوطن. وإن أي تغيب لهذه المعايير سيسبب تراجع في العملية الإنمائية التي يسعى أن يلمس بذورها المواطن.
فهل تسعى المؤسسة الدينية الأرثوذكسية لتطوير معاييرها، لتأخذ دور ريادي في تحقيق التحديث الذي يتعطش له الكثير من أبنائها!!.
"1" (تنتشر الأرثوذكسية "الكنيسة الشرقية" في مناطق الشرق الأوسط "مصر، جنوبي السودان، بلاد الشام، العراق، اليونان، روسيا، والجمهوريات المسيحية من الاتحاد السوفيتي السابق... ونتيجة الهجرة المسيحية السورية والقبطية باتت منتشرة في عديد من البلاد الأوروبية والأميركية).
"2" ان المسيحيين الارثوذكس العرب يشكلون نحو 90% من رعايا الكنيسة والتي يديرها يونانيون بنسبة 100% ويتم اختيار البطريرك من قبل اعضاء المجلس المقدس في الكنيسة وبالتالي فان البطريرك يبقى يونانيا
http://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?t...&aid=119280