هنالك الكثير ممّا يتكشّف كل يوم عن الدماغ البشرى ليس فقط عن طريق البحث الإستباقى ولكن بالمعلومات الهائلة والمُفاجأة التى تُفصح عنها ظروف صحيّة معيّنة يمر بها الكائن البشرى.
فهنالك ذلك الفتى الذى كان يعانى من نوبات من "الصرع" والتى تتكرّر عدّة مرّات فى الساعة الواحدة ممّا جعل استمراره فى الحياة شبه مستحيل. وأخيراً قرّرت والدة الفتى عرض محنته على الإنترنت علّها تجد من الأطبّاء من لديه شيئاً جديداً لتجربته على إبنها بعد أن فشلت كلّ الأدوية الموصوفة فى التقليل من النّوبات، ولم يعُد لإبنها ما يخســره.
ثمّ وجدت الأم ضالّتها عندما أبدى لها أحد الجرّاحين استعداده لإجراء عمليّة "تجريبيّة" تستدعى إزالة نصف دماغ إبنها الذى تنبع منه النبضات التشنّجيّة، وتركُه ليعيش بقيّة حياته بالنصف الآخر فقط.
أُجريت العمليّة فى أحد المستشفيات بالولايات المتّحدة الأمريكيّة وكانت النتيجة أن توقّفت النوبات التشنّجيّة ولكن توقّفت معها أيضاً بعض الوظائف العصبيّة الأخرى ومن ضمنها المقدرة على المشى. وقد أوضح الأطبّاء للأم بأنّ إبنها لن يتمكّن من المشى بمفرده ثانية.
مرّت الأيام وخضع الفتى لتمارين لتحفيز النصف المتبقّى من الدماغ للقيام بأقصى ما يمكنه. وبالفعل تمكّن دماغ الفتى من هزيمة توقّعات الأطبّاء وعادت إليه مُعظم وظائفه بما فيها تلك التى كان يتولاّها النصف من الدماغ الذى تمّت إزالته، وأصبح الفتى قادراً على المشى بمفرده مجدّداً، كما بدأ تحصيله الدراسى يتحسّن كثيراً وأحرز درجات متقدمة.
وقبل أشهر قليلة إستضافت النجمة التلفيزيونيّة المشهورة "أوبرا" الدكتورة "جيل بولت تيلور" وهى إختصاصيّة فى علوم الجهاز العصبى، وكانت تعرّضت لسكتة دماغيّة فى النصف الأيسر لدماغها أدّت لإصابتها بالشلل النصفى فى شِقّ جسمها الأيمن، فماذا حدث؟ هل استسلمت الدكتورة للعجز والمرض؟ وهل أصابها اليأس من الحياة؟ لا، فشيئاً من هذا لم يحدث، وإنّما بدأت الدكتورة بمعايشة تجربتها وتسجيل ما كانت تحسّ به منذ بداية السكتة وحتى تعافت تماماً بعد عدّة أشهر من ذلك.
لقد عاشت الدكتورة طيلة فترة إستشفائها تحت هيمنة النصف الكروى الأيمن لدماغها بعد أن تعطّلت معظم وظائف نصفها الأيسر، وقد كانت تجربة غريبة بحق ولم تصفها الدكتورة بأنّها تجربة "مريرة" على الإطلاق، بل أنّها كانت على العكس من ذلك تماماً حيث تلاشى عندها الماضى والمستقبل ووجدت نفسها تعيش حياتها وكأنّها لحظة أبديّة.
ثمّ قدّمت الدكتورة "تيلور" تجربتها تلك فى محاضرة قصيرة مصوّرة بعنوان "My Stroke of Insight". وهاهى تلك المحاضرة مترجمــة إلى العربيّــة وهى من جُزأين على موقع يوتيوب:
الجزء الأول:
http://www.youtube.com/watch?v=1OPErYldcCU
الجزء الثانى:
http://www.youtube.com/watch?v=hzzPKKKrW4E