في ضواحي جبال القفقاز وتحديدا شرق سواحل البحر الاسود تمتد اراضي وسهول خضراء يعيش عليها احد الشعوب من ذوي التاريخ القديم .
الشعب الجورجي من اوائل الشعوب الآرية المهاجرة استقرارا في هذه المنطقة , ومنذ القدم ورد ذكر هذه المنطقة في المصادر التاريخية الايرانية ب گرجستان .
وفي الزمن القديم كانت هذه المنطقة تقسم لثلاث مناطق , احداها تسمى ( ايبري ) والمنطقة الاخرى ( كولخيدا ) والثالثة ( آلانيان ) .
الايرانيون والامم الاخرى كانوا يسمون الآلانيين اسامي مختلفة , فالايرانيون كانوا يسمونهم ( آلاني ) والاوروبيون ( آلباني ) واما الارمن فكانوا يسمونهم ( اغوانيان ) . وفي العصر الاسلامي وبعد الفتح العربي لتلك البلاد تحرفت اللفظة الفارسية ( آلان ) الى ( الران ) وتدريجيا تحولت اللفظة في اللغتين العربية والفارسية الى ( الران ) واضحت الاراضي التي تقع شمال نهر ارس اي شمال آذربيجان تسمى ( الران ) .
وفي القرن الخامس الميلادي تزوج احد ملك كولخيدا الذي كان يسمى زاتوس بفتاة مسيحية ومن ثم اعتنق الديانة المسيحية . ومنذ ذلك الوقت دخل الدين المسيحي الى جورجيا . والكنيسة الجورجية تعتبر شعبة من الكنيسة الارثوذكسية اليونانية .
وقد وقعت جورجيا لفترة متقطعة من الوقت تحت الاحتلال المغولي في عهد تيمور خان او تيمور ( لنگ ) و لنگ تعني الاعرج بالفارسية , وذلك منذ عام 780 الى 805 حيث هاجمها واحتلها ست مرات خلال هذه الفترة .
بعد تيمور واحتلاله استقلت گرجستان وتشكلت بها ثلاث ممالك او دويلات , وفي المصادر الفارسية سميت تلك الدول ب ( كارتيل ) و ( كاخت ) و ( امرت ) وبعد سقوط بيزنطة في يد الاتراك العثمانيين قام الجورجيون بالتحالف مع الدولة الصفوية درا لخطر الاتراك وقد قام الشاه عباس الاول بحمايتهم مرارا من التهديد العثماني .

قام الملوك الجورجيون علاوة على دفع الخراج لايران مقابل حماية ايران لهم , بمنح الحكومة الايرانية حق تربية واختيار اولياء العهود في عاصمة ايران اصفهان .
وكلما مات ملك من الئك الملوك كانت تقام مراسم التتويج للملك الجديد في اصفهان ويرسل الملك الجديد في موكب مهيب لكي يتولى الحكم مكان سلفه في جورجيا .
وكانت الاواصر العائلية بين حكام جورجيا وحكام ايران قوية بحيث ان الكثير من الامراء والملوك في ايران كان لديهم زوجة جورجية , وكثير من القادة العسكريين في ايران كانوا من جورجا والقفقاز .
وممن تزوج من الجورجيات الشاه عباس الاول , وهو الذي بنى الاعجوبة الصفوية الخالدة وهي ( سي وسه پل ) اي الثلاث والثلاثون جسر على نهر اصفهان نسبة لحروف الهجاء الجورجية التي تتكون من 33 حرف , وكذلك تزوج ابنه امام قلي خان من جورجية وهو حاكم اقليم فارس الذي قاد حروب بطولية وطاحنة ضد البرتغاليين الى ان اجلاهم من بندر گامرون اي بندرعباس وكذلك اجلاهم عن جزيرة هرمز على مدخل الخليج الفارسي ثم تبعهم الى سواحل عمان واجلاهم نهائيا من الخليج .

تفليس وايروان التي يسكنها الجورجيون والارمن , هي مناطق ذات غالبية مسيحية في وقتنا الحاظر , ولكنها كانت مناطق ذات غالبية مسلمة سابقا . وقد كان الحاج ميرزا آغاسي ( الصدر الاعظم ) لمحمد شاه فقيها ومجتهدا ايرواني المولد !

على اية حال كان المسلمون والمسيحيون الارثوذكس يتعايشون في وئام في تلك المناطق وطوال العهد الصفوي ظلت جورجيا حتى السواحل الشرقية للبحر الاسود جزء من التراب الايراني او تحت الحماية الايرانية .

ولكن بعد هجوم محمود افغان على العاصمة اصفهان ( اثر حصوله في موسم الحج على فتاوى من سبعين عالم وهابي لا تجيز البقاء تحت الحكم الشيعي وتكفر الشيعة ) في 12 سبتمبر 1723 م الموافق ل 11 محرم 1135 ه وقيام ولي العهد الصفوي طهماسب الثاني بطلب العون من امبراطور روسيا بطرس الكبير وما تبع ذلك من اتفاقيتي گلستان وبعد ذلك تركمنچاي تنازل بموجبها ولي العهد ( ابن الك ؟؟ ) عن جورجيا وداغستان و تركمنستان وآذربيجان وارمينيا ومازندران ... وبذلك انفصلت جورجيا نهائيا عن ايران .